تحقيق مسبار
الإجهاد العصبي أو الضغط العصبي هو ردُّ فعل الجسم على المواقف المزعجة والضارّة، التي تؤثّر على الشخص بشكلٍ سلبيٍّ؛ مما يُثير العديد من التساؤلات حول أعراض الإجهاد العصبي على الجسم، التي من الممكن أن تحدُث بسبب التفاعلات الكيميائية في الجسم نتيجة الضغوط النفسية؛ إذ يختلف الإجهاد عن القلق بأنه ناتج عن أحداث حدثت بالفعل، أما القلق فهو ناتج عن توقعات لأحداث لم تحصُل بعد وقد يصل إلى موجات من الهلع والذعر.
ما هي أعراض الإجهاد العصبي؟
إنّ جسم الإنسان مُصمّم بشكلٍ طبيعيٍّ للتعامل مع الإجهاد الخفيف، الذي يُحفزه على إتمام المهام المتنوعة، لكن المؤسف أن الجسم غير قادر على التعامل مع الإجهاد المزمن الطويل، الذي يختلف بشكلٍ فعليّ من شخص لآخر، كما أن ردود أفعال الأشخاص عليه تكون مختلفة، لكن من المؤكّد أن الجميع يتعرضون للمشاكل والأعراض المزعجة الناتجة عن الإجهاد العصبي؛ لذلك يجب التنويه أن هذه الأعراض تتفاوت في شدتها على الأفراد، وتختلف وفقًا لطبيعة الشخص وقدرته على التعامل مع المواقف الصعبة، إضافةً إلى مقدار الإجهاد العصبي ومدته، كما يجب معرفة أن الأعراض غير خطيرة في معظم الأحيان؛ إلّا إنّ مرحلة الخطورة تبدأ عند وجود أفكار لإيذاء النفس أو إيذاء الآخرين، أو في حال فقدان السيطرة على التوتر وتأثيره السلبي على الحياة اليومية عندها يجب التوجّه مباشرةً إلى الطبيب لطلب المشورة والعلاج، ويمكن تلخيص الأعراض بما يلي:
الأعراض العاطفية
- سرعة الإنفعال وتقلب المزاج بشكلٍ مفرط.
- الإرهاق وفقدان السيطرة على مختلف نواحي الحياة.
- عدم القدرة على النوم والاسترخاء.
- انخفاض مستوى احترام الذات والثقة والرغبة في الوحدة، بالإضافة إلى ظهور بعض أعراض الاكتئاب.
- التعب المزمن والذي قد يُقلل القدرة على إتمام المهام المتنوعة.
- مشاعر الموت الوشيك وزيادة الأفكار المتسارعة والسوداوية.
- غضب غير عقلاني.
- شدة الإنفعال في المواقف الاجتماعية.
- صعوبة في التركيز وسوء التصرف.
- النسيان والفوضى.
- التشاؤم.
الأعراض الجسدية
- بعض الأعراض والمشاكل الجسدية؛ مثل الصداع وألم في الصدر وزيادة سرعة ضربات القلب.
- إضطرابات في الجهاز الهضمي؛ مثل الإسهال والإمساك والغثيان.
- شد عضلي.
- تنفس سريع.
- سرعة في ضربات القلب.
- زيادة التعرق.
- كثرة الالتهابات في الجسم ونزلات البرد.
- فقدان الرغبة والقدرة الجنسية.
- زيادة حدة الطبع والعصبية وجفاف الفم وبرودة أو تعرق اليدين والقدمين.
- كثرة التبول.
الأعراض السلوكية
- التغير في الشهية سواءً بالزيادة أو النقصان.
- تجنُب المسؤوليات والواجبات أو المماطلة في تأديتها.
- الإفراط في التدخين أو تناول المخدرات.
- قضم الأظافر أو التململ.
ما هي مضاعفات الإجهاد العصبي؟
بعد الحديث عن أعراض الإجهاد العصبي البسيطة لا بد من التحدث عن عواقبه وأضراره المستقبلية وأعراضه الأكثر تطورًا، التي تحدث نتيجة استمراره لفتراتٍ طويلة مسببًا تفاقمًا للحالات الصحية البسيطة، وظهور الأعراض التالية:
- الاضطرابات النفسية والاكتئاب والقلق والعديد من المشاكل النفسية.
- أمراض القلب والشرايين المتمثلة في ارتفاع ضغط الدم، الذي يمكن اعتباره من أهم مضاعفات وأعراض الإجهاد النفسي وأكثرها وضوحًا، بالإضافة إلى السكتات الدماغية والنوبات القلبية.
- مشاكل السِمنة وزيادة الوزن؛ بسبب زيادة إفراز الكورتيزون.
- العجز الجنسي أو فقدان الرغبة الجنسية لدى الجنسين، بالإضافة إلى سرعة القذف.
- مشاكل متنوعة في البشرة والجلد؛ منها حب الشباب والإكزيما والصدفية.
- تساقط الشعر بشكل كبير.
- إضطرابات في الجهاز الهضمي؛ مثل التهاب القولون وارتجاع المريء.
الاضطرابات المرتبطة بالإجهاد العصبي
في بعض الحالات المتقدمة والإجهاد المستمر لفتراتٍ طويلةٍ قد تظهر على الأشخاص اضطرابات مختلفة؛ تتمثل في:
- اضطراب القلق المعمم: هذا الإضطراب شائع الظهور ولا يمكن السيطرة عليه؛ إذ يشعر الأفراد بالقلق المزمن تجاه الأشياء السيئة التي قد تحدث لهم أو لأصدقائهم وقد يصعُب عليهم تحديد مصدر القلق.
- اضطرابات الهلع: وهي حالة تُسبب نوبات من الهلع والخوف الشديد المصحوب بخفقان القلب وضيق التنفس والشعور بالموت القريب.
- اضطرابات ما بعد الصدمة: تحدُث نتيجة تجربة مؤلمة وتُسبب ذكريات مؤلمة وقلقًا نتيجة أحداث سابقة.
- اضطراب الرهاب الاجتماعي: الخوف من التعامل مع الآخرين والقلق الشديد من التفاعل معهم.
- اضطراب الوسواس القهري: تكرار الأفكار والأعمال الروتينية بشكلٍ مزعجٍ.
هل يمكن تقليل أعراض الإجهاد العصبي؟
الحقيقة أن معرفة المشكلة بالفعل هو نصف حلها؛ لذلك يجب على الشخص إدراك الأعراض الموجودة لديه لمنع تطورها ووصولها إلى أمراض جسدية ونفسية متفاقمة؛ ما يعني وجوب التوجّه المباشر إلى الطبيب لمعالجة الأعراض المتنوعة والتخفيف من الإجهاد، كما يُمكن استخدام بعض الأدوية للتخفيف من الأعراض الحادة والابتعاد عن المنبهات بكافة أشكالها؛ مثل الكوكايين والكحول التي تزيدها الأمور سوءًا، ومن هذه العلاجات التي يمكن تناولها وفق إرشادات الطبيب نذكر ما يلي:
- مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية.
- بعض العلاجات المضادة للقلق، التي تساعد غالبًا على النوم، لكن يجب استخدامها تحت إشرافٍ طبيٍّ ولفتراتٍ قصيرةٍ؛ لتجنّب الإدمان.
- مضادات الاكتئاب المتنوعة.
أسباب الإجهاد العصبي
عند الحديث عن أعراض الإجهاد العصبي يجب تحديد الأسباب المتنوعة التي تختلف في شدتها ومقدار تأثيرها؛ فبعضها أسباب تؤثر على المريض لفترةٍ بسيطةٍ ويزول الإجهاد بزوالها، ومنها أسباب تستمر لفتراتٍ طويلةٍ، ومن أهم هذه الأسباب:
- الإنتقال إلى مرحلة جديدة سواءً بدء مدرسة أو بدء وظيفة معينة، وهذا النوع من الإجهاد يعتبر في الغالب محمودًا؛ لأنه يحفز الإنتاج بشكل أكبر.
- الإصابة بمرض أو إصابة أحد أفراد الأسرة بمرض خطير.
- فاجعة موت شخص مقرَّب.
- الزواج.
- الولادة.
- الصراعات في العمل أو المنزل.
- فقدان العمل أو المنزل.
- تناول بعض العقاقير والأدوية؛ ومنها أدوية السمنة وأدوية الغدة الدرقية، بالإضافة إلى بخاخات الربو.
ما هي طرق إدارة الإجهاد العصبي؟
الإجهاد العصبي هو حالة طبيعية تحدث لجميع الأشخاص في أوقات مختلفة، لكن غير الطبيعي هو استمرار التوتر والقلق والاجهاد لفترة طويلة وعدم القدرة على السيطرة عليهم؛ لذلك يجب أولًا معرفة كيفية استجابة الجسم لهم؛ للتمكّن من إدارته بطريقةٍ سليمةٍ؛ إذ إنّ التعرض للمواقف المزعجة يعد أمرًا طبيعيًا، لكن طريقة تصرّف الأشخاص مع هذه المواقف هي المختلفة والتي تحتاج إلى إدارة في معظم الأوقات، خصوصًا عن استمراره لمدة أسابيع متواصلة، ومن هذه الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها ما يلي:
- زيادة النشاط البدني: ممارسة الرياضة والنشاط البدني بشكل عام تُساعد في إزالة التوتر من الجسم وتحسين مستوى النوم، وهذا بحد ذاته علاجٌ فعّالٌ لجميع أعراض الإجهاد النفسي والتوتر؛ إذ لاحظ العلماء ارتباطًا وثيقًا بين ممارسة الرياضة وتحسين مستوى النوم، لكن يجب تجنّب ممارسة التمارين الرياضية قبل النوم مباشرة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن التمارين الرياضية تحسّن الحالة المزاجية لأسباب متنوعة قد يكون أهمها إفراز بعض الهرمونات؛ مثل الأندروفين، التي تقلل الشعور بالألم وتهدّئ الجسم، ومن هذه التمارين السباحة والركض وركوب الدراجات والرقص.
- النظام الغذائي: اتباع نظام غذائي صحي يُقلل بشدة أعراض الإجهاد العصبي والتوتر ويُحسّن المزاج والصحة النفسية والجسدية على حد سواء؛ لذلك يجب الابتعاد في البداية عن الوجبات السريعة، التي تُعتبر الخيار الأول عند التعرض للتوتر أو القلق، لكنها في الحقيقة تُساهم بشكلٍ كبيرٍ في زيادة الأعراض؛ لذلك يجب البحث عن الكربوهيدرات المعقدة والبروتينات الخالية من الدهون، والتركيز على الأحماض الدهنية الموجودة في اللحوم والأسماك والمكسرات والبيض، كما يجب التركيز على مضادات الأكسدة التي تحمي الخلايا من التلف، ويمكن إجمال الأطعمة المفضلة لحالات الإجهاد العصبي بالفول والخضراوات والتوت والفواكه، وبعض التوابل؛ مثل الزنجبيل، كما يُفضّل أن يتضمن النظام الغذائي بعض العناصر الأساسية المهمة؛ مثل فيتامين سي والأوميغا 3 والمغنيسيوم.
- النوم الجيد: من أشد أعراض الإجهاد العصبي وأكثرها إزعاجًا الأرق وقلة النوم، الذي يدخل مرحلة الخطر إذا تكرر لمدة 3 مرات أسبوعيًا ولمدة تصل إلى 3 أشهر على الأقل، وهذا سيؤثر سلبًا على الجسم ويرفع مستوى التوتر والإجهاد؛ لذلك يجب ممارسة بعض السلوكيات التي تُقلل من الأرق وتمنح الجسم نومًا عميقًا؛ للمساعدة في التخلص من الإجهاد العصبي بالكامل، ومن هذه العادات والممارسات: ممارسة الرياضة بشكل دائم؛ مثل السباحة وركوب الدراجة أو الركض، والتعرض لضوء الشمس، وتقليل استخدام الأجهزة الإلكترونية في السرير.
- ممارسة تقنيات الاسترخاء: لا شك أن أفضل علاج لتقليل الإجهاد العصبي هو تخفيف الضغط على الأعصاب وزيادة استرخائها عن طريق بعض الممارسات؛ منها: تمارين اليوغا المعتمدة على الحركة البطيئة والتأمل؛ ومنها تقنيات التنفس العميق والتنفس من البطن، التي تساعد الجسم على الاسترخاء عن طريق ارسال كمية أكبر من الأكسجين للدماغ؛ مما يهدئ الجهاز العصبي ويساعده على الاسترخاء.
- التواصل مع الأصدقاء: قد يساعد قضاء الوقت مع الأصدقاء والأقارب في تقليل الإجهاد العصبي وتقليل التوتر؛ إذ يفرز الجسم هرمونًا يقلل الاستجابة للقتال.
- إدارة السلوك: قد يكون سبب الإجهاد العصبي الأساسي هو طريقة سلوكك تجاه الأشخاص؛ لذلك يجب أولًا تقليل الإلتزام تجاه الأشخاص، وتقسيم المسؤوليات، والابتعاد عن المواقف الساخنة أو المواجهة، كما يمكن تشتيت الانتباه باستخدام الموسيقى.
- التحكم بالصوت الداخلي: يجب عليك ممارسة التفكير الإيجابي والتحدث مع نفسك بطريقة إيجابية، واستبدال كافة الأفكار السلبية التي تعتبر المؤثر الأساسي عليك.
- العلاج بالضحك: الضحك يُدخل كميات أكبر من الأكسجين للقلب والرئتين والعضلات ويحسّن عمل جهاز المناعة، كما أنه يقلّل الألم؛ لذلك يمكنك ممارسة تقنيات الضحك عن طريق متابعة أشياء مضحكة، أو الجلوس مع أشخاص يساعدونك على الضحك.
اقرأ/ي أيضًا:
هل الإقلاع عن التدخين يزيد الوزن فعًلا؟