تحقيق مسبار
يتساءل الكثيرون حول إمكانية علاج إكزيما الرضع، وخاصةً الأمهات الجُدد، والسيدات اللاتي لم يُصب أطفالهن بالإكزيما من قبل، حيث تصيب الإكزيما الكثير من الرضع، وتُشير بعض التقديرات إلى أن إكزيما الرضع تُصيب على أقل تقدير 1 من كل 10 أطفال حول العالم، وتصل النسبة إلى 20% من الأطفال حديثي الولادة.
يتناول هذا المقال موضوع الإكزيما ويُسلط الضوء بشكل خاص على إكزيما الرضع، لِيُقدم الإجابة على عدد من الأسئلة حولها مثل: ما هي الإكزيما وما هي أنواعها وأعراضها؟ ما هي أسباب إكزيما الرضع؟ وهل يُمكن علاج إكزيما الرضع؟ وإن كانت الإجابة بنعم فما هي طُرق علاج إكزيما الرضع؟
ما هي الإكزيما؟
تُشير كلمة إكزيما إلى حالة مرضية تُصيب الجلد، وتظهر في صورة بُقع حمراء وملتهبة يُصاحبها شعور بالرغبة في حك تلك البقع من الجلد. وتُصيب الإكزيما الرضع في الأشهر الستة الأولى من عُمرهم، وقد يتأخر ظهور الأعراض عن ذلك فتظهر في أي وقت خلال السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل المُصاب. كما أن بشرة الرضيع أو الطفل المُصاب بالإكزيما عادة ما تكون جافة وحسّاسة، وذلك في عموم الجسم وليس البقع الحمراء المُلتهبة فقط. وبالرغم من أن الإكزيما تُعتبر أكثر شيوعًا لدى الرضع والأطفال والمُراهقين، إلاّ أن الإكزيما يُمكن أن تُصيب البالغين في مراحل عُمرية مُتقدمة أيضًا.
ما هي أنواع الإكزيما؟
هُناك العديد من أنواع الإكزيما، من بينها أربعة أنواعٍ تُعد الأكثر شُيوعًا، وتحديدًا لدى الرضع والأطفال صِغار السن، فيما يلي بيان لهذه الأنواع الأربعة:
- التهاب الجلد التأتبي (Atopic Dermatitis): يُعد التهاب الجلد التأتبي النوع الأشهر والأكثر حدوثًا من أنواع الإكزيما، والذي عادةً ما يُصاحبه حالتين مرضيتين هُما الربو وحُمى الكلأ، وهي أي حُمى الكلأ نوع من الحساسية مُرتبط بشكل رئيسي بفصل الربيع، وهو الوقت الذي تنتشر فيه حبوب اللقاح في الجو. في هذا النوع من الإكزيما تظهر البقع الحمراء المُلتهبة على الجلد في الجهة الأمامية من المرفقين، أما بالنسبة للرضع فتظهر على الرأس والخدين. ومِن المُلاحظ أن البقع المُلتهبة يُمكن بسهولة أن تنتفخ وتتهيّج وتتقيح نتيجًة لحكّها.
يحدث هذا النوع من الإكزيما نتيجةً لعدة عوامل، منها جفاف البشرة، وبعض مشاكل الجهاز المناعي، بالإضافة إلى العامل الوراثي والتحسس من بعض المواد مثل الصابون أو أنواع مُعينة من الأقمشة كالصوف.
- التهاب الجلد التماسي (Contact Dermatitis): يكتسب هذا النوع من الإكزيما اسمه من السبب الرئيسي لحدوثه، وذلك لأن ظهور الأعراض في هذا النوع مُرتبط ارتباطًا مباشرًا بحدوث تلامس بين بشرة المريض وبين مواد مُعينة، مثل المطاط أو أحد أنواع المعادن، وكذلك بعض أنواع المواد الكيميائية. وهناك عوامل أُخرى يُمكن أن تؤدي للإصابة عند احتكاك أو تعرّض المريض لها تشمل دُخان السجائر ومواد التنظيف والعُطور ومواد التجميل، وكذلك بعض أنواع الصابون ومُنتجات العناية بالبشرة كالكريمات وغيرها.
الأعراض الرئيسية لهذا النوع الإكزيما من هي التهاب الجلد واحمراره، وظهور بُثور مُنتفخة عادةً تحتوي على سائل كالصديد مثلًا، والشعور بحاجة مُلحة لحك مناطق الجلد المُلتهبة.
- خلل التعرق (Dyshidrotic Eczema): يُصيب هذا النوع من الإكزيما الأطفال، إلاّ أنه شائع أيضًا لدى البالغين، خاصة بين مطلع العقد الثالث والعقد الخامس من العمر، أي بين سن 20 إلى 40 سنة. كما يُلاحظ حدوثه بِمُعدلات أعلى لدى النساء مما هي عليه لدى الرجال.
يتميز هذا النوع بمكان ظُهور البُثور، حيث تظهر بشكل رئيسي في راحة الكفين والأصابع، وكذلك القدمين وأصابع القدمين. وتكون البُثور في هذا النوع من الإكزيما أيضًا بسائل ومؤلمة وتُثير لدى المريض رغبة شديدة بحكّها، كما يُمكن أن تتشقق ويتحول سطحها إلى قشور جافة.
أشهر أسباب الإصابة هي الحساسية، والاحتكاك ببعض أنواع المعادن مثل الكوبالت، وكذلك الضغط العصبي والنفسي.
- التهاب الجلد الدُهني (Seborrheic dermatitis): تظهر الأعراض في هذا النوع على الجلد في المناطق التي تحتوي على عدد كبير من الغدد الدهنية مثل فروة الرأس والأنف، لكنها تظهر بشكل رئيسي على فروة الرأس لدى الرضع المُصابين بهذا النوع من الإكزيما، كما قد تظهر على الوجه والمناطق التي تحتك بالحفاظات مثل أعلى الفخذين والخصر.
أسباب الإصابة بهذا النوع من الإكزيما غير مُحددة بشكل دقيق، لكنه مُرتبط بمجموعة من العوامل مثل الطقس البارد، والذي يدفع الغدد الدهنية في فروة الرأس إلى زيادة نشاطها وإفراز كمية كبيرة من الدهون، وكذلك الضغط العصبي. كما أن هذا النوع من الإكزيما لدى الرضع قد يكون مُرتبط بِمُستويات الهرمونات لدى الأم.
ما هي أسباب إكزيما الرضع؟
تُعد إكزيما الرضع بأنواعها المختلفة من الحالات المرضية التي لم يتم تحديد أسبابها بشكل قاطع، إلاّ أنه يُعتقد أنها ناتجة عن أسباب وراثية وتنتقل من جيل لآخر في العائلة الواحدة، كما قد لُوحِظ أن تهيج الجلد وازدياد حدة أعراض إكزيما الرضع قد يحدث نتيجةً لأحد العوامل التالية:
- الإصابة بأحد أنواع الالتهابات البكتيرية أو الفيروسية.
- الاحتكاك بشعر الحيوانات أو التعرض لجو مُلوث بالغبار.
- تعرض الطفل لأي عامل يُشكل ضغطًا نفسيًا عليه.
- عند ارتفاع درجة حرارة الطفل بشكل كبير.
- تناول بعض أنواع الطعام إذا كان الطفل مُصابًا بحساسية منها.
- تعرض جسم الطفل لبعض أنواع المواد الكيميائية التي تتواجد في الصابون وغيره من مُستحضرات العناية بالطفل، وكذلك بعض أنواع الأقمشة مثل الصوف والبوليستر.
ما هي أعراض إكزيما الرضع؟
أعراض إكزيما الرضع تتشابه إلى حد التطابق مع الأعراض المذكورة في الفقرات السابقة من هذا المقال، أي ظهور بقع حمراء مُتهيجة ومُلتهبة وتُثير رغبة الطفل في حكّها، إلاّ أن ما تم تمييزه بوضوح مِن قبل الأطباء هو اختلاف أماكن ظهور هذه البقع بِحسب المرحلة العُمرية للطفل كما يلي:
- الرضع منذ الولادة وحتى سن 6 أشهر: تظهر أعراض الإكزيما لدى الرضع في هذه المرحلة العمرية عادةً على الوجه والخدين والذقن والجبين، وتكون بشرة الطفل أكثر احمِرارًا.
- الرضع من عُمر 6 أشهر إلى عمر السنة: تميل أعراض الإكزيما لدى الرضع في هذا العمر إلى الظهور على الركبتين والمرفقين، وذلك لأنها الأماكن التي يسهل أن تتعرض للاحتكاك والتلامس بالأشياء المُحيطة بالطفل أثناء الحَبْو.
- الأطفال من عمر سنتين وحتى 5 سنوات: أماكن ظهور أعراض الإكزيما في هذا العمر تشمل الوجه وتحديدًا المنطقة المُحيطة بالفم والجفون، وكذلك الركبتين واليدين والجهة الأمامية من المرفقين.
هل يُمكن علاج إكزيما الرضع؟
في الحقيقة تُعتبر الإكزيما من الأمراض المُزمنة، لذا فإن الاجابة هي لا، لا يُمكن علاج إكزيما الرضع بشكل نهائي من خلال أي وسائل طبية، لكن المُطمئن في الأمر أن أعراض الإكزيما يُمكن السيطرة عليها، كما أنه بحسب بعض التقديرات، حوالي 65% من حالات الاصابة بالإكزيما بين الرضع والأطفال، تُشفى من تلقاء نفسها مع وصول الطفل إلى سن المُراهقة.
فيما يلي طُرق السيطرة على أعراض إكزيما الرضع:
- استخدام الكريمات والمراهم: بعض أنواع المراهم والكريمات مثل المراهم التي تحتوي على الكورتيكوستيرويد (Corticosteroid) تُستخدم لتهدئة إحساس التهيّج والرغبة في الحك، ويتم وصفها في حالات الإكزيما الخفيفة والمتوسطة، وعادةً ما تُعطي هذه الكريمات والمراهم نتيجة جيدة وبالتالي تمنع المُضاعفات الناتجة عن حك الأماكن المُصابة.
- الأدوية المُضادة للهيستامين: تعمل الأدوية المُضادة للهستامين (Antihistamine) كذلك على تهدئة إحساس التهيج والرغبة في الحك، ويُمكن الاستعانة بها في الحالات الأكثرة شِدة.
- استخدام الكريمات المُرطبة: يُعد جفاف البشرة من الأمور المُصاحبة للإصابة بالإكزيما، كما أن جفاف البشرة يجعل أعراض الإكزيما أسوأ، لذلك يُعتبر المُداومة على ترطيب بشرة الطفل من الأمور الهامة في السيطرة على الأعراض.
- تجنب استخدام الصابون: وذلك ضِمن إجراءات أخرى خاصة بالاستحمام، من بينها أن يكون حمام الطفل باستخدام ماء دافئ وأن يكون مُدة حمام الطفل قصيرة.
- العناية بأظافر الطفل: يجب قص أظافر الطفل والمحافظة عليها في أقصر حد ممكن، وذلك لأن حك الأماكن المصابة يزيد من تهيُجها، وفي حال كانت أظافر الطفل طويلة، يُمكن لها أن تؤدي إلى جرح المكان المُصاب كنتيجة لحكّه، وهو الأمر الذي يُؤدي إلى تحول الأماكن المُصابة إلى جروح مُلتهبة.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن علاج اكتئاب ما بعد الولادة؟