تحقيق مسبار
يعتبر إدمان الإباحية من أكثر أنواع الإدمان شيوعًا، ويشير مُصطلح الإدمان إلى عدم قدرةِ الشخص على التوقف عن تعاطي بعض المواد أو ممارسة بعض الأفعال، وتعتمدُ خطورة الإدمان على ما تم الإدمان عليه مثل المخدرات والكحول وإدمان المواقع الإباحية.
يتناول المقال التالي أسباب إدمان المواد الإباحية، ويوضح أيضًا الطرق المتبعة في التخلص من إدمان المواقع الإباحية، بالإضافة إلى استعراض الأعراض الإنسحابية من إدمان المواقع الإباحية.
أسباب إدمان الإباحية
يعد إدمان المواقع الإباحية أحد أنواعِ الإدمان السلوكي، وهو سلوكٌ قهريٌ نابعٌ من رغبة ملحة يصعبُ السيطرة عليها، يقوم المدمن لا إراديًا بتكييف سلوكياته من أجل تحقيق هذه الرغبات، فيما يُعرف باسم "التكييف الفعّال"، يصبح هذا التكييف الفعال خطيرًا عندما يكون بديلًا عن الطريقة الطبيعية لإشباع الرغبة، وهناك العديد من العوامل التي تدفع الشخص لمشاهدة الإباحية والإدمان عليها، منها:
- عوامل بيولوجية، هناك بعض العوامل الوراثية التي قد تكون سببًا في إدمان المواقع الإباحية، مثل عدم الانتظام العاطفي، كما ويمكن أن تؤثر المستويات المرتفعة للهرمونات كهرموني التستوستيرون أو الإستروجين على السلوك الجنسي للشخص، فإذا كان الشخص اندفاعيًا في ظل هذه العوامل، فإنه أكثر عرضةً لإدمان الإباحية.
- عوامل نفسية، هناك عوامل نفسية تؤدي إلى إدمان المواقع الإباحية، مثل تجارب قديمة يمر بها الشخص أدت به إلى اتباع سلوكياتٍ نفسية معينة، مثل القلق، الاكتئاب، التقلبات المزاجية وعدم القدرة على كبح الاندفاع، بالإضافة إلى الشعور بالرهبة من عدم تحقيق الأداء الجنسي المرضي، مما يدفعه لمشاهدةِ الأفلام الإباحية ومن ثم إدمانها.
- عوامل اجتماعية، إنّ الرفض الاجتماعي من أهم الأسباب التي تدفع شخصًا ما للانسحاب منه، واللجوء نحو العزلة الاجتماعية التي تعد من أهم عوامل الإدمان عمومًا، كما وتُعد سببًا في الإصابة ببعض الأمراض النفسية والعقلية التي قد تؤدي بدورها إلى إدمانِ الإباحية.
والإنسان بطبيعته يتأثر بمحيطه، فإذا كان الشخص يرى من حوله يشاهدون المحتوى الإباحي عبر الإنترنت، فإنه قد يفعل مثلهم أيضًا.
كيف أتخلص من إدمان المواقع الإباحية؟
يعد إدمان المواقع الإباحية اضطرابًا مرضيًا يمكن التخلص منه، وهناك الكثير من الأساليبِ التي يمكن اتباعُها من أجل التخلص من إدمانِ المواقع الإباحية، تتنوع هذه الأساليب والعلاجات بحسب درجة إدمان الشخص وشكل الآثار التي ترتبت على إدمانه للمحتوى الإباحي عبر الإنترنت، ومن أهم طرق التخلص من إدمان المواقع الإباحية:
- العلاج النفسي الفردي أو الجماعي: من أكثر الأساليب فعالية في علاج الإدمان السلوكي، هو اتباعِ جدول علاجي مع أخصائي صحة عقلية، ويكون ذلك إما فرديًا بحيث يكون المدمن لوحده مع الطبيب أو بشكلٍ جماعي، بحيث يكون هناك مجموعة من الأشخاص يتشاركون تجاربهم فيما بينهم بوجود أخصائي صحةٍ عقلية مؤهل.
- العلاج النفسي المبني على المعرفة: يعتمدُ هذا النوع من العلاجات على فكرة أنَّ عواطف الشخص ومشاعره وسلوكياته مرتبطة ببعضها البعض، ويكون العلاج من خلالِ توظيف هذه العلاقة من أجل إتباع أساليب سلوكية تؤدي إلى عكس السلوك المنوي التخلص منه وهو إدمانِ الإباحية.
- اللقاءات التحفيزية: هو نهجٌ علاجيٌ طويل الأمد، يُحدِث تصادميةً أقل بين الشخص ومرضه، ويعتمد على نيةِ الشخص المدمن الحقيقية في التخلصِ من إدمانه، ويمكن أن يكون لهذا النوع من العلاجات أثرًا فعالًا وطويل المدى أيضًا.
- العلاج النفسي الديناميكي: يبحث هذا النوع من العلاجات في الأسباب التاريخية لحياةِ المريض التي دفعته للجوء إلى المحتوى الإباحي، كما ويستكشف حياة طفولة الفرد وما خلقته من أنماطٍ سلوكية للفرد، ويركز أيضًا على حياة المريض الحاضرة من أجلِ إيجاد الحلول لإدمانه.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مجموعة من العلاجات النفسيةِ الأخرى المرتبطة بالأمور الدينية. كما ويُعد العلاج النفسي للمتزوجين الذين يعانون من إدمان المواقع الإباحية بمشاركة زوجاتهم فعالًا.
تركز العلاجات النفسية على معرفة السلوكيات التي أدَّت إلى إدمان الإباحية بالإضافة إلى السلوكيات التي يتبعها المدمن كنتيجةً لإدمانه على الإباحية، ويبقى عزم المدمن على التخلص من إدمانه هو العامل الأهم في علاج المشكلة.
علاج إدمان الأفلام الإباحية
على الرغم من أن إدمان المواد الإباحية أصبح أحد أنواع الإدمان المتعارف عليها، إلا أنه لم يتم تحديد أدوات قياسٍ علمية لهذا الإدمان، وبالتالي لا يمكن تحديد ما إذا كان الشخص مدمنًا للأفلام الإباحية بفحوصاتٍ سريرية أو تقييماتِ الأطباء، ولم تقم إدارة الدواء الأمريكية بالموافقةِ على عقاقير أو علاجاتٍ طبية لعلاج إدمان الإباحية، وبالرغم من أن العديد من الأدوية التي يتم العمل عليها أظهرت نتائج مبشرةٍ في الحد من الأعراض الناجمة عن إدمان الإباحية، إلا أنه لم يتم الموافقةُ عليها بسبب حالة النقص في التجارب العشوائية الخاضعةِ للرقابة.
يلجأ الأطباء عمومًا إلى علاج الاضطرابات النفسية والعقلية المُرافقة لإدمان المواد الإباحية، مثل علاجِ القلق والاكتئاب، وهما أكثر هذه الأمراض مرافقةً لإدمان المواقع الإباحية، ومن الأدوية المستخدمة مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية أو "مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية" وهي أدوية تعمل على تخفيض الرغبة الجنسية الشديدة الناتجة عن إدمان المواقع الإباحية.
وهناك بدائل متاحة يتبعها الأطباء حال لم يكن هناك استجابةً من المريض لهذه الأدوية، مثل:
- دواء النالتريكسون (Naltrexone)، وهو علاجٌ يستخدم للتخفيف من أعراض الانسحاب من إدمان المواد الكحولية والأفيون، وقد أظهر الدواء نتائج إيجابية في خفض الإكراه الجنسي.
- مضادات الأندروجين، يعملُ هذا الدواء على كبح الرغبة الجنسية الشديدة من خلال تقليل مستوى الهرمونات في الجسم، وبالرغم من ذلك تم الكشف عن آثار ٍجانبية لهذا الدواء، كما أنه لم يحقق الاستدامة، حيث إن مستويات الهرمونات تعود لطبيعتها بعد فترة معينة.
يعني هذا أنه لا يوجد أدوية لمعالجة إدمان المواد الإباحية عبر الإنترنت، وأنَّ العلاجات المتبعة هي للحد من آثاره أو من الرغبات التي بُنيت عليه، يبقى خيار العلاج النفسي أكثر فعالية من العلاجات الطبية لما حققته من نتائج، ولارتباطها المباشر بمشكلةِ الإدمان إضافةً إلى آثارها الجانبية، أي أنَّ العلاجات النفسية في مجملها تعالج مشكلة الإدمان للمريض بشكلٍ أساسي.
أعراض الانسحاب من إدمان الإباحية
يبقى إدمان الإباحية خطرًا على الفرد، ولا يمكن التخلص من إدمان المواقع الإباحية من دون وجود رغبةٍ قوية، وعند البدء في مرحلة الانسحاب من إدمان الإباحية، ستظهر على الشخص العديد من الأعراض الجانبية، نظرًا لما يجلبه الإدمان من تبعات نفسية وعاطفية أيضًا. تاليًا أهم الأعراض الإنسحابية من إدمان الإباحية:
- يلجأ الشخص إلى مشاهدة الإباحية من أجلِ التخلص من بعض ضغوطاتِ الحياة، وقد يرافق الانسحاب شعورًا بالقلق وتقلبات المزاج والاكتئاب الحاد.
- يُعتبر الأرقُ من أهم أعراض الانسحاب، قد يُفرط المريض بالتفكير بالإباحية في أيام الانسحابِ الأولى.
- قد يلازمُ الانسحاب من الإباحية شعورًا شديدًا بالوحدة، خصوصًا إذا ما كان إدمانها في الأصل كان من أجل التخلصِ من هذا الشعور أو تعويضه.
- بسبب الأعراض الجانبية للانسحاب من الإباحية، قد يتجهُ الشخص نحو إدمانٍ آخر من أجل التخلص من الأعراض مثل شُرب الكحول أو تعاطي المخدرات.
- على الرغم من أن التخلص من إدمانِ الإباحية يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيزِ الرغبة الجنسية، إلا أنَّ الانسحابَ منه قد يؤدي إلى فقدان هذه الرغبة، خصوصًا في الفترة الأولى.
على عكس إدمان الكحول والمخدرات، لا يجلب الانسحاب من إدمان الإباحية مخاطرَ صحية وجسدية على المريض، وليس بالضرورة أن تظهر هذه الأعراض عند الانسحاب من إدمان الإباحية، ولكن، وكما هو الحال مع أي إدمان، فإن طريق التعافي صعب ومليء الانتكاسات، يجب على المريضِ أن يتذكر دائمًا بأن الإدمان على الإباحية أمرٌ خطير يجب التخلص منه، وأن أعراض الانسحاب من هذا الإدمان مؤقتةٌ لن تدومَ لفترة طويلة.
اقرأ/ي أيضًا:
