تحقيق مسبار
يحدثُ التهاب المسالك البولية عند النساء في مراحل حياتهنّ المختلفة مسببًا مجموعةً من الأعراض والمشاكل المتفاوتة من حيث الشدّة، كما تُصيب هذه الالتهابات عدّة أجزاء من الجهاز البولي؛ منها مجرى البول أو المثانة، وقد تصل إلى الكلى، لكن ما هي طرق العلاج والأعراض بشكل مُفصّل، والأسباب ومؤشرات الخطر؟... كل هذا سنتحدث عنه في مقالنا وفق نتائج أبحاث ودراسات متعددة.
ما هو التهاب المسالك البولية عند النساء؟
عدوى المسالك البولية هي عبارة عن عدوى تُصيب الجهاز البولي، وتشمل مجرى البول في حالة مرضية تُسمى التهاب الإحليل، أو التهاب الحويضة والكلية، أو التهاب المثانة، وتحدث هذه الالتهابات عادةً بسبب دخول البكتيريا إلى الجهاز البولي؛ إذ ينتج البول عادةً من ترشيح الدم عن طريق الكلى ويكون خاليًا من الجراثيم، لكن في حالات العدوى تدخل الجراثيم والبكتيريا إلى الجهاز البولي مسببةً أنواعًا مختلفةً من الالتهابات.
تعريف المسالك البولية
المسالك البولية هي عبارة عن أجزاء من الجسم تنتج الفضلات السائلة على شكل بول يتم تخزينه وإخراجه من الجسم، وتشمل هذه المسالك الأجزاء التالية:
- الكلى: توجد الكليتان في أسفل الظهر فوق الوركين مباشرةً، وتعمل على ترشيح الدم في الجسم؛ لإزالة الماء والفضلات منه على شكل بول.
- الحالبان: وهي عبارة عن أنبوبين رفيعين ينقلان الفضلات أو البول من الكلى إلى المثانة.
- المثانة: عبارة عن وعاء يتم تخزين البول فيه لتهيئته للخروج من الجسم.
- الإحليل: وهو الأنبوب المسؤول عن نقل البول من المثانة إلى خارج الجسم.
الحالات الأكثر شيوعًا
تُعتبر التهابات المسالك البولية عند النساء شائعة الحدوث بشكلٍ كبير؛ إذ تُصيب 1 من 5 نساء في إحدى مراحل حياتهنّ، لكنها قد تُصيب الرجال أيضًا وكبار السن والأطفال على حدٍّ سواء، لكنها تُعتبر أكثر شيوعًا لدى النساء بسبب قُصر مجرى البول واقترابه من فتحة الشرج؛ حيث تنتشر البكتيريا الإشريكية القولونية بشكل كبير، كما قد تزداد فرص الإصابة بالتهاب المثانة عند كبار السن؛ بسبب عدم اكتمال تفريغها بسبب مجموعة من الحالات المرتبطة بذلك؛ مثل تضخم البروستاتا أو تدلّي المثانة، وفي حال تكرارها يلجأ الطبيب عادةً إلى فحوصات أكثر دقة؛ لتحديد سبب تكرارها الفعلي الذي قد يكون ناتجًا عن مرض السكري أو غيره من الحالات الصحية، كما يتم علاج العدوى المتكررة عادةً عن طريق جرعات منخفضة من المضادات الحيوية؛ بسبب الخوف من تكوين الجسم لِمقاومة ضد المضادات الحيوية مُسببًا الإصابة بأنواع أخرى من العدوى؛ مثل التهاب القولون المطثية العسيرة.
الفرق بين التهاب المسالك البولية وعدوى المثانة
تُعتبر التهابات المسالك البولية أهم من التهابات المثانة؛ إذ تُعبّر التهابات المسالك البولية عن الالتهاب الذي يُصيب جميع أجزاء المسالك ومنها المثانة، فيما تُعبّر التهابات المثانة عن عدوى مُحدّدة تُصيب المثانة فقط عن طريق مجموعة من البكتيريا التي تصل لها بطرقٍ متعددة، أيضًا ليس بالضرورة وصول جميع التهابات المسالك البولية إلى المثانة، بل يُمكن منع انتشارها ووصولها إليها عن طريق علاج التهاب المثانة وحرقان البول بسرعة بمجرد ظهور الأعراض، لكن في حال التأخّر في علاجها فقد تصل إلى المثانة مُسببةً أعراضًا أكثر شدّة، كما قد تصل هذه الالتهابات إلى الكليتين أيضًا، وتسبّب نوعًا من العدوى المعقدة التي تحتاج لعلاج أكثر تطورًا وتعقيدًا.
ما هي أعراض التهاب المسالك البولية؟
تحدث هذه الالتهابات نتيجة مجموعة من الكائنات الحية الدقيقة؛ مثل البكتيريا التي تدخل مجرى البول والمثانة، التي قد تصل في طريقها إلى الكلى عبر الحالبين، وتعتبر أكثر أسباب التهاب المثانة البكتيريا الإشريكية القولونية الموجودة في الأمعاء. قد تُسبب عدوى المسالك البولية مجموعةً من الأعراض تتمثل في:
- ألم حادّ في الجانب أو منطقة الحوض والبطن.
- الشعور بضغط أسفل الحوض.
- تكرار الحاجة إلى التبول خصوصًا في الليل مع الاستعجال أحيانًا، كما قد يصاحبها سلس في البول.
- عسر البول أو الألم أثناء التبول مع عكورة البول وتغير لونه، وكراهة رائحته.
- ألم أثناء الجماع للرجال والنساء على حدٍّ سواء، أو ألم في القضيب لدى الرجال.
- التعب العام في الجسم.
- ارتفاع درجة الحرارة والقيء والقشعريرة.
- الارتباك وبعض التغيّرات العقلية.
ما هي أعراض التهاب المثانة والمسالك البولية؟
بالنسبة للالتهاب المثانة فالأعراض لا تختلف كثيرًا عن التهاب المسالك البولية، لكنها قد تكون أشدّ وتستمر لفترة أطول مع ظهور دم في البول، كما أن ارتفاع درجة حرارة الجسم والقشعريرة والتقيؤ تُعتبر من العلامات الخاصة بالتهاب المثانة؛ إلّا إنّها قد تكون دلالة على أمراض أكثر خطورة؛ مثل الحصى في الكلى، أو التهاب الكلى.
أنواع التهاب المثانة
تتعدد أنواع التهاب المثانة وتنقسم بحسب الأسباب؛ ومنها:
- التهاب المثانة الجرثومي: يحدث هذا النوع بسبب دخول البكتيريا في مجرى البول، أو بسبب اختلال توازن البكتيريا في الجسم، وهذا النوع يجب علاجه قبل وصوله إلى الكليتين.
- التهاب المثانة الناجم عن الأدوية المخدرة: بعض الأدوية تسبب ضررًا للمثانة عند خروجها من الجسم؛ ومنها أدوية العلاج الكيميائي؛ مثل: سيكلوفوسفاميد وإيفوسفاميد.
- التهاب المثانة الإشعاعي: قد يُسبب العلاج الإشعاعي لمرضى السرطان إتلاف الخلايا والأنسجة السليمة في المثانة ومنطقة الحوض مُسببًا التهاب المثانة.
- التهاب المثانة بسبب القسطرة البولية: بعض المرضى الذي يستخدمون القسطرة البولية يُصابون أحيانًا بالتهاب المثانة وتلف الأنسجة، وانتشار بعض أنواع البكتيريا المسببة للالتهاب.
- التهاب المثانة الكيميائي: بعض منتجات الاستحمام والتنظيف، وبعض أنواع موانع الحمل، قد تُسبب تهيج المسالك البولية والتهابها؛ مثل: الهلام المُستخدم لقتل الحيوانات المنوية، أو العزل الأنثوي، أو بخاخات التنظيف الأنثوية المحتوية على العطور.
- التهاب المثانة المرتبط بحالات مرضية: بعض الأمراض قد تُسبب التهابًا في المثانة؛ مثل: مرض السكري وفيروس نقص المناعة وحصوات الكلى، كما قد يكون بسبب تضخم البروستاتا أو أيّ إصابة في العمود الفقري.
كيف يتم تشخيص التهابات المسالك البولية؟
لتشخيص عدوى المسالك البولية يلجأ الطبيب إلى القيام ببعض الاختبارات، ويُذكر منها ما يلي:
- تحليل البول: يتم في هذا الاختبار البحث عن خلايا الدم الحمراء والبيضاء، التي قد يُشير عددها إلى وجود عدوى في البول.
- زراعة البول: بعد التأكّد من وجود عدوى في البول يتم إجراء زراعة لتحديد نوع البكتيريا في البول، ليتم بعدها تحديد العلاج المناسب.
- الموجات فوق الصوتية: يلجأ الطبيب عادةً إلى مثل هذا الاختبار في حال تكرار العدوى وعدم النجاح في علاجها؛ للتأكّد من سبب الالتهاب؛ عن طريق تصوير الأعضاء الداخلية باستخدام الموجات الصوتية التي تخترق الجلد دون التسبّب بالألم.
- تنظير المثانة: يتم هذا الاختبار عن طريق أداة خاصة يتم إدخالها إلى المثانة، تحتوي في آخرها على عدسة ومصدر ضوئي لِتصوير المثانة من الداخل، ويُعتبر هذا الإجراء من الإجراءات المتقدمة.
- الفحص بالأشعة المقطعية: يُعتبر هذا من خيارات التصوير الأُخرى المتاحة، التي يتم فيها إجراء تصوير مقطعي لأجهزة الجسم الداخلية.
ما هي طرق علاج التهاب المسالك البولية؟
قد يكون التهاب المسالك البولية عند النساء من الحالات الشائعة التي يُمكن علاجها بسهولة باستخدام المضادات الحيوية، لكن التأخّر في علاجها وتكرارها قد يُسبّب مضاعفات خطيرة؛ مثل عدوى المثانة أو عدوى الكلى، كما أن بعض الأجسام تعتاد على أنواع معينة من المضادات وتكيّف العدوى معها ويصبح من الصعب علاجها، وهذه الحالة تسمى عدوى مقاومة للمضادات الحيوية، عندها يبدأ التفكير في علاجات أخرى بديلة، خصوصًا في حال تكرار هذه الالتهابات، ومن هذه العلاجات:
- شرب الكثير من السوائل: قد يكون الانتظار وشرب كميات كبيرة من السوائل هو العلاج المناسب لبعض أنواع الالتهابات، خصوصًا المتكررة منها.
- العلاج عن طريق الوريد: بعض الحالات المتطوّرة والخطيرة تحتاج إلى التوجّه للمستشفى والعلاج بواسطة المضادات الحيوية عبر الوريد، خصوصًا في حال انتقال العدوى إلى الكلية، ثم التحوّل للمضادات الحيوية الفموية؛ لإكمال خطة العلاج في المنزل.
- العلاج عن طريق الطرق الطبيعية: بعض الأشخاص يعتقدون أن عصير التوت البري يساعد في علاج الالتهابات البولية أو أنه على أقل تقدير يقيّ منها، لكن الحقيقة أن الأبحاث والدراسات العلمية لم تتحدث عن فائدة التوت البري في علاج التهاب المجاري البولية.
علاج التهاب المثانة وحرقان البول
بالرغم من أن التهاب المثانة يُعتبر حالة متطورة من التهاب المسالك البولية عند النساء؛ إلّا إنّ علاجه مُمكن عن طريق شرب الكثير من السوائل وتناول بعض المشروبات القلوية؛ مثل صودا الخبز، وتجنّب المشروبات الحمضية لأنها تلغي تأثير المكونات القلوية، وفي حال استمرار الالتهاب يمكن العلاج بإحدى الطرق التالية:
- العلاج باستخدام المضادات الحيوية: يتم عادةً علاج المسالك البولية بواسطة المضادات الحيوية، التي تعمل على مكافحة العدوى وقتل البكتيريا، ويجب عندها اتباع ارشادات الطبيب حول استخدام المضادات والاستمرار في تناولها لفترة زمنية حتى بعد اختفاء الأعراض، وفي حال عدم علاج العدوى بالكامل فيمكن للطبيب اختيار نوع آخر من المضادات، أو تكرار العلاج في الحالات الشديدة، وتُستخدم المضادات عادةً لعلاج التهاب المثانة الجرثومي، ومن هذه المضادات الحيوية:
- أموكسيسيلين.
- السلفوناميدات.
- دوكسيسيكلين.
- نتروفورانتوين.
- السيفالوسبورينات.
- العمليات الجراحية: يُمكن علاج التهاب المثانة جراحيًا في الحالات الخطيرة والمزمنة، أو في علاج المشاكل الهيكلية.
- العلاجات المنزلية: بعض العلاجات المنزلية قد تكون ناجحةً في تخفيف الأعراض وعلاج التهاب المثانة؛ مثل:
- استخدام كمادات المياه الدافئة على الظهر والبطن.
- استخدام المسكنات؛ مثل الإيبوبروفين، لتخفيف الألم.
- تطهير منطقة الحوض عن طريق الحمامات المطهرة والمغاطس.
- شرب عصير التوت البري أو تناول أقراصه.
- شرب الكثير من السوائل.
هل يمكنني منع التهاب المسالك البولية؟
يُمكن التقليل من انتشار عدوى المسالك البولية والإصابة بالتهاب عن طريق تغيير بعض السلوكيات واتباع بعض النصائح؛ مثل:
- الحرص على النظافة: لمنع التهاب المسالك البولية عند النساء والرجال بشكل عام يُمكن المحافظة على النظافة الشخصية؛ عن طريق تنظيف المنطقة جيدًا بالماء والغسولات الخاصة، والمسح من الأمام إلى الخلف لمنع انتقال البكتيريا الإشريكية عبر فتحة الشرج، كما يجب زيادة الحرص على النظافة الشخصية أثناء فترة الحيض لتجنب العدوى؛ مثل تغيير الفوط الصحية باستمرار، والاستحمام اليومي لتقليل انتشار البكتيريا.
- شرب الكثير من السوائل: لا شك أن أفضل طرق الوقاية من الالتهابات هو شرب كميات كبيرة من السوائل، وخاصةً الماء، للتخلص من البكتيريا الضارّة في المسالك البولية؛ إذ يُوصى عادةً بتناول 6-8 أكواب من الماء يوميًا.
- تغيير عادات التبول: يُعتبر البول هو النفايات التي تنتجها المثانة؛ لذلك فإن التخلص منها بشكل دوري يعتبر أمرًا ضروريًا للحفاظ على صحة المسالك البولية، ويُمكن زيادة عدد مرات التبول عن طريق زيادة شرب السوائل مع تجنّب المشروبات التي تُسبب تهيج المثانة؛ مثل عصائر الحمضيات والمشروبات الغنية بالكافيين، بالإضافة إلى المشروبات والمأكولات الحارّة، كما يُنصح عادةً بالتبول بعد ممارسة الجنس مباشرةً؛ لطرد البكتيريا الداخلية للأمعاء أثناء الجماع، أيضًا يُنصح بغسل المناطق التناسلية بالماء الدافئ قبل ممارسة الجنس.
- تغيير وسائل منع الحمل: تُصاب بعض النساء بالتهاب المسالك البولية بسبب استخدام أنواع معينة من وسائل منع الحمل؛ مثل العازل الأنثوي.
- استخدام المزلقات المائية أثناء ممارسة الجنس: تستخدم بعض النساء أنواعًا مختلفة من المزلقات؛ بسبب جفاف المهبل؛ لذلك يُفضل عادةً استخدام المزلقات المائية بدلًا من المزلقات الزيتية التي قد تُسبب التهيّج أحيانًا.
- تغيير طبيعة الملابس: يُمكن تجنّب الملابس الضيقة للحفاظ على جفاف المنطقة ومنع البكتيريا من النمو، كما يُمكن اختيار الملابس الداخلية القطنية لمنع الرطوبة في هذه المناطق.
- استخدام كريمات الأستروجين: بعض النساء في مرحلة انقطاع الحيض يعانينّ من كثر الالتهابات؛ بسبب التغيّر في درجة حموضة المهبل؛ لذلك يُمكن إعطاؤهنّ كريم مهبلي يحتوي على الأستروجين لموازنة الحموضة.
- تناول بعض المكملات الغذائية: قد تُساعد بعض المكملات الغذائية في الوقاية من عدوى المسالك البولية.
اقرأ/ي أيضًا:
هل هناك أسباب لتغير لون البول إلى البني؟