تحقيق مسبار
في غمرة التلوث البيئي الذي يشهده العالم، يصبح السؤال عن كون الحفاظ على البيئة أمر مهم وضروري أم لا متداولًا، وعن كيفية الالتفات للمنظومة البيئية من أجل الحفاظ عليها من الهلاك.
هذا المقال يتحدث عن البيئة بشكل خاص، ما هي البيئة؟ وما عناصرها؟ كما ويجيب على سؤال: هل الحفاظ على البيئة أمر مهم وضروري؟ بالإضافة إلى توضيح الكيفية التي يمكن من خلالها الحفاظ على البيئة.
البيئة
تتعدد التعريفات التي توضح معنى البيئة اصطلاحًا، فمنها ما يُعرِّف البيئة بكونها كل الظروف المحيطة التي تؤثر بالكائن الحي. ومن الممكن القول بأن البيئة هي مجمل العوامل الفيزيائية والبيولوجية والكيميائية التي تحيط بالمضيف البشري والتي تؤثر إحداها أو جميعها على الحالة الصحية الخاصة به.
عناصر البيئة
تتفاعل العناصر المكونة للبيئة لينتج عنها نظامًا متأثرًا ببعضه البعض سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي. إذ تنقسم عناصر البيئة لما يلي:
- العناصر الفيزيائية: وهي ما تحويه البيئة من فضاء وتضاريس وتربة وصخور ومسطحات مائية وغيرها من العوامل الفيزيائية البيئية.
- العناصر البيولوجية: يتمثل العنصر البيولوجي للبيئة بكل ما فيها من نبات وحيوان وإنسان وكائنات دقيقة.
- العناصر الثقافية: وهو العنصر الذي يؤثر على الإنسان اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا.
التلوث البيئي
بعدما تم التعرف على مفهوم البيئة وعناصرها؛ أصبح من الضروري معرفة ماهية التلوث الذي تتعرض له البيئة. التلوث البيئي هو كل تغيير يطرأ على عناصر البيئة الفيزيائية والبيولوجية للأرض والغلاف الجوي مُخلفًا وراءه أثرًا سلبيًا. ويعد التلوث البيئي أحد أكبر التحديات العالمية ويحدث في البلدان المتحضرة والنامية على حد سواء، فلكل بلدٍ طريقتها الخاصة في إصابة البيئة بالتلوث، كما وتسمى كل مسببات التلوث بالمُلوِّثات.
أسباب التلوث البيئي
تتعدد أسباب التلوث الذي تتعرض له البيئة، وأهمها:
- يعتبر الإنسان أحد أهم أسباب حدوث التلوث البيئي. فإن تزايد عدد السكان، يزيد من نشاط الإنسان في البيئة المحيطة وبالتالي زيادة محاولاته في استنزافها. إذ يسيء الإنسان التعامل مع الموارد البيئية، كما ولا يستطيع التخلص من نفاياته بشكل سليم. بالإضافة إلى التطور التكنولوجي والصناعي الذي يدخله الإنسان على البيئة من تعدين واستكشاف وتصنيع، والذي جعل منها مكانًا للاستهلاك ومرفأً للنفايات.
- يعد التسرب النفطي في المناطق المُنتِجة للنفط أحد أخطر الملوثات البيئية، والذي يتسبب بتدهور الصحة البيئية بشكل كبير لا يمكن تجاهله خاصة تلوث التربة، تمامًا كما يحدث من تسريبات نفطية في دلتا النيجر والذي نتج عنه تلوث كبير في التربة.
النفايات الصناعية، وهي مجمل المخلفات التي تنتجها الأنشطة الصناعية، وتتسبب بشكل كبير في إضرار البيئة كتسرب الكائنات الحية إلى المياه والتربة وتلويثها وبالتالي إحداث الضرر فيها.
آثار التلوث البيئي
عندما يتم التعامل مع البيئة سلبًا، سينتج عن ذلك عدد من الآثار التي قد تهدد البيئة وما فيها. وإن أهم آثار التلوث البيئي ما يلي:
- يؤثر التلوث البيئي على الإنسان بشكل مباشر ويهدد حياته بالخطر، فمن الممكن أن يصيب التلوث البيئي الإنسان بمخاطر الإصابة بالأمراض الخطيرة وأحيانًا الموت، وذلك لكون الإنسان عنصرًا مهمًا وفعالًا في البيئة التي يعيش فيها، وكيفما يؤثر عليها يتأثر هو في المقابل.
- يؤثر التسرب النفطي على الزراعة ويُعطِّل من نمو النباتات نتيجةً لتعرضها للاختناق والتلوث وإعاقة وصول الماء إليها. بالإضافة إلى جعل بعض النباتات سامةً وضارةً نتيجة تأثيره على أجنَّة البذور، والذي قد يتسبب في إصابة النبات بالضرر أو موته في النهاية.
- يهدد التلوث البيئي التنوع البيولوجي للكائنات الحية، فهناك كائنات تحتاج بيئات معينة لتتناسب معها ومع إبقاء وجودها، وقد يتسبب التلوث البيئي في القضاء على بعضها وتعرضها للخطر، وعلى سبيل المثال: الكمثرى الإفريقية التي تتعرض للانقراض بسبب التسرب النفطي في دلتا النيجر، بالإضافة إلى انخفاض أعداد البرمائيات في حديقة يوسمايت الوطنية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية نتيجة تعرضها للملوثات الكيميائية من مبيدات آفات وأعشاب وأسمدة قادمة عبر الرياح من مناطق زراعية على بعد مسافات طويلة.
- يتسبب تلوث البيئة، وخاصةً تلوث الهواء، في تعرض طبقة الأوزون الموجودة في الستراتوسفير من الغلاف الجوي للاستنفاد، نتيجة أفعالٍ عدة كحرق الوقود والنفايات والدخان الناجم عن محطات توليد الطاقة، بالإضافة إلى حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري التي تزيد من درجة حرارة الأرض.
هل الحفاظ على البيئة مهم وضروري؟
بعد التعرف على آثار عدم الحفاظ على البيئة وتعريضها للتلوث البيئي، أصبحت الإجابة على سؤال هل يمكن الحفاظ على البيئة أمرٌ مهمٌ وضروريٌ واضحة وجلية ألا وهي نعم.
إن الحفاظ على البيئة أمر مهمٌ بالفعل لأن الآثار التي تنجم عن عدم الحفاظ عليها خطيرة وقد تهدد حياة الإنسان والكائنات الحية الأخرى والبيئة بالمجمل، وإنه لمن الضروري حماية الكائن البشري الذي وُجد لينعم بخيرات البيئة كونه العنصر الفاعل والأساسي في نشأتها وتطورها، تمامًا كما هو العنصر الأساسي في تعريضها للخطر. وعلى ذلك يجب التعامل مع البيئة بالكيفية التي تحفظها من مخاطر التلوث والتهلكة.
كيفية الحفاظ على البيئة
تتعدد طرق الحفاظ على البيئة كيفما تتعدد أسباب إصابتها بالتلوث، وتبقى هناك أساليب الحفاظ على البيئة واضحة يمكن من خلال اتباعها الحصول على بيئة نظيفة، وأساليب أخرى تعمل عليها منظمات ودول للحد من التفاقمات الخطيرة للتلوث البيئي.
ويمكن الحفاظ على البيئة من خلال ما يأتي:
- المحافظة على المياه، واستخدامها بالطريقة الصحيحة دون إسراف ودون تعريضها للملوِّثات الكيميائية عند الاستخدام. وفي حال قل سريان ماء الصرف المتجه للمحيطات والبحار، سيقل التلوث الذي تتعرض له المسطحات المائية.
- تتمثل زراعة الأشجار والنباتات في تقليل التلوث الهوائي، من خلال تنقية الهواء من الشوائب وتساعد في توازن الحالة المناخية، بالإضافة لما تقدمه النباتات من أكسجين في الجو لعدد من الكائنات الحية الموجودة في البيئة.
- تعتبر المعالجة النباتية للملوثات أحد طرق الحفاظ على البيئة، تتميز بكونها طريقة تكنولوجية فعالة وغير مكلفة، وصديقة للبيئة. وتعد النباتات ضمن العناصر المعالِجة للبيئة، فهي تتخلص من السموم والملوثات الموجودة في التربة كاستخراج وامتصاص المعادن الملوثة وغير النشطة من التربة، بالإضافة إلى الماء الملوث الموجود في التربة.
- المعالجة الحيوية للملوثات البيئية، من خلال معالجة الملوثات البيئية بيولوجيًا، وهي إحدى الطرق الفعالة والصديقة للبيئة وتعتمد على توظيف الكائنات الحية وتحييدها لإزالة التلوث من النفايات وتحويلها من سمية إلى أقل سمية، كاستخدام البكتيريا والفطريات لإزالة المواد السامة من البيئات الملوثة.
اقرأ/ي أيضًا: