تحقيق مسبار
يكثُر البحث عن علاج التهاب المثانة وحرقان البول؛ لأنّها من أكثر أنواع الالتهابات البكتيرية شيوعًا في العالم؛ إذ يُعتبر التهاب المثانة نوع شائع من عدوى المسالك البولية خصوصًا عند النساء. ويتم شفاء هذه الالتهابات عادةً خلال أيام قليلة من تلقاء نفسها، لكن في بعض الحالات يتم البحث المطوّل عن علاجها بسبب تكرار حدوثها وتطوّرها إلى عدوات أكثر خطورة ووصولها إلى الكلى في بعض الحالات؛ إذ تُشير التقارير إلى إصابة أكثر من 150 مليون شخص سنويًا بهذه الالتهابات. وتختلف طرق العلاج باختلاف المُسببات، وتُعتبر البكتيريا الإشريكية القولونية أكثر الأنواع شيوعًا؛ بالرغم من وجود مُسببات أُخرى سنتحدث عنها بالتفصيل في هذا المقال وفق نتائج دراسات وأبحاث علمية موثقة.
هل يمكن علاج التهاب المثانة وحرقان البول عن طريق الأعشاب؟
نعم يُمكن علاج مثل هذه المشاكل بالطرق الطبيعية وعن طريق الأعشاب، خصوصًا في الحالات الخفيفة المصحوبة بأعراض خفيفة، أو حتى الحدّ من حصولها والوقاية قبل العدّوى. كما يُمكن العلاج باستخدام المضادات الحيوية؛ إلّا إنّ الإفراط في استخدامها قد يُسبب أعراضًا جانبية خصوصًا في حال تكرار العدوى، فقد تؤثر على البكتيريا الطبيعية في المسالك البولية، وهذا يُسبب تطوّر سلالات جديدة من البكتيريا المُقاومة لهذه المضادات بحسب مصادر موثقة، لكن ترك هذه الالتهابات دون علاج قد يسبب أضرارًا أكبر تصل إلى الموت أحيانًا.
علاج التهاب المثانة بالأعشاب
تتعدد الأعشاب المُستخدمة في علاج التهاب المثانة وحرقان البول التي تم إثبات فعالية بعضها، فيما لا تزال بعضها بحاجة إلى دراسات أُخرى لتأكيد أو نفي فعاليتها وتحديد الجرعات المثالية لهذه الأعشاب؛ إذ سنتحدث هنا عن أهم الأعشاب التي يعتقد أنها تُستخدم ضمن خطط العلاج:
- الشاي الأخضر: لا شك أن الشاي الأخضر المُستخلص من نبات كاميليا سينينسيس من أكثر الأعشاب المُستخدمة في العديد من المجالات الطبية؛ بسبب احتوائه على مجموعة كبيرة من مضادات الأكسدة التي تُحارب العديد من مُسببات الأمراض؛ ومنها مركبات البوليفينول، بالإضافة إلى مركبات تُسمى (Epigallocatechin) المُضادة للجراثيم، التي تُؤثر بشكل كبير على سلالات البكتيريا الإشريكية القولونية المُسبب الرئيسي لالتهاب المسالك البولية، وقد أثبتت مجموعةٌ من الدراسات التي أُجريت على الحيوانات أنها تُحسّن عمل المضادات الحيوية وتُقلّل من التهابات المسالك؛ إلّا إنّ الدراسات على البشر غير متوفرة نسبيًا ولا تُعتبر كافية، كما أنّ استخدام الشاي الأخضر بكميات كبيرة يُسبب مجموعةً من الآثار الجانبية بسبب احتوائه على الكافيين، كما أن الجرعات العالية من مُستخلصات الشاي الأخضر ترتبط في الكثير من الأبحاث مع مشاكل الكبد.
- أوفا أورسي: أو أوراق عنب الدب، وهو علاج عشبي يُستخدم في الطب التقليدي والشعبي لعلاج التهاب المسالك البولية؛ إذ تُستخدم أوراقه في علاج الإلتهابات التي يتم تجفيفها ونقعها لصنع الشاي، فيما يستخدم البعض مستخلصاتها على شكل كبسولات أو أقراص. ويعتقد أن هذه الأوراق تُستخدم بفضل احتوائها على مركب يُسمّى (Arbutin)، الذي يُعتبر من مضادات الميكروبات وتُؤثر بشكل كبير على البكتيريا الإشريكية القولونية.
هل يمكن علاج التهاب المثانة وحرقان البول بالطرق الطبيعية؟
يلجأ بعض الناس لعلاج هذه الالتهابات عن طريق تناول مواد طبيعية متنوعة، أو عن طريق بعض الممارسات اليومية؛ مثل الحفاظ على النظافة الشخصية أو تناول كميات كبيرة من الماء أو ارتداء ملابس داخلية خاصة وغيرها من الممارسات المتنوعة. فيما يلي بعض أنواع هذه العلاجات:
العلاج باستخدام د-مانوز D-mannose
وهو عبارة عن سُكر بسيط يُستخدم للوقاية من هذه العدوات وفي علاج الخفيف منها. ويوجد هذا السكر في العديد من الأطعمة والفواكه؛ مثل التفاح والتوت البري والبرتقال، كما يُمكن الحصول عليه على شكل مسحوق أو أقراص لعلاج الالتهابات؛ إذ يُعتقد أنّه يثبط قدرة البكتيريا على الالتصاق بخلايا المسالك البولية لتسهيل عملية التخلص منها قبل الإصابة بالعدوى؛ إلّا إنّ الدراسات ما زالت قليلة لإثبات فائدته؛ ومنها دراسة أُجريت عام 2016 على مجموعة من النساء المصابات بالالتهاب، خلصت إلى أنّ تناول جرعة صغيرة بمقدار 1.5 غرام لمدة 15 يومًا ساعد على الشفاء من العدوى بنسبة 90%، لكن هناك حاجة لدراسات أخرى مُوسّعة لوضع السكر ضمن الخطط العلاجية. ووجدت دراسة أُخرى أُجريت عام 2013 أن تناول 2 غرام من السكر يوميًا يُقلّل تكرار التهاب المسالك البولية وله تأثير مشابه للمضادات الحيوية لكن بآثار جانبية أقل تتمثّل في الإسهال الخفيف فقط. لكن للأسف هذا السكر غير ملائم للأشخاص المصابين بداء السكري، كما أنّ الجرعات القياسية غير محددة فعليًا، لكن الأبحاث تُشير الى استخدام كمية تتراوح بين 1.5-2 غرام من 1-3 مرات يوميًا.
العلاج باستخدام الثوم
يُعتبر الثوم من الأعشاب المُستخدمة بشكل واسع في الطب التقليدي، بالإضافة إلى استخدامه الواسع في الطهي، ويُعتبر من أهم الأعشاب المُستخدمة في علاج الالتهابات الفطرية والفيروسية والبكتيرية؛ بسبب خواصه المُضادّة لمُسببات الأمراض؛ وأهمها الكبريت المعروف باسم الأليسين، الذي يُعتبر من أهم مضادات الجراثيم ويُستخدم لعلاج عدوى المسالك البولية؛ ومنها الإشريكية القولونية، ولكن الأبحاث لا تزال قليلة لإثبات فعاليته في العلاج وتحديد الجرعات القياسية المُحدّدة لاستخدامه. والجدير بالذكر أنه يُمكن استخدامه على شكل أعشاب، أو على شكل مكملات الثوم التي يُفضلها معظم الأشخاص؛ لأن أعراضها الجانبية أقل؛ مثل رائحة الفم الكريهة والجسم، بالإضافة إلى حرقة المعدة؛ إلّا إنّ هذه المكملات قد يكون لها بعض الآثار الجانبية؛ ومنها خطر الإصابة بالنزيف والتفاعل مع الأدوية المتنوعة؛ مثل مميّعات الدم أو بعض علاجات فيروس نقص المناعة.
العلاج باستخدام التوت البري
تُستخدم منتجات التوت البري المتنوعة ومنها العصائر والمُستخلصات الأخرى، بشكل واسع في علاج التهاب المسالك البولية؛ إذ يحتوي التوت البري على مجموعة من المركبات منها حمض الهيبوريك والأنثوسيانين، وهي مركبات تلعب دورًا رئيسيًا في تقليل نشاط البكتيريا وقدرتها على الالتصاق بالمسالك البولية، وهذا يُؤثر على قدرتها على الانتشار والنمو في المسالك؛ إذ أثبتت الأبحاث التي أُجريت على الحيوانات وأنابيب الاختبار أن التوت البري يمنع بشكل فعلي هذه الالتهابات؛ إلّا إنّ الدراسات على البشر ما زالت قليلة ولا تعطي نتائجًا إيجابية في جميع الحالات، كما أن بعض الدراسات تفتقر إلى الجرعات القياسية، وقد خلّصت دراسة أُجريت عام 2019 أن التوت البري لا يُعتبر فعّالًا مثل طرق العلاج الأُخرى. ويُؤخذ أيضًا على عصائر التوت ومكملاته أنها قد تُسبب بعض الأعراض الجانبية؛ مثل الاضطرابات في المعدة أو الإصابة بحصوات الكلى، ناهيك عن تأثيره على زيادة الوزن بسبب ارتفاع سعراته الحرارية، كما يُحذّر من تناول مكملاته مع بعض أنواع الأدوية خوفًا من التداخلات.
ما هي أعراض التهاب المثانة والمسالك البولية؟
تُعتبر النساء الأكثر عُرضةً للإصابة بالتهابات المسالك البولية بالرغم من إمكانية إصابة الرجال أيضًا؛ إذ تُعاني قُرابة 40% من النساء من هذه الالتهابات في إحدى مراحل حياتِهنّ، وهذه الالتهابات قد تُؤثر على أيّ جزء في الجهاز البولي ؛مثل الحالب أو المثانة أو الكلى، لكنها عادةً تبدأ في الجهاز البولي السفلي والإحليل والمثانة، وتُسبب مجموعةً من الأعراض المتفاوتة في الشدّة تتمثل في:
- الشعور بالحرقة عند التبول.
- الرغبة المتكررة في التبول.
- ظهور البول بلون داكن أو دموي وأحيانًا وجود عكورة بالبول.
- التعب والحُمّى.
- ألم مُتفاوت في الحوض وأسفل الظهر والبطن.
- القلق والاكتئاب.
أعراض التهاب المثانة المختلفة
تختلف أعراض الالتهاب باختلاف نوع الالتهاب وتشمل ما يلي:
- التهاب المثانة الحاد: تتمثل الأعراض فيما يلي:
- حرقان في البول.
- زيادة عدد مرّات التبول.
- ظهور رائحة كريهة في البول.
- تعكّر لون البول.
- الشعور بألم أسفل المعدة.
- التعب والضعف العام.
- التهاب المثانة الحاد مع بيلة دموية: وهي حالات التهاب المثانة المصحوبة بالدم في البول، التي ترافقها نفس أعراض التهاب المثانة الجاد.
- التهاب المثانة النزفي: وهي الحالات التي تسبب تلفًا في الأوعية الدموية في المثانة وظهور الدم في البول، بالإضافة إلى بعض الأعراض الأُخرى المُشابهة لالتهاب المثانة الحاد، لكن هذا النوع يحدث عادةً بسبب التعرض للعلاج الإشعاعي.
كيف يمكن علاج التهاب المثانة؟
في بعض الحالات البسيطة والأعراض الخفيفة يتم علاج التهابات المثانة بطرق بسيطة وعن طريق بعض السلوكيات البسيطة؛ ومنها:
- تناول كميات كبيرة من الماء: تُساعد السوائل المتنوعة ومنها الماء، في تقليل أعراض التهاب المثانة والمسالك البولية.
- تناول المنتجات القلوية: تُفضّل البكتيريا عادةً التكاثر والبقاء في الأوساط الحامضية وتموت في الوسط القاعدي؛ لذلك يمكن زيادة قاعدية الجسم؛ أيّ جعله قلويًا وغير ملائم لنمو البكتيريا، عن طريق تناول بعض المنتجات مثل صودا الخبز أو بيكربونات الصوديوم.
- تجنّب الأطعمة الحمضية: تُفضّل البكتيريا الوسط الحمضي، الذي تُعززه الأطعمة الحمضية وتلغي تأثير القلويات البولية وتزيد حرقة البول.
- تناول المضادات الحيوية: في بعض الحالات الشديدة وتفاقم الأعراض يُمكن تناول المضادات الحيوية بعد تأكّد الطبيب من وجود الكائنات الدقيقة.
من هم الأشخاص المُعرّضون أكثر للإصابة بالتهاب المسالك البولية؟
عند الحديث عن علاج التهاب المثانة وحرقان البول يجب معرفة الأشخاص المُعرّضين بشكل أكبر للإصابة بها؛ إذ تُعتبر النساء أكثر عُرضةً للإصابة بالتهابات المثانة؛ بسبب قُصر مجرى البول لديهنّ أكثر من الرجال ما يجعل مسافة الوصول التي تحتاجها البكتيريا للوصول إلى المثانة أقل، كما تزداد فرص الإصابة بسبب مجموعة من العوامل؛ وهي:
- زيادة النشاط الجنسي: يُعزّز النشاط الجنسي دفع البكتيريا إلى مجرى البول.
- استخدام وسائل منع الحمل: بعض أنواع وسائل منع الحمل تزيد من خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية؛ ومنها الأغشية المحتوية على مبيدات الحيوانات المنوية.
- الحمل: التغيّرات الهرمونية والتقلّبات ترفع خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية.
- سن اليأس: تزداد مخاطر الإصابة بعدوى المسالك البولية في سن اليأس بسبب التغيّر في مستوى الهرمونات.
- حصوات المثانة: أيّ التأثير على مجرى البول؛ مثل حصوات المثانة أو تضخم البروستاتا، قد يُسبب زيادة خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية.
- التقلبات في جهاز المناعة: بعض الاختلالات في جهاز المناعة ترفع خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية؛ ومن هذه الاختلالات أمراض السكري والسرطان.
- استخدام قسطرة المثانة: بعض الأشخاص يستخدمون قسطرة المثانة لأسباب طبية متنوعة، وهذه القسطرات تُسبب التهابات المسالك البولية.
اقرأ/ي أيضًا:
هل حرقان البول من علامات الحمل؟
هل هناك أسباب لتغير لون البول إلى البني؟