تحقيق مسبار
شجرة عيد الميلاد عبارة عن شجرة مُزيّنة بالزخارف والأضواء، تُعتبر جزءًا أساسيًا من احتفالات عيد الميلاد، وتكون الشجرة عادةً مزروعةً بوعاء أو مقطوعةً حديثًا أو اصطناعية، تُستخدم كنوع من أنواع الزينة الداخلية أو الخارجية؛ إذ ترتبط عادةً بالطقوس المسيحيّة؛ إلّا إنّها حديثًا أصبحت علمانيّة الاستخدام تصنعُها العائلات للاحتفال بعيد الميلاد وتضع عليها مجموعةً من الهدايا لفتحها عشيّة الميلاد أو في يوم الميلاد.
هل يوجد تاريخ لشجرة عيد الميلاد؟
نعم يمكن القول أن أوّل ظهور لشجرة الكريسماس كان في القرن السادس عشر؛ إذ كانت تُعتبر تقليدًا ألمانيًا تمّ نشره لاحقًا إلى مُختلف أنحاء العالم، في حين كانت الأشجار دائمة الخُضرة تُستخدم بكثرة قبل ظهور المسيحيّة في حضارة مصر القديمة وروما وفي تقاليد الصينيين والعبرانيين، فيما كانت عبادة الأشجار شائعةً بين الأوروبيين الوثنيين الذين تحوّلوا لاحقًا إلى المسيحيّة وعملوا على تزيين المنزل بالأشجار بداية العام الجديد لاعتقادهم أنّها تُخيف الشيطان.
كانت نشأة شجرة الميلاد الحديثة في ألمانيا حيث ظهرت في مسرحية شهيرة من العصور الوسطى تدور أحداثها حول آدم وحواء، وكانت عبارة عن شجرة تنّوب مُعلّقةً بثمار التفاح للدلالة على الجنّة، إلى جانب أهرام الميلاد أو أهرام الكريسماس المبنيّة على شكل بناء مثلثيّ مصنوعًا من الخشب تُزيّنه المصابيح للدلالة على نور المسيح، ثم تمّ لاحقًا دمج الشجرة مع الهرم لتكوين شجرة الميلاد المُضيئة، ووصلت الشجرة في القرن التاسع عشر إلى إنجلترا ثم انتشرت إلى أنحاء العالم. يقال أن مارتن لوثر المُصلِح الديني هو أوّل من استخدم الشموع المُضاءة في تزيين الأشجار؛ إذ كان يريد الحصول على مشهد يُشبه النجوم المتلألئة في السماء وسط الأشجار الخضراء عام 1536.
وصول شجرة عيد الميلاد إلى أمريكا
كانت الأشجار المُزيّنة تنتشر بكثرة في ولاية بنسلفانيا عن طريق المستوطنين الألمان فضلًا عن انتشارها بكثرة في المنازل الألمانية؛ إلّا إنّ هذه الأشجار لم تكن مقبولةً عند معظم الأمريكيين وكانوا يعتبرونها رموزًا وثنيةً، واستمر هذا الاعتقاد إلى أواخر القرن التاسع عشر ثم تمّ تبنّيها وقبولها بشكل أكبر عند الأمريكيين بالرغم من معارضة الكثير من الناس والحكومات والكنائس لهذه التقاليد، كما تمّ سنّ مجموعة من القوانين تُجرّم الاحتفال بيوم 25 ديسمبر، إلى أن ظهرت الملكة فيكتوريا عام 1846 بجانب شجرة عيد الميلاد في الصُحف الرسمية في المملكة المتحدة؛ فأصبحت شجرة عيد الميلاد تُستخدم بكثرة في بريطانيا؛ بسبب شعبيّة الملكة الكبيرة بين الرعايا، ثم تبعتها المجتمعات الأمريكية المُهتمّة بالموضة وعندها وصلت شجرة الميلاد بالفعل إلى أمريكا.
كانت زينة عيد الميلاد تصل من ألمانيا حتى تسعينيّات القرن التاسع عشر وانتشرت شعبية الشجرة بشكل أكبر في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وكان الأوروبيّون يُفضّلون استخدام الأشجار الصغيرة التي لا يتجاوز ارتفاعها 1.2192 مترًا، بينما فضّل الأمريكيون استخدام الأشجار الكبيرة، وفي بداية القرن العشرين عمل الأمريكيون على تزيين أشجارهم بزينة محليّة الصُنع، أمّا الألمان الموجودين في أمريكا فاستمروا في استخدام المُكسرات والتفاح والفشار المُلوّن والتوت ثم أصبح من الشائع استخدام المصابيح لإضاءة الشجرة، وأصبحت شجرة عيد الميلاد تقليدًا أمريكيًا لتزين المنازل والساحات في موسم الأعياد.
تمّ وضع أول شجرة عيد ميلاد في مركز روكفلر عام 1931 وكانت شجرةً صغيرةً غير مزخرفة وبعدها بعامين تمّ استبدالها بشجرة أُخرى مُزخرفة بالأضواء، وفي يومنا هذا توجد في المركز شجرةً عملاقةً تضمُّ أكثر من 25.000 مصباح مُضيء.
تواريخ وحقائق مُهمّة
- عام 1850: بِدء بيع أشجار الميلاد بشكل رسميّ في الولايات المتحدة.
- عام 1979: تمّ إضاءة الجزء العلوي فقط من شجرة الكريسماس الوطنيّة في أمريكا تكريمًا للرهائن الأمريكيين في إيران.
- الفترة بين عامي 1887-1933: تم بيع أشجار التنّوب من ميشيغان إلى سكان شيكاغو عبر سفينة الكريسماس المُقيّدة عند جسر شارع كلارك.
- عام 1933: جلب فرانكلين بيرس رئيس الولايات المتحدة الرابع عشر شجرة عيد الميلاد إلى البيت الأبيض، وأصبحت تقليدًا في مركز روكفلر.
- عام 1923: بدأ استخدام شجرة الكريسماس المُضيئة في حديقة البيت الأبيض على يد الرئيس كالفين كوليدج.
كيف يُمكن تزيين شجرة الكريسماس؟
عند التفكير في تزيين الشجرة يجب اتباع مجموعة من الخطوات الرئيسية للحفاظ على الشجرة خلال موسم الأعياد؛ إذ يجب أولًا اختيار نوع معيّن من الأشجار ثم العناية بها بالطريقة المناسبة، ويتم ذلك على مرحلتين؛ الأولى اختيار الشجرة وتجهيزها، والثانية تركيب الشجرة وتزيينها.
تجهيز شجرة الكريسماس
- اختيار الشجرة: يُمكن شراء الشجرة من المزارع المُتخصّصة واختيار شجرة مزروعة في الأرض لتدوم لأطول فترة ممكنة؛ إذ يجب الابتعاد عن الأشجار المُحتوية على النقاط الميّتة أو البُنيّة؛ لأنها تُعبّر عن انتهاء أوانها وقرب موتها.
- تحديد موقع ملائم في المنزل: يجب اختيار موقع الشجرة في المنزل بعناية؛ إذ يجب وضعها في مكان بعيد عن مصادر الحرارة المباشرة لأنها تُسبّب جفافها، كما يجب إبعادها عن اللهب المكشوف لتجنّب حرقها، كما يُمكن اختيار الزوايا لحمايتها من الصدمات، وفي حال استخدام المصابيح للتزيين يجب اختيار مكان قريب من وصلات الكهرباء وتجنّب الأسلاك الطويلة المُمتدة لتفادي التعثّر بها.
- اختيار موضوع الشجرة: بالرغم من أن تزيين الشجرة يُعتبر أمرًا بسيطًا ويعتمد على الذوق العام والرغبة ولا يخضع لقوانين معينة؛ إلّا إنّه من الأفضل اختيار موضوع مُعيّن للشجرة؛ كأن يكون موضوعها الابتهاج أو الموسيقى، وبناءً على ذلك يتم اختيار الزينة والألوان والزخارف؛ إذ يُفضّل اعتماد لون واحد رئيسي ومجموعة من الألوان الثانوية لإكمال الشكل، كما يُمكن اعتماد مُخطّط من اللون الأبيض والذهبي والفضي ودمج الألوان الأُخرى مثل الأحمر والأخضر.
- تغطية الأرضية تحت الشجرة: يُمكن استخدام أنواع مُتعددة من الأقمشة لتغطية الأرضية أو استخدام الأوراق المُلوّنة؛ وذلك لحماية الأرضية من تناثر الماء وزيادة جمالية الشجرة.
- تجهيز القاعدة: يتم قطع 1.3-2.5 سم من قاع الشجرة بواسطة منشار يدوي لتتمكّن من امتصاص الماء، ويتم القطع بطريقة مُستوية للمساعدة في تثبيت الشجرة، كما يجب اختيار منشار مستويّ يدوي وتجنّب القطع الساخن؛ لأنه يُسبب إغلاق النهايات واستحالة امتصاص الماء.
خطوات تركيب شجرة الكريسماس
- تركيب الشجرة: بعد قطع قاعدة الشجرة وخلال مُدّة أقصاها 8 ساعات يتم تركيب الشجرة وتثبيتها في وعاء خاص يسمح بريّها، كما يُمكن استخدام وعاء مملوء بالصخور وتزويدها بالماء بمعدل 950 مل لكل 2.5 سم من قطر الجذع، كما يجب الحرص على إبقاء لحاء الشجرة لأنه المسؤول عن امتصاص الماء.
- التأكّد من استقامة الشجرة: قبل البدء بالتزيين يجب التأكّد من ثبات الشجرة واستقامتها وشكلها النهائي؛ لأن إصلاحها لاحقًا يكون أكثر صعوبة.
- تزيين الشجرة: تُعتبر مرحلة التزيين المرحلة الأكثر مُتعةً لكن يجب مراعاة ثبات وسلة الشجرة خلال ذلك؛ إذ يجب التأكّد من عمل المصابيح وسلامة التوصيلات والحبال والزخارف، بعدها يتم وضع الحُليّ الصغيرة في مكان بعيد عن أيدي الأطفال والحيوانات الأليفة وتزيين الشجرة حسب الرغبة.
- وضع الهدايا: يُمكن اختيار الهدايا المتنوعة ولفّها بأوراق الهدايا المُلوّنة وشريط أحمر ووضعها على الشجرة.
ما هي طريقة العناية بالشجرة؟
تحتاج شجرة عيد الميلاد إلى العناية بها بالطريقة الصحيحة من أجل الحفاظ عليها طوال فترة عيد الميلاد ثم التخلّص منها بالطريقة المُلائمة للحفاظ على البيئة، وفيما يأتي شرح ذلك:
- الريّ: أوّل طُرق العناية بالشجرة هي ريّها بالشكل الصحيح؛ لأنها تحتاج إلى الكثير من الماء بعد تزيينها مُباشرةً، ثم يتم ريّها يوميًا لمنع جفافها، كما يُمكن وضع الأسبرين في الماء أو مشروب الصودا.
- جمع إبر الصنوبر المتساقطة: يجب تنظيف الأرضية حول الشجرة من الإبر المُتساقطة عن طريق استخدام مكنسة كهربائية أو فرشاة.
- التخلّص من الشجرة: بعد انتهاء موسم الأعياد يتم التخلص من الشجرة كأيّ نفايات حديقة أُخرى؛ إذ يُمكن تركها في الحديقة المنزلية لحين جفافها واستخدامها في أغراض النشارة أو تقطيعها، كما يُمكن التخلّص منها في البحيرات؛ لأنها تُعتبر بيئةً ملائمةً للأسماك والمخلوقات البحريّة.
ما هي رموز شجرة الكريسماس ودلالاتها؟
لا شكّ أن زينة شجرة الكريسماس لا تُعتبر عشوائيةً واختيار الأشكال أيضًا لا يُعتبر بدون دلالة؛ فكلّ نوع من الزينة له معنىً مُعيّن ورمزيّة خاصة، وهي كما يلي:
- النجوم: ترمُز النجمة إلى نجمة بيت لحم، وهي بحسب القصص التوراتيّة أرشدت الملوك الثلاثة إلى الطفل يسوع، كما يُعتبر النجم دلالةً على نبوءة قديمة تحقّقت، ويُقال أنها ترمُز إلى الشموع التي ظهرت بمجرد ولادة المسيح.
- الشموع: تُعبّر الشموع عن الضوء وتُستخدم للدلالة على النجمة، كما كانت تُستخدم قديمًا لإضاءة الشجرة قبل البدء باستخدام المصابيح الكهربائية.
- الهدايا: بحسب روايات الكتاب المُقدّس فإن هناك ثلاثة رجال؛ وهم مليكور وغاسبار وبالتزار، قدّموا مجموعة هدايا من الذهب والبخور للمولود يسوع ومن هنا جاءت فكرة تقديم الهدايا في العيد.
- الألوان: عادةً يتم تزيين الشجرة باللونيّن الأحمر والأخضر؛ إذ يدل الأحمر على دم المسيح ولون التوت المُقدّس، أيضًا هو لون كان يُستخدم في احتفالات روما القديمة بالانقلاب الشتوي. أمّا اللون الأخضر فيدلّ على الحياة والنور؛ إذ يُعتبر الرومان أوّل من زيّن الملابس بالأشجار الخضراء؛ وأهمُّها شجرة التنّوب التي ترمز إلى الحياة، كما يُقال بحسب الأساطير أن الأشجار نفضت الثلج عنها عند ولادة يسوع وكشفت عن براعمها الجديدة.
- الأجراس: تُستخدم الأجراس للإعلان عن موسم الأعياد، كما أنها تُستخدم ضمن الطقوس الوثنية لطرد الشياطين والأرواح الشريرة.
- عصا الحلوى: التي تُعبّر عن عصا الراعي ويُشار بها عادةً إلى يسوع الراعي الصالح.
- أكاليل الزهور: ترمز إلى الكرم وتجمّع الأُسرة والعطاء، وهو عبارة عن رمز الحب الأبدي غير المُنتهي.
- الهدال: تُعتبر النباتات رمزًا للحب، والهدال نبات طُفيّلي يرتبط بالشجرة ويعتمد عليها بحيث لا يستطيع العيش دونها، وتزعم بعض القصص أنّه كان مُستخدمًا في بعض العلاجات ولتعزيز الخصوبة.
- بهرج وعنكبوت عيد الميلاد: العنكبوت مُجرّد تقليد من قصة قديمة تنصّ على أن امرأةً قامت بتنظيف بيتها قبل الميلاد وأخرجت العناكب وشبكاتها للخارج؛ إلّا إنّ العناكب عادت لرؤية شجرة الميلاد ورقصت عليها تاركةً شباكها خلفها، وعندما رآهم يسوع قام بتحويل الشباك إلى بهرج فضيّ أو ذهبي جميل حتى لا تنزعج المرأة التي عملت بجد لتنظيف المنزل.
ما هي أشكال شجر الكريسماس؟
تختلف أشكال شجرة عيد الميلاد وتتنوع في الأسواق، ويُمكن الحصول على عِدّة أنواع منها تختلف من حيث ألوان الأغصان وارتفاعاتها، وقد تكون بشكل شجرة كاملة أو شجرة مقلوبة أو رفيعة مثل القلم والعديد من الأشكال الأُخرى؛ إذ يتم تقليم الأشجار بطريقة مُعيّنة لتأخذ الشكل الهرمي وتقليم الأوراق لتسهيل تركيب الزينة عليها، وقد تكون شجرة صنوبر أو تنّوب أو شجرة اصطناعية مصنوعة من مواد مختلفة وتأخذ الشجرة أشكالًا متعددة.
أفضل أنواع شجر الكريسماس
- شجرة التنّوب البلسم: تُعتبر من أكثر الأنواع استخدامًا في أعياد الميلاد، وهي شجرة دائمة الخضرة تتميّز بشكلها المخروطي وأوراقها المُسطّحة الكثيفة والداكنة الخضراء، وتعتبر من الأشكال التقليدية لشجرة عيد الميلاد، كما تتميّز بحجمها الصغير إلى المتوسط.
- شجرة التنّوب الفريزر: تعتبر خيارًا مثاليًا للأشخاص الباحثين عن شجرة عالية الجودة، تتميّز برائحتها القوية ولها فروع خضراء وصفراء، وشكلها مخروطي بأغصان قوية، أيضًا تتميّز بارتفاع فروعها للأعلى وهذا يجعل زينتها ثابتةً بشكل أكبر وبعيدةً عن عبث الأطفال، كما أن أوراقها تبدو كالإبر.
- شجرة التنّوب الكنعانية: تُوصف بأنها خليط بين التنّوب البلسم والفريزر، تتميّز بلونها الأخضر وعِطرها القويّ الذي يجعلها خيارًا مثاليًا للعديد من الأشخاص، يتم الحصول عليها من جبال فرجينيا وتعتبر من الخيارات الشائعة.
- شجرة التنّوب دوغلاس: تتميّز الشجرة بشكلها الهرمي وأوراقها الخضراء الداكنة ورائحتها القوية وطولها المرتفع، تتم زراعتها في الولايات المتحدة، كما تتميّز بأوراقها المُسطّحة.
- شجرة التنّوب الكُبرى: تتميّز هذه الشجرة بارتفاعها الكبير؛ إذ تصل إلى 70 مترًا تقريبًا، تُزرع في شمال كاليفورنيا وشمال غرب المحيط الهادئ، تتميّز بأوراقها الصفراء والخضراء التي يتخلّلها شرائط بيضاء تُعطيها شكلًا أجمل، كما تنبعث منها روائح قويّةً، فضلًا عن فروعها القوية التي يتم تركيب الزينة عليها.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يوجد عناصر وأنواع للعروض المسرحية؟
هل بدأ استخلاص المعادن في العصر الحجري؟
