تحقيق مسبار
يرغب كثيرٌ من الآباء بمعرفة ما إن كان مرض البهاق يورث للأطفال أم لا؛ من أجل الاطمئنان على سلامة أبنائهم، ويهدف هذا المقال إلى تزويد القارئ بأسباب ظهور البُهاق على الجلد؛ بما في ذلك الأسباب الوراثيّة إلى جانب ذكر الكثير من التّفاصيل التي تتعلّق بأنواع البُهاق، وكيفيّة تشخيص الإصابة به، ومدى خطورته على المُصابين، وأبرز الأمراض التي يُمكن أن تصاحب البُهاق في بعض الحالات، كما يتطرّق المَقال إلى أبرز العلاجات المُستخدمة للبُهاق؛ مع التّنبيه إلى أنّ البُهاق من الأمراض التي تختفي دون تدخّل علاجيّ أحيانًا.
هل مرض البهاق يورث للأطفال؟
يرى المُختصّون بأنّ العديد من الأطفال يصابون بالبُهاق نتيجةً لأسبابٍ وراثيّة؛ فإنّ ما يزيد على 30% من الأطفال المصابين بالبهاق لدى أفراد عائلتهم تاريخ مرضي مع هذا المرض، ولا يُعدّ البُهاق واحدًا من الأمراض الخطيرة، ويستطيع معظم الأطفال التّعايش مع هذا المرض بالرّغم من تأثيره على صبغة الجلد، ويتمتّع كثيرٌ من مصابي هذا الدّاء بصحّةٍ جيّدةٍ؛ إلّا إنّ حساسيّتهم لبعض الأمراض الجلديّة ترتفع مقابل حساسيّة الأشخاص الآخرين.
ما هي أنواع مرض البهاق؟
للبهاق عدّة أنواع رئيسيّة يتمّ تصنيفها بالاعتماد على نسبة إصابة الجلد بهذا المر،K إلى جانب موقع الجلد المُصاب من الجسم أيضًا؛ حيث يُمكن ظهور البُهاق في أيّ مكان من الجسم؛ إلّا إنّه يكثر في الوجه واليدين والمرفقين والفخذين والرّكبتين والعينين والأنف والأعضاء التّناسليّة، إضافة إلى بعض الأجزاء الأُخرى، وفيما يأتي قائمة بأنواع البُهاق:
- البُهاق البؤريّ: يُعرف البُهاق البؤريّ بأنّه البُهاق الذي يظهر على شكل بُقعٍ قليلةٍ في منطقةٍ واحدةٍ من الجسم؛ ومنه: ظهور بُقع بُهاق على الكتف أو الخاصرة أو الجبهة.
- البُهاق المُعمّم: يُعدّ البُهاق المُعمّم أكثر أنواع البُهاق شيوعًا، ويظهر على شكل بُقعٍ متناظرةٍ تصيب الجُزء الأيمن من الجسم وما يناظره من الجانب الأيسر، وهي بُقع تُصيب مُختلف أجزاء الجسم.
- البُهاق القطعيّ: يظهر هذا النّوع من البهاق على جانبٍ واحدٍ من الجسم دون ظهوره على الجانب الآخر؛ خلافًا للبُهاق المُعمّم، وهو من أنواع البُهاق غير الشّائعة مقارنةً بالأنواع الأُخرى.
- بُهاق الأطراف والوجه: يظهر هذا النّوع من البهاق على الوجه وفروة الرّأس عادةً، إلى جانب ظهوره حول الأعضاء التّناسليّة وعلى أصابع اليدين أو أصابع القدم.
- البُهاق الشّامل: يُصيب البُهاق الشّامل مُعظم أجزاء الجسم كما يظهر من اسمه خلافًا للأنواع التي سبق ذكرها، وهو من أنواع البُهاق النّادرة جدًّا.
ما هي علامات الإصابة بالبهاق؟
يظهر البُهاق في أيّ عُمر؛ إلّا إنّ ظهوره يكثر قبل الوصول إلى ثلاثين سنة عادةً، وتوجد العديد من العلامات التي تُشير إلى الإصابة بمرض البُهاق، وأبرزها ما يأتي:
- فُقدان لون الجلد على شكل بُقعٍ تظهر في العديد من أجزاء الجسم، ويغلب ظهورها في البداية على اليدين، أو الوجه، أو المناطق المُحيطة بالأعضاء التّناسليّة، والمناطق الواقعة حول فتحات الجسم المُختلفة.
- اختلاف لون الأنسجة التي تُبطّن الأنف والفم من الدّاخل؛ وتُعرف باسم الغشاء المُخاطيّ.
- تغيّر لون شعر اللّحية أو الرّموش أو الحواجب أو شعر فروة الرّأس إلى اللون الأبيض، أو الرّماديّ، في وقتٍ مُبكّر.
هل توجد أسباب معروفة للإصابة بالبهاق؟
يرتبط البُهاق بموت الخلايا الصّبغايّة، وهي الخلايا المسؤولة عن إعطاء اللّون الطبيعيّ للبشرة والشّعر، ولم يتوصّل العُلماء إلى السّبب الدّقيق وراء موت هذه الخلايا؛ إلّا أنّ هناك العديد من النّظريّات التي تفسّر موت الخلايا المذكورة، وأبرزها ما يأتي:
- اضطراب المناعة الذّاتيّة: يُصاب جهاز المناعة في الجسم ببعض الاضطرابات التي يُمكن أن تؤدّي إلى إنتاج أجسام مضادّة تقاوم الخلايا الصباغيّة، وينتج عن ذلك ظهور البُهاق عند تدمير الخلايا المسؤولة عن لون الجلد والشّعر.
- العوامل الوراثيّة: تشير الإحصائيّات إلى أنّ ما يزيد على 30% من الأفراد المصابين بمرض البُهاق لدى عائلتهم تاريخ مرضيّ مع هذا الدّاء، وهذا يعني أنّ مرض البهاق يورث للأطفال أيضًا.
- التّدمير الذّاتيّ: يُمكن أن تُصاب الخلايا الصباغيّة في الجسم بخللٍ ينتج عنه تدمير نفسها ذاتيًّا دون العوامل الخارجيّة الأخرى، ويؤدّي تدمير الخلايا المذكورة إلى ظهور البُهاق واختلاف لون الجلد.
- العوامل العصبيّة: تقوم الخلايا العصبيّة بإطلاق بعض الموادّ السّامّة أحيانًا؛ ممّا يُمكن أن يؤدّي إلى تدمير الخلايا الصّباغيّة المسؤولة عن لون البشرة والشّعر؛ فيظهر البُهاق نتيجة لذلك.
- الأحداث المُحفّزة: يُمكن أن يظهر البُهاق نتيجةً للعديد من الأحداث التي تُحفّز تدمير الخلايا الصّباغيّة الذكورة؛ ومن أبرز هذه الأحداث: الإجهادات البدنيّة أو الإجهادات العاطفيّة، إلى جانب حروق الشّمس أو ملامسة الموادّ الكيميائيّة السّامّة.
هل يوجد عوامل تزيد من خطر الإصابة بالبهاق؟
تزداد خطورة إصابة الإنسان بأمراض البُهاق عند وجود العوامل الآتية:
- إصابة أفراد العائلة الآخرين: تشير الإحصائيّات إلى ارتباط ظهور البُهاق بالعوامل الوراثيّة، وهذا يعني زيادة خطورة الإصابة بهذا المرض عند الأفراد الذين يظهر البُهاق عند أفراد عائلتهم.
- الإصابة بأمراض المناعة الذّاتيّة: تزداد خطورة الإصابة بالبُهاق لدى الأفراد الذين يعانون من أمراض المناعة الذّاتيّة، وكذلك الأشخاص الذين لدى أفراد عائلتهم شيء من هذه الأمراض؛ ومنها: مرض فقر الدّم الخبيث.
- أمراض السّرطان: يُعدّ سرطان الجهاز الليمفاويّ والورم الميلانيني، المعروف باسم سرطان الخلايا الصبغية، من أبرز العوامل التي تزيد من خطورة الإصابة بمرض البُهاق عند الأفراد غير المُصابين.
ما هي المشاكل الصحية التي تظهر مع البهاق؟
بالرّغم من عدم خطورة البُهاق غالبًا؛ إلّا أنّ هناك العديد من المشاكل الصّحّيّة التي يُمكن أن تُصاحب البُهاق أحيانًا، وتحتوي القائمة الآتية على بعضٍ من أبرز هذه المشاكل:
- الحساسيّة لأشعّة الشّمس: تزداد حساسيّة بُقع البُهاق في الجسم لأشّعة الشّمس؛ بسبب افتقارها إلى الخلايا الصّباغيّة، ويُمكن أن تُصاب هذه البُقع بالحروق على نحوٍ أسرعٍ مقارنةً بالجلد الطّبيعيّ.
- إصابات العين: تظهر بعض التّشوّهات في شبكيّة العين والاختلافات في لون القزحيّة، إضافةً إلى ظهور بعض الالتهابات التي تصيب الشّبكيّة أو القزحيّة عند مصابي البُهاق؛ إلّا إنّ الرّؤية تبقى سليمةً في العادة عند الإصابة بهذه التّشوّهات.
- الإصابة بأمراض المناعة الذّاتيّة: يتعرّض المصابين بالبُهاق إلى أمراض المناعة الذّاتيّة أحيانًا؛ ومن هذه الأمراض: قصور الغدّة الدّرقيّة، وفقر الدّم الخبيث، ومرض أديسون المعروف باسم القصور الكظريّ الأوليّ.
- مشاكل الاكتئاب والقلق: تزداد مشاكل الاكتئاب وأعراض القلق وتدنّي احترام الذّات عند المصابين بالبُهاق؛ وذلك بسبب اللّون المُختلف لبشرتهم مقارنة بالأشخاص الطّبيعيّين الآخرين، وهو ما يؤدّي إلى العُزلة بدلًا من التّواصل مع الآخرين.
كيف يمكن تشخيص مرض البهاق؟
يقوم الطّبيب بطرح العديد من الأسئلة على المريض للتحقّق من التّاريخ المرضيّ للعائلة؛ فإنّ مرض البهاق يورث للأطفال والبالغين كما سبق، ويتحقّق الطّبيب كذلك من عدم الإصابة بأيّ من الأمراض الخطيرة الأخرى التي تؤدّي إلى ظهور البُهاق، كما يُمكن أن يُجري الطّبيب المُختصّ بعض الفحوصات المخبريّة لاستبعاد الأمراض الأخرى التي تُشبه البُهاق، أو يُتوقّع إصابة المريض بها مثل؛ مشاكل الغدة الدرقية أو مرض السُّكّريّ أو أمراض فقر الدّم، ومن هذه الاختبارات: اختبار خزعة الجلد المُصاب وتحاليل الدّم، إلى جانب فحص العين عند الحاجة إلى ذلك.
كيف تتم معالجة البهاق؟
يرغب كثيرً من الآباء بمعرفة طريقة معالجة البُهاق بعد التّحقّق من كون مرض البهاق يورث للأطفال، وفيما يأتي قائمة بأبرز طريق العلاج المُتّبعة لهذا المرض:
- كريمات الالتهابات: تساعد كريمات الالتهابات في استعادة لون الجلد المُصاب بالبُهاق خلال المراحل الأولى من المرض، وهو من العلاجات الفعّالة وسهلة الاستخدامات على الرّغم من آثارها الجانبيّة؛ مثل ترقّق الجلد.
- العلاج الضّوئيّ: يُمكن علاج مصابي البُهاق باستخدام الأشعّة فوق البنفسجيّة ضيّقة النّطاق؛ حيث تعمل هذه الأشعّة على إيقاف البُهاق النّشط أو التّقليل من نشاطه، وتزداد فعاليّة العلاج الضّوئيّ عند استخدامه مع مثبطات الكالسينيورين.
- العلاج التّوليفيّ مع العلاج الضّوئيّ: يعتمد هذا العلاج على مادّة السّورالين إلى جانب الأشعّة فوق البنفسجيّة، ويتمّ تناول السّورالين المذكور عن طريق الفم، وبالرّغم من فاعليّته إلّا أنّه أكثر صعوبة من جهة التّنفيذ مقارنةً بالعلاجات السّابقة.
- إزالة لون الجلد المُتبقّي: يلجأ مصابو البُهاق إلى هذا العلاج عندما ينتشر المرض ويصيب كافّة أنحاء الجلد، ويهدف علاج إزالة اللون إلى تفتيح لون الجلد غير المُصاب ليتوافق مع الجلد المصاب.
- تطعيم الجلد: يُستخدم هذا العلاج غالبًا عند وجود بُقع صغيرة من البُهاق، وهو علاج جراحيّ يقوم الطّبيب من خلاله بنقل بعض الأجزاء من الجلد السّليم إلى المناطق المُصابة التي فقدت الخلايا الصبغيّة.
- الزّراعة الخلويّة: في هذا العلاج يقوم الطّبيب بأخذ جزء من الجلد السّليم ثمّ يضعها في محلول، ويلي ذلك زرعها في المنطقة المُصابة بالبُهاق؛ ليبدأ الجلد بالتصبّغ من جديد بعد بضعة أسابيع.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يعتبر علاج حساسية الجلد والهرش في المنزل فعالًا؟