تحقيق مسبار
تزدادُ أهمية البحث عن طرق علاج نقص مخزون الحديد؛ بسبب الأضرار التي يُسببها نقصه في الجسم والمضاعفات المحتملة، التي يُمكن اعتبارها أهم وأخطر من مجرد نقص معدن معين في الجسم، لذا يجب البحث عن طرق تعويضه بشكل أو بآخر، لكن ما هي هذه المخاطر والأضرار، وطرق العلاج إن وجدت، والأسباب وغيرها من الأمور المتعلقة بنقص الحديد بحسب دراسات وأبحاث علمية مؤكّدة؟...
هل نستطيع علاج نقص مخزون الحديد؟
نعم؛ يمكن العلاج عن طريق اتباع مجموعة من الإرشادات والنصائح أو العلاجات التي يتم وصفها من قبل الطبيب، الذي يعمل على إجراء بعض الاختبارات للتأكّد من حجم النقص، ثم اتباع خطة العلاج المُعتمدة على السبب أحيانًا، ويُمكن فعليًا علاج هذا النقص بعدّة طرق لاستعادة مستويات الهيموجلوبين الطبيعية في الدم عن طريق ما يلي:
- تناول الأطعمة الغنية بالحديد: تبدأ خطة العلاج بتعزيز النظام الغذائي بالأغذية الغنية بالحديد؛ ومن أمثلتها:
- اللحوم الحمراء بمختلف أنواعها؛ من لحم الماعز ولحم البقر والدواجن.
- الخضراوات الورقية؛ ومنها السبانخ واللفت.
- الفاكهة المجففة؛ ومن أمثلتها المشمش والزبيب.
- البقوليات؛ ومنها الفاصولياء والبازيلاء.
- البذور والمكسرات.
- مكملات الحديد: قد يصف الطبيب بعض مكملات الحديد في حال عدم إمكانية الحصول على الكميات المطلوبة من الغذاء، لكن هذه المكملات قد تُسبب بعض الآثار الجانبية؛ مثل الاضطرابات في الجهاز الهضمي المتمثلة في ألم في المعدة أو إسهال أو إمساك، وقد تُسبب الغثيان أو القيء أحيانًا مع تغيّر لون البراز إلى اللون الأسود الداكن.
- تجنّب بعض الأطعمة: بعض الأشخاص لا يجدون نتائجًا أثناء تناول مكملات الحديد أو أثناء تناول الأغذية الغنية بالحديد؛ بسبب بعض الأطعمة الأخرى التي تمنع امتصاصه؛ مثل مضادات الحموضة أو الحليب أو الأطعمة الغنية بالألياف أو الكافيين؛ لذلك يجب محاولة فصلها عن مصادر ومكملات الحديد وتجنّب تناولها معها.
- تناول أغذية تعزز امتصاص الحديد: قد يُوصي الطبيب بتناول أغذية مُساعدة على تعزيز امتصاصه؛ مثل الأطعمة الغنية بفيتامين سي.
- معالجة أسباب النزيف: إذا كان النقص بسبب أحد أنواع النزيف فخطط العلاج لن تكون ناجحة، سواءً بتناول المكملات أو العلاجات؛ إن لم يتم علاج أسباب النزيف المُسبّب لنقص الدم؛ وبالتالي نقص الحديد.
أعراض نقص مخزون الحديد
قد لا تكون الأعراض متشابهة عند جميع الناس؛ لأن شدّتها تختلف باختلاف كمية ومدّة النقص وعمر المريض والعديد من العوامل الأخرى، فيما قد يُعاني البعض من نقص الحديد دون حصول أي أعراض؛ إلّا إنّ أهم الأعراض تتمثل فيما يلي:
- التعب الشديد: يُعتبر التعب الشديد والإرهاق من أهم الأعراض وأكثرها وضوحًا، كما قد يكون من أعراض النقص الخفيف غير المُسبّب لفقر الدم بحسب العديد من المصادر الموثوقة، وتبرير ذلك أن نقص الحديد كما ذكرنا يُقلّل عدد كريات الدم الحمراء الناقلة للأكسجين، ما يعني انخفاض كمية الأكسجين الواصل لهذه الأنسجة والعضلات؛ ممّا يُسبب انخفاض طاقتها بشكل عام، وحاجة القلب لبذل مجهود أكبر لنقل الدم والأكسجين لها، وهذه العملية تُسبب الإرهاق والتعب للجسم، وهذا قد يكون مسببًا لأعراض أكبر؛ منها التهيج، وصعوبة التركيز، والتوتر الناتج عن انخفاض الطاقة في الجسم.
- شحوب واصفرار الجلد: من العلامات الظاهرة على الجسم المُصاب بنقص الحديد الشحوب بِإصفرار الجلد بشكل كبير وظاهر؛ لأن الهيموجلوبين يمنح خلايا الدم اللون الأحمر، ونقصه يعني ظهور الدم بلون أقل احمرارًا؛ ممّا يجعل الجلد يفقد لونه أو دفئه قليلًا، ويظهر هذا الشحوب في مختلف أجزاء الجسم؛ مثل الوجه والجفون وحتى في الأظافر التي تُصبح أقل حيوية وأكثر شحوبًا، لكن الشحوب عادةً لا يظهر إلّا في الحالات الشديدة أو المتوسطة.
- ضيق التنفس: ذكرنا أن للحديد دورًا مهمًا وأساسيًا في نقل الأكسجين؛ بسبب تكوين الهيموجلوبين المُكوّن لنواقل الأكسجين، وهذا يقودنا إلى أن نقصه سيُسبب بالتأكيد نقص الأكسجين في الجسم، الذي يظهر جليًا عند القيام بأي مجهود عضلي وازدياد حاجة الجسم للأكسجين، عندها يبدأ الشعور بضيق التنفس؛ لأنّ الجسم غير قادر على نقل كميات أكبر من الأكسجين، وهذا أيضًا من الأعراض الشائعة والدلالات على نقص الحديد.
- الصداع: قد يكون الصداع من الأعراض التي تُصيب النساء بشكل أكبر بحسب مصادر موثوقة بالرغم من عدم معرفة الرابط بين الحالتين؛ إلّا إن بعض الخبراء والباحثين يعتقدون أن السبب هو التغيّر في مستوى هرمون الأستروجين وعلاقته مع الدوبامين؛ إلّا إنّ الأمر بحاجة إلى أبحاث أكثر، لكن المؤكّد أنّ الصّداع قد يكون أحد الأعراض الواضحة.
- خفقان القلب: من الأعراض المهمة أيضًا وضوح دقات القلب المعروف بالخفقان، الذي يُعتقد أنه مرتبط بزيادة مجهود القلب لإيصال الأكسجين إلى جميع أنسجة وأعضاء الجسم؛ بسبب نقص الهيموجلوبين الناتج عن نقص الحديد، وهذا بشكل عام يُسبب عدم انتظام ضربات القلب وخفقانه بشكل مختلف عن المعتاد.
- تلف الشعر والجلد: قد يكون تساقط الشعر وجفافه من العلامات والأعراض الواضحة لنقص الحديد، كذلك الأمر بالنسبة لجفاف البشرة؛ وذلك نتيجة نقص الأكسجين الضروري لنمو الخلايا.
- مشاكل الفم والأسنان: الحقيقة أن نقص الحديد يؤثر سلبًا على جميع أعضاء الجسم؛ ومنها الفم والأسنان؛ إذ قد يُسبب انتفاخ أو التهاب اللسان أو جفاف الفم وتقرحاته، بالإضافة إلى ظهور بعض التشققات وغيرها من الأعراض الناتجة عن نقص الأكسجين.
- تململ الساقين: وهي عبارة عن رغبة شديدة في تحريك الساقين أثناء الجلوس أو النوم مُسببةً انزعاجًا شديدًا وصعوبةً في النوم، وهذه من الأعراض المهمة لنقص الدم الناتج عن نقص الحديد؛ بالرغم من عدم معرفة أسبابها بشكل فعلي؛ إلّا إنّها تصيب قُرابة 25% من المصابين.
- اختلاف الأظافر: الأظافر ليست بمعزل عن المتغيّرات الحاصلة للجسم، بل إنّها تُعبّر عادةً عن حالته الصحية، وفي حال نقص الحديد فإنّها تبدو هشّة وسهلة التكسير، وقد تزداد الأمور سوءًا وتصبح على شكل ملعقة؛ أيّ أن منتصفها مغموس مكانه مع ارتفاع الحواف لتصبح دائرية بشكل الملعقة، وهذا الاختلاف بشكل الأظافر أيًّا كانت النتيجة يكون دلالةً على نقص الحديد في الجسم، لكنّه يُعتبر من الأعراض النادرة؛ إذ قد يحصل لـ 5% فقط من المرضى.
- أعراض أقل حدوثًا: قد يحدث أحيانا أعراض أقل شيوعًا ترتبط غالبًا بنقص الحديد؛ منها:
- اشتهاء مأكولات غريبة: يُلاحظ في بعض الأطفال أو الأشخاص رغبةً غريبةً في تناول أطعمة وأشياء مختلفة؛ مثل: الطين أو الورق أو الطباشير، وهذه الأمور قد تكون بسبب نقص الحديد بحسب مصادر موثوقة رغم صعوبة تحديد السبب.
- الاكتئاب: قد يكون الاكتئاب من الأعراض الأقل شيوعًا؛ إلّا إنّه يُعتقد أنه يُصيب النساء الحوامل أكثر من غيرهنّ، وهذا قد يكون بسبب ارتباطه بالأعراض الأخرى.
- برودة الأطراف: وهذا ناتج عن نقص الأكسجين الواصل للأطراف؛ مثل القدمين والرجلين.
- سهولة المرض: قد يُسبب نقص الحديد سهولة العدوى من الأمراض المتنوعة؛ بسبب اختلال عمل جهاز المناعة.
ما هي أسباب نقص الحديد المتكرر؟
عند الحديث عن علاج نقص مخزون الحديد يجب معرفة أسبابه بشكل فعلي؛ لمحاولة تجنّبها وتقليل المخاطر المحتملة؛ إذ يُمكن إجمال الأسباب فيما يلي:
- نقص كمية الحديد في الغذاء؛ بسبب اتباع بعض الأنظمة الغذائية؛ مثل الأنظمة النباتية.
- الحمل؛ إذ تزداد احتياجات الجسم للحديد أثناء الحمل.
- النزيف في فترات الحيض؛ لذلك تُعتبر النساء أكثر عرضةً لنقصه.
- ضعف امتصاص الحديد؛ بسبب مجموعة من الأمراض في الجهاز الهضمي؛ منها التهاب الأمعاء أو تقرحات المعدة.
- نزيف المعدة أو الأمعاء الناتج عن أسباب متنوعة؛ منها:
- تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية؛ مثل الأسبرين والإيبوبروفين.
- قرحة المعدة.
- سرطان الأمعاء وسرطان المعدة.
- البواسير.
تعريف نقص مخزون الحديد
قبل الحديث عن علاج نقص مخزون الحديد وأسبابه يجب أولًا تعريفه وطريقة الكشف عنه وتشخيصه؛ إذ يُعبّر نقص الحديد عن نقص كمية الحديد في الجسم اللازمة لصنع الهيموجلوبين، المعروف بأنه بروتين أساسي في خلايا الدم الحمراء الناقلة للأكسجين في الجسم، ما يعني أن نقص الأكسجين يُسبب نقص الهيموجلوبين؛ وبالتالي نقص الأكسجين الواصل إلى الأنسجة والعضلات، وهذه حالة تُسمى فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، وهو أبرز أنواع نقص الدم وأكثرها شيوعًا، من هنا نستطيع تأكيد المعلومة الأساسية في مقالنا وهي أن نقص الحديد لا يُعتبر مشكلة عرضية، لكنّه السبب في مشكلات أكبر وأخطر؛ لذلك تكمُن الحاجة في علاجه.
أضرار نقص مخزون الحديد
الحقيقة أن مشكلة نقص مخزون الحديد عبارة عن حالة مرضية تُسبب مجموعة من المضاعفات والأضرار الأكبر من كونها حالة طبية معينة بحاجة إلى علاج فقط؛ إذ إنّها قد تتطوّر وتُسبب بدايةً فقر الدم الناجم عن نقص الحديد المعروف باسم الأنيميا، كما أنُها قد تُسبب المضاعفات التالية:
- مشاكل قلبية متنوعة: ذكرنا أن نقص الحديد مُرتبط ببعض المشاكل القلبية، التي قد تتطوّر وتصل إلى قصور القلب أو تلفه بسبب زيادة مجهوده.
- الكآبة: بالرغم من أنها واحدةً من الأعراض؛ إلّا إنّها تعتبر أيضًا من ضمن المضاعفات.
- الإصابة بالعدوى: نقص الحديد ونقص الأكسجين الناتج عنه يُضعف جهاز المناعة ويُقلّل فعاليته في مقاومة الأمراض ومُسبباتها.
- مشاكل الحمل: تحتاج الحامل لكميات أكبر من الحديد والدم؛ لإمداد الطفل باحتياجاته الخاصة؛ لذلك فإنّ نقصه في الجسم قد يُشكّل خطورةً على الجنين.
- مشاكل في نمو الأطفال: عند إصابة الطفل بنقص الحديد فإن ذلك سيُؤثر على نموّه بشكل عام، وعلى قدراته الإدراكية والعقلية بشكل خاص، كما أنّهم مُعرّضون أكثر للإصابة بالأمراض والعدوى.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن تمييز أعراض نقص الزنك؟
هل هناك علاج ناجح لنقص فيتامين د؟