تحقيق مسبار
هل تحتوي المحيطات على الفيروسات؟ هو واحد من أسئلة متعددة يكثر أن تُثار حول الفيروسات، فهي من الكائنات الحية التي حيّرت المتخصصين وغير المتخصصين، وحتى وصفها بأنها كائنات حية قد يكون أمرًا غير دقيق، أو على الأقل ليس محل إجماع العلماء. من ناحيةٍ أخرى، تُعد المُحيطات عالمًا بأكمله، تتنوع فيه أشكال الحياة تنوعًا كبيرًا، وتحتوي المحيطات على مئات الأنواع من المخلوقات. لكن ماذا عن الفيروسات؟ هل تحتوي المحيطات على الفيروسات؟
يُعرف هذا المقال المحيطات كبيئة و كجزء من النظام البيئي لكوكب الأرض، ويقدم أيضًا معلومات حول الفيروسات ليجيب على عدد من الأسئلة حول كل منهما كالأسئلة سابقة الذكر.
ما هي الفايروسات؟
الفايروسات هي كائنات دقيقة مُتناهية الصغر، وهي أصغر أنواع الميكروبات التي تم اكتشافها، ولا تُعتبر كائنات مجهرية لأنه في الحقيقة لا يُمكن رؤية الفايروسات باستخدام المجهر، وإنما يُطلق عليها كائنات دون المجهرية (Submicroscopic).
تتكون الفايروسات بشكلٍ رئيسي من الحمض النووي والحوصلة البروتينية التي تُغلف الحمض النووي، كما أن هُناك أنواعًا تمتلك غلافًا دهنيًا يُغطي الحوصلة البروتينية، تمامًا كما هو معروف بالنسبة لفيروس COVID-19 الذي يمتلك غلافًا دهنيًا، مما يجعل الصابون قاتلًا لهذا الفيروس.
معلومات أكثر حول كورونا وأعراضه والفيروس المُسبب له في مقال مسبار هل العطاس من أعراض كورونا؟
من أهم ما يُميز الفايروسات هو عدم قدرتها على تأدية أي وظيفة حيوية في مُحيطها، وتحتاج دائمًا لاختراق جسم كائن حي والتطفل على أحد خلايا الجسم لكي تتمكن من التكاثر، وهو الأمر الذي يؤدي إلى موت الخلية المُضيفة (Host Cell) ويُلحق الضرر بصحة الكائن المُصاب سواءٌ كان المُصاب إنسانًا أو أي كائنٍ آخر.
متى تم اكتشاف الفايروسات؟
تم اكتشاف الفايروسات لأول مرة سنة 1892، وذلك عندما لاحظ العالم ديميتري إيفانوفسكي، أن أحد الأمراض التي تصيب نبات التبغ، يُمكن أن ينتقل من نبتة تبغ إلى أخرى كنتيجة لحقن عُصارة النبتة المُصابة في نبتة غير مصابة، وذلك بالرغم من تمرير عُصارة النبتة المصابة في مُرشح (Filter) بكتيري قادر على تصفيتها من البكتيريا.
نتيجةً لهذه المُلاحظة، أجمع العلماء أن العامل المُسبب للإصابة بذلك المرض هو شئ آخر وليس البكتيريا، وهو أصغر بكثير من البكتيريا المعروفة آنذاك، بدليل أنه استطاع المُرور من المُرشح البكتيري. بعدها بسنوات تم تعريف هذه الكائنات على أنها الفايروسات.
هل الفيروسات كائنات حيّة؟
في الحقيقة لازال الخلاف قائمًا بين العُلماء حول مسألة تصنيف الفايروسات ككائنات حية. وبالرغم من أن هُناك اتفاق حول مجموعة من المعايير المُستخدمة للتفرقة بين الكائنات الحية والجمادات، إلّا أن الخلاف ظلّ قائمًا، بسبب توفر الفايروسات على بعض هذه المعايير لكن ليس جميعها. فيما يلي توضيح لعدد من هذه الشروط والمعايير:
- القدرة على مقاومة التغيرات الداخلية: وهي الخاصية التي يُطلق عليها (Homeostasis)، والمقصود استعادة الجسم لتوازنه الداخلي عن طريق تنظيم درجة الحرارة أو الضغط مثلًا، وكذلك مقاومة التغيرات الخارجية. جميع الكائنات الحية تتمتع بهذه الخاصية أما الفايروسات فلا.
- القدرة على التكاثر: لا تستطيع الفايروسات التكاثر بالاعتماد على نفسها، لأنها لا تمتلك الأعضاء والآلية اللازمة لنسخ حمضها النووي. تستطيع الفايروسات التكاثر فقط من خلال اختراق الخلية المُضيفة، ثم حقن حمضها النووي في تلك الخلية، والتي تقوم بدورها بعمل نُسخ من الحمض النووي للفايروس، وبالتالي إنتاج المزيد من نفس الفايروس.
- النمو: يُعتبر النمو خاصية أساسية من خصائص الكائنات الحية، والتي يتم فيها إنتاج واستخدام الطاقة من أجل أن ينمو جسم الكائن الحي ويزداد حجمه أو أن ينتقل من مرحلة إلى أخرى. الفايروسات لا تفعل أي من هذه الوظائف، أي أنها لا تنمو.
- التركيب المعقّد: والمقصود أن يتكون جسم الكائن الحي من أجزاء يُمكن تصنيفها كمستويات تركيبية متفاوتة. بالرغم من بساطة تركيب الفايروسات، إلّا أنها تُحقق هذا الشرط، لأنها تتكون من شريط حمض نووي وحوصلة بروتينية، بالإضافة إلى غلاف دهني في بعض الأنواع.
ما هي المُحيطات؟
كلمة المحيط أو المحيط العالمي تُشير إلى مُسطح المياه المالحة الكبير الذي يُغطي حوالي 70% من مساحة سطح كوكب الأرض. تم تقسيم المحيط العالمي (Global Ocean) إلى عدد من المناطق وإطلاق اسم مختلف على كل منطقة لأسباب تاريخية وجغرافية، إلا أن جميع هذه المناطق أو المُحيطات مُتصلة ببعضها وتُشكل بمجملها المحيط العالمي الواحد. هذه المحيطات هي:
- المحيط المتجمد الشمالي: يبلغ متوسط عمق المحيط المتجمد الشمالي حوالي 1038 مترًا، وتعتبر الكائنات الحية في هذا المحيط قليلة نسبيًا. أشهر الموانئ المُطلة على المحيط المتجمد الشمالي هما مدينتي مُرمانسك وأرتشانجل الروسيتين.
- المحيط الهندي: تزيد مساحة المحيط الهندي عن 73 مليون كيلومتر مربع ويُغطي حوالي 20% من مساحة كوكب الأرض. ويُعتبر حلقة وصل بين قارتي آسيا وأفريقيا. أما متوسط عمق المحيط الهندي فيبلغ حوالي 3890 مترًا.
- المحيط الأطلنطي: تزيد مساحة المحيط الأطلنطي عن 82 مليون كيلومتر مربع، ويبلغ متوسط عمقه قرابة 3332 مترًا.
- المحيط الهادي: تقدر مساحة المحيط الهادي بحوالي 180 مليون كيلومتر مربع، وفي حين يُقدر متوسط عمق المحيط الهادي بحوالي 4270 مترًا، إلّا أنه يحتوي على أعمق أو أخفض منطقة في كوكب الأرض، والتي تُعرف بخندق ماريانا (Mariana Trench) والتي تقع على عُمق 10911 مترًا تحت مُستوى سطح البحر.
يُشار إلى أنه بحسب الموقع الرسمي لمنظمة اليونيسكو، تحتوي المحيطات على حوالي 226 ألف فصيلة مُختلفة من الكائنات الحية التي تم اكتشافها، إلّا أن العلماء يعتقدون أنه لم يتم اكتشاف كُل ما تحتويه المُحيطات من أشكال الحياة. ويُقدر العلماء أن المحيطات تحتوي على 700 ألف فصيلة مختلفة من الكائنات الحية.
هل تحتوي المحيطات على الفايروسات؟
هذا صحيح، تحتوي المحيطات على الفايروسات بالفعل، وقد اكتشف العلماء أنًّ مياه المحيطات تحتوي على الفايروسات بكميات كبيرة جدًا، أكبر بكثير من الكمية التي كان يُعتقد أن المحيطات تحتويها من الفايروسات في السابق. ويُقدر العلماء أن المحيطات تحتوي على 200 ألف نوعٍ مُختلفٍ من الفايروسات، وأن كمية تُعادل ملعقة واحدة من مياه المحيطات تحتوي على ملايين الفايروسات.
وقد توصل الباحثون إلى حقيقة مفادها أن الفايروسات المتواجدة في المحيطات غير ضارة للإنسان في معظمها، أي أنها لا تُسبب الأمراض للإنسان، لكنها يُمكن أن تُسبب الأمراض للكائنات البحرية. كما أن الفايروسات التي تعيش في المحيطات، تلعب دورًا هامًا في الحفاظ على توازن النظام البيئي للمحيطات، وذلك لأن الفيروسات تُصيب وتقتل حوالي 20% من الكائنات الدقيقة والطحالب التي تعيش في المحيط، ثم تتحول هذه الكائنات بعد موتها نتيجةً للإصابة بالفايروس إلى غذاء بالنسبة لكائنات أخرى أكبر وأكثر ارتقاءً في السلسلة الغذائية، وهو أمر مهم للحفاظ على تنوع الحياة البحرية.
اقرأ/ي أيضًا: