تحقيق مسبار
المرأة الحامل معرضةٌ لمشاكل الأسنان المتنوعة، التي تستدعي زيارة الطبيب واتخاذ الإجراءات اللازمة في الحالات الحرجة؛ مثل: الخلع أو الحفر أو سحب العصب أحيانًا، لكن حقيقةً هل سحب العصب يضر الحامل خصوصًا أنه مرتبط بمجموعة من الإجراءات الأخرى من تخديرٍ وتصويرٍ وغيرها. هنا سنتحدث عن تعريف العصب بشكلٍ عامٍ، وفائدته للسن، ومخاطر سحب العصب للحامل في المراحل المتعددة.
ما هو عصب السن أو قناة الجذر؟
عصب السن أو لب السن هو مركز الأسنان المكوّن من أعصابٍ ونسيجٍ ضامٍ، ومجموعة من الأوعية الدموية المسؤولة عن نمو السن، في بعض حالات التسوس يحتاج طبيب الأسنان إلى سحب عصب السن عند إصابته بالتهابٍ أو عدوى أو تلفٍ ناتجٍ عن أحد الأسباب التالية:
- تسوس عميق يصل إلى لب السن.
- تعدد الإجراءات المتتالية على نفس السن، التي تُسبب أحيانًا تلف العصب.
- كسر السن أو أصابته بضربة قوية قد تؤثر فقط على العصب.
- شق أو صدع في السن.
- ألم أسنان وتورمًا في اللثة؛ عندها يكون المريض بحاجة لصورة أشعةٍ سينيةٍ؛ للكشف عن حالة العصب.
كيف يتم سحب العصب؟
الحقيقة أن الإجراءات الطبية المُستخدمة للحامل لا تكون أحيانًا هي المشكلة بل ما يسبقها من إجراءات؛ لذلك يفضّل أطباء الأسنان عادةً تأخير سحب العصب للحامل في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل؛ إلا في الحالات الحرجة؛ إذ لا يمكن علاج عصب الأسنان في البيت؛ وذلك بسبب الخطوات التي تتخللها عملية سحب العصب، التي سنتحدث عنها بالتفصيل في النقاط التالية:
- التخدير: الخطوة الأولى في عملية سحب العصب هي وضع كميةٍ كبيرةٍ من المخدر على اللثة؛ لمنع الإحساس بالألم، وهذه الخطوة بالذات تُثير السؤال الأهم وهو: هل سحب العصب يضر الحامل؛ بسبب عدم معرفتنا لِأثر التخدير عليها.
- سحب العصب: يعمل طبيب الأسنان على فتح شقٍّ صغيرٍ من جزء الأسنان العلوي؛ ليتمكن من رؤية عصب السن ويقوم بإزالته باستخدام الملفات، وهي عبارة عن أدواتٍ مخصصةٍ، كما يعمل طبيب الأسنان على تنظيف كافة المسارات أو القنوات؛ لإزالة جميع آثار العصب لمنع التهابها في المستقبل.
- المضادات الحيوية: لا شك أن عملية فتح السن تحتاج لبعض المضادات الحيوية لمنع التهاب الأنسجة؛ إذ يعمل طبيب الأسنان على وضع مضادٍّ حيويٍّ موضعيٍّ؛ للتأكد من إزالة الالتهاب ومنع انتشار العدوى للأسنان الأخرى، ثُم يغلق السن بمعجون خاص أو مادة مطاطية تمنع التسرّب، وقد يصف الطبيب بعض المضادات الحيوية عن طريق الفم، لذلك فهذه الخطوة أيضًا تعتبر موقع جدل لكنها فعليًا من الخطوات المثبت سلامتها على الحمل.
- الحشو المؤقت: لا يمكن ترك السن مفتوحًا؛ لذلك يتم عمل حشوة مؤقتة للسن؛ لمنع تسرّب السوائل والأطعمة داخل السن.
- متابعة حالة السن: بعد زوال تأثير المخدر قد يزداد الألم على المريض ويكون بحاجة لتناول المسكنات المتنوعة، ثم يعمل الطبيب على تصوير السن بالأشعة السينية؛ لإتمام إغلاق السن بحشوةٍ دائمةٍ أو بوضع تاجٍ فوقها، وهو عبارة عن سن صناعي من الذهب أو البورسلين يحمي السن الداخلي بشكلٍ كاملٍ.
ما هي مخاطر سحب العصب؟
يُعتبر إجراء سحب العصب من الإجراءات الأخيرة للحفاظ على السن، ولا يتم اللجوء لها إلا اضطراريًا؛ وذلك بسبب مخاطرها المحتملة أحيانًا والمتمثلة في:
- فقدان السن: في بعض الحالات فإن مينا السن لا تحتمل هذا الإجراء فتسبّب فقدان السن.
- تطوّر الالتهاب: في بعض الحالات لا تنجح عملية ازالة العصب بالتخلص من جميع مسببات الالتهاب؛ فيتطوّر الخرّاج والالتهاب في جذر السن، كما قد تفشل بعض المضادات الحيوية في علاجها، وهذا يسبّب انتشار الالتهاب.
هل سحب العصب يضر الحامل؟
لا يمكن رفض علاج المرأة الحامل لمجرد أنها حامل، لكن عملية سحب العصب تتطلّب احتياطاتٍ معينةٍ في فترة الحمل؛ بسبب الإجراءات المتبعة؛ لذلك يجب على المرأة الحامل العناية بشكلٍ أكبرٍ بأسنانها وتنظيفها بشكلٍ مستمرٍ؛ لتجنّب الحاجة إلى سحب العصب أو غيرها من العلاجات؛ بسبب الخوف من انخفاض ضغط الأم الحامل أثناء الاستلقاء، أو مخاطر تجلّط الدم الوعائي بسبب زيادة عوامل التخثّر، كما أن سحب العصب للحامل في الشهر السابع أو المراحل الأخرى لا يعتبر خطرًا؛ بسبب أمان الخطوات الأساسية والإجراءات المتبعة، وهنا سنتحدث عن جميع الإجراءات المستخدمة وتأثيرها على الحامل لنُجيب عن سؤال مقالنا الأهم وهو هل سحب العصب يضر الحامل أم لا:
- استخدام التصوير الشعاعي: يعتبر التصوير الشعاعي أثناء الحمل محظورًا بشكلٍ كاملٍ، لكن الصور الشعاعية للعصب تعتبر آمنة؛ لأنه يتم توجيه الأشعة إلى الفم، إضافةً إلى استخدام تدابيرٍ وقائيةٍ معينة للحوامل؛ منها: الفيلم عالي السرعة وطوق الغدة الدرقية الذي يحميها من الإشعاع، إضافةً إلى تغطية الأم بمئزر من الرصاص؛ لتقليل وصول الإشعاع للبطن والترشيح، وهذه الإجراءات مجتمعةً تجعل التصوير الشعاعي لعصب السن غير خطير، وهذا يجيب على الشق الأهم من سؤالنا هل سحب العصب مضر للحامل؛ فإن كان الخوف الأكبر من التصوير الشعاعي فإنه آمن.
- استخدام التخدير الموضعي: بالنسبة لموضوع استخدام التخدير الموضعي فإنه آمن إذا كان بالمقدار المطلوب؛ بالرغم من تخوّف بعض الأطباء خصوصًا عند الحاجة لزيادة الجرعة؛ لأن الألم المُصاحب لعملية سحب العصب أشد خطورةً على الجنين من المخدر، كما أن بعض الأطباء يبتعدون عن تخدير الحامل بسبب احتوائه على الإبينفرين، وهو دواء يسبب تضيقًا للأوعية الدموية، بالتالي تقليل تدفق الدم إلى الرحم، لكن الحقيقة أن الكمية الموجودة في مخدر الأسنان قليلة جدًا وبتركيز 1: 100.000، ما يعني أنها لن تؤثر مطلقًا على الأم الحامل، وقد أُجريت مجموعة من الدراسات على النساء الحوامل واستخدام التخدير، أثبتت عدم تأثيره مطلقًا على التشوهات وزيادة معدل الإجهاض.
- المواد المستخدمة: المُواد المستخدمة في سحب العصب من مطهرات أو حشوات لا تؤثر مطلقًا على الجنين، لكن غالبًا يتم تأخير علاج الأسنان بعد الشهر الرابع؛ إذ يعتبر الثلث الثاني من الحمل مثاليًا لعلاج الأسنان؛ بسبب اكتمال تكون الأعضاء الداخلية للطفل، والتخلّص من أعراض القيء والغثيان المُصاحبة للأشهر الأولى، إضافةً لحجم الرحم المناسب لوضعية الاستلقاء، أما في حال عدم وجود ضرورة مُلحّة فمعظم الأطباء يفضلون تأجيل سحب العصب لفترة ما بعد الولادة؛ وذلك لتجنّب أيّ أخطارٍ محتملةٍ بسبب ندرة الدراسات المتعلقة فعليًا بمعالجة قناة الجذر أو لب السن المعروف بالعصب.
هل سحب العصب للحامل في الشهر الأول مضر؟
الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل تعتبر الأهم والأخطر؛ بسبب تكوّن الجنين والأعضاء الحيوية الأساسية فيها؛ لذلك يُمنع على الحامل تناول أي نوعٍ من الأدوية؛ بسبب الخوف من التشوهات الناتجة عن تداخل الأدوية وتفاعلها مع خلايا الجنين وإحداث انقسامات؛ لذلك فمعظم الأطباء يتجنبون سحب العصب؛ بسبب الحاجة إلى تناول المضادات الحيوية والمخدّر، إضافةً إلى ضرورة إجراء أشعةٍ سينيةٍ للأسنان، وهذه الإجراءات جميعها بحاجة إلى دراسات مطوّلةٍ واحتياطاتٍ خاصةٍ.
هل يؤثر الحمل على صحة الأسنان؟
الحقيقة أن بعض الحوامل يعانين من مشاكلٍ جديدةٍ في الأسنان أثناء فترة الحمل، وهذا يستدعي بالضرورة التوجّه إلى الطبيب لتلقي العلاج المناسب؛ إذ تكون الحامل مُعرضةً لبعض الحالات، التي نذكر منها:
- التهاب اللثة أثناء الحمل: تزداد القابلية للإصابة بالالتهابات الفموية أثناء الحمل؛ بسبب التغيّرات الهرمونية والتي تُسبّب تغيراتٍ في تجويف الفم، وقد تُسبّب هذه الالتهابات تورّم اللثة، وزيادة الشعور بالألم، ونزفًا في اللثة في بعض الأحيان، وهذا يستوجب علاج اللثة ومضاعفة عدد مرات تنظيفها.
- زيادة خطر تسوس الأسنان أثناء الحمل: تُساهم زيادة تناول الكربوهيدرات وزيادة حموضة الفم؛ بسبب القيء أو زيادة حموضة اللعاب، في تسوس الأسنان؛ بسبب تآكل الغطاء الخارجي لها؛ إذ تشير الدراسات إلى أنّ الحوامل مُعرّضات لتسوس الحمل بمقدار 1.97 مرة أكثر من النساء غير الحوامل، كما وجدت دراسة أخرى انتشار التسوس بين الحوامل بنسبة 74.5 %.
- انخفاض مناعة الأم: انخفاض مناعة الأم الحامل بسبب قمع الجهاز المناعي لها استجابةً للجنين مسببًا انخفاض المناعة الخلوية؛ لذلك فإن عدوى الأسنان تنتشر بسرعة أكبر عند النساء الحوامل وتهدد مجرى الهواء الفموي البلعومي.
- تأخير العلاج: تناول المسكنات لفترات طويلة لعلاج آلام عصب الأسنان يسبب تأخيرًا بالعلاج، وحين تتوقف الأم عن تناول المسكنات أثناء الحمل تصبح مضطرةً لعلاج مشاكل الأسنان؛ ومنها سحب العصب.
- أورام الحمل: وهي حالة مرضية تحدث لبعض الحوامل مسببةً اورامًا على اللثة في الثلث الثاني من الحمل، وتختفي بمجرد الولادة، ويكون سببها اللويحات الزائدة.
هل سحب العصب للحامل في الشهر الثامن مضر؟
الحقيقة أن معظم الدراسات وأطباء الأسنان ومنها الجمعية الأمريكية لطب الأسنان يعلمون يقينًا أن سحب عصب السن غير مضر في جميع المراحل، وأن الإجراءات الأخرى أيضاً غير ضارة بل فد تكون ضرورية أثناء الحمل خصوصًا في الثلث الأخير، لكنهم فعليًا يفضلون تأجيل العلاجات السنية بسبب وجود نقص في المعلومات المتعلقة في توقيت العلاج والوضع المناسب للحامل، وبسبب صعوبة جلوس الحامل على الكرسي و استلقائها لفترات طويلة لكن جميع الدراسات تُثبت سلامة استخدام المخدر وتعرّض الحامل للتصوير الشعاعي، والعديد من الأمور التي تجعلهم يمتنعون غالبًا عن سحب العصب للحامل، واللجوء إلى مسكنات الألم وتأخيرها قدر المستطاع، والحقيقة أن معظم الإجراءات الطبية تستثني النساء الحوامل بسبب أخلاقي، وبسبب نقص الدراسات المعتمدة؛ بالرغم من يقينهم بعدم خطورتها؛ لكن أخلاقيًا يتم تأجيل الإجراءات لما بعد الولادة.
اقرأ/ي أيضًا:
هل لصقات تبييض الأسنان مفيدة فعلاً؟
