تحقيق مسبار
في ظل الحالة الوبائية التي يشهدها العالم مع انتشار فايروس كورونا (Covid-19) وغيره من الفايروسات. تنتشر الأسئلة حول كيفية التخلص من الفايروسات، ومن أكثر هذه الأسئلة: هل الغبار يقتل الفايروسات؟
ما هو الغبار؟ وما هي الفايروسات؟ وهل الغبار يقتل الفايروسات؟ يجيب المقال التالي على جميع الأسئلة السابقة.
ما هو الغبار؟
الغبار هو مجموعة من الجزيئات المجهرية التي توصف بكونها ثقيلة بالشكل الذي يسمح برؤيتها بالعين المجردة، وخفيفة بما يكفي ليقدر كل من الهواء والرياح على حملها.
كما ويُعرف الغبار بكونه جزيئات صغيرة جافة وصلبة، يتراوح قطرها من واحد إلى مئة ميكرومتر، وتستقر في الهواء بشكل بطيء تحت تأثير الجاذبية.
يسبح الغبار في الهواء نتيجة لقوى الطبيعة المتمثلة بالرياح والبراكين والأمواج، أو للحركات الناتجة عن الإنسان كعمليات التكسير والطحن والحفر والهدم والنقل والكنس وغيرها.
يمكن رؤية الغبار بوضوح حين يكون الجو عاصفًا ومُحمَّلًا بالرمال والأتربة، فالعواصف الترابية ما هي سوى مجموعة كبيرة من الغبار الذي يحمله الهواء من مكان لآخر وغالبًا ما تكون في المناطق الجافة والمفتوحة، وقد ينتج عنها تأثيرات قوية على البشر كصعوبة التنفس والرؤية، كما وقد تتسبب في حدوث عدد من الخسائر كالعاصفة الترابية التي حدثت في مدينة ميلبورن في أستراليا عام 1983 والتي تطلب استصلاحها وقت طويل وملايين من الأموال. وبالإضافة لما تتسبب به العواصف الترابية من خسائر، قد يكون لها بعض الفوائد منها خصوبة التربة وتغذيتها بعد ترسبها في رواسب فضفاضة فيها.
مما يتكون الغبار؟
يحدث الغبار ويتكوَّن في كل حركة يتحرك بها الهواء المحمل بالجزيئات الدقيقة التي تدعى الغبار، كالحركات التي تحدث عند فتح النوافذ أو الأبواب.
وتتعدد مصادر الغبار منها الجلود الميتة ووبر الحيوانات، الرمال وفضلات الحشرات والكائنات الحية، حتى من الطحين الذي يتواجد داخل مطبخ المنزل.
يحتوي الغبار على عدد كبير من الأشياء المحيطة والموجودة على سطح الأرض، وعلاوة على ما ذكر، فإنه يحتوي على حبوب اللقاح، البكتيريا، الدخان، رواسب الصخور، الشعر وخلايا جلد كل من الإنسان والحيوان، وحتى بلورات الملح الناتجة عن المحيطات.
ما هي الفايروسات؟
تعتبر الفايروسات أصغر الميكروبات، وأحد أكثر الكائنات الحية فرادة، وعلى الرغم من مدى صغرها فهي قادرة على التكاثر داخل الخلايا المضيفة للكائنات الحية الأخرى وصنع مزيد من الفايروسات.
مما يتكون الفايروس؟
يتكون الفايروس من النواة وهي عبارة عن حمض نووي إما (DNA) أو (RNA)، بالإضافة إلى القفيصة وهي القشرة البروتينية التي تحيط بالفايروس كغلافٍ واقٍ. وهناك بعض الفايروسات التي يحيط بها غلاف دهني يكسو القشرة البروتينية.
هل الغبار يقتل الفايروسات؟
بحسب تغريدة كتبها الدكتور خالد النمر استشاري وأستاذ أمراض القلب وقسطرة الشرايين والتصوير النووي والطبقي على حسابه الرسمي على موقع تويتر، فإنه علميًا الغبار لا يقتل الفيروسات وإن الالتهابات التنفسية الناتجة عن الفيروسات والبكتيريا تزداد أثناء وبعد موجات الغبار بشكل مباشر.
وبالإضافة لما سبق، كتب الدكتور فهد الخضيري أستاذ وعالم أبحاث في المسرطنات في تغريدة له على حسابه المُوثَّق على تويتر بعدم وجود أي دليل علمي يثبت قدرة الغبار على قتل الفايروسات، كما وأكَّد بأن كل ما يُقال على لسان كل من ابن خلدون و ابن القيم حول قدرة الغبار على قتل الفايروسات معلومات لا أساس لها من الصحة. وأكد على وجود دراسة تثبت أن الغبار ضار بالصحة، بالإضافة إلى أنّ الغبار قد ينقل الفايروسات والبكتيريا.
واستنادًا لدراسة علمية أجريت على خنازير غينيا، تبين قدرة الغبار على نقل وحمل الجسيمات الفايروسية بطريقة غير تنفسية من كائنٍ إلى آخر وإصابته بالعدوى دون مضيف حساس، أي دون التعرض المباشر لقطرات الفايروس.
وفي خضم الدراسة، وجد الباحثون أن خنازير غينيا غير المصابة تطلق طفرات تصل إلى 1000 جسيمًا محمولًا في الهواء في الثانية الواحدة أثناء تحركها حول القفص.
كما وأكد الباحثون أن خنازير غينيا المناعية الحاملة لفايروس الإنفلونزا على فِرائِها من الممكن أن تنقل الفايروس من خلال الهواء للخنازير غير المصابة والمنفصلة عنها، وهذا ما يوضح قدرة جزيئات الغبار أو الهواء المحمل بالفايروس على نقل عدوى الفايروس من كائن لآخر دون عدوى مباشرة من الجهاز التنفسي.
كما وقد قام فريق الباحثين بإجراء فحوصات حول إمكانية انتقال فايروس الإنفلونزا من ألياف مجهرية إلى جسم غير حي. حيث قاموا بوضع فايروس الإنفلونزا في أنسجة مناديل ورقية، وتركه ليجف، ومن ثم قاموا بتجعيد الأنسجة. تبين أن تجعيد الأنسجة يُطلق 900 جسيمًا في الثانية في نطاق الاستنشاق، وهذا ما يوضح قدرة الجسيمات الناتجة عن الأنسجة الورقية المصابة بفايروس الإنفلونزا على الانتقال وإصابة الخلايا، بالإضافة إلى قدرة فايروس الإنفلونزا المجفف على البقاء حيًا في البيئة على مواد كالأنسجة الورقية وأجسام الحيوانات مسببة العدوى بعد انتقالها عبر جزيئات الغبار.
وعلاوة على ذلك، وضح البروفيسور ويليام ريستينبارت من قسم الهندسة الكيميائية في جامعة كاليفورنيا والمشارك في الدراسة حالة التخوف من الغبار الذي قد يحمل فايروس قائلًا: "إنّه أمر صادم فعلًا لجميع علماء الأوبئة والفايروسات أنّ الغبار المحمول في الجو -بدلًا من رذاذ التنفّس- يمكن أن يحمل فايروس الإنفلونزا القادر على إصابة الحيوانات."
في النهاية، يمكن القول أن الغبار لا يقتل الفيروسات بل يحملها من مكان لآخر.
أضرار الغبار
بعد أن تم التعرف على الضرر الكبير الذي يسببه الغبار في نقل الفيروسات وانتشارها، فيما يلي مجموعة لأهم الأضرار الأخرى الناتجة عن الغبار:
قد يمتص الجلد الغبار، ويحدث أن يتسبب بمخاطر الإصابة بأمراض جلدية خطيرة كسرطان الجلد والتهاب الجلد وحساسيته.
يتسبب استنشاق الغبار الملوث لمدة طويلة وترسبه في الجسم في حدوث مشكلات في الجهاز التنفسي والتي قد تظهر على المدى الطويل، كالربو وسرطان الرئة والتهاب الرئة الذي يعرف بكونه رد الفعل التحسسي للأنسجة الناتج عن تراكم الغبار في الرئة.
بحسب دراسة أجريت على سكان من منطقتين مختلفتين في منغوليا، الأولى صحراوية وأخرى حضرية لفحص مدى تأثير العواصف الترابية على العين والجهاز التنفسي، تبين بعد إجراء فحص للعينات المأخوذة من عيون السكان المصابة بالاحتقان والسعال بعد التعرض المباشر للعاصفة أن الأشخاص الذين يقطنون المنطقة الصحراوية أكثر تأثرًا بالاحتقان والسعال عن الذين يسكنون المنطقة الحضرية، وأن العواصف الرملية سببًا في حدوث تمزق في العين.
اقرأ/ي أيضًا:
هل تحتوي المحيطات على الفيروسات؟