تحقيق مسبار
يتساءل الكثيرون إذا ما كانت القهوة العربية تزيد الوزن، إذ تُعد القهوة العربية من المشروبات الرائجة ذات الشعبية العالية في العديد من الدول العربية، مثل دول الخليج والأردن وغيرها، مما يُثير الاهتمام حول القهوة العربية وقيمتها الغذائية، وتأثير تناولها على الصحة عمومًا وعلى الوزن بشكلٍ خاص. فما هي القهوة العربية؟ وما هو أهم ما يُميزها عن أنواع القهوة الأخرى؟ وهل القهوة العربية تزيد الوزن؟ إجابات هذه الأسئلة وغيرها حول القهوة العربية في فقرات هذا المقال.
ما هي القهوة العربية؟
القهوة نبات استوائي ينمو في صورة شجيرات أو أشجار قصيرة نسبيًا، يُمكن أن يصل طولها على أقصى تقدير إلى حوالي تسعة أمتار. تتميز نبتة القهوة بأوراق خضراء لامعة، وثِمار صغيرة تُشبه الكرز، بداخل الثمار تتواجد البذور أو حبوب القهوة التي تكون خضراء اللون في الطبيعة. بالنسبة لعلم النبات، هُناك العشرات من الفصائل المختلفة من نبات القهوة، إلاّ أنه وبشكلٍ رئيسي هُناك فصيلتين من نبات القهوة يتم زراعتهما حول العالم لإنتاج حبوب القهوة بكميات تجارية، وهما فصيلة كوفيا كانيفورا (Coffea canephora) وفصيلة القهوة العربية أو كوفيا أرابيكا (Coffea Arabica).
الموطن الأصلي لفصيلة القهوة العربية هو أثيوبيا، إلاّ أنها أصبحت تُزرع في الكثير من دول العالم التي تتمتع بظروف بيئية ومناخية مناسبة لزراعة القهوة، وذلك بسبب قيمتها التجارية، إذ تشكل فصيلة القهوة العربية أكثر من نصف ما يتم زراعته من نبات القهوة، كما أن أرباح زراعتها أعلى، وذلك لأن حبوب القهوة العربية أغلى سِعرًا مُقارنةً بفصيلة كانيفورا.
هُناك عددٌ من الخصائص المميزة لفصيلة القهوة العربية، من بينها أنها تحتاج لظروف خاصة من أجل زراعتها تختلف عن فصيلة الكانيفورا، حتى أن بعض هذه المواصفات الخاصة يُعتبر ضمن أسباب جودتها العالية وسعرها المرتفع. الجدول التالي يُوضح أهم الفروقات بين الفصيلتين:
القهوة العربية | قهوة الكانيفورا |
درجة الحرارة المثالية للنمو من 15 إلى 24 درجة مئوية. | درجة الحرارة المثالية للنمو بين 24 و 30 درجة مئوية. |
تحتاج إلى الرّي أو المطر بكمية أقل. | تحتاج إلى الري أو المطر بكمية كبيرة. |
يجب زراعتها في أماكن مرتفعة، الارتفاع المثالي من 600 إلى 1830 مترًا عن سطح البحر. | يُمكن زراعتها في أماكن منخفضة، الارتفاع المثالي بين مستوى سطح البحر و600 مترًا عن سطح البحر. |
أقل مقاومة للأمراض والظروف الجوية غير الملائمة، مما يجعل زراعتها تتطلب عناية خاصة وأكثر تكلفة. | تُعتبر أقوى من حيث مقاومة الأمراض والظروف الجوية، ولذا هي أرخص ثمنًا. |
تتميز بجودة أعلى وسعر أعلى ومحتوىً أقل من الكافيين. | تُعتبر أقل جودة وأرخص ثمنًا وتحتوي على الكافيين بكميات أكبر. |
أمّا من الناحية الثقافية والشعبية، تُشير كلمة القهوة العربية إلى مشروب القهوة إذا ما تمّ إعداده بطريقة مُعينة، تختلف عن طريقة إعداد غيره من أنواع القهوة كالقهوة الأمريكية والتركية مثلًا. تتعدد الفروقات بين القهوة العربية وغيرها من مشروبات القهوة لتشمل درجة تحميص حبات البُن واللون والرائحة والنكهة.
وللقهوة العربية مكانة خاصة في ثقافة وعادات عدد من الشعوب العربية، لكن يُمكن القول أنها أكثر شعبيةً وانتشارًا في دول الخليج العربي. كما ترتبط القهوة العربية بعددٍ من العادات والتقاليد الخاصة بإعدادها وتقديمها للضيوف وتُعتبر رمزًا للكرم والضيافة. وقد تم توثيق هذا الأمر بالفعل في عام 2015، وذلك عندما تم إضافة القهوة العربية إلى قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، وقد تم تسجيل القهوة العربية في هذه القائمة تحت عُنوان "القهوة العربية، رمزٌ لكرم" لصالح كُلٍ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان ودولة قطر.
كيف يتم إعداد القهوة العربية؟
تختلف طريقة إعداد القهوة من مكانٍ إلى آخر اختلافاتٍ قد تبدو بسيطة إلا أنها تُؤثر إلى حدٍ ما على لون ورائحة ونكهة القهوة. على سبيل المثال درجة تحميص البن، أو الإضافات التي تدخل في إعداد القهوة العربية. فيما يلي وصفة مُقترحة لإعداد القهوة العربية:
- يتم تحميص حبات البُن الخضراء بشكل بسيط، إلى أن تتحول إلى اللون البُني الفاتح، ثُم طحنها.
- تُوضع كمية المرغوبة من الماء على النار لتغلي.
- عند الغليان، تُضاف القهوة المطحونة، وتترك لتغلي على نار مُنخفضة لبضعة دقائق.
- بعد ذلك يتم إضافة الهيل المطحون وتُترك القهوة لتغلي لدقيقة أو اثنتين.
- تُرفع القهوة عن النار وتُقدم ساخنة، كما يُمكن إضافة الزعفران حسب الرغبة بعد رفعها عن النار.
هل القهوة العربية تزيد الوزن؟
يُمكن الوصول إلى إجابة دقيقة لسؤال هل القهوة العربية تزيد الوزن إذا ما تم أخذ مجموعة من الحقائق في الاعتبار:
أولًا، مشروبات القهوة بشكلٍ عام ومنها القهوة العربية تحتوي على مقدارٍ ضئيلٍ جدًا من السُعرات الحرارية، حوالي 2 سُعر حراري لكل 100 مليلتر. هذا بالطبع إذا تم تناول القهوة دون إضافة السُكر أو الحليب أو أي إضافات أخرى.
ثانيًا، تم إجراء دراسة في جامعة الملك سعود تحمل عنوان "التأثير المُشترك للقهوة العربية والهيل والقرنفل على السمنة المرتبطة بمقاومة الإنسولين في الأنظمة الغذائية مُرتفعة الدهون"، وقد أظهرت نتائج هذه الدراسة، أن القهوة العربية مُضافًا إليها الهيل والقرنفل، لديها قدرة كبيرة على تقليل مُستوى الدهون في الدم، أي الكوليسترول والدهون الثلاثية.
ثالثًا، تم إجراء دراسة أخرى بهدف معرفة إذا كان هُناك أفضلية لأحد فصيلتي القهوة الرئيسيتين، أي كوفيا أرابيكا وكوفيا كانيفورا، فيما يخص المُساعدة على خسارة الوزن والسيطرة على مقاومة الإنسولين، وقد توصل القائمون على هذه الدراسة إلى نتيجة مفادها، أن كِلا الفصيلتين لهما القدرة على مُقاومة زيادة الوزن وتقليل مُقاومة الإنسولين.
مما سبق يُمكن القول أن الإجابة هي لا، القهوة العربية لا تزيد الوزن، وفي الحقيقة يُمكن للقهوة العربية أن تُساعد على خسارة الوزن كما تُظهر الدراسات المذكورة أعلاه.
لماذا قد يظن البعض أن القهوة العربية تزيد الوزن؟
كما اتضح من الفقرة السابقة من هذا المقال، القهوة العربية بحد ذاتها لا تزيد الوزن، إلاّ أن القهوة العربية قد تكون مُرتبطة بزيادة الوزن بالفعل، وهو الأمر الذي تُشير إليه دراسة تم إجراؤها في جامعة طيبة في المملكة العربية السعودية، كنتيجة لأحد أمرين مُرتبطين بتناول القهوة العربية، الأمر الأول هو الإضافات التي توضع على القهوة، حيث أشار عدد من السيدات المُشاركات في الدراسة إلى إضافة السكر أو الحليب للقهوة العربية. أمّا الأمر الثاني هو أن القهوة العربية عادةً ما يتم تناولها مع التمور، أو أنواع مُختلفة من الحلويات. وفي فقرة النتائج من هذه الدراسة، تَرِد الجملة التالية "ربما كان تناول القهوة العربية عاملًا مُشجعًا على عادات غذائية غير صحية لدى السيدات المُشاركات في الدراسة".
اقرأ/ي أيضًا: