` `

هل يمكن علاج اضطرابات النوم عند المراهقين؟

صحة
16 أغسطس 2021
هل يمكن علاج اضطرابات النوم عند المراهقين؟
يتكوّن النوم عادةً من خمس مراحل، وكل مرحلة تستمر من 90-120 دقيقة (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

يعتبر التغيّر في نمط النوم الطبيعي من أهم المشاكل التي قد يعاني منها المراهقين؛ بسبّب تأثيرها على نظامهم اليوميّ بشكلٍ كاملٍ، وقد تكون اضطرابات النوم عند المراهقين من الحالات الخطيرة التي تستدعي تدخلًا طبيًا لعلاجها، وقد تحدث نتيجة مجموعة متنوعة من الأسباب والعوامل النفسية والوراثية، وتسبّب اضطرابات نفسية خطيرة في بعض الحالات، كما قد تؤثّر على جهاز المناعة ووظائف الأجهزة الداخلية في الجسم؛ فمعظم المراهقين لا يحصلون على ساعاتٍ كافيةٍ من النوم وهذا يُؤثر على أدائهم ونشاطهم أثناء النهار، وعلى صحتهم العقلية والبدنية بشكلٍ عامٍ؛ إذ توصي مؤسسة النوم الوطنية بنوم 9-11 ساعة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6- 13 عامًا، وبمعدل 8-10 ساعات للمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 14-17 عامًا، لكن معظم المراهقين لا يصلون إلى هذه المعدلات الطبيعية.

ما هي أسباب اضطرابات النوم عند المراهقين؟

مع تقدم الأطفال في العمر ودخولهم إلى مرحلة المراهقة تطرأ عليهم مجموعةً من التغيّرات الفسيولوجية؛ ومنها تغيير وقت رغبتهم في النوم ومحاولة تأخيرها لأطول وقت ممكن؛ فيبدأ المراهقون فترة نومهم الأساسية بعد الساعة 11 ليلًا أو أكثر، وهذا يؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على ساعتهم البيولوجية وتزامن وظائف الجسم مع دورة الليل والنهار الطبيعية، وقد يحدث هذا التأخير بسبب مجموعة من العوامل الوراثية، أو زيادة الحساسية للضوء وغيرها من العوامل والمسببات التي سنحاول التحدث عنها بالتفصيل؛ ومنها:

  • متلازمة طور النوم المتأخر أو متلازمة بومة الليل: مُعظم المراهقين يعانون من قلّة النوم؛ لأن أدمغتهم لا تكون دائمًا جاهزةً لذلك؛ بسبب إنتاج هرموني الميلاتونين والسيروتونين في وقتٍ متأخرٍ من الليل، وهذه الهرمونات تعمل على تنظيم الساعة البيولوجية للإنسان، وتنظيم وقت نومه واستيقاظه، وهذا ما يجعل المراهق يجد صعوبةً في النوم بشكلٍ أكبر فتتأثر أنشطته اليومية.
  • الإجهاد والتعب النفسي: يُعاني بعض المراهقين من صعوبة النوم والأرق نتيجة الإجهاد خلال النهار، بالإضافة إلى المشاكل الجسدية والصحية؛ مثل: انسداد الأنف، والزكام، والمشاكل العاطفية المتنوعة.
  • البيئة غير المريحة: قد تكون قلّة نوم المراهق ناتجةً عن شدة حرارة غرفته أو شدة برودتها، إضافة إلى التعرّض المفرط للإضاءة الساطعة؛ مثل أجهزة الهاتف المحمول.
  • القلق: قد يكون القلق من اضطرابات النوم والخوف من استمرارها أحد أهم المشاكل المسببة للأرق؛ لأنه يجعل الأمر أكثر سوءًا؛ مما يتسبّب في تفاقم المشكلة بشكلٍ أكبرٍ.
  • اضطراب حركة الأطراف الدورية: وهي حالة تُعرف بـ تملمُل الساقين، التي تُشعرهم بالتعب من قلة النوم، كما قد يُعاني المراهق من تشنجات أو هزات لا إرادية مع الاحساس ببعض التنميل في الأطراف، خصوصًا القدمين، مثل الحكة والوخز والحرقان، وهذا يسبّب تحريك أرجلهم بشكلٍ دائمٍ؛ لتقليل الانزعاج. هذه المشاكل عمومًا تستدعي زيارة الطبيب لاتخاذ الإجراء المناسب، فقد يكون السبب نقص في الحديد وقد يحتاج المراهق إلى تناول أدوية أخرى.
  • توقف التنفس أثناء النوم: في هذه الحالة يتوقّف الشخص عن التنفس مؤقتًا؛ أو بما يسمى انقطاع النفس الانسدادي؛ بسبب تضيّق مجرى الهواء أو انسداده في بعض الأحيان؛ إذ قد تحدثّ مثل هذه الحالة بسبب تضخم اللوزتين أو اللحمية، أو بسبب زيادة الوزن، ومن أعراضها: الشخير، والتعرّق بغزارة بسبب صعوبة التنفس، إضافةً إلى علامات التعب والنعاس أثناء النهار؛ بسبب نقص النوم الكافي، وفي هذه الحالة يجب استشارة الطبيب لاتخاذ الإجراء المناسب.
  • ارتداد المريء: من أهم الأسباب التي تجعل نوم المراهق صعبًا هي حالات الارتداد المريئي، التي يتحرك فيها حمض المعدة للمريء والحلق مسببًا شعورًا مؤلمًا يعرف بـ حموضة المعدة؛ إذ تزداد مشاكل الحموضة أثناء الاستلقاء وهذا يُقلل من استغراقه في النوم.
  • الكوابيس: يمرّ المراهق بفترة تغيير للمشاعر، وتزداد عنده حالات التوتر والقلق، التي تسبب بشكلٍ أو بآخرٍ أحلامًا مزعجة أو كوابيس تؤرّق صفوه وتقلّل ساعات نومه يومًا بعد يوم، وقد تتفاقم المشكلة بسبب قلة النوم والنعاس الشديد، وتزداد سوءًا في حال تعاطيه لأحد أنواع المخدرات أو الكحول، وهذه من الحالات التي تحتاج إلى استشارة طبية.
  • الخدار: أو ما يُعرف بالنوم القهري، وهو حالة تحدث نادرًا للمراهقين؛ بسبب التعب المتواصل والنعاس الناتج عن قلّة النوم في الليل؛ فيشعر عندها الشخص بحاجةٍ مُلحّةٍ للنوم دون سابق إنذار أثناء القيام بالواجبات المتنوعة؛ لذلك يجب استشارة الطبيب المختص؛ لتجنّب الوقوع في الحوادث الخطيرة أثناء العمل.
  • المشي أثناء النوم: يحدث المشي أثناء النوم في المراحل الأولى من النوم قبل مرحلة النوم العميق، ولا يشكّل خطورةً إلا في بعض الحالات التي قد تسبّب ضررًا للمراهق؛ مثل السقوط وغيره، لكن هذه الحالة بحد ذاتها لا يُمكن وصفها بالخطيرة.

ما هي مراحل النوم؟

قبل الحديث عن علاج اضطرابات النوم عند المراهقين يجب أولًا تحديد المراحل الاساسية للنوم وتأثيرها على الجسم؛ إذ يتكوّن النوم عادةً من خمس مراحل، وكل مرحلة تستمر من 90-120 دقيقة؛ لكلٍّ منها خصائص محددة تحددها حركات العين وموجات الدماغ وتوتر العضلات، وتعمل ساعة الجسم البيولوجية على تحديدها؛ إذ ترتبط هذه الدورات بهرمون الميلاتونين، الذي تنتجه الغدة الصنوبرية لخفض درجة حرارة الجسم ومساعدته على النوم، و يمكن تقسيم أنواع النوم إلى نوعين أساسيين هما:

  • الأول نوع الريم: وهي حركة النوم السريعة أو الخفيفة (REM)، وتشكّل نسبة 25% من كمية النوم، وتحدث فيها الأحلام؛ لأن الدماغ يكون فيها نشطًا ومعدل ضربات القلب غير منظم.
  • الثاني حركة العين البطيئة: تمثّل هذه المرحلة 75% من كمية النوم، وتعتبر مرحلة النوم العميق التي يتم فيها إمداد العضلات بالدم وإطلاق الهرمونات الأساسية للنمو، وتقسّم إلى 4 مراحل؛ هي: المرحلة الأخف وهي الانتقال من اليقظة إلى النوم، مرحلة النوم المتوسط وتمثل من 40%-50% من النوم الكلي، المرحلتين الثالثة والرابعة تسمى مرحلة نوم الموجة البطيئة أو الدلتا وتحدثان في الثلث الأول من الليل ويصعب الاستيقاظ فيها.

هل يجب زيارة الطبيب؟

في حال المعاناة من اضطرابات النوم عند المراهقين يفضل استشارة الطبيب؛ لأن قلة النوم تصبح من الأعراض والمسببات في نفس الوقت وتؤثر بشكلٍ سلبيٍّ على حياة المراهق ونشاطه البدني بشكلٍ عامٍ طوال النهار، كما أن الأرق المتتابع يعرّض المراهق لمشاكل أخطر؛ لذلك يجب مراجعة الطبيب لتحديد سبب هذه الاضطرابات وإجراء الفحوصات اللازمة، ومحاولة مساعدته على النوم بشكل أفضل وتعلّم كيفية النوم بسرعة عن طريق:

  • تمارين التنفس: يمكن تعليم المراهق مجموعةًَ من تمارين التنفس التي تساعد على تقليل التوتر؛ ومن هذه التمارين العد أثناء التنفس لإبطاء عملية الشهيق، إضافةً إلى التنفس من البطن لزيادة الإسترخاء وتدفق كمية أكبر من الهواء إلى الرئتين.
  • تناول بعض الأدوية: إذا كان المراهق يعاني من مشكلات صحية فيمكن تناول بعض العلاجات؛ لتخفيف الأعراض المختلفة ومساعدته على النوم.
  • العلاج بالضوء: مُساعدة المراهق على ضبط ساعته البيولوجية الداخلية عن طريق بعض التقنيات؛ مثل العلاج بالضوء، وهي تقنية الجلوس أمام صندوق ضوئي في النهار لفترة معينة.
  • تغيير بعض السلوكيات: يمكن مساعدة المراهق على تغيير عاداته اليومية؛ ومنها شُرب المنبهات والكافيين خلال النهار، والذي سيُؤثر حتمًا على نومه في الليل، إضافةً إلى تقليل استخدام الهواتف المحمولة وممارسة ألعاب الفيديو قبل النوم.

هل اضطرابات النوم عند المراهقين خطيرة؟

الحقيقة أن أن اضطرابات النوم لا تعتبر مزمنة إلا إذا استمرت لمدة ثلاثة أشهر متتالية بمعدل 3 مرات أسبوعيًا، لكن هنا لا يجب إغفال الحقيقة الأهم أن القلق بشأن الإضراب يمثّل خطورةً أكبر من الاضطراب بحدّ ذاته وقد يجعل الأمور تزداد سوءًا، كما يجب التفريق بين الذكور والإناث من حيث صعوبات النوم وكيفية علاج الأرق لديهم؛ إذ تُعاني الإناث من مشاكل أكثر بحسب العديد من الدراسات. 

إنّ قلّة النوم لساعاتٍ كافيةٍ خلال اليوم ولفتراتٍ طويلةٍ تؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على صحة الإنسان؛ إذ أثبتت مجموعةً من الدراسات التي أُجريت على أشخاص ينامون لفتراتٍ قصيرةٍ أو لفتراتٍ طويلةٍ على حدٍّ سواء أن اضطرابات النوم عند المراهقين سواء قلته أو جودته تسبّب ما يلي:

  1. ارتفاع في علامات الالتهاب؛ مثل: الانترلوكين، وزيادة معدل الوفيات.
  2. زيادة السمنة وارتفاع ضغط الدم والسكري، إضافةً إلى متلازمة التمثيل الغذائي.
  3. زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية على المدى البعيد.
  4. القلق والاكتئاب، وزيادة الأفكار المؤدية إلى الانتحار، وهذه الحالات قد تحدث بسبب قلّة كفاءة النوم وعدم الرضا عن جودته.
  5. التعب المزمن الذي سيؤثّر بالتأكيد على أدائهم الدراسي، بالتالي زيادة الاكتئاب نتيجة سوء التحصيل.
  6. الإصابة بنقص الانتباه وفرط الحركة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يمكن إزالة آثار الكدمات الزرقاء تحت العين؟

هل يمكن تناول خل التفاح على الريق وقبل النوم؟

هل يمكن علاج تشنج العضلات أثناء النوم؟

هل النوم بدون وسادة صحي؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على