تحقيق مسبار
الجزائر من بين البلدان العربية التي اشتهرت بتاريخ طويل من المقاومة والنضال ضد الاحتلال الفرنسي. وهي بلدٌ مترامي الأطراف يمتلك الكثير من الثروات ومقوّمات النهضة وعلى رأسها البترول والغاز. لكن هذه الطّاقات لم تجنِّب الجزائر التّعرض للاتّهامات من بعض القوى الدولية أحيانًا برغبتها في امتلاك السلاح النووي.
تقدّم لك هذه المقالة كل المعطيات حول النشاط النووي للجزائر، وحول امتلاكها لهذا السلاح، كما تبرز أهم المنشآت التي أسّستها، والمواقف التي عبّرت عنها الجزائر في هذا الموضوع.
ما هو السلاح النووي؟
تُعتبر الأسلحة النووية متفجرات بالغة القوة. وتستمد القنابل النووية طاقتها إمّا من انشطار الذّرات أو من اندماج جزيئاتها معًا. ولذا تُسمى القنبلة النووية أحيانًا بالقنبلة الذرية. وتطلق الأسلحة النووية كمياتٍ هائلةً من الإشعاع، يمكن أن تتسبب في الإصابة باعتلال التعرض للإشعاع، لذا فإنّ تأثيرها الفعلي يستمر لفترة أطول من الانفجار نفسه.
هل سبق استخدام السلاح النووي؟
تم استخدام الأسلحة النووية مرتين فقط في تاريخ الإنسانية، إذ استعملتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، عام 1945، وخلَّفت دمارًا كبيرًا وخسائر هائلة في الأرواح. واستمر الإشعاع الناتج عن القنبلة التي سقطت على مدينة هيروشيما عدة أشهر، وقُتل ما يقدَّر بنحو 80 ألف شخص، في حين أودت القنبلة التي سقطت على مدينة ناكازاكي بحياة أكثر من 70 ألف شخص.
هل للجزائر نشاط نووي؟
أسّست الجزائر منذ بداية الثمانينيات مركزًا للبحث في التكنولوجيا النووية، سيُطلق عليه لاحقًا محافظة الطاقة الذرية. وأسندت إلى هذه المحافظة مهامٌ تتمثل في المساهمة في صياغة السياسة الوطنية لتعزيز وتطوير الطاقة والتقنيات النووية، وتحديد استراتيجية تنفيذها. وتم توزيع مراكز البحث النووي التابعة للمحافظة على أربعة مناطق هي: الجزائر ودرارية وبيرين وتمنراست.
وتعمل المحافظة أيضًا على تنمية المهارات والمعرفة والبنية التحتية المتخصصة المطلوبة في عملية تطوير وإتقان العديد من التقنيات المرتبطة بالمجال النووي ومنها:
- دورة الوقود النووي.
- تكنولوجيا المنشآت النووية.
- تطبيقات العلوم والتقنيات النووية في مجالات الطاقة والصحة والصناعة والزراعة والبيئة.
ونظرًا لأن إجراء أي نشاط يتعلق بالطاقة النووية يجب أن يتم بالامتثال الصارم للأحكام التنظيمية، فإن مهمة المحافظة هي المساهمة في تطوير معايير السلامة النووية والفيزيائية والإشعاعية والتنظيم التقني العام المتعلق بالمنشآت النووية ومرافق إدارة المواد المُشِعّة والتأكد من تطبيقها.
ما هي المنشآت النووية التي تمتلكها الجزائر؟
تُدير محافظة الطاقة الذرية الجزائرية بنيةً تحتيةً مهمةً تضم العديد من المنشآت نووية والمعدات الثقيلة، أهمها:
- مُفاعل السلام وتبلغ طاقته 15 ميغاوات.
- مُفاعل نور وتبلغ طاقته ميغاوات واحد.
- وحدة تطوير عناصر الوقود النووي.
- حلقات اختبار تأهيل الوقود النووي.
- مُعجِّل الجسيمات (3.75 MeV).
- مولِّد النيوترونات (150 KeV ).
- مشعِّع ڨاما نموذجي (Co 60).
- مختبرات مختلفة ومعدات تحاليل خاصة.
- خلايا ساخنة لتطوير النظائر المشعة.
- وسائل ومعدات التنقيب عن المواد الأولية النووية ومعالجتها الأوّلية.
هل حاولت الجزائر امتلاك السلاح النووي؟
بدأت الجزائر تعاونها النووي المدني مع كل من الصين والأرجنتين، اللّتين ساهمتا في إنشاء المفاعلين النوويين اللّذين تملكهما الجزائر. لكنّ سعي الجزائر إلى تطوير منشآتها النووي أثار في أبريل/نيسان 1991 قلقًا أمريكيًا، حيث نشرت جريدة "واشنطن بوست" تقريرًا حول المفاعل النووي الجزائري السّلام الواقع بمنطقة عين وسارة. واعتبرت أنه أكبر من أن يكون مجرد مشروع للبحث العلمي، ولا بدّ أن يكون هدفه إنتاج الكهرباء، كما أضافت أن الصينيين والجزائريين ينفون الموضوع تمامًا، وفي الوقت نفسه يرفضون قبول بعثة تفتيش من "وكالة الطاقة الذريّة". وقد أدى هذا التقرير إلى طرح موضوع المفاعل النووي الجزائري من طرف السيناتور الأمريكي آنذاك جو بايدن أمام مجلس الشيوخ. لكن مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية لم يقتنعوا أن المفاعل ذو هدف عسكري، خصوصًا بعد تحليل الصور التي تم التقاطها له، ونشرتها صحيفة "واشنطن بوست".
ما موقف الجزائر من الأسلحة النووية؟
تظهر الجزائر من بين الدّول التي التزمت بالكثير من الاتفاقيات الدولية التي تُصدرها الأمم المتحدة بهدف الحد من انتشار الأسلحة النووية. كما تدخل في نطاق المناطق الخالية من الأسلحة النووية. ويبدو من سجل الجزائر فيما يخص الالتزام بالقوانين الدولية في هذا المجال أنها تعمل إلى حد كبير على تجنب انتشار الأسلحة النووية، خصوصًا بعد توقيعها على العديد من الاتفاقيات في هذا الإطار، منها معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي وقعتها الجزائر سنة 1994. كما أنها صادقت على العديد من الأدوات القانونية الدولية ومنها:
- 1996: معاهدة بليندابا: معاهدة تجعل من أفريقيا منطقة خالية من الأسلحة النووية.
- 2002: معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (TICE).
- 2003: اتفاقية التبليغ المبكر عن وقوع حادث نووي.
- 2003: اتفاقية المساعدة في حالة وقوع حادث نووي أو طارئ إشعاعي.
- 2003: اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية.
- 2007: تعديل اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية.
- 2010: الاتفاقية الدولية لقمع أعمال الإرهاب النووي.
هل تظهر الجزائر في قائمة القوى النووية؟
تضم قائمة الدول التي تمتلك السلاح النووي 9 دول، جُلّها امتلكت السلاح النووي مع نهاية الحرب العالمية الثانية وفي أعقابها، وقبل إقرار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وليست من بينها الجزائر، وهذه الدول هي:
- الولايات المتحدة الأمريكية منذ 1945.
- روسيا منذ 1949.
- بريطانيا منذ 1952.
- فرنسا منذ 1960.
- الصين منذ 1964.
وهناك أربع دول أخرى امتلكت السلاح النووي بعد الاتفاقية المذكورة التي تم إقرارها في 1968، وهي:
- كوريا الشمالية.
- إسرائيل.
- الهند.
- باكستان.
هل تمتلك الجزائر السلاح النووي؟
بناءً على تقارير الأمم المتحدة وعلى الأنشطة الرسمية لمحافظة الطاقة الذرية الجزائرية، وانطلاقًا من خارطة مناطق العالم المنزوعة السلاح النووي، فإن لا شيء يؤكد أن الجزائر تمتلك السلاح النووي، ولا تندرج ضمن قائمة القوى النووية الدولية.