تحقيق مسبار
تُصاب النساء عادةً بِتشنجات الدورة الشهرية والتقلصات المؤلمة؛ التي تستدعي تناول بعض العلاجات والمسكنات، لكن! هل أخذ المسكنات أثناء الدورة الشهرية مُضرذ بحسب تحذيرات العديد من الأطباء، أم أنّها تُقلّل الأعراض المزعجة دون إحداث أضرار في الجسم، وما هي العلاجات المستخدمة في مثل هذه الحالات وآلية عملها بالتحديد؟… كلّ هذه الأسئلة وغيرها سيُجيب عنها مقالنا الحالي وفق نتائج أبحاث علمية أُجريت على مجموعات كبيرة من النساء؛ لِتحديد الأضرار والفوائد بشكل عام، وتحديد الطرق الأنجح في التخلص من هذه التشنجات والتقلصات التي تُصيب النساء شهريًا.
هل يعتبر أخذ المسكنات أثناء الدورة الشهرية مُضرّ؟
تتراوح التشنجات المصاحبة للدورة الشهرية بين الخفيفة والشديدة؛ إذ تبدأ عادةً منذ الأعوام الأولى للدورة الشهرية وتقلّ طبيعيًا مع تقدّم العمر، كما تُلاحظ بعض النساء اختفاء هذه الأعراض بعد الحمل والولادة؛ إلّا إنّ تناول المسكنات يُسبب بعض الآثار الجانبية بحسب العديد من الدراسات؛ ومنها مشاكل المعدة، إضافةً إلى الصداع والغثيان والنعاس وغيرها من الأعراض الخفيفة، لكن هذه الآثار الجانبية وغيرها لا تعني أن أخذها أثناء الدورة مُضرّ مطلقًا، كما أنّها لا تشكّل خطورةً على المرأة.
فائدة تناول المسكنات أثناء الدورة الشهرية
عند محاولة معرفة هل أخذ المسكنات أثناء الدورة الشهرية مضر أم لا، يجب أيضًا البحث عن فوائدها، وهل فعلًا تُقلّل الألم؟.. الحقيقة نعم؛ إذ إنها تُقلّل من الألم وتُعطي نتائجًا إيجابيةً مباشرةً؛ حيث وجد مجموعة من الباحثين أنّ النساء الممتنعات عن تناول المسكنات يعانين لفترات طويلة من الآلام الشديدة ولساعات عِدّة، ليس هذا فقط، بل قارن الباحثون بين عِدّة أنواع من المسكنات؛ ومنها مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، والاسيتامينوفين المعروف باسم الباراسيتامول، وكانت النتائج في معظمها لصالح مضادات الالتهاب.
ما هي أنواع المسكنات أثناء الدورة الشهرية؟
تختلف أعراض الدورة الشهرية وآلامها من إمرأة لأُخرى؛ لذلك تختلف أنواع الأدوية المُستخدمة أيضًا؛ فمنها مسكنات خفيفة لا تحتاج إلى وصفة طبية، ومنها مسكنات أقوى تحتاج لذلك، ومن أهم هذه الأدوية ما يلي:
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية: تُعتبر من أهم العلاجات وأكثرها فعالية لتخفيف آلام الدورة الشهرية؛ إذ تمنع أو تُقلّل إنتاج البروستاجلاندين، وهو مادة كيميائية يتم إنتاجها في الرحم فترة الحيض، يُمكن تناول هذه الأدوية دون الحاجة لاستشارة الطبيب، أمّا في الحالات الأشد خطورةً، وفي حال استمرار الألم لفترات طويلة عندها يجب استشارة الطبيب؛ للتأكّد من عدم وجود مشاكل تسبب هذه الاضطرابات.
- مسكنات الألم الأُخرى: وهي المسكنات الأقل تأثيرًا؛ ومنها عقار الاسيتامينوفين، أو الأدوية الأخرى التي تستلزم وصفةً طبيةً.
الأدوية الأخرى
لا يقتصر علاج اضطرابات الدورة الشهرية على المسكنات فقط، بل يُمكن اللجوء إلى أنواع أخرى من العلاجات التي تُقلّل من هذه الاضطرابات، ومنها:
- مضادات الاكتئاب: أحيانًا تُساعد مضادات الاكتئاب في تقليل العديد من الأعراض المُصاحبة للدورة الشهرية، كما تُقلّل من الاضطرابات المزاجية التي تُؤثر سلبًا على الشعور بالألم.
- وسائل منع الحمل الفموية: وهي الوسائل الهرمونية التي تكون على شكل حبوب أو حلقة مهبلية، ولا تُؤثر وسائل منع الحمل فقط على الإباضة، بل تُقلّل من تشنجات الدورة الشهرية.
طرق العلاج الأخرى
أحيانًا تعتقد بعض النساء أن أخذ المسكنات أثناء الدورة الشهرية مُضرّ؛ لذلك يتجنُّبنّ تناول أيّ نوع من المسكنات ويبحثنّ عن طُرقٍ أُخرى لتخفيف التشنجات والتقلصات، ومن هذه الطرق:
- استخدام الحرارة عن طريق وضع زجاجة أو وسادة تدفئة أسفل الظهر أو البطن لتخفيف التشنجات.
- الاستراحة لِوقت كافٍ خصوصًا في الأيام الأولى للدورة الشهرية.
- تقليل الأطعمة الغنيّة بالملح وتجنُّب الكافيين.
- تناول المكملات الغذائية؛ مثل المغنيسيوم وفيتامين ه وفيتامين د وب1.
- التدليك لمنطقة الظهر والبطن.
- محاولة تخفيف التوتر.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
علاج الحالات الحرجة
في بعض الحالات الخطيرة تفشل المسكنات في علاج تقلصات الدورة الشهرية والتشنجات الشديدة، عندها يعمل الطبيب على إجراء العديد من الفحوصات السريرية والمخبرية؛ لتحديد أسباب التقلصات ثم اتخاذ الإجراء الملائم، وقد يكون الخيار العلاجي المطروح هو الجراحة عندما تكون التقلصات ناتجةً عن التهاب بطانة الرحم، أو عند الالتصاقات أو الأورام الليفية في الرحم وعدم الاستجابة لطرق العلاج الأخرى، وفي بعض الحالات الخطيرة قد يضطر الطبيب إلى إزالة الرحم أو المبايض في حال عدم الاستجابة للعلاج.
ما هي اعراض تقلصات الدورة الشهرية؟
لا تُعاني جميع النساء من نفس الأعراض وبنفس القدر؛ لذلك قد لا يلجأنّ لتناول المسكنات؛ إمّا بسبب الأعراض الخفيفة أو الاعتقاد أن أخذ المسكنات أثناء الدورة الشهرية مُضرّ، وأيًّا كان السبب يجب أولًا تحديد ما هي الأعراض الطبيعية، والأعراض الأصعب التي تستلزم التوجّه للطبيب وتناول علاجات مختلفة، ومن أهم هذه الأعراض:
- أعراض بسيطة:
- الشعور بـ ألم أسفل البطن يتراوح بين الخفيف إلى الشديد.
- الشعور بضغط أو ثقل في منطقة البطن.
- الألم في منطقة الوركين والفخذين وأسفل الظهر.
- أعراض متوسطة:
- اضطرابات في المعدة.
- اضطرابات في الإخراج قد تظهر على شكل براز رخو.
- التقيؤ.
- أعراض شديدة: وهي الأعراض التي تستلزم زيارة الطبيب وتكون على شكل تقلصات شديدة تستمر لعِدّة أيام.
أسباب تقلصات الدورة الشهرية
عادةً ما تحدث التقلصات بشكل طبيعي؛ بسبب إنتاج مواد كيميائية في الرحم تسمى البروستاجلاندين؛ تُسبب تقلّص عضلاته لِيضغط بدوره على الأوعية الدموية القريبة، وهذا الضغط يُسبب انقطاع الأكسجين عن الرحم لفترة قصيرة مسببًا ببعض الألم، لكن بعض الحالات تكون التشنجات دليلًا على حالات صحية أُخرى؛ ومنها:
- بطانة الرحم: أو نمو بطانة الرحم خارجه في حالة تُسمى الانتباذ الرحمي.
- الأورام: تحدث التشنجات أحيانًا بسبب الأورام الليفية أو السرطانية في الرحم.
- العضال الغدي: وهي حالة تنمو فيها بطانة الرحم وتصل إلى العضلات القريبة.
- أمراض التهاب الحوض: وهي أمراض تسببها بكتيريا تنمو بشكل طبيعي في الرحم وتنتشر إلى الأعضاء التناسلية الأُخرى.
- تندب عنق الرحم: وهي حالة تُسبب تضيّق عنق الرحم أو الجزء السفلي منه، كما قد يحدث التضيّق بسبب نقص هرمون الإستروجين في سن اليأس.
هل يُؤثر تناول المسكنات أثناء الدورة الشهرية على الحمل؟
يعتقد البعض أن أخذ المسكنات أثناء الدورة الشهرية مُضرّ من ناحية الخصوبة، كما أن هناك اعتقاد آخر بأن الاضطرابات المؤلمة والمزعجة تؤثر على الخصوبة أيضًا، والحقيقة أن هذا الربط يأتي بسبب استخدام وسائل منع الحمل أحيانًا كعلاج ِلتقلصات الدورة الشهرية المؤلمة، وهذا بالتأكيد يمنع الحمل، لكن المنع هنا بسبب تناول الموانع وليس كعرض جانبي للمسكنات هذا من ناحية، ومن ناحية أُخرى فقد كان هناك جدل حول تأثير مضادات الالتهاب غير الستيرويدية على الخصوبة؛ لذلك أُجريت العديد من الدراسات والأبحاث لمعرفة التأثير الفعلي لهذه المسكنات وكانت النتائج متضاربة، فقد وجدت بعضها تأثيرًا سلبيًا لِتناول الأيبوبروفين خلال الأيام الأولى من الدورة، فيما نفت دراسات أُخرى هذا التأثير، بل وأشارت إلى أن تخفيف الألم والتقلصات قد يُحسّن من الخصوبة.
ختامًا نجد أن التأثير الفعلي على الخصوبة يأتي من الاستخدام المتزايد للمسكنات وليس الاستخدام المعتدل؛ إذ أشارت معظم الدراسات إلى أن الجرعات الزائدة من المسكنات قد تؤثر على الخصوبة وفرص الحمل؛ لذلك فإن العديد من هذه الدراسات تُفضّل تناول الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، مع الحرص على عدم الإفراط في تناولها.
لماذا أخذ المسكنات أثناء الدورة الشهرية مُضرّ؟
بعض المؤيدين لهذه الفكرة أو المحذرين من تناول المسكنات يعلمون يقينًا أن المشكلة لا تكمن في تناول المسكّن، بل المشكلة في الكيفية والكمية؛ لأنه من البديهي معرفة أن المسكنات بشكل عام لا تُعتبر مُضرّة بالمطلق؛ بالرغم من وجود بعض الآثار الجانبية لها، لكن الضرر يكمُن في الجرعات الكبيرة من المسكنات أو تناولها بالتزامن مع أدوية أُخرى مُسببةً بعض التداخلات الدوائية وغيرها من الأعراض الجانبية البسيطة للمسكنات، أمّا في حال الدورة الشهرية فإن التشنجات والآلام ستكون طويلة وتستمر لمدة تصل إلى 72 ساعة أو أكثر، مع تكرار هذه الفترة شهريًا من هنا تأتي الخطورة؛ إذ إن النساء يحاولنّ التخلص من الألم بتناول المسكن كلّ 4 ساعات على الأقل، وهذا يعني جرعات كبيرة شهريًا، وبالتالي التعرض للعديد من الأضرار التي تُصيب الأجهزة الحيوية المختلفة؛ لذلك تأتي التحذيرات من تناولها لتقليل هذه المخاطر، أما بالنسبة لتناول المسكن مرة أو مرتين يوميًا وفق إرشادات الطبيب أو الشركات المصنعة فلا يُعتبر أمرًا ضارًا بالمُطلق، لكن الأفضل دائمًا البحث عن طرق طبيعية لِتقليل التشنجات؛ ومنها اتباع نمط حياة صحي قبل وأثناء الدورة الشهرية، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام؛ ومنها المشي واليوغا، بالإضافة إلى تناول الأعشاب المهدئة في الأيام الأولى من الدورة لتقليل الأعراض، والابتعاد قدر الإمكان عن العقاقير والمسكنات أيًّا كانت.
اقرأ/ي أيضًا:
هل تناول المسكنات بكثرة له أضرار؟
هل يوجد أضرار لحبوب تنزيل الدورة الشهرية؟