تحقيق مسبار
يهدف هذا المقال إلى بيان أبرز تحديات المشاركة السياسية للمرأة حول العالم؛ بما في ذلك دول العالم العربي وأوروبا، كما أنه يتطرق إلى ذكر العديد من الحلول التي تتبناها الدول ويتبعها صانعو القرار السياسي؛ لتمكين المرأة في الأعمال السياسية أيضًا، ويُبين المقال كذلك سبب اللجوء إلى الكوتا النسائية في العديد من الدول، مع ذكر الأسباب التي تؤدي إلى مُعارضة نظام الكوتا من قبل بعض السياسيين.
هل يوجد تحديات أمام المشاركة السياسية للمرأة؟
تواجه المرأة العديد من التحديات والمُعوقات التي تقف أمام مُشاركتها السياسية في مُختلف أنحاء العالم؛ بما في ذلك دول العالم العربي ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المُتحدة الأمريكية، وتختلف هذه التحديات في أسبابها بشكل كبير؛ حيث ينشأ بعضها عن القيود الاجتماعية والثقافية، كما أن بعضها يكون بسبب الفرق في الخبرة السياسية بين الرجال والنساء، وترى الأمم المُتحدة بأن المُساواة بين الرجال والنساء في أعلى المناصب الحكومية التنفيذية تحتاج إلى مائة وثلاثين عامًا أخرى.
ما هي معوقات المشاركة السياسية للمرأة؟
تحتوي القائمة التالية على بعض من أبرز المُعوقات التي تقف حاجزًا أمام المشاركة السياسية للمرأة في مُختلف دُول العالم:
- اعتقاد المرأة بالتحيز ضدها: تعتقد الكثير من النساء بأن البيئة السياسية تتحيز ضدهن وتُعطي الأفضلية للرجال؛ ممّا يحدّ من مشاركتهن في الحياة السياسية بشكل كبير.
- التحيز الجنساني: قامت النساء بمُنافسة الرجال على المناصب القيادية في بعض الدول حول العالم؛ إلّا إنّ بعض هذه المُنافسات ولّدت شعورًا عند النساء بالتحيّز الجنساني ضدهن؛ كما حصل مع هيلاري كلينتون وسارة بالين عند الترشح للرئاسة الأمريكية.
- قدرة المرأة على المُنافسة: ترى الكثير من النساء أنفسهن أقلّ قدرة على المُنافسة في البيئة السياسية من الرجال؛ ممّا يؤدي إلى ابتعادهن عن هذه المجالات في الكثير من الدول حول العالم.
- المسؤولية الاجتماعية للمرأة: تتولّى المرأة مسؤولية رعاية الأطفال ومسؤوليات المُحافظة على المنزل في كثيرٍ من المُجتمعات، وهو ما يُقلّل من نسبة المشاركة السياسية للمرأة في هذه المُجتمعات على نحوٍ كبير.
- ثقة المرأة بعملها السياسي: ترى كثيرًا من النساء بأنهنّ أقل أهلية للمُشاركة في الأعمال السياسية وتولي المناصب القيادية من الرجال، ما يدعوهن إلى البُعد عن مجال السياسة وتركه إلى الرجال كما أظهرت بعض الأبحاث.
- الثقافة المُجتمعية: لا تُرحب العديد من الشعوب والمُجتمعات بتولي النساء مناصبًا سياسية؛ بسبب الثقافة السائدة فيها؛ فإن السياسة تقتصر على الرجال في ثقافة العديد من الشعوب حول العالم.
ما هي أبرز الحقائق حول مشاركة المرأة في الحياة السياسية؟
تضم القائمة الآتية بعضًا من أبرز الأرقام التي أعلنت عنها الأمم المُتحدة حول المشاركة السياسية للمرأة:
- مُشاركة المرأة في العمل الوزاري: لن تتمكّن المرأة من مُساواة الرجال في المناصب الوزارية قبل حلول عام 2077م حسب دراسات الأمم المُتحدة، وبلغت نسبة مُشاركة النساء في الوزارة 21% فحسب في بعض الدراسات المذكورة.
- المُشاركة في الهيئات المحلية: تُشكّل النساء 36% من الهيئات المحلية حسب دراسة أجرتها الأمم المُتحدة على ثلاث وثلاثين ومائة دولة حول العالم، وبلغ عدد الدول التي وصلت نسبة تمثيل المرأة فيها إلى 50% دولتين فحسب.
- مشاركة المرأة في المجالس البرلمانية: وصلت نسبة مُشاركة المرأة في المجالس البرلمانية إلى 50% أو تجاوزت هذه النسبة في أربعة من دول العالم حتى عام 2021م، وهي: رواندا وكوبا وبوليفيا والإمارات.
- الحقائب الوزارية للنساء: تستلم المرأة العديد من الحقائب الوزارية؛ إلّا إنّ الأسرة والأطفال والشباب وكبار السن والمعوقين أكثر الحقائب الوزارية التي تستلمها المرأة عادةً، وتليها الشؤون الاجتماعية والبيئة والموارد الطبيعية والطاقة.
كيف تُحاول الدُول إبراز أهمية المشاركة السياسية للمرأة؟
فيما يأتي بعضًا من الحلول التي تتبناها دول العالم لإبراز أهمية المشاركة السياسية للمرأة:
- إزالة عوائق مُشاركة المرأة السياسية: تقوم العديد من الدول بمُحاولة إزالة العوائق الهيكلية التي تقف أمام مُشاركة المرأة في الأعمال السياسية، مع مُحاسبة ومُعاقبة الأطراف التي تُعرقل مُشاركة النساء في اتخاذ القرار.
- البرامج التدريبية: تستهدف بعض البرامج التدريبية الشابات والنساء ليتعرفّن على الأنظمة السياسية في بلادهن لتمكين مُشاركتهن السياسية، كما يتم عقد العديد من هذه البرامج إلى الرجال مع النساء أيضًا.
- توفير البيئة السياسية الآمنة: تسعى الكثير من دول العالم إلى توفير بيئة سياسية آمنة للمرأة مع تمكين المرأة للمشاركة في هذه البيئة؛ عن طريق سن القوانين التي تُقلّل من العُنف الجسدي والنفسي والتحرش الذي يقع عليهن.
- دعم قيادة المرأة السياسية: تتولى المرأة بعض المناصب القيادية والتنفيذية في الشركات والمؤسسات الحكومية؛ لتمكينها من العمل السياسي والمشاركة في اتخاذ القرارات.
- تمويل المنظمات التي تدعم النساء: تقوم العديد من الدول حول العالم بتوفير الدعم المالي للمُنظمات التي تدعم تمكين المرأة في المُشاركة السياسية، سواءً كانت تدعم تمكين المرأة على المُستوى الفردي أو الجماعي.
- إشراك الرجال في تدريب المرأة: تُشرك بعض الدول الرجال في إقامة الدورات التي تُعزز من الأدوار السياسية للمرأة وتُمكنها من المُشاركة في السياسة ضمن المواقع القيادية داخل المُجتمعت.
هل تتعرض المرأة إلى العنف والضغط عند المشاركة السياسية؟
تشهد مُشكلة العُنف ضد المرأة في المشاركة السياسية تناميًا كبيرًا في مُختلف أنحاء العالم، كما أن مُضايقة المرأة ازدادت مع ارتفاع نسبة مُشاركتها في السياسة خلال الفترة الأخيرة، ويشمل ذلك العديد من أنواع الضغط أو العنف؛ بما في ذلك الضغط النفسي والجسدي والاقتصادي أو التحرش والعنف الجنسي، وتسعى الأنظمة السياسية إلى الحدّ من هذه الضغوطات بشكل كبير من خلال تجريم مُمارستها ومُعاقبة مُرتكبيها، وفيما يأتي بعضًا من أشكال العنف الذي تتعرض إليه المرأة نتيجةً لمُشاركتها السياسية:
- العنف الجسدي: تقوم بعض دول العالم باعتقال الناشطات السياسية، كما شهدت بعض الدول اغتيال النساء العاملات في السياسة؛ مثل السياسية البرازيلية مارييل فرانكو، وهو من أنواع العنف الذي يتعرض له الرجال في العديد من الدول أيضًا.
- الإساءة من خلال الإنترنت: تُعد الإساءة إلى النساء عبر شبكة الإنترنت من أبرز أنواع العنف الذي يُمارس ضد المشاركة السياسية للمرأة في مُختلف أنحاء العالم، ومن ذلك: تصيّد الأخطاء ونشر التهديدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
- العنف الجنسي: تُعد الصور الجنسية الصريحة من أنواع العُنف البارزة الذي تتعرض إليه النساء السياسيات للحطّ من كرامتهن وتغيير صورتهن عند المُجتمع، وتولّي العديد من المُنظمات اهتمامًا خاصًا بهذا النوع من العنف ضد المرأة.
- العنف الاقتصادي: يتعمّد البعض تخريب المُمتلكات الخاصة بالنساء اللواتي يُشاركن في السياسة لإبعادهن، كما يهدف هذا النوع من أنواع العُنف إلى تخويف المرأة مع آثاره الاقتصادية السلبية على النساء أيضًا.
لماذا تلجأ بعض الدول إلى اعتماد الكوتا النسائية؟
تعتمد العديد من الدول حول العالم ما يُعرف باسم نظام الكوتا النسائية؛ لتجاوز الحواجز التي تحول دون المشاركة السياسية للمرأة في اتخاذ القرارات؛ حيث يُحدد هذا النظام النسبة الدُنيا لمُشاركة النساء في المواقع السياسية المُختلفة، وذلك إلى جانب الخُطوات الأخرى التي تتخذها هذه الدول لزيادة تمكين المرأة ومُشاركتها في الأعمال السياسية المُختلفة واتخاذ القرارات، وتُعطي بعض الدول الأولوية للمرأة في المواقع السياسية التي تخدم الفئات الأكثر ضعفًا في المُجتمع؛ ومنها قضايا الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية ومسؤوليات التعليم.
هل يوجد سلبيات للكوتا النسائية في المشاركة السياسية؟
يُعارض العديد من السياسيين نظام الكوتا النسائية لبعض السلبيات التي يُعاني منها هذا النظام حسب اعتقادهم، وفيما يأتي قائمة بأبرز هذه السلبيات:
- عدم تكافؤ الفُرص: يرى بعض المُعارضين لنظام الكوتا النسائية بأن هذا النظام يُعطي الأفضلية في المرأة للدخول في النظام السياسي ويُعارض مبدأ تكافؤ الفرص؛ حيث ينبغي للمرأة إثبات نفسها لتأخذ الفرصة في مجال السياسة.
- التعارض مع مبادئ الديمقراطية: يُعطي النظام الديمقراطي للأفراد الحق في اختيار المُرشح الذي يُفضلونه للقيادة السياسية؛ إلّا إنّ الكوتا النسائية تفرض على الأفراد تمثيلهم من قبل بعض المرشحين دون حرية في اختيارهم.
- تحديد صانعي القرار بناءً على الجنس: على الرغم من تمكين المشاركة السياسية للمرأة عن طريق نظام الكوتا؛ إلّا إنّ هذا النظام يؤدي إلى اختيار صانعي القرار السياسي بناءً على الجنس بدلًا من اعتماد المؤهلات.
- زيادة الصراعات الحزبية: يتسبّب نظام الحصص النسائية المعروف باسم الكوتا في نشوب الكثير من الصراعات داخل الأحزاب كما يرى بعض السياسيين.
- التعارض مع رغبات المرأة: تُتيح الكوتا النسائية للمرأة المُشاركة في العمل السياسي حتى وإن لم تستطع التغلّب على الرجال، لكن هُناك كثيرًا من النساء اللاتي لا يرغبن بالمشاركة في السياسة لمُجرد كونها امرأة فحسب.
اقرأ/ي أيضًا: