تحقيق مسبار
يهدف هذا المقال إلى التحقيق من ما إذا كانت نوبات الهلع تسبب الموت أم لا، مع ذكر العديد من الأعراض التي تُصاحب النّوبات عند الإصابة بها، كما يذكر المقال العديد من التفاصيل المُرتبة بأسباب الإصابة بهذه النّوبات وطرق علاجها، مع الإشارة إلى بعض الطّرق التي تُساعد المريض في إدارة النّوبات عند ظهورها أيضًا، وذلك إلى جانب ذكر المُضاعفات التي تنتج عن الإصابة بنوبات الهلع عند البعض؛ حيث تصل هذه المُضاعفات إلى الانتحار أحيانًا.
هل نوبات الهلع تسبب الموت فعلًا؟
على الرغم من الأعراض الجانبية الشديدة التي يشعر بها المريض عند الإصابة بنوبات الهلع؛ إلّا إنّ هذه النوبات لا تتسبب بالموت، ويُصاحب النوبات المذكورة تسارعًا كبيرًا في معدل ضربات القلب عادةً مع زيادة معدل التنفس، وينبغي على جميع المصابين التواصل مع مُقدّم الرعاية الصحية في شأن نوبة الهلع عند الشعور بتفاقم أعراض هذه الحالة المرضية، أو عدم تحسّن الأعراض الجانبية التي أدّت النوبة إلى الإصابة بها.
ما هي أعراض الإصابة بنوبات الهلع؟
بالرغم من عدم كون نوبات الهلع تسبب الموت؛ إلّا إنّ هناك العديد من الأعراض الجانبيّة التي تُصاحب هذه النوبات عادةً، ومنها ما يأتي:
- زيادة شدّة خفقان القلب.
- الشعور بالدوخة أو الدّوار.
- التعرّض لآلام في الصدر.
- ضيق التنفس.
- ظهور الآلام في المعدة.
- الشعور بالاختناق.
- فقدان السيطرة على النفس.
- الخدران والوخز في الأطراف.
- الشعور بالغثيان.
- تعرّض البطن إلى التقلّصات.
- ارتعاش الجسم أو اهتزازه.
- الشعور بالقشعريرة.
ما هي أسباب الإصابة بنوبات الهلع؟
لم يتوصّل المُختصّون إلى سبب الإصابة بنوبات الهلع حتّى الآن؛ إلّا إنّ خطورة الإصابة بهذا المرض تزداد عند وجود العوامل الآتية:
- العوامل الوراثية: يعتقد المُختصّون بأنّ العوامل الوراثية تؤدّي إلى الإصابة باضطرابات القلق المُختلفة؛ بما فيها اضطراب الهلع المعروف باسم نوبات الهلع، وهذا يعني أنّ خطورة الإصابة تزداد عند وجود فرد مُصاب من العائلة.
- المشاكل الصحية العقلية: تزداد نسبة الإصابة بنوبات الهلع عند الأفراد الذين يعانون من بعض الأمراض العقلية؛ ومنها: اضطرابات القلق والاكتئاب.
- تعاطي المخدرات: يرى المُختصّون بأنّ تعاطي المُخدرات يُمكن أن يؤدّي إلى الإصابة بنوبات الهلع، كما أنّ شُرب الكحول يزيد من إصابة الإنسان بهذا المرض أيضًا.
- التعرّض إلى الصدمات: يُمكن أن تتسبّب الصّدمات التي يتعرّض إليها الإنسان في طفولته أو في مرحلة البلوغ إلى ظهور نوبات الهلع، وكذلك الأحداث المُرهقة؛ مثل وفاة أحد الأقارب أو الأصدقاء.
- الأمراض المزمنة: يتعرّض بعض الأفراد إلى نوبات الهلع نتيجة لإصابتهم بالأمراض المُزمنة التي يصعب شفاؤها، أو بسبب التعرّض إلى الأمراض التي تُهدّد حياتهم.
- الرُهاب: يُعدّ الرّهاب واحدًا من العوامل التي تزيد من خطورة ظهور نوبات الهلع، ويشمل ذلك الخوف من الأماكن المُغلقة أو الخوف من الأماكن المُزدحمة، وكذلك يشمل الخوف من المرتفعات وأنواع الرُّهاب الأخرى.
كيف يتم علاج نوبات الهلع؟
هناك العديد من الطُرق التي يعتمدها الأطباء لعلاج نوبات الهلع بناءً على حالة المُصاب، وأبرزها الطرق الآتية:
- العلاج السلوكي المعرفي: يهدف العلاج السلوكي المعرفي إلى تغيير أنماط التّفكير عند المريض مع مُحاولة تغيير سلوكيّاته؛ بالشّكل الذي يضمن التعامل مع المخاوف بشكل واقعي بدلًا من الإصابة بالنوبات.
- التعرّض لنوبات الهلع: يقوم مُقدّم الرعاية الصحية في هذا العلاج بتعريض المريض إلى المخاوف مع مُراقبته في بيئة آمنة؛ وذلك ليستطيع المُصاب التكيّف مع مخاوفه وتعلّم الطّرق الصحيحة للتعامل معها وإدارتها.
- مُضادات الاكتئاب: يقوم الطبيب بتوجيه المريض إلى تناول مُضادات الاكتئاب في بعض الحالات؛ إلّا إنّ أثر هذه الأدوية يظهر بعد عدّة أسابيع، وينبغي على المُصاب بنوبة الهلع التزام العلاج حتّى لو لم يشعر بفائدة في الفترة الأولى.
- البنزوديازيبينات: تُعدّ البنزوديازيبينات من الأدوية التي تُسهم في الحدّ من القلق، ويُمكن تناولها عند الشّعور بنوبات الهلع؛ لتخفيف الأعراض على نحوٍ سريعٍ، لكنّها تُسبّب الإدمان مع العديد من الأعراض الانسحابيّة الخطيرة.
هل توجد طريقة لإدارة نوبات الهلع؟
يُمكن للمريض اتّباع الإرشادات الآتية لإدارة نوبة الهلع عند التعرّض إليها في المواقف المُختلفة:
- طمأنة النفس: على المريض طمأنة نفسه عند الإصابة بنوبة الهلع للحدّ من الأعراض؛ وذلك عن طريق تذكّر النوبات السابقة واستذكار عدم خطورتها أو عدم كون نوبات الهلع تسبب الموت، أو غيرها من المُضاعفات ذات التّأثير السيّء.
- التركيز على الأشياء الأخرى: يُمكن الحدّ من الأعراض الجانبية لنوبة الهلع من خلال التركيز بالأشياء الخارجة عن النّفس أو النوبة؛ مثل التّركيز بالمشاهد المُحيطة أو العدّ من مائة إلى واحد بشكل تنازليّ لنسيان النوبة.
- التنفس العميق: إنّ زيادة حدّة التنفّس من أبرز الأعراض التي تُصاحب نوبات الهلع وتؤدّي إلى مزيد من الخوف، ويمكن إدارة هذه الأعراض عن طريق مُحاولة أخذ نفس عميق للتحكّم في خروج الهواء ودخوله إلى الجسم.
- إغماض العينين: ينبغي على بعض المُصابين بنوبات الهلع إغماض العينين عند الإصابة بأيّة نوبة جديدة؛ وذلك إذا كانت إحدى مُحفزات الهلع موجودة في البيئة المُحيطة؛ حيث يُساعد ذلك في الحدّ من تحفيز الهلع والقدرة على إدارة النفس.
- الشعور بالأشياء المُحيطة: تؤدّي الإصابة بنوبات الهلع إلى الشّعور بالانفصال عن العناصر المُحيطة في بعض الحالات، ويجب التركيز على الأحاسيس الجسدية المألوفة عند المريض في هذه الحالة مع مُحاولة إدراك ما يدور حوله من الأشياء.
- اتباع تقنيات استرخاء العضلات: تُسهم تقنيات استرخاء العضلات في الحدّ من الأعراض التي تُصاحب نوبات الهلع وإيقافها من خلال المُساعدة في استجابة الجسم، وتكون هذه التقنيات ذات مفعول أكبر عند التدرّب عليها مُسبقًا.
- تصوّر المواقف الجميلة: توجد الكثير من المواقف والأشياء التي تُوفّر السعادة للإنسان عند استذكارها، ويُؤدّي تذكّر هذه المواقف إلى الحدّ من أعراض نوبات الهلع؛ ومنها تصوّر استنشاق رائحة الأزهار أو تصوّر شاطئ مُشمس.
- ممارسة التمارين الخفيفة: يُمكن للتمارين الخفيفة المُساعدة في التخلّص من نوبات الهلع نتيجةً لزيادة مُستويات الإندورفين في هذه الحالة، وهو هرمون يُساعد في تحسين المزاج.
ما هي مضاعفات نوبات الهلع؟
فيما يأتي بعضًا من أبرز مُضاعفات نوبة الهلع:
- القلق الاستباقيّ: يؤدّي التّفكير في احتماليّة الإصابة بنوبات الهلع إلى حالة تُعرف باسم القلق الاستباقيّ، ويُمكن أن يتسبب هذا العرض باستنزاف الشّخص إذا استمرّ مُدّةً طويلة؛ حيث يستمرّ عدّة أشهر في بعض الحالات.
- التخوّف المرَضيّ: يُعرف التخوف المرضي بأنّه خوف شديد وغير معقول من شيء مُحدّد، وهو واحد من المُضاعفات التي يُمكن أن تُصاحب نوبات الهلع، ومن ذلك الخوف من الأماكن المُغلقة.
- رُهاب الخلاء: يخاف الكثير من المُصابين بنوبات الهلع من التواجد في الأماكن التي يتوقعون حدوث النوبات فيها، ويُعرف هذا الخوف باسم رُهاب الخلاء، ويُصيب ثلثي الأشخاص الذين يعانون من نوبات الهلع تقريبًا.
- المشاكل الحياتية: يُعاني بعض من المُصابين بنوبات الهلع من المشاكل الحياتية؛ بسبب اجتناب المواقف والمُناسبات الاجتماعيّة، إلى جانب مواجهة المشاكل في العمل أو المدرس؛ ممّا يؤثّر على حياتهم اليومية بشكل ظاهر.
- الانتحار: يصل الأمر ببعض الذين يعانون من نوبات الهلع إلى التفكير بالانتحار نتيجةً للمشاكل التي يتعرضون إليها، ويقوم عدد منهم بالانتحار والموت، وليست نوبات الهلع تسبب الموت وحدها كما سبق.
ما هي طرق الوقاية من أعراض نوبات الهلع؟
تُساعد الإرشادات الآتية في الوقاية من الإصابة بنوبات الهلع:
- تلقّي العلاج بسرعة: على كافة المُصابين بنوبات الهلع تلقّي العلاج بسرعة فور التعرّض إلى إحدى النوبات؛ فإنّ ذلك يؤدّي إلى الحدّ من تفاقم الأعراض الجانبية وزيادة حدّتها وتواترها.
- التزام خطة العلاج: لا بُدّ من الالتزام بخطة العلاج التي يصفها الطبيب المُختص؛ ليتمكّن المريض من السيطرة على نوبات الهلع عند ظهورها، بالإضافة إلى الحدّ من هذه النوبات.
- ممارسة الأنشطة البدنية: تمنح الأنشطة البدنية للإنسان مزيدًا من السيطرة على التوتر وتحسين المزاج، إضافةً إلى تعزيز مستويات الثقة؛ لذلك ينبغي على المُصابين بنوبات الهلع ممارسة هذه الأنشطة للحدّ من أعراض النوبات عند وجودها.
- تناول الطعام بانتظام: يؤدّ تناول الأطعمة بشكل مُنتظم إلى المُحافظة على مُستويات السكّر في الدم ضمن النطاق الطبيعي، ويُساعد ذلك في الوقاية من أعراض نوبات الهلع عند المُصابين.
- اجتناب الكافيين والتدخين: لا بُدّ من اجتناب الكافيين وترك التدخين؛ للتّخفيف من حدّة نوبات الهلع عند الإصابة بها؛ فإنّ هذه الأشياء تؤدّي إلى تفاقم الأعراض بشكل كبير.
- ممارسة تمارين التنفس بانتظام: تُعدّ تمارين التنفس من أبرز التقنيات التي تُساعد على الحدّ من شدّة نوبات الهلع، ويُمكن للمريض مُمارستها بانتظام لمنع التعرّض إلى نوبات جديدة أيضًا.
هل الخوف من الموت طبيعي؟
يُعدّ الخوف من الموت أمرًا طبيعيًّا في كثير من الأحيان؛ إلّا إنّ هناك بعض الأشخاص الذين يعانون من قلق شديد يؤثّر على حياتهم اليومية بشكل كبير، ويُعرف هذا القلق باسم قلق الموت، وتُشير الأعراض الآتية إلى الإصابة بهذا المرض:
- الخوف غير المعقول من الموت: يُعاني المُصابون بقلق الموت من رُهاب شديد وغير معقول تجاه الموت، وينشأ هذا الخوف عن موقف مُحدّد أو شيء مُعيّن.
- اجتناب المواقف التي تُذكّر بالموت: يجتنب المُصابون برهاب الموت جميع المواقف والمُناسبات التي يُمكن أن تذكّرهم بالموت، ويُمكن أن تصل بهم الحالة إلى رفض مُغادرة المنزل تمامًا.
- التأثير على الحياة اليومية: يؤثّر مرض القلق من الموت على الحياة اليوميّة للمُصابون بشكل كبير، ومن ذلك التأثير على العمل وانخفاض التحصيل الدراسي.
- استمرار الخوف مدة طويلة: تستمرّ أعراض القلق من الموت فترة طويلة تبلغ ستة أشهر على الأقل، ويُمكن الحُكم على الشخص بأنّه مُصاب بهذا المرض إذا استمرت عليه الأعراض مُدة تزيد على ذلك.
كيف تتخلص من الخوف من الموت؟
تُساعد الطُرق الآتية في التخلص من اضطراب الخوف من الموت:
- العلاج بالكلام: يُساعد التحدّث إلى الآخرين بشأن المخاوف من الموت في الحدّ من أعراض القلق، بالإضافة إلى التعامل مع المشاعر بطريقة أفضل، كما يُمكن التحدّث بذلك مع مُقدّم الرعاية الصحية للحصول على خطوات العلاج المُناسبة.
- العلاج السلوكي المعرفي: يهدف هذا العلاج إلى تغيير طريقة التفكير المَرَضية عند المُصاب للتقليل من المخاوف؛ وذلك من خلال إيجاد الحلول العمليّة لمخاوفه من الموت.
- تقنيات الاسترخاء: تُسهم تقنيات الاسترخاء في التقليل من الأعراض التي تُصاحب القلق من الموت؛ ومنها أساليب التخيّل والتنفّس، وتؤدي مُمارستها باستمرار إلى التخلّص من المخاوف بشكل عام أيضًا.
- العلاج الدوائي: يلجأ الطبيب إلى العلاجات الدوائيّة؛ من أجل مُساعدة المريض في السيطرة على أعراض القلق لفترة مُحددة أثناء فترة العلاج السلوكيّ، ولا تكون الأدوية حلًا طويل الأجل للتغلّب على اضطراب القلق من الموت عادةً.
اقرأ/ي أيضًا:
هل أسباب الأمراض النفسية دائمًا معروفة؟
هل يمكن التخلص من مرض الخوف الاجتماعي؟