تحقيق مسبار
يُعرف الاكتئاب الموسمي بأنه اضطراب عاطفي موسمي يحدث في نفس التوقيت سنويًا؛ بسبب تغيّر الموسم، ويّوصف بأنه إحباط يؤثر على الحياة اليومية ويؤثر بشكل سلبي على الأفكار والمشاعر، وله عدّة أنواع؛ منها: الاكتئاب الخريفي، والصيفي، والشتوي، والربيعي، لكن هل هذا الاكتئاب حقيقي، وكيف يُمكن التغلّب عليه والتعايش معه، وهل يمكن علاجه؟... كل هذا سنتحدث عنه في مقالنا هذا تبعًا لدراسات وأبحاث علمية مؤكّدة.
ما هو الاكتئاب الموسمي؟
يُعاني العديد من الأشخاص البالغين من الاكتئاب عند تقلّب المواسم، لكنه قد يُؤثّر على النساء أكثر من الرجال؛ بالرغم من عدم معرفة السبب الحقيقي لذلك، وقد يحدث هذا الاكتئاب نتيجةً لعدّة عوامل؛ منها:
- الأشخاص المصابين باكتئاب آخر: مثل المصابين باضطراب ثنائي القطب أو المصابين بالاكتئاب الشديد.
- العوامل الوراثية: قد تُؤثر العوامل الوراثية ووجود تاريخ عائلي للإصابة بأحد أنواع الاكتئاب أو الفُصام.
- الاقتراب من خطوط العرض: الأشخاص الذين يقطنون في خطوط العرض مُعرضين أكثر للإصابة بالاكتئاب الموسمي؛ مثل ألاسكا أو نيو إنجلاند.
- السكن في المناطق الغائمة: قد يكون العيش في مناطق غائمة سببًا لظهور أعراض الاكتئاب، وخصوصًا الشتوي والخريفي.
أعراض الاكتئاب الموسمي
يعتبر الاضطراب العاطفي الموسمي نوعًا من أنواع الاكتئاب، وقد يُسبب ظهور علامات وأعراض يُذكر منها ما يلي:
- الحزن الشديد.
- القلق.
- اضطرابات الأكل والرغبة في تناول كميات أكبر من الكربوهيدرات أو فقدان الشهية في بعض الحالات.
- التعب الشديد أو نقصان الطاقة بشكل عام.
- الشعور ببعض اليأس والإحباط والدونية.
- فقد القدرة على التركيز.
- ثقل الأطراف.
- الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية وفقدان الاهتمام بها.
- النوم لساعات طويلة.
- الخوف من الموت، فيما قد تكون الأعراض أشدّ وتُسبب الرغبة في الانتحار.
كيف يتم تشخيص الاكتئاب الموسمي؟
عند ظهور بعض الأعراض السابق ذكرها يجب مراجعة الطبيب لتشخيص الحالة؛ لأن الاكتئاب قد يكون ناتجًا عن مشكلة جسدية أو قد يكون جزء من مشكلة عقلية مُعقّدة؛ لذلك يُنصح عادةً بمراجعة طبيب نفسي لإجراء بعض الاختبارات لتحديد الأسباب بشكل دقيق؛ بالرغم من عدم وجود فحوصات يُمكن من خلالها تحديد المشكلة، لكن يعمل الطبيب على إجراء اختبارات معيّنة لاستبعاد الحالات المرضية الأخرى المُسببة لأعراض مشابهة، كما يجب التأكّد من الإصابة بالأعراض الشديدة خلال فترة زمنية معينة أو موسم معين لمدّة عامين متتاليين، أو تكرار الأعراض خلال موسم معين.
ما هو الاكتئاب الموسمي الخريفي؟
هو عبارة عن اضطراب مزاجي يحدث سنويًا في نفس الوقت، وتبدأ أعراضه في فصل الخريف وينتهي في بداية الربيع، وقد تبدأ أعراضه بالظهور عندما يُصبح النهار أقصر والليل أطول وعندما يقلّ ظهور الأشعة الشمسية بشكل عام؛ لذلك يُعتقد بأنه مُرتبط بالأشعة الشمسية ومقدارها.
طرق العلاج
يُمكن اتباع مجموعةً متنوعةً من العلاجات بحسب الحالة الصحية للمريض، ويمكن التدرّج بعدّة خيارات لتحديد الأنسب منها، وقد تكون خيارات العلاج على الشكل التالي:
- العلاج بالضوء: في بعض الحالات يتم العلاج باستخدام مصباح خاص يحتوي على أنابيب الفلورسنت البيضاء، التي يتم تغطيتها بقطعة بلاستيكية لحجب الأشعة فوق البنفسجية، ويكون الضوء شديد السطوع؛ لذلك يجب تجنّب النظر إليه مباشرةً، بل وضعه في مكان قريب أثناء الجلوس أو العمل، كما يُفضّل استخدامه خلال فترة الصباح لتجنّب الشعور بالأرق، ويستمر استخدامه عادةً لمدّة تتراوح بين يومين - أسبوعين، وقد يستمر استخدامه طوال فصل الخريف، لكن يجب تجنّب العلاج بالضوء في بعض الحالات المرضية؛ ومنها:
- مرض السكري أو اعتلال الشبكية: لأنه قد يُسبّب تلف الشبكية.
- تناول بعض الأدوية: بسبب حساسية الضوء الناتجة عن تناول المضادات الحيوية أو مضادات الالتهاب.
- اضطراب ثنائي القطب: قد يُعاني المصابون من اضطراب ثنائي القطب من هوس خفيف أو متوسط عند التعرّض للضوء الساطع.
- العلاج السلوكي المعرفي: يُمكن العلاج عن طريق الكلام، وهذا قد يحقّق نتائجًا جيدةً.
- الجلوس في الهواء الطلق: قد يُساعد التعرّض للهواء الطلق وأشعة الشمس في تخفيف بعض الأعراض؛ إذ يُمكن تنبيه المريض لِضرورة المشي والجلوس في الهواء الطلق والخروج خلال ساعات النهار.
- تناول فيتامين د: إذا كان السبب في الأعراض نقص فيتامين د فيُمكن تعويضه عن طريق المكملات.
- الأدوية المُضادة للاكتئاب: إذا لم تنجح الطرق السابقة يُمكن اللجوء للأدوية المضادة للاكتئاب، وقد يتم مزامنتها مع العلاج بالضوء؛ ومنها الأدوية المُسماة بمثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية، التي تعمل على تحسين المزاج عن طريق تنظيم مستويات السيروتونين، كما يُمكن استخدام أنواع أخرى؛ مثل البوبروبيون، وهو علاج يُقلّل من نوبات الاكتئاب بشكلٍ كبيرٍ.
ما هو الاكتئاب الموسمي الربيعي؟
بالرغم من جمال فصل الربيع؛ إلّا إنّ بعض الأشخاص يُصابون باكتئاب الربيع الناتج فعليًا عن التغيّر في المناخ والطبيعة وعدم قدرة البعض على التكيّف، وقد ينتج هذا الاضطراب عن مجموعة من الأسباب نذكر منها:
- الهرمونات: قد يُسبب زيادة ضوء الشمس في تقلّبات عكسية لبعض الأشخاص حاله كحال النقص؛ إذ قد يؤثّر على كمية الميلاتونين في الجسم وبعض المواد الكيميائية والتغيير في الساعة البيولوجية بشكل عام مُسببةً ظهور أعراض مماثلة لِلاكتئاب الموسمي الخريفي، وتقلّبات في مقدار النوم والأكل، وغيرها من الأعراض المنتهية بالقلق والاكتئاب.
- الذكريات: قد يكون الربيع مرتبطًا بالإنجازات المختلفة، وفي حال وجود إخفاقات فقد يرتبط بشكل أكبر بالذكريات الحزينة؛ لذلك يُسبب القلق والتوتر عند بعض الأشخاص.
- الحساسية: بعض الأشخاص يعانون من حساسية الربيع الناتجة عن أزهار الأشجار، التي تُسبّب أعراضًا متنوعةً؛ مثل الزكام والرشح والعيون الملتهبة، وهذه الأعراض مُجتمعةً قد تُسبًب القلق والكآبة وقد تزداد سوءً عامًا بعد عام؛ بسبب السموم المتراكمة في الجوّ والناتجة بشكل كبير عن التلوث البيئي.
ما هو الاكتئاب الموسمي الصيفي؟
قد يكون الصيف ممتعًا للعديد من الأشخاص، لكنه فصل مُقلق للآخرين؛ إذ يُعتقد أن له سبب بيولوجي عند البعض، فيما قد يكون ناتجًا عن الضغوط النفسية للآخرين، ويُمكن أجمال أسبابه فيما يلي:
- التغيّرات الموسمية: يعاني 10% من المصابين بالاكتئاب الموسمي من اكتئاب الصيف، وقد تظهر هذه الحالات أكثر في الدول الحارّة القريبة من خط الاستواء؛ بسبب زيادة درجات الحرارة والرطوبة بشكل عام، التي قد تُسبّب ظهور أعراض متنوعة؛ منها فقدان الشهية والأرق ونقصان الوزن.
- تراكم المهام في فصل الصيف: تتزايد المسؤوليات والأعمال خلال فصل الصيف، وتكون مُرهقة للبعض بسبب موسم الإجازات المدرسية وتزايد الأعباء المنزلية المتنوعة، وهذا قد يؤثر على ساعات النوم والأنظمة الغذائية.
- زيادة الوزن في الشتاء: المعروف أن معظم الأشخاص يُعانون من زيادة الوزن في فصل الشتاء، وهذا يظهر جليًا عند تخفيف الملابس وارتداء ملابس البحر، التي تجعل البعض يشعرون بالحرج من شكل أجسامهم واختلاف مقاساتهم.
- الإرهاق المالي: لا شكّ أن التكاليف المالية في الصيف تُرهق العديد من الأشخاص؛ بسبب الرغبة في السفر أو قضاء وقت مع العائلة أو النزهات، وهذه الأعباء المالية وزيادة النفقات قد تسبب الاكتئاب.
- ارتفاع درجة الحرارة: بعض الأشخاص يشعرون بالتعب والإرهاق من الحرارة المرتفعة، ويُفضّلون الجلوس في المنزل وعدم الخروج لفترات طويلة؛ بسبب الحرارة والرطوبة الزائدة، وهذا مُسبّب رئيسي للقلق.
أعراض الاكتئاب الموسمي الصيفي
قد يُسبب الاضطراب الصيفي مجموعةً من الأعراض؛ منها:
- الأرق والهياج.
- القلق والتوتر.
- فقدان الوزن الناتج عن انعدام الشهية.
- نوبات السلوك العنيف.
- نوبات من السلوك العنيف.
- اضطرابات النوم.
نصائح لتخفيف أعراض الاكتئاب الصيفي
يمكن التخفيف من الأعراض عن طريق التحدث لمعالج نفسي لوصف الأدوية الخاصة، التي تُقلّل من الأعراض قبل تطوّرها ووصولها إلى الاكتئاب الشديد، وهذا ينطبق على جميع حالات الاكتئاب الموسمي؛ إذ يُمكن تناول بعض الأدوية للوقاية منه وتخفيف أعراضه قبل ظهورها وتطوّرها، كما يمكن اتخاذ بعض الإجراءات التالية:
- التخطيط المستقبلي: المعروف أن الاكتئاب الصيفي يبدأ في شهر يوليو؛ لذلك يُمكن التخطيط لبعض الأمور التي تُقلّل من الأعباء المنزلية؛ مثل تسجيل الأطفال في نوادي صيفية أو معسكرات لتخفيف التوتر والقلق.
- ممارسة التمارين الرياضية: يُمكن للنشاطات البدنية المتواصلة منع جميع أنواع الاكتئاب؛ لذلك يُمكن ممارستها طوال العام والتحويل للأنشطة المائية خلال فصل الصيف.
- الحفاظ على النظام الغذائي طوال فصل الشتاء: يُفضل عادةً الاهتمام بالنظام الغذائي والحفاظ على الوزن في فصل الشتاء؛ لتجنّب خيبات الأمل في الصيف.
- تعديل جرعات الأدوية: يمكن أحيانًا تعديل جرعات الأدوية للأشخاص وزيادتها قبل حلول الصيف؛ لمنع نوبات الاكتئاب الشديدة.
ما هو الاكتئاب الموسمي الشتوي؟
يبدأ الاكتئاب الشتوي في 21 كانون الأول وينتهي بحلول الربيع أو أوائل الصيف، لكن سببه الرئيسي غير معروف؛ إلّا إنّه غالبًا ما ينتج عن قلّة أشعة الشمس والضوء، الأمر الذي يُسبّب خللًا في الساعة البيولوجية في الجسم، وبالتالي اعتلالًا في ساعات النوم بسبب إفراز هرمون الميلاتونين، بالإضافة إلى إفراز كميات أقل من هرمون السيروتونين، وهو الهرمون المُسبّب للشعور بالسعادة، وقد يُسبب مجموعةً من الأعراض المرتبطة؛ منها نقص النشاط الجنسي والبدني والخمول، وزيادة ساعات النوم، وزيادة الحاجة إلى تناول كميات أكبر من الكربوهيدرات والسكريات؛ وبالتالي زيادة الوزن، وهذا قد يكون السبب الأهم للاكتئاب والقلق، وقد تكون جميع الأعراض مترابطة ويُسبّب كلًّا منها الآخر للوصول أخيرًا إلى حالة من الانعزال، وانعدام الثقة، والانسحاب الاجتماعي وغيرها من الأعراض المتكررة عامًا بعد عام.
ما هي أسباب الاضطراب العاطفي الشتوي؟
من الأسباب المتوقع تأثيرها على الحالة المزاجية وحدوث الاكتئاب الموسمي الشتوي ما يلي:
- تغيير الساعة البيولوجية: يُؤثر نقصان الأشعة الشمسية إلى تغيير الساعة البيولوجية للجسم، وهذه الساعة عادةً تعمل على تنظيم الهرمونات والحالة المزاجية والنوم؛ لذلك قد يُسبّب اختلالها حدوث صعوبةً في تنظيم الحالة المزاجية بشكل كبير.
- اختلال التوازن الكيميائي في الدماغ: نقص الأشعة الشمسية يُؤثر على إفراز هرمون السيروتونين، وهو مادة كيميائية تُساعد على الشعور بالسعادة عن طريق إرسال إشارات عصبية للأعصاب؛ لذلك تُصبح الحالة المزاجية أصعب وتؤثر على المزاج بشكل عام.
- نقص فيتامين د: يُؤثر فيتامين د على إفراز هرمون السيروتونين، الذي يقلّ إنتاجه طبيعيًا في فصل الشتاء؛ بسبب قلّة ضوء الشمس.
- زيادة الميلاتونين: وهي مادة كيميائية تؤثر على نمط النوم؛ لذلك يزداد الخمول والنعاس في فصل الشتاء.
- الأفكار السلبية: قد تكون الأفكار السلبية المتعلقة في فصل الشتاء عرضًا أو سببًا في نفس الوقت للاكتئاب الموسمي.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن علاج الاكتئاب الذهاني؟
