تحقيق مسبار
يُعاني بعض الأشخاص من الخمول والتعب أثناء أداء النشاطات اليومية والعمل، لكن ما هي أسباب الخمول وكثرة النوم، وهل تُعتبر هذه الحالة من الحالات المرضية المقلقة، وهل يُمكن علاجها بطرق معينة، وهل لها علاقة بفقر الدم وبعض الأمراض الأخرى؟… كل هذه الأسئلة سنُجيب عنها خلال مقالنا الحالي من ناحية علمية وتبعًا لنتائج أبحاث ودراسات مؤكّدة.
ما هي أسباب الخمول وكثرة النوم؟
لا يُمكن دائمًا تحديد أسباب النعاس الشديد والتعب خلال ساعات النهار بالرغم من النوم لساعات كافية ليلًا؛ إلّا إنّ بعض المعلومات والمؤشرات تُساعد في معرفة السبب الحقيقي وإيجاد الحل المناسب تبعًا للسبب، لكن قبل ذلك يجب الاتفاق على تعريف معنى الخمول أو النعاس المُفرط بشكل دقيق، الذي يُمكن تعريفه بصعوبة الاستيقاظ صباحًا، مع الشعور بالنعاس خلال ساعات النهار والخمول العام في الجسم، الذي يُعيق القيام بالنشاطات المتنوعة، وقد يُصاحبها أعراض أخرى؛ مثل فقدان الشهية وفقدان التركيز والقلق؛ بسبب التعب والإرهاق بشكل عام، وهذا الخمول بشكل عام يؤثر على 20% من البالغين ويعيق القيام بالأنشطة اليومية المختلفة.
قد يكون هذا الخمول أحيانًا ناتجًا عن حالة مرضية تعرف بفقر الدم، وهو النقص في عدد خلايا الدم الحمراء المسؤولة عن نقل الأكسجين لأعضاء الجسم المختلفة؛ لذلك فإن فقر الدم يُعتبر من أسباب الخمول وكثرة النوم والتعب الشديد والارهاق العقلي؛ لأن الجسم يحاول مقاومة التعب دون جدوى، وقد ينتج فقر الدم عن نقص الحديد أو نقص فيتامين ب12 أو نقص حمض الفوليك؛ لذلك يُمكن علاجه عن طريق المكملات الغذائية لتحسين الوظائف الإدراكية ومستوى النوم بشكل عام، كما قد يحدث التعب وكثرة النوم والخمول بسبب نقص فيتامين د، الذي يُمكن الحصول عليه عن طريق التعرض للشمس، أو تناول مكملات فيتامين د حسب الحالة المرضية ووفق نصائح الطبيب.
أسباب كثرة النوم
كثرة النوم خلال ساعات النهار عبارة عن حالة مزعجة تُسبب قلة النشاط خلال ساعات النهار، وصعوبةً في إتمام المهام اليومية والأعمال المطلوبة؛ ممّا يزيد الانزعاج والقلق، وقد تحدث هذه الحالة نتيجة أحد الأسباب التالية:
- قلة ساعات النوم: قد يكون من أهم أسباب الخمول عدم النوم لساعات كافية لأسباب متنوعة؛ منها الرغبة في السهر، أو العمل لساعات متأخرة، أو قد يكون السبب مرضيًا؛ مثل تناول الأدوية أو المخدرات، وغيرها من العادات والسلوكيات التي تعيق النوم ليلًا.
- الاكتئاب: قد يُسبب الاكتئاب أو الاضطرابات النفسية المتنوعة تقليل ساعات النوم في الليل؛ وبالتالي الشعور بالخمول والتعب والنعاس طوال النهار، ويُعرف الاكتئاب عادةً بأنّه الحزن المصحوب بالقلق واليأس الذي يُصاحبه مجموعةً من الأعراض المتعلقة في التركيز والوظائف الإدراكية، بالإضافة إلى مجموعة من الأعراض الجسدية؛ مثل اضطراب المعدة وآلام الظهر، ولعلّ أهم الأعراض المصاحبة له اضطرابات النوم المتمثلة في الأرق الليلي؛ وبالتالي الخمول والنعاس نهارًا، ولعلّ الاكتئاب من أهم أسباب الخمول وكثرة النوم، ومن أهم النتائج أيضًا فكلاهما يزداد بالآخر؛ بل إنّ الأشخاص المصابين بالأرق مُعرضين للإصابة بالاكتئاب بشكل أكبر.
- اضطرابات النوم: قد تكون اضطرابات النوم من أهم أسباب الخمول وكثرة النوم نتيجة تقليل ساعات النوم أو نوعيته؛ ممّا يُسبب الاستيقاظ في حالة من التعب والإرهاق بدل الشعور بالراحة، وهذه الاضطرابات متعددة ولها أسباب متنوعة؛ أهمها:
- انقطاع النفس النومي: وهو توقّف التنفس أثناء النوم لمرّاتٍ متعددة لمدة تصل إلى 10 ثواني في كل مرّة، مع تكرار هذا الإنقطاع عدّة مرّات قد تصل إلى 100 مرة يوميًا؛ ممّا يُقلل كمية الأكسجين الواصلة للدماغ والجسم بشكل عام، وقد تحدث هذه الحالة بسبب انسداد مجرى التنفس أثناء النوم، وهذه المشكلة لا تُسبب التعب والإرهاق فقط، بل قد تُسبب ارتفاع ضغط الدم وضعف التركيز والعديد من المشاكل الأخرى الخطيرة؛ مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية؛ لذلك يجب التحدث مع الطبيب لتلقي العلاج المناسب .
- متلازمة تململ الساقين: أحيانًا تحدث قلة النوم ليلًا بسبب تململ الساقين ليلًا، وهي عبارة عن اضطراب يُصيب الساقين ويُسبب فرط حركتهم بشكل مزعج، مع الشعور بالتشنج الذي يمنع النوم ويسبب الأرق؛ وبالتالي الشعور بالخمول نهارًا وكثرة النعاس.
- متلازمة التعب المزمن: وهي متلازمة تبقي الجسم في حالة تعب دائم دون معرفة سببها الفعلي، ولا يتم تشخيصها إلّا في حال فشل الاختبارات الأخرى لتأكيد إحدى الحالات المعروفة، ولأنها حالة غير معروفة الأسباب فقد يكون علاجها غير معروف أيضًا، لكن يمكن محاولة التعايش معها وممارسة بعض التمارين الخفيفة لإدارة التعب والإرهاق.
- الفيبروميالغيا: وهي عبارة عن ألم عضلي ليفي يُصيب العضلات والأنسجة الرخوة ويسبب الأرق ليلًا؛ وبالتالي الخمول والنعاس طوال النهار، وفي هذا النوع من المشاكل يمكن لمسكنات الألم المساعدة في تقليل الألم، وتحسين نوعية النوم ليلًا، كما يُمكن استخدام مضادات الاكتئاب لنتائج إيجابية، فيما يستفيد بعض الأشخاص من ممارسة التمارين الرياضية.
- تناول الأدوية: أحيانًا قد يكون سبب الخمول والتعب تناول بعض الأنواع من الأدوية، التي قد يكون النعاس من آثارها الجانبية.
ما هي أسباب النوم الكثير المفاجئ؟
النوم الكثير هو حالة تُسبب التعب الشديد والرغبة في النوم بشدة بسبب حالات مرضية متنوعة؛ مثل الصرع، أو مرض باركنسون، أو الاكتئاب، كما قد تحدث بسبب تناول بعض الأدوية والمخدرات، وقد يكون فرط النوم دون سبب معروف فعليًا، وهذه الحالات يُمكن علاجها عن طريق بعض المكملات؛ مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والصوديوم والبوتاسيوم.
أسباب كثرة النوم والخمول المفاجئ عند النساء
قد لا يكون التعب والنعاس طوال اليوم مشكلةً صحيةً خطيرةً في معظم الأحيان في نظر العديد من الأشخاص؛ إلّا إنّه يُصبح مشكلةً حقيقةً عندما يُعيق النشاطات اليومية ويُقلّل الإنتاج خلال النهار، وقد تحدث هذه الحالة لعدّة أسباب نذكر منها:
- النظام الغذائي: قد يكون اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية لإنقاص الوزن، الذي تتبعه غالبًا بعض النساء، أحد أهم أسباب الخمول وكثرة النوم خلال النهار؛ بسبب انخفاض نسبة السكر في الدم التي تُقلّل الطاقة، لذلك يُمكن تناول الوجبات الصحية خلال النهار؛ لتعزيز الطاقة بين الوجبات والاعتماد على الأغذية الصحية الغنية بالطاقة والمُغذيات؛ مثل الموز وزبدة الفول السوداني والحبوب الكاملةً والفواكه والمكسرات.
- نقص الفيتامينات: قد يكون التعب والإرهاق المتواصل دليلًا على نقص الفيتامينات الضرورية في الجسم؛ مثل فيتامين د وفيتامين ب 12 والحديد، ونقص بعض المعادن؛ مثل المغنيسيوم والبوتاسيوم، وفي هذه الحالات يمكن إجراء اختبارات الدم لتحديد السبب الفعلي للتعب والإرهاق، من ثم تناول المكملات اللازمة أو تناول الأغذية المعززة للفيتامينات والمعادن.
- قلة النوم: قد يكون سبب الخمول والنعاس قلّة النوم خلال ساعات الليل؛ إذ يحتاج البالغين عادةً لفترة نوم تتراوح بين 7-9 ساعات يوميًا، وتقليل هذه المدة قد يُسبب مشاكل متنوعة للجسم؛ أهمها الإرهاق والتعب خلال فترة النهار، عندها يُمكن تغيير العادات اليومية لتحسين نوعية ومدة النوم، أو تناول الأدوية المساعدة على النوم.
- زيادة الوزن: قد تسبب زيادة الوزن انخفاض الطاقة العامة والتعب؛ بسبب حاجة الجسم لمجهود أكبر للقيام بالمهام البسيطة؛ مثل التنظيف أو المشي أو صعود السلالم؛ لذا يُمكن العمل على تخفيض الوزن وزيادة النشاط البدني وممارسة الرياضة لزيادة قوة التحمّل، كما يُمكن تناول الخضار والفواكه والحبوب الكاملة لزيادة الطاقة ضمن سعرات حرارية قليلة، والابتعاد عن الأطعمة الدهنية والسكريات.
- نمط الحياة الهاديء: قد يُسبب نمط الحياة الهادئة وتقليل النشاط البدني في زيادة الشعور بالتعب والإرهاق؛ وذلك وفق دراسة بحثية أُجريت على مجموعة من النساء، وكانت النتائج أن زيادة النشاط البدني يُقلّل الخمول والكسل، ويزيد الحيوية والطاقة خلال ساعات النهار.
- الإجهاد: يُعتبر الإجهاد الذي قد يُصيب النساء بشكل أكبر من المشاكل المتعددة الأعراض، وقد يكون من أهم أعراضه الإرهاق والخمول والكسل، بالإضافة إلى مشاكل المعدة؛ بسبب زيادة إفراز الكورتيزول والأدرينالين؛ الذي تُسبّب كثرته زيادة الشعور بالإرهاق أو النعاس والخمول، ولحلّ هذه المشكلة يُمكن العمل على إدارة الإجهاد عن طريق تنظيم ساعات العمل، وتغيير نمط التفكير، وممارسة بعض تمارين الاسترخاء؛ مثل التنفس العميق أو اليوغا.
- مرض السكر: قد يكون الخمول والتعب من أعراض مرض السكري؛ بسبب قلة إنتاج الأنسولين في الجسم؛ وبالتالي ارتفاع نسبة السكر في الدم، وهذا سيؤثر على التركيز والتعب وسرعة الإنفعال.
سبب كثرة النوم عند النساء
تُعتبر النساء أكثر عُرضةً من الرجال للإصابة بكثرة الخمول والنعاس والنوم المفاجئ؛ لأنهنّ أكثر عُرضةً لِمتلازمة تململ الساقين خصوصًا في سن اليأس، كما أنّ النساء مُعرضات بشكل أكبر للإصابة بنقص الحديد في مختلف المراحل العمرية؛ بسبب فقدان الدم أثناء فترات الحيض أو الحمل، كما أن النساء مُعرضات بشكل أكبر للإصابة بالسمنة المسببة لزيادة الدهون في منطقة البطن والصدر والرقبة خلال فترة انقطاع الطمث؛ وبالتالي يُصبحنّ معرضات بشكل أكبر للإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم، كما يُعتقد أن هذه الحالة تزداد بسبب نقص هرمون البروجسترون والتقلبات الهرمونية التي تحدث للمرأة خلال الدورة الشهرية، أو خلال سن اليأس، أو خلال فترة الحمل، كما قد تُصاب النساء باضطرابات النوم بعد الولادة مباشرةً؛ بسبب نقص الفيتامينات والمعادن خلال فترة الحمل والولادة هذا من ناحية، ومن ناحية أُخرى قد تُعاني النساء من صعوبة في النوم أو تقليل ساعات النوم؛ بسبب اختلاف ساعات نوم الرضيع واستيقاظه مرّات متكررة خلال الليل.
هل يمكن علاج كثرة النوم والخمول؟
العلاج يعتمد عادةً على السبب؛ إذ يجب أولًا تحديد أسباب الخمول وكثرة النوم، ثم البحث عن طرق العلاج المناسبة، التي تكون بإحدى الطرق التالية:
- ممارسة التمارين الرياضية: قد تكون ممارسة التمارين الرياضية وزيادة النشاط البدني إحدى طرق العلاج الفعّالة في حالات الإجهاد والاكتئاب وتململ الساقين ايضًا.
- تناول الأدوية: يمكن اللجوء لتناول بعض أدوية الاكتئاب، التي تُساعد في تحسين جودة النوم، أو بعض العلاجات المنشطة التي تخفف النعاس خلال ساعات النهار وتنشط الجسم.
- استخدام جهاز تحسين التنفس: وهو عبارة عن جهاز للأنف متصل بوحدة نفخ، تُساعد في إبقاء مجرى الهواء مفتوحًا طوال الليل لتحسين عملية التنفس ليلًا، أو استخدام الأجهزة الفموية، وهي عبارة عن أجهزة توضع في الفم، تعمل على تحريك اللسان أو الحنك الرخو أو الفك السفلي إلى الأمام بطريقة تُساعد على فتح مجرى الهواء في حالات انقطاع النفس أثناء النوم.
- فقدان الوزن الزائد: أحيانًا يكون انقطاع النفس أثناء الليل ناتج عن زيادة الوزن؛ بسبب ترسيب الدهون في منطقة الرقبة، أو بسبب الأمراض المرتبطة بزيادة الوزن؛ مثل أمراض القلب.
- الجراحة: في حال فشل الطرق البسيطة يُمكن اللجوء إلى العمليات الجراحية، التي تُعالج مشاكل انقطاع النفس أثناء النوم.
- النوم المنتظم: يُمكن علاج حالات الأرق عن طريق النوم والاستيقاظ في وقت مُحدّد، وتهيئة الظروف المناسبة للنوم؛ مثل القضاء على أسباب الأرق في الغرفة؛ كالضوضاء والشاشات قبل موعد النوم.
- العلاج السلوكي: يُمكن الاستعانة بطبيب مختص للتخلّص من مخاوف النوم وأسباب القلق.
- تناول المكملات الغذائية: وهذا في حالات نقص الحديد أو فيتامين ب12 أو حمض الفوليك.
- تجربة تقنيات الاسترخاء: مثل التدليك أو الحمامات الساخنة، كما يُمكن اتباع نظام غذائي صحي.
- العلاج السلوكي: هذا النوع من العلاج يستهدف الأفكار والسلوكيات المسببة للاكتئاب.
- تغيير النظام الغذائي: عن طريق الحدّ من الكافيين والمنبهات والكحول، خصوصًا قبل ساعات النوم مباشرةً؛ لأنّ هذه المواد قد تزيد الأعراض سوءًا.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يعد نوم الطفل كثيرًا أمرًا طبيعيًا؟
هل يمكن علاج سيلان اللعاب أثناء النوم؟