تحقيق مسبار
ما هو القلق النفسي؟ وما هي أعراضه؟ وهل أعراض القلق النفسي عند الرجال خطيرة؟ وما الفرق بين القلق الطبيعي والقلق النفسي؟
يُعد القلق النفسي الاضطراب العصبي الأكثر انتشارًا بين مُختلف أنواع الاضطرابات العصبية والنفسية، وبحسب الإحصائية التي يُوردها الموقع الرسمي لجمعية الأطباء النفسيين الأمريكية، تظهر أعراض القلق النفسي عند 30% من البالغين. لذا، من المتوقع أن تُراود أذهان الكثيرين، العديد من الأسئلة حول أعراض القلق النفسي، ومِن المُهم الحصول على إجابات علمية دقيقة لمثل هذه الأسئلة.
يُورِد هذا المقال المعلومات الدقيقة اللاّزمة للإجابة على العديد من الأسئلة حول القلق النفسي، مثل الأسئلة سابقة الذكر وغيرها.
ما هو القلق النفسي؟
من المُهم التمييز بين شُعور القلق الطبيعي والقلق النفسي كأحد أنواع الاضطرابات العصبية. فالقلق الطبيعي هو شعور بمقدارٍ من الخوف والتوتر ينتاب جميع الناس حِيال أحداثٍ مُستقبليةٍ مُتوقعة، تستدعي حقًا الشعور بالقلق، أو حِيال نتائج مُستقبلية لأحداث وقعت بالفعل. والقلق الطبيعي يُمكن اعتباره أمرًا إيجابيًا بل ومُفيدًا أيضًا، فالقلق الطبيعي قد يرفع إنتاجية صاحبه إذا أصابه بخصوص الاختبارات النهائية في الجامعة مثلًا، أو بخصوص مُقابلة عملٍ على وشك أن يُؤديها. كما أن القلق الطبيعي يُساعد صاحبه على الاستنفار واتخاذ قرار بالمواجهة أو الهرب في حال وجد نفسه في مواجهة موقفٍ ينطوي على شيء من الخطورة، وسُرعان ما يزول الشعور بالقلق الطبيعي بعد نهاية الحدث أو الموقف الذي يستدعي الشعور بالقلق.
بناءً على ما سبق، يُمكن وضع صيغة لتعريف القلق النفسي تتضمن أهم ما يُميزه عن القلق الطبيعي كما يلي: القلق النفسي هو الشعور بالخوف والتوتر والقلق المُفرط المُصاحب لبعض الأعراض الجسدية مثل ارتفاع ضغط الدم، وهو شعورٌ يُصيب المريض بشكلٍ مُتكررٍ حِيال أمورٍ قد لا تستدعي القلق والخوف من الأساس، وعلى مدى فترةٍ زمنيةٍ طويلةٍ نسبيًا، قد تصل إلى شهورٍ أو عدة سنوات، بالشكل الذي يُعيق مُمارسته للحياة اليومية، وذلك لأن القلق النفسي قد يدفع صاحبة إلى الانعزال وتعمّد اجتناب العديد من الأمور.
ما هي أنواع القلق النفسي؟
هُناك العديد من الاضطرابات العصبية التي تندرج تحت القلق النفسي، من بينها خمسة اضطرابات تُعتبر الأنواع الرئيسية للقلق النفسي وهي:
- القلق النفسي العام: وهو شعورٌ بالغٌ بالقلق والتوتر والذي قد يحدث دون أي سبب واضح، وهو النوع الأكثر شُيوعًا.
- الوسواس القهري (OCD): يتميز هذا النوع بأفكار غير مُريحة أو مُخيفة تُداهم المريض بوتيرة عالية جدًا تصل إلى حد الوسوسة، وتقوده إلى تِكرار تصرّفات وسلوكيات مُعينة، مثل تكرار غسل اليدين أو التأكّد من أن باب المنزل مُغلق مثلًا، وقد يُدرك المريض أن تصرفاته غير منطقية لكنه يعجز عن التوقف عن فعلها.
- اضطراب الهلع: هو نوع من أنواع القلق النفسي يتميز بتعرّض المريض لنوبات مُتكررة وغير مُتوقعة من الخوف الشديد دون وجود أي سبب للخوف، ويُصاحب هذا الإحساس عدد من الأعراض مثل ارتفاع معدل ضربات القلب يُصاحبه إحساس بالألم في منطقة الصدر، وضيق النفس أو الشعور بالاختناق، بالإضافة إلى الشعور بالدُوار ورغبة مُلحة بالدخول إلى الحمام، وعدد من الأعراض الأُخرى.
- اضطراب ما بعد الصدمة: يحدُث هذا النوع بعد تعرض المريض لحدثٍ مُؤلمٍ في حياته، مثل الكوارث الطبيعية أو حوادث شخصية كحوادث السيارات، أو التعرض لاعتداء شديد القسوة. ويتميز بأعراض مُعينة مثل استعادة ذكريات حول الحدث المُسبب للمرض (الصدمة) بشكل مُتكرر، أو رؤية أحلام تتعلق بالحدث بشكل متكرر، واضطرابات النوم، وتعمّد المريض لتجنب أي شئ يُذكره بالصدمة التي تسببت في الإصابة، بالإضافة إلى الشعور بالقلق.
- الرّهاب الاجتماعي: ينتاب الأشخاص المُصابون بالرّهاب الاجتماعي حالة من الخوف الشديد والقلق من المواقف الاجتماعية الاعتيادية التي تتضمن مُخالطة الآخرين والتفاعل معهم بشكل عام، أو أن يُصيبهم هذا الخوف حِيال نوع واحد مُحدد من المواقف الاجتماعية. مثل الخوف من الحديث علنًا أمام الناس، أو الخوف من التعرف على أشخاص جُدُد، أو الخوف والقلق بخصوص تناول الطعام في الأماكن العامّة أمام الغُرباء.
ما هي أعراض القلق النفسي؟
بالرغم من وجود أنواع مُختلفة من القلق النفسي، وبالرغم من أن لكل نوعٍ أعراض خاصة به تُميزه عن الأنواع الأخرى، إلا أن هُناك مجموعة من الأعراض التي يُمكن اعتبارها أعراض القلق النفسي العامّة، هذه الأعراض هي:
- صُعوبة التركيز.
- إحساس عام بعدم الارتياح.
- الإصابة بالارتعاش.
- التعرّق المُفرط.
- ارتفاع مُعدل نبض القلب.
- الشعور بالدوار، والذي قد يتطور إلى الإغماء.
- الشعور بصعوبة في التنفس.
- الشعور بالخدر.
- الشعور بالغثيان.
- الشعور بالخوف أو الرّعب.
هل أعراض القلق النفسي عند الرجال خطيرة؟
تُشير الدراسات إلى أن النساء أكثر عُرضةً للإصابة بالقلق النفسي من الرجال، لكن هذا لا يعني أن الرجال غير مُعرضين هُم أيضًا للإصابة. كما توصل الباحثون إلى حقيقة مفادُها أن ردود أفعال المريض التي يُبديها تِجاه أعراض القلق النفسي تختلف بين الرجال والنساء. بالنسبة للرجال المُصابين بالقلق النفسي، تظهر عليهم الأعراض العامة لهذا الاضطراب، وبطبيعة الحال الأعراض المُميزة لِكل نوع من أنواع القلق النفسي في حال إصابتهم به. إلاّ أن هُناك مجموعة من أعراض القلق النفسي عند الرجال يُمكن اعتبارها أكثر شُيُوعًا ومنها:
- الخوف من الارتباط: أو الدخول في علاقة عاطفية مع الجنس الآخر، كما أن الرجل المُصاب بالقلق النفسي أكثر عُرضة لأن يبقى أعزبًا، أو أن ينتهي زواجه بالفشل والطلاق.
- الوقوع في الإدمان: إدمان الكحول أو أحد أنواع المُخدرات هو رد فعل على القلق النفسي، والرجال عادة يُقدمون على هذا الأمر أكثر من النساء، وبالتالي هُم أكثر عُرضة لكل ما يترتب على الإدمان من مخاطر.
- نوبات الغضب: تظهر نوبات الغضب أيضًا عند الرجال المُصابين بالقلق النفسي، كطريقة تعبير غير صحية عن مشاعر القلق والخوف والتوتر التي تنتابهم، والتي لا يتم مُعالجتها بشكل صحيح.
ومما يجعل أعراض القلق النفسي عند الرجال أسوأ، هو أن الرجال في الغالب لا يُدرِكون أنهم مُصابون بالقلق النفسي، وحتى إذا أدركوا ذلك، فإنهم غالبًا يتعمدون إهمال الأمر، ولا يُحاولون طلب المُساعدة من الأطباء المُختصين لعلاج المُشكلة، وذلك لعدة أسباب، منها صورة الرجل عن نفسه أمام المُجتمع، وهي صورة تتمركز حول فكرة أن الرجل يجب أن يظهر دائمًا بمظهر الشخص القوي الذي لا يُظهِر أي علامة من علامات الخوف أو الضعف. ولهذا يُمكن القول أن الرجال المُصابون بالقلق النفسي أكثر عُرضة للمُضاعفات المُترتبة على الإصابة، لأن المُشكلة في الغالب تبقى دون علاج. وتشمل مُضاعفات القلق النفسي في حال لم يتم عِلاجه ما يلي:
- الاكتئاب.
- الانتحار.
- الإدمان.
- إضعاف الجهاز المناعي وبالتالي الإصابة بالأمراض بوتيرة أعلى.
- إضعاف الرغبة الجنسية، والتسبب بضعف الانتصاب على وجه التحديد. تجدُر الإشارة إلى أن الشباب دون سن الثلاثين هُم الأكثر عُرضة للإصابة بضعف الانتصاب الناجم عن التوتر والقلق النفسي. يُمكن الاطلاع على معلومات أكثر حول ضعف الانتصاب عند الشباب وعلاجه من خلال أحد المقالات التي نُشرت سابقًا على مسبار بعنوان: هل يمكن علاج ضعف الانتصاب عند الشباب؟
بناءً على ما سبق، يُمكن القول أن الإجابة هي نعم، أعراض القلق النفسي عند الرجال خطيرة، كما أنها تُؤدي إلى مُضاعفات خطيرة أيضًا، وقد تدفع المُصاب إلى تصرفات غاية في الخطورة كالإدمان والانتحار.
اقرأ\ي أيضًا:
هل يمكن علاج اكتئاب ما بعد الولادة؟