تحقيق مسبار
حوريات البحر أو بنات البحر كما يُطلق عليهن أحيانًا؛ عبارة عن كائناتٍ بحريةٍ تجمع بين صفات البشر والأسماك؛ إذ تمتلك جسمًا بشريًا في القسم العلوي يتصل بجسم سمكة في الجزء السفلي، لكن هل هناك وجود لحوريات البحر، أم إنّها مجرد مخلوقاتٍ أسطوريةٍ خياليةٍ موجودة فقط في خيال الشعراء والكتاب، الذين يصوّرون حورية البحر دائمًا بإمرأةٍ جميلةٍ من الأعلى؛ بالرغم من أن المخلوق يجب أن يكونًا مخيفًا من الناحية المنطقية، هذا ما سنتحدث عنه بالتفصيل في هذا المقال لتحديد حقيقة وجودها من ناحيةٍ علميةٍ.
هل هناك وجود لحوريات البحر؟
الحقيقة أن حوريات البحر موجودة فقط في الأساطير القديمة والملاحم الشعرية، وبعض الأفلام الوثائقية التي تتحدث عنها وكأنها موجودة بالفعل، لكنّها غير موجودة أبدًا بشكلٍ علميٍّ دقيق، ما يجعلنا نتساءل حول سبب انتشار الخرافات عن حوريات البحر، وهل هي مخلوقات وهمية، أم أنّ لها وجود؛ بالرغم من اعتقادنا المُطلق بعدم وجودها، لكن سؤالنا يبقى عن سبب هذه الأسطورة.
يعود السبب في نشأة هذه أسطورة حوريات البحر إلى النظرية العلمية التي تقول؛ أن الحياة نشأت في البحر وبدأ بالتطوّر هناك، وهذه النظرية هي إحدى فروع نظرية التطوّر؛ لذلك قد تكون حوريات البحر أصل التطوّر البشري، لكن الحقيقة أن هذه النظرية غير مؤكدة علميًا؛ لذلك فهي إحدى أسباب بدء الخرافة.
ما هي أهم الحقائق عن حوريات البحر؟
يُعتقد أن البحارة كانوا يبحرون لمدة أشهرٍ طويلةٍ في البحر؛ فيشعرون بالهذيان ويُخيل لهم أن خراف البحر هي حورياتٍ جميلةٍ على هيئة نساء؛ بسبب امتلاكها لذيلٍ يشبه جسم الحورية المتعارف عليه، والسبب الآخر هو عدم رؤيتهم للنساء منذ فترة؛ فأصبحوا يتخيلون النساء في كل شيء أمامهم.
تعيش حوريات البحر وفقًا للأساطير في البحار والمحيطات مع وجود بعض القصص عن وجودها في البحيرات الصغيرة والأنهار، كما أن بعض الروايات تقول أنّ حوريات البحر موجودة في مدينة اتلانتس، وهي جزيرة خيالية أيضًا غرقت بالكامل في الماء. هنا سنُقدم بعض الحقائق عن الحوريات؛ رغم معرفتنا الأكيدة عن كون حورية البحر حقيقة أم خيال.
تأكيد مشاهدة حوريات البحر
لم يتعدّى وجود حوريات البحر على الشعراء والمؤلفين فقط، بل أن بعض البحارة القدامى أبلغوا عن مشاهدة حوريات البحر، لكن الحقيقة أن مشاهداتهم هذه تحمل أن تكون حقيقية أو أن تكون مجرد أوهام، ومن أهم البحارة الذين تحدثوا عن مشاهدتها:
- كريستوفر كولومبس: أول من تحدّث عن رؤيته حورية البحر؛ رغم نفيّه لجمالها كما تقول الروايات الأسطورية، بل وصفها بوجهٍ كرويٍّ، وجسمٍ يشبه السمكة، وهذا مؤشر على أن ما رآه فعلًا هو خراف البحر.
- جون سميث: ذكر أنه شاهد حورية البحر، لكنه أيضًا نفى أن تكون جميلة، ولا يمكن اعتبار قصته حقيقية أو أنها مجرد خيال كاتب.
- إدوارد تيك: وهو قرصان إنجليزي، قام بالإبحار إلى جزر الهند الغربية، وقد أصدر أوامره بالابتعاد عن بعض المناطق المأهولة بالحوريات.
الاختلاف بين صفارات الانذار وحوريات البحر
تُعتبر صفارات الانذار الترجمة لكلمة حوريات البحر في العديد من اللغات، لكنها تعني وفق الأساطير كائناتٍ مخيفةٍ، وحيواناتٍ تستدرج البحارة للدخول إلى البحر ثم تقضي عليهم، أما حوريات البحر؛ فهي كائناتٍ جميلةٍ تجلس على الشاطئ، وتُغني الأغاني الجميلة لاستدراج البحارة والوقوع في حبهم، وفي الحالتين فإنها تتكون من جسم امرأة من الأعلى وجسم سمكة من الأسفل، وهي غير موجودة إلا في القصص والروايات.
خطورة حوريات البحر
يتم تصوير الحوريات أحيانًا بشكلٍ خطيرٍ، وهذا يعتمد على خيال الكاتب للأسطورة، فيما تتصف عادةً بإنقاذ البحارة، كما تتصف أحيانًا ببعض المشاعر والأفكار عن الصواب والخطأ؛ لذلك فقد تكون خطيرة أو آمنة حسب رغبة الكاتب، وفي بعض الروايات فإن صفارات الانذار هي الخطيرة؛ إذ تقتل البحارة بطرقٍ مختلفةٍ؛ منها إغراقهم أو اصطدام سفنهم بالصخور، فيما قد تكون متعطشة للدماء؛ طبعًا وفق الروايات، أما حوريات البحر؛ فهي غالبًا تحب المأكولات البحرية؛ مثل الأسماك، ولا تؤذي الإنسان.
هل حورية البحر حقيقة أم خيال؟
تُظهر بعض الرسومات الروسية رسومًا توثِق معلوماتٍ عن حوريات البحر؛ إذ تُظهرها على شكل امرأةٍ من الأعلى وسمكةٍ من الأسفل، مع ظهور صورٍ لحوريّ البحر على شكل رجلٍ ملتحٍ بجسد سمكة، والحقيقة أن هذه الصور مأخوذة من الأساطير الغامضة؛ إذ كان الاعتقاد بأن المحيطات تُخفي كائناتٍ غامضةٍ، وقد استحوذت هذه الأساطير على خيال الإنسان منذ عقود؛ حيث احتوت الأساطير اليونانية القديمة على قصص عن إله البحر، الذي يعبده الهندوس حتى وقتنا الحالي، كما انتشرت العديد من الروايات والأفلام المصورة التي تظهر حوريات البحر، وهي مجرد قصصٍ خيالية مبنيةٍ على أسطورةٍ قديمةٍ ليس لها أيُّ أساسٍ علميٍّ؛ لذلك يُمكن أن نستنتج الإجابة الفعلية على سؤال مقالنا؛ وهي هل هناك وجود لحوريات البحر بالنفي، وأنها مجرد رواياتٍ وأساطيرٍ لا أساس لها من الصحة، وقد ارتبطت حوريات البحر عادةً بالحزن والموت؛ نتيجة إغواء البحارة و إغراقهم في البحر، كما أن بعض الأساطير اليابانية تتحدث عن وجود حوريات البحر أو ما يُعرف بجنيات البحر في السواحل اليابانية.
حوريات البحر الحقيقيات
افترضت حقيقة حوريات البحر خلال العصور الوسطى؛ عندما تحدث البحارة عن مشاهدتهم لحوريات البحر ومحاولتهم تأكيد هل هناك وجود لحوريات البحر؛ فتم سرد بعض القصص عن دخول حورية البحر لهولندا عبر سدٍّ من الماء، وتم نقلها إلى بحيرة قريبة، ثم تعافت وأصبحت مواطنة هولندية تتحدث اللغة الهولندية. تحدثت قصة أخرى عن مقابلة القبطان جون سميث لحورية البحر، وقد وصفها بأنها تمتلك عيونًا واسعةً وأنفًا صغيرًا وشعرًا أخضرًا طويل، ثم قام بعض المخادعين بتصميم حوريات جديدة مزيفة لجلب الزوار الذين تفاجئوا بوجود جثث صغيرة قصيرة كانت مخيبة للآمال، لكن من ناحية علمية فان حيوانات المحيط؛ مثل خراف وأبقار البحر، هي الحيوانات التي ألهمت هذه الأساطير؛ بسبب ذيلها المسطح، ورؤيتهم لها من مكانٍ بعيدٍ؛ فكان يُخيل لهم أنها جسم إنسان وسمكة في نفس الوقت، كما أن هذه الحيوانات كانت تعيش تحت الماء؛ لذلك تصعُب رؤيتها بشكلٍ حقيقيٍّ، وهذا سبب إطلاق الأساطير والخرافات عن رؤيتها، كما ساهمت بعض التقارير المُضللة الحديثة التي تزعُم مشاهدة حوريات البحر على سواحل إسرائيل في بلدة كريات يام لعام 2009 في ذلك، لكن سرعان ما اختفت هذه التقارير؛ لأنه لا وجود للحوريات فعلًا، كما أطلق عام 2012 تقريرًا جديدًا في أحد البرامج التلفازية مفاده وجود بقايا لحوريات البحر في المحيطات، وعُرضت أفلام مزيفة عن وجود الأدلة، لكن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي أصدرت بيانًا ينفي بشكل قطعي وجود حوريات البحر.
كيف استفاد الناس من حوريات البحر؟
حاول الكثير من الناس الاستفادة من أساطير حوريات البحر لجني الأرباح؛ ومن الأمثلة على ذلك:
- تايلور بارنوم، وهو رجل استعراض وتاجر بتأسيس سيرك بارنوم وبيلي أو سيرك السفر بالقرب من منطقة اكتشاف آثار الديناصورات بعرض مجموعة من الأشياء الغريبة في متحفه لجني المال ومنها حوريات البحر المزيفة التي قام بتصميمها بنفسه من قردٍ جافٍ تم خياطته في ذيل سمكة، وقام ببيع حورية البحر بعد تظاهره بأنه عالم طبيعة، وأنه عثر بالفعل على هذه الحوريات في البحر، وقام ببيعها بعد أخذها جولةً في لندن وقد حقق بارنوم ارباحاً خيالية سواء من المصدقين مزاعمه أو من المشككين الذين دفعوا ثمن التذاكر في الحالتين.
- الدكتور جريفين، من مدرسة ليسيوم، أعلن أيضاً عام 1842 اكتشافه لحورية بحر على شاطئ فيجي، وقام باستئجار قاعة في نيويورك لعرض الحورية، ثم تعاون مع تايلور بارنوم وعرَض الحورية في المعرض الأمريكي، لكن الزوار أيضًا أصيبوا بالاشمئزاز؛ بسبب الحوريات البشعة التي تشبه جثث القرود أكثر من الحوريات الجميلة في مخيلاتهم، وقد كانت حورية فيجي مجرد خدعة حاول من خلالها كسب المال.
- البحارة جيني هاني فارس، الذي كسب المال في القرن السادس عشر من خلال عرض أجسام حوريات البحر للسياح، والتي كانت في الحقيقة عبارة عن جثث تمّ تجفيفها، ثم نحتها، لكن هذه الخدعة كشفت عام 1558 من قبل العالم السويسري، كونراد جيسنر.
- فيلم انيمال بلانيت، وهو فيلم حقّق إيرادات كبيرة، وكان يبثّ مقاطعًا مزيفةٍ تثبت العثور على حوريات البحر في أعماق البحر، وتمّ خداع الناس فيها، وكانت تطرح فكرة أن حوريات البحر عبارة عن كائنات بشرية زاحفة تعيش في أعماق البحر.
اقرأ/ي أيضًا:
هل تحتوي المحيطات على الفيروسات؟