تحقيق مسبار
أصبح تسجيل المكالمات حاجة من الحاجات المهنية والشخصية والقضائية التي يلجأ إليها الناس لتوثيق عمليات التواصل اليومية التي يقومون بها عبر الهاتف، إمّا مع عملائهم أو أصدقائهم أو حتّى خصومهم. لكن عملية تسجيل المكالمات غالبًا ما تثير العديد من المشاكل القانونية والتقنية أيضًا، مما يستدعي من المتصل أن يتحلى بالكثير من الحذر، ويوفّر بعض الشروط قبل الإقدام على هذه الخطوة. تعرّفك هذه المقالة على الشروط القانونية والتقنية اللاّزمة لتسجيل المكالمات بشكل آمن، وتوضح لك أهم الآثار الاجتماعية المترتبة عن هذه العملية. كما تعرض أمامك بعض التطبيقات التي ستساعدك على تحقيق ذلك.
هل يجوز استعمال برنامج تسجيل المكالمات؟
تخضع مسألة استعمال برنامج تسجيل المكالمات في بعض البلدان لضوابط قانونية صارمة. ولذلك يعتبر استعمال تطبيقات وبرامج تسجيل المكالمات مسألة غاية في الحساسية، يتعين الانتباه إليها، والاطلاع على ما يقوله القانون بهذا الخصوص. وبينما هناك بلدان تنظم هذه المسألة بصرامة قانونية كبيرة، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأميركية، فإن هناك بلدانًا أخرى، لا تمتلك إطارًا قانونيًا منظمًا لهذه المسألة. وتخضع مسألة استخدام برامج تسجيل المكالمات في أميركا والدول الأوربية على سبيل المثال لقانون، "موافقة الطرف الواحد"، ويقصد به ضرورة مشاركة المسجِّل في المكالمة التي يقوم بتسجيلها، بينما تتشدد بعض البلدان ولا تسمح باستعمال التسجيل إلا في حالة موافقة كل أطراف المكالمة الهاتفية. فإذا كنت طرفًا في مكالمة هاتفية، وأردت أن تسجلها فعليك أن تحرص أولًا على أخذ موافقة الطرف الآخر لتفادي المتابعة القانونية التي قد تنجم عن عملك.
وتنص المادة 309 مكرر من قانون العقوبات المصري على سبيل المثال على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن وقام بتسجيل محادثة جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون، وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانونًا أو بغير رضا المجني عليه". فإذا رضي الأخير زالت السرية ولم يعد هناك حق معتدى عليه ويشترط لتوافر الرضا أن يشمل جميع أطراف الحديث برمته، وقد افترض القانون رضاء المجني عليه إذا صدرت الأفعال المعاقب عليها أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع.
ما هي الآثار السلبية لتسجيل المكالمات؟
يتساءل العديد من مستخدمي المكالمات الهاتفية عن سرّ هذا التشدد في حمايتها ومنع تسجيلها. ويعود هذا الأمر أساسًا إلى أن المكالمات الهاتفية تمثل جزء من الخصوصية التي تهم الفرد، وتتمتع دستوريًا وقانونيًا وأخلاقيًا بالسّرية المطلقة، التي يتعين الحفاظ عليها، وحمايتها من مخاطر التنصت والتجسس. وعلى الرغم من أن القانون قد يصرح لبعض الجهات أحيانًا بالحق في تسجيل المكالمات في إطار مهني أو قضائي مثلًا، إلا أن هذه الممارسة لها آثار اجتماعية وخيمة ينبغي الحذر منها، خصوصًا عندما تتم دون إخبار أطراف المكالمة أو أحدهما على الأقل. فعدم الإخبار يهز تمامًا الثقة بين الطرفين. ومن بين هذه الآثار الاجتماعية السلبية نجد:
- تأثّر سمعة الطرف الذي يلجأ إلى التسجيل سواء كان فردًا أو مؤسسةً.
- انخفاض مستوى التعاون من الأطراف الأخرى مع من يقوم بتسجيل المكالمات دون إخبار.
- صعوبة العثور على مصادر راغبة في الحصول على المعلومات.
- انخفاض الإيرادات من العملاء الجدد إذا كان الأمر يتعلق بمؤسسة اقتصادية.
- تدني الانضباط في مكان العمل بما في ذلك فقدان الوظيفة المحتمل.
كيف يمكن استغلال برامج تسجيل المكالمات إيجابيًا؟
في العديد من الشركات يحتاج رب العمل إلى ضبط أداء عماله وموظفيه، وهذا ما يدفعه إلى اللجوء إلى برامج تسجيل المكالمات المسموح بها قانونيًا، لمراقبة ما يدور في العمل. ومن فوائد هذه البرامج:
- استخدام المكالمات المسجلة لتحسين خدمة العملاء.
- مراقبة أداء الموظف.
- التقاط جميع التفاصيل في مكالمة العميل.
- رصد دقيق لاحتياجات العملاء وتوقعاتهم.
لكن تحقيق هذا الأهداف لا يعني أن أرباب الشركات يمكنهم تسجيل المكالمات دون إخبار العملاء، فغالبًا ما تفرض القوانين عليهم أن يُعلموا عملاءهم بأن المكالمة الهاتفية سيتم تسجيلها، وهذا الأمر يزيد من منسوب الثقة بين الطرفين.
لماذا وكيف تقنع الآخرين بتسجيل مكالماتهم؟
يقدم برنامج تسجيل المكالمات العديد من الميزات للعمال والشركات في مجالات وقطاعات مختلفة بما في ذلك مجال الصحافة وخدمة العملاء وتجارة التجزئة وإدارة الموارد البشرية. إذ يمنحها برنامج تسجيل المكالمات خيارات مفيدة أخرى وميزات ملائمة، مثل مشاركة الملفات الصوتية وقدرات النسخ. كل هذه الامتيازات تدفع العديد من المهنيين والخواص إلى اللجوء لهذه البرامج، لكن ذلك يجب أن يبدأ أولًا بإقناع العملاء بالسماح بتسجيل مكالماتهم. ولتحقيق هذا الإقناع من المفيد اتباع بعض الخطوات العملية التي تبدأ أولًا بطلب الموافقة كتابةً على تسجيل المكالمات. فهذه الموافقة أو الإذن الكتابي تحمي مُسجّل المكالمة من التداعيات القانونية المحتملة. ولكي يكون طلب الموافقة مقنعًا أكثر فيتعين أن يتضمن تفاصيل كثيرة من أهمها:
- متى وأين ستتم المكالمة.
- من يشارك في المكالمة.
- فيما سيتم استخدام برنامج تسجيل المكالمات.
- كيف سيتم استخدام التسجيل.
- من له الحق في الوصول إلى الملف الصوتي.
- تفاصيل أخرى ذات صلة وقابلة للتطبيق.
وفي حال ما إذا تعذر انتزاع الموافقة من الطرف الآخر، فإن أفضل طريقة هي إقناعه بالفوائد التي سيجنيها من تسجيل المكالمات، وهو الأمر الذي سينهي التردد بلا شك وسيسمح بالحصول على موافقة التسجيل. ومن أهم هذه الفوائد التي يمكن استعراضها:
- القدرة على إعادة النظر في التفاصيل الهامة.
- إعطاء الطرف الآخر نسخة من المحادثة.
- قلة الحاجة لمتابعة المكالمات، مما يوفر الوقت الجميع.
- القدرة على الاستدلال من المكالمة بدقة أكبر.
- السماح بالاستماع إلى المكالمة بعناية أكبر.
- إتاحة الفرصة للمشاركة بشكل أفضل في المحادثة.
ما هي أفضل برامج تسجيل المكالمات؟
تعجّ شبكة الإنترنت ببرامج تسجيل المكالمات الهاتفية، التي تستعرض ميزاتها وخدماتها المختلفة على المتصفحين. ويقدم برنامج تسجيل المكالمات عادة العديد من الخدمات، مثل إمكانية رفع التسجيل وتحويله عبر مختلف الصيغ الصوتية، وكذا السماح بتسجيل المكالمات الواردة أو الخارجة، ونقلها إلى الحاسوب. كما يسمح برنامج تسجيل المكالمات أيضًا بتحويلها إلى أنماط صوتية أخرى، ويسمح بعض هذه البرامج أيضًا بتأمين التسجيل واستنساخه للاحتفاظ به إلى غير ذلك من الميزات.
ومن أهم برامج تسجيل المكالمات التي تتوزع بين نظام "أندرويد" وآيفون:
• TapeACall Pro.
• Rev Call Recorder.
• Automatic Call Recorder Pro.
• Truecaller.
• Super Call Recorder.
• Blackbox Call Recorder.
• RMC Call Recorder.
• Smart Voice Recorder.
هل برنامج تسجيل المكالمات آمن؟
تظهر إذًا المعطيات أنّه يمكن أن يكون برنامج تسجيل المكالمات آمنًا لمن يستعمله عندما يتم احترام الشروط القانونية المنظمة لاستعمال برامج تسجيل المكالمات، والحصول أولًا على موافقة الطرف الآخر من المكالمة. كما يمكن أن يكون برنامج تسجيل المكالمات آمن تقنيًا عندما يتم اختيار برامج وتطبيقات توفر الحماية المعلوماتية ضد القرصنة، وتؤمن التسجيل الصوتي.
اقرأ/ي أيضًا:
