تحقيق مسبار
يشك الكثيرون في أنّ اليابان لديها جيش، وذلك بسبب تراجع دورها العسكري إلى درجة أنّ البعض أضحى يشك في أنّ اليابان لديها جيشًا خاصًا بها. في المقابل ينظر الكثيرون إلى الجيش الياباني كأسطورة تاريخية ارتبطت صورتها بتلك الهجمات التوسعية التي دشنتها في الحرب العالمية الثانية لاحتلال كوريا والصين وأجزاء واسعة من القارة الآسيوية. ومنذ هزيمة الجيش الياباني في هذه الحرب وتعرّض اليابان للضربة النووية المدمرة، تراجع الدّور العسكري لبلاد الشمس المشرقة إلى درجة. فهل اليابان لديها جيش؟ تجيبك هذه المقالة عن السؤال، وتقدم لك معطيات وافية عن القدرات العسكرية اليابانية، وعن عتاد الجيش الياباني وعدته، وعن ميزانيته ومهامه.
هل من حق اليابان امتلاك جيش؟
كانت اليابان من الدول المنهزمة في الحرب العالمية الثانية بعد تعرضها للضربة النووية في هيروشيما ونغازاكي. وقد أدت هذه الهزيمة إلى تغيرات جذرية في العقيدة العسكرية اليابانية التي كانت عقيدة توسعية في إبان الحرب، لتصبح عقيدة عسكرية دفاعية بعد الحرب. وينص دستور اليابان ما بعد الحرب على عدم السماح بامتلاك قوات عسكرية هجومية، حيث تمتلك اليابان قوات للدفاع الذاتي. وتنص المادة 9 من الدستور على أن "الشعب الياباني يتخلى إلى الأبد عن الحرب كحق سيادي للأمة والتهديد بالقوة أو استخدامها كوسيلة لتسوية النزاعات الدولية".
كم هي نفقات اليابان العسكرية؟
على الرغم من أن جيش اليابان ليس هجوميًا وتتمثل وظيفته فقط فيما تسميه اليابان الدفاع الذاتي، إلا أن هذا الجيش يعتبر سادس جيش في العالم من حيث التمويل. وتخصص اليابان نسبة 1 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق على قوات الدفاع الذاتي، ويعادل هذا المبلغ أكثر من 60 مليار دولار سنويًا. وبلغ مجموع نفقات اليابان المتعلقة بالدفاع في السنة المالية 2018، بما في ذلك التكاليف المتعلقة بإعادة تنظيم القواعد العسكرية الأمريكية، ما مجموعه 5.2 تريليون ين ياباني، وهو ما يمثل أعلى مستوى له على الإطلاق. ويتم إنفاق ما يقرب من خمسي الميزانية على القوات البرية والباقي مقسم بين القوات البحرية والجوية.
ما هو عتاد وعدة قوات الدفاع الذاتي؟
يبلغ العدد الإجمالي لعناصر قوات الدفاع الذاتي اليابانية 319 ألف عنصر، بينهم 250 ألفًا من العناصر الناشطة، و55 ألفًا من جنود الاحتياط. بينما تمثل العناصر الشبه عسكرية حوالي 14 ألف عنصر. وبموجب عقيدتها العسكرية ما بعد الحرب العالمية فإن اليابان تُحرّم على نفسها امتلاك قدرات هجومية مثل الصواريخ الباليستية. لكنها بالمقابل تمتلك واحدًا من أقوى الأساطيل البحرية الرائدة في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية. ويمكن لقوات الدفاع الذاتي اليابانية تنشيط الدفاعات الصاروخية ضد أي هجمات صاروخية قادمة من كوريا الشمالية مثلا، لكنها لا تستطيع توجيه هجمات. وتنقسم قوات الدفاع الذاتي اليابانية إلى جوية وبرية وبحرية.
ما هي إمكانات القوات الجوية؟
تتكون القوات الجوية في المجمل من 1400 وحدة تتوزع كالتالي:
- 256 مقاتلة
- 17 وحدة هجومية
- 61 ناقلة جوية
- 427 طائرة تدريب
- 119 هيليكوبتر هجومية
- 162 وحدة خاصة
- 552 مروحية
ما هي أسلحة القوات البرية والبحرية؟
تمتلك القوات البرية في الجيش الياباني عتادا يتناسب مع مهامها الدفاعية ويتوزع كما يلي:
- 1004 دبابات
- 5500 عربة مدرعة
- 480 من وحدات المدفعية المسحوبة
- 99 منصة صاروخية
- 214 مدفع ذاتي السحب
وفيما يخص القوات البحرية فإن الجيش الياباني يمتلك واحدًا من أهم الأساطيل البحرية في العالم. وتمتلك القوات البحرية مؤهلات عسكرية كبيرة يبلغ مجمل وحداتها 155 وحدة، تتوزع كما يلي:
- حاملات طائرات الهليكوبتر: 4
- المدمرات: 37
- طرادات: 6
- الغواصات: 20
- سفن الدوريات: 6
- كاسحات الألغام: 21
هل تعتمد اليابان على قواتها فقط؟
تقع اليابان في موقع جغرافي جيواستراتيجي يهدد أمنها باستمرار، فهي قريبة من ثلاث قوى نووية كبرى هي الصين وروسيا وكوريا الشمالية. وتتعرض اليابان باستمرار لتهديدات كوريا الشمالية التي تجري تجارب صواريخها الباليستية غير بعيد عنها. وبحكم محدودية قواتها العسكرية فإن اليابان تعتمد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على الولايات المتحدة الأميركية في ضمان أمنها القومي. وتجمع اليابان والولايات المتحدة معاهدة تعاون أمني وعسكري منذ عقود، وتستضيف بموجبها اليابان آلافًا من عناصر الجيش الأميركي المستقرين في قواعد عسكرية أشهرها قاعدة أوكيناوا. وتنفق اليابان على هذه القواعد سنويا 2.3 مليارات دولار.
هل ينتشر عناصر الجيش الياباني خارج اليابان؟
إلى حدود 1992 لم يكن يُسمح لعناصر الجيش الياباني بالانتشار خارج البلاد. لكن بعد تعذر إرسالها قواتٍ للمشاركة في حرب الخليج الأولى التي شنتها الولايات المتحدة على العراق، أجرت اليابان تعديلًا تشريعيًا أقر إمكانية مشاركة قوات الدفاع الذاتي في عمليات حفظ السلام خارج اليابان. وبعد عقد كامل من الزمن طلبت الولايات المتحدة الأميركية من حلفائها نشر قواتهم في العراق، فأصدرت الحكومة اليابانية قانونًا خاصًا يسمح بنشر محدود لعناصر من الجيش الياباني. فتم إرسال ما يقرب من 1400 فرد من الجيش الياباني إلى العراق بين مارس 2003 وفبراير 2009 للمشاركة في أعمال إعادة الإعمار. ومنذ منتصف التسعينيات بدأ قوات الجيش الياباني تشارك في عمليات حفظ السلام تحت راية الأمم المتحدة في كمبوديا والموزمبيق وهايتي وسواحل الصومال وغيرها من بؤر التوتر.
هل اليابان لديها جيش؟
بناء على ما سبق يتبين أن اليابان لديها جيش على الرغم مما تنص عليه المادة التاسعة من الدستور بمنع النزعات الهجومية، واقتصاره على المهام الدفاعية. وعلى الرغم من محدودية ما يمتلكه جيش اليابان من عتاد، إلا أنه يعتبر من أكثر جيوش العالم احترافية، كما أن اليابان تشهد في السنوات الأخيرة تحولات سياسية تدفع باتجاه الخروج من استراتيجيتها الانعزالية والعودة إلى الساحات الدولية.
اقرأ/ي أيضًا:
هل تمتلك الجزائر السلاح النووي؟
