تحقيق مسبار
تتعدد فوائد الصيام المتقطع ويَكثُر الحديث مؤخرًا عن نتائجه المبنيّة على دراسات وأدلّة علمية بحتة، لكن قبل الحديث عن الفوائد يجب معرفة أنّه لا يُعتبر نظامًا غذائيًا، بل يعني بالمجمل اتباع نمط معين للأكل مبنيّ على الانتقال بين فترات الأكل والصيام، هنا سنتحدث عن أهم طرقه وفوائدِه المثبتة للجسم بشكل عام.
ما هي أهم فوائد الصيام المتقطع؟
تتعدد الفوائد المحتملة والمؤكدة لِلصيام المتقطع، التي يمكن إجمالها في النقاط التالية:
تغيير وظيفة الهرمونات والجينات والخلايا
عند اتباع حمية الصيام المتقطع يحدث في الجسم مجموعة من المتغيرات، منها تغيّر مستوى الهرمونات في الجسم؛ لتسهيل الوصول إلى الدهون المخزنة والبدء ببعض الإصلاحات الخلوية المهمة، ومن أهم هذه التغيرات:
- خفض مستويات الأنسولين: تنخفض مستويات الأنسولين في الدم، وهذا يُساعد في حرق الدهون بشكل أكبر.
- زيادة مستويات هرمون النمو البشري: تزداد مستويات هرمون النمو في الدم، الذي يُساعد بدوره على حرق الدهون وبناء العضلات.
- الإصلاح الخلوي: يبدأ الجسم ببعض الإصلاحات الخلوية؛ ومنها إزالة النفايات بحسب مصادر موثوقة.
- التغيّرات الجينية: تحدث مجموعةٌ من التغيّرات الجينية المتعلقة بالحماية من الأمراض وزيادة متوسط العمر.
إنقاص الوزن وكمية الدهون الحشوية
قد يكون الهدف الأساسي من اتباع الصيام المتقطع إنقاص الوزن وتقليل كمية الدهون الحشوية بحسب العديد من الدراسات الموثوقة؛ لأن الصيام المتقطع يُقلّل كمية الطعام المتناول وكمية السعرات الحرارية، كما أنّه يُعزز وظائف الهرمونات المسؤولة عن انقاص الوزن؛ ومنها هرمون الأنسولين وهرمون النمو، التي تُساعد معًا في زيادة تكسير الدهون لاستخدامها في الحصول على الطاقة، كما أنه يُساعد على حرق كميات أكبر من السعرات الحرارية؛ إذ أثبتت دراسة علمية حصلت عام 2014 أن الصيام المتقطع يُقلّل الوزن بمعدل 3-8% خلال فترة تتراوح بين 3-24 أسبوعًا، كما أنها تُقلّل محيط الخصر بمعدل 4-7% خلال مدّة تتراوح بين 6-24 أسبوع، وهذا دليل على فقدان كمية من الدهون الحشوية، وهي الدهون الضارّة الموجودة في البطن، كما أنها تُقلّل من فقدان العضلات الناتج عن تقييد كمية السعرات الحرارية بحسب مصادر موثوقة؛ إلّا إنّ هذه الدراسات لا تُعتبر كافيةً بسبب وجود دراسات معاكسة تُثبت أن الوزن المفقود قد يكون عبارة عن كتلة عضلية أحيانًا.
تحسين صحة الدماغ
يمكن أن يُساهم هذا النوع من الصيام في تحسين صحة الدماغ عن طريق تحسين عمليات التمثيل الغذائي المتنوعة، وزيادة نمو الخلايا العصبية الجديدة، وزيادة مستويات هرمون الدماغ المعروف باسم عامل التغذية العصبية، الذي يُسبب نقصه مجموعةً من الأمراض أهمها الاكتئاب، كما انُه يُقلّل أو يحمي من تلف الدماغ الناتج عن السكتات الدماغية؛ لأنه قد يُقلّل من:
- الأكسدة.
- مستوى السكر في الدم.
- مقاومة الأنسولين.
تحسين صحة القلب
قد يُحسّن الصيام المتقطع من صحة القلب، الذي يُعتبر الخطر الأول في العالم والمُسبّب الرئيسي للوفيات، وذلك عن طريق تحقيق مجموعة من الفوائد التي تعود بالنفع على القلب والأوعية الدموية بحسب مجموعة من الدراسات التي تم إجراؤها على الحيوانات في انتظار إثباتها على الإنسان، ومنها:
- تنظيم مستوى السكر في الدم.
- تنظيم ضغط الدم.
- تخفيض مستوى الدهون الثلاثية.
- تقليل الكوليسترول الضار في الجسم.
الوقاية من مرض الزهايمر
يُعتبر الزهايمر من أهم أمراض التنكس العصبي التي لا يمكن علاجها للآن؛ لذلك فإن العديد من الدراسات تبحث عن منع ظهوره وتقليل أعراضه؛ إذ تُشير بعضها إلى أهمية الصيام المتقطع في تأخير ظهوره أو تقليل أعراضه على أقلّ تقدير، كما تُشير دراسات أُخرى أنه يُقلّل من فرص الإصابة بالأمراض العصبية الأخرى؛ مثل مرض باركنسون ومرض هنتنغتون، لكن معظم هذه الدراسات أُجريت على الحيوانات فقط.
الوقاية من مرض السرطان
إن السرطان عمومًا عبارة عن نمو مضطرب للخلايا؛ لذلك فإن الصيام يُقلّل من هذا النمو غير المنضبط عن طريق التأثير على عمليات التمثيل الغذائي، وهذا قد يُقلّل انتشار الخلايا السرطانية مع مرور الوقت بحسب دراسات أجريت على الحيوانات ودراسات مماثلة أجريت على البشر، لكنها بحاجة لدراسات أكثر لتأكيد فعاليتها، كما يُعتقد أنه يُقلّل من الآثار الجانبية المحتملة للعلاج الكيميائي.
فوائد أخرى
- تقليل خطر الإصابة بمرض السكري: قد يُساعد الصيام المتقطع على تقليل مقاومة الأنسولين؛ وبالتالي تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني؛ لأن من أهم أعراضه زيادة مستوى الأنسولين في الدم، كما أنه يُساعد مرضى السكري في التحكّم بمستوى السكر في الدم، ويحمي من اعتلال الشبكية الناتج عن ارتفاع السكر في الدم بحسب بعض الدراسات المُجراة على الفئران.
- تقليل الإجهاد التأكسدي: قد يُساعد في تقليل الإجهاد التأكسدي؛ وبالتالي يُساعد في مكافحة الالتهاب في الجسم، وهذا قد يُساهم في التقليل من مجموعة من الأمراض ويؤخر الشيخوخة بفضل القضاء على الجذور الحرّة، التي تتفاعل مع البروتين والحمض النووي مُسببةً اتلافها.
- تحفيز عمليات الإصلاح الخلوية: أثناء الصيام تبدأ خلايا الجسم بالتهام الفضلات الخلوية ذاتيًا ومنع تراكمها في الخلايا؛ وبالتالي تقليل مجموعة من الأمراض؛ أهمها السرطان والأمراض التنكسية العصبية المتنوعة.
- إطالة العمر وتحسين الصحة بشكل عام: يُعتقد أنه يُساعد على إطالة العمر أو تحسين الصحة العامة بالمجمل، بحسب دراسات أجريت على الفئران والحشرات، كما أنّه يُقلّل من خطر الإصابة بالأمراض المتنوعة؛ ومنها الكبد الدهني وأمراض الكبد الأخرى.
ما هو نظام الصيام المتقطع؟
هو عبارة عن نظام غذائي يعني الانتقال بين فترات الصيام والأكل، دون تحديد أنواع معينة من الأكل ومنع أنواع أخرى، لكنه يعتمد على وقت تناولها؛ لذلك لا يُمكن القول أنه نظام غذائي، بل يُمكن وصفه بأنه نمط غذائي، ومن أهم طرقه صيام 16 ساعة يوميًا أو صيام لمدة 24 ساعة مرتين أسبوعيًا، وبالرغم من ظهور هذا النظام حديثًا كنظام غذائي مُستحدث؛ إلّا إنّه النظام البدائي للبشر على مرّ الزمان؛ فالناس قديمًا كانوا مضطرين إلى الصيام لفترات طويلة بسبب نقص الطعام وعدم القدرة على تخزينه لفترات طويلة؛ إذ إنّ الطعام قديمًا لم يكن متاحًا طوال الوقت، بالرغم من ذلك فقد كانوا يعملون لفترات طويلة دون طعام، لذلك فهذا النظام يعتبر النظام التلقائي أكثر من تناول 3-4 وجبات يوميًا على الأقل، وقد يتم ممارسة الصيام لأسباب دينية؛ مثل صيام المسلمين في رمضان، أو صيام المسيحية أو اليهودية أيضًا، وهذا دليل على فوائد الصيام المتقطع بشكل عام واتباعه منذ العصور كنظام طبيعي.
طرق الصيام المتقطع
يمكن تطبيق الصيام المتقطع بعدّة طرق تندرج جميعها حول تقسيم اليوم أو الأسبوع لفترات معينة للأكل وفترات الصيام؛ حيث يتم خلال فترات الصيام منع الأكل مطلقًا أو تقليل الكميات جدًا، ومن أهم هذه الطرق:
- طريقة 16-8: وتعتبر هذه الطريقة من أشهر الطرق المُتبعة، ويتم خلالها تقييد ساعات الأكل بـ 8 ساعات يوميًا فقط، ثم الصيام لمدة 16 ساعة.
- طريقة 24 ساعة: هذه الطريقة تعتمد على الصيام لمدة 24 ساعة كاملة مرتين أسبوعيًا.
- طريقة 5-2: في هذا النظام يتم تقييد السعرات الحرارية لتتراوح بين 500-600 سعرة حرارية فقط لمدة يومين أسبوعيًا، وفي الأيام الخمسة الأخرى يتم تناول الطعام طبيعيًا.
- صيام 12 ساعة: يتم في هذا النظام تقسيم اليوم إلى قسمين؛ 12 ساعة صيام و12 ساعة لتناول الأكل، وهذا من الأنظمة البسيطة التي يُمكن تطبيقها بسهولة؛ لأن ساعات الصيام يتخللها ساعات النوم أيضًا، وتُعتبر من الطرق الناجحة في إنقاص الوزن.
- حمية المُحارب: تُعتبر من الأنواع الصعبة خصوصًا على المبتدئين، ويتم خلالها تناول الطعام خلال 4 ساعات فقط، أما بفية اليوم فيُمكن السماح ببعض الوجبات المنخفضة السعرات؛ كالفواكه والخضار فقط، وتُعتبر هذه الطريقة ذات نتائج أفضل للأشخاص الذين جربوا أنظمة متعددة ولم تنجح معهم.
هل يمكن اتباع الصيام المتقطع للتخسيس؟
الحقيقة أن من أهم فوائد الصيام المتقطع هي التخسيس بالرغم من فوائده الأخرى المتنوعة؛ لأن الصيام لمدة تتراوح بين 10-16 ساعة يُساهم بشكل كبير في إنقاص الوزن بسبب إطلاق الجسم للكيتونات في مجرى الدم، التي تعمل على استخدام الدهون كمصدر أساسي للطاقة مُسببًا نقصان الوزن بشكل أكبر، لكن لتحقيق هذه الفائدة وغيرها من الفوائد الأخرى يجب اتباع بعض الإرشادات والنصائح لتسهيل تطبيقها والحصول على نتائج أفضل دون الإضرار بالجسم، ومن أهم هذه النصائح:
- ممارسة تمارين اليوغا: قد تُساهم تمارين اليوغا وغيرها من التمارين البسيطة في جعل الصيام المتقطع أسهل نسبيًا.
- الحفاظ على رطوبة الجسم: عن طريق شرب كميات كبيرة من الماء والمشروبات الصحية قليلة السعرات الحرارية والخالية من السكر طوال فترة الصيام، وهذه المشروبات ستُقلّل من الإجهاد والشعور بالجوع خلال الصيام.
- الراحة والاسترخاء: ذكرنا أنه يُفضّل ممارسة التمارين الخفيفة ومحاولة الإنشغال طوال الوقت لمنع التفكير بالطعام، لكن يجب الانتباه إلى تقليل الإجهاد أثناء الصيام وتجنّب الأنشطة الشاقة.
- تجنّب السعرات الفارغة: للحصول على أقصى فوائد الصيام المتقطع يجب التركيز على الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية؛ مثل الخضار والفواكه الغنية بالمعادن والفيتامينات والماء، والابتعاد عن الأطعمة التي تُعتبر سعرات حرارية فارغة؛ أيّ أنّها غنيّة بالسعرات وقليلة بالفوائد الأخرى؛ مثل السكريات والحلويات.
متى تظهر نتائج الصيام المتقطع؟
ذكرنا أن معظم فوائد الصيام المتقطع تمّ إثباتها بشكلٍ فعليٍّ على البشر، فيما يحتاج بعضها إلى دراسات أخرى لتأكيدها بشكل كامل، لكن بالمجمل فيما يخص فقدان الوزن والدهون مثلًا، خصوصًا عند الرجال، فإنّ الدراسات تُشير أن النتائج تظهر بعد قُرابة 8 أسابيع، ويتم ملاحظة انخفاض كتلة الدهون في الجسم مع الحفاظ على الكتلة العضلية في معظم هذه الحالات، كما أنّ دراسات أُخرى أشارت إلى انخفاض ضغط الدم بشكل ملحوظ خصوصًا بعد إنقاص الوزن، كما تُشير دراسات أخرى أنه يُقلّل من نسبة الجلوكوز في الدم بنسبة تتراوح بين 3-6%، وتقليل الأنسولين بنسبة 11-57% بعد اعتماد الصيام لمدّة تتراوح بين 3-24 أسبوع تقريبًا.
تجارب رجيم الصيام المتقطع
لا شكّ أن فوائد الصيام المتقطع مُثبتة علميًا ما جعل العديد من المشاهير والنجوم يحاولون تطبيق هذا النظام كحمية غذائية لإنقاص الوزن وكانت النتائج مذهلة؛ إذ استطاعو التخلّص من عدّة كيلو جرامات أو عدّة أرطال من الوزن غير المرغوب فيه، وقد وجدت دراسة أجريت عام 2021 أنه يُقدم نتائج مقاربة للأنظمة الغذائية الأخرى المُقيّدة للسعرات الحرارية، كما وجدت أنه قد يُحسّن من مؤشرات الصحة العامة والقلب بشكل مُحقّق، ومن أهم المشاهير الذين اتبعوا هذا النظام كان موسلي الذي نصحه طبيبه باتباعه؛ لتخفيض نسبة الكوليسترول في الدم؛ بالرغم من عدم حاجته لإنقاص الوزن بشكل كبير، وقد حقّق نتائج مرضية.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يوجد نظام غذائي لزيادة الوزن؟