تحقيق مسبار
تظهر مكانة الخيل عند العرب فيما نُقل من أشعارهم حول صفاتها ومدحها بشكل جليّ، ويبيّن هذا المقال أبرز سلالات الخيل العربيّة الأصيلة مع ذكر بعض من أشهر الخيول العربيّة الأصيلة وأسمائها، ويتطرّق المقال كذلك إلى الصفات والخصائص التي يتميّز بها الخيل العربي الأصيل عن أنواع الخيول الأُخرى؛ بما في ذلك شكل العُنق وحجم الرأس وشكل الذيل.
ما هي مكانة الخيل عند العرب؟
إنّ للخيل مكانةٌ متميّزةٌ عند العرب؛ فإنّها كانت مُناسبة للقتال بسبب سرعتها الكبيرة مُقارنةً بسرعة الإبل، كما أنّهم كانوا يركبونها للفرار عند الحاجة إلى ذلك تفاديًا لذوي الشرّ، وكانت كذلك من وسائل النقل التي كثر استخدامها لديهم، ووصلت أهميّة الخيل في حياتهم إلى إيثارها على أنفسهم حتى أنّ أحدهم يجوع هو لتشبع خيله، وتظهر مكانة الخيل عند العرب في أشعارهم بشكل جليّ؛ فإنّهم كثيرًا ما يذكرونها بالمدح ويذكرون ما لها من الصفات الحميدة.
هل يوجد سلالة واحدة من الخيل العربي الأصيل؟
تنحدر الخيول العربية الأصيلة من عِدّة سلالات مُختلفة ولا يوجد لها سلالة واحدة، وتُعرف الخيل الأصيلة عند العرب باسم العتيقة، وهي التي كان أبواها عربيّان أيضًا، وتُعدّ الصقلاويّة من أشهر سلالات الخيل العربي الأصيل؛ ومنها صقلاويّة الحبتريّ وصقلاويّة ابن بصرى، وكذلك سلالة الكحيلة ومنها كحيلة الحرقة، وسلالة العبية ومنها عبية الأصيلع، بالإضافة إلى سلالة الشويمات وسلالة أم عرقوب، وكانت مكانة الخيل عند العرب عظيمة؛ إذ إنّها استخدمت في الحروب وفي التنقّل بشكل أساسي.
ما هي أشهر الخيول العربية الأصيلة؟
توجد العَديد من الخيول العربيّة الأصيلة المشهورة عند العَرب، وتضمّ القائمة الآتية بعضًا من أشهر هذه الخيول:
- صقلاويّة ابن زبينة: كانت هذه الخيل عند الأمير فيّاض وانتهى بها المطاف إلى ابن زبينة، ويرجع نسب هذه الخيل إلى صقلاويّة ابن جدران المعروفة باسم الجدرانيّة.
- الصقلاويّة الوبيريّة: تنتسب هذه الخيل إلى وبيران شقيق جدران، الذي تنتسب إليه الصقلاويّة الجدرانيّة، وتفرّع عن الصقلاويّة الوبيريّة كلًّا من صقلاويّة ابن بصرى والصقلاويّة الشعيفيّة.
- كحيلة العَجوز: عُرفت هذه الخيل باسم كحيلة العجوز نسبةً إلى المرأة العجوز التي أخذتها من أمّها وقامت بتربيتها؛ حتى أصبحت واحدةً من الخيول العربية الأصيلة المشهورة لدى العَرب.
- كحيلة كروش: تُعد كحيلة كروش واحدةً من الخيول التي بدأت سيرتها لدى قبيلة مُطير؛ إلّا أنّها انتقلت إلى مانع بن صُويت من قبيلة الضفير ومنه إلى قبيلة الفدعان، وعُرض على صاحب هذه الخيل بيعها بأغلى الأثمان لنفاستها ولكنه أبى ذلك.
- الدّهماء العامريّة: تنتسب الدّهماء العامريّة إلى قبيلة بني عامر، وهي من سلالة الكحيلة كما يظهر من اسمها، وكانت في البداية لدى عامر بن الطفيل ثمّ انتقلت إلى قبيلة حرب بعد ذلك وانتهى بها المطاف إلى قبيلة السبعة.
- كحيلة المعنقيّة: عُرفت هذه الكحيلة باسم المعنقيّة بسبب طول رقبتها، أو نسبةً إلى المعانق التي كانت تُستخدم في نقل الأمتعة قديمًا، وسُميت فيما بعد بالسبيليّة نسبةً إلى ابن سبيل التي آل إليه أمر هذه الخيل.
- عبية أمّ جريس: كانت هذه الخيل لدى الشيخ راكان بن مرشد، وهو سيّد قبيلة السبعة في زمانه، وهي واحدةٌ من الخيول التي يعود نسبها إلى سلالة العبية.
- أمّ عرقوب: ضرب العرب المثل في هذه الخيل لعدم وجود عيوب فيها، وعُرفت أمّ عرقوب كذلك باسم الشويهة، وهي خيل نشأت في قبيلة الحويطات ثمّ انتقلت إلى بني صخر ومن بني صخر إلى الشعيليّ فيما بعد.
- هدبة مشيطب: إنّ هذه الخيل كانت لدى ناهي المشيطب وإليه نُسبت، وانتهى بها المطاف إلى قبيلة العوير من القمصة، ويجدر الذّكر بأنّ كلمة مشيطب تعني الرجل الذي يحتوي وجهه على تشطيب.
هل اتفق المختصّون على تاريخ الخيول العربية؟
لم يتفق المختصّون في الخيول العربية على تاريخ هذا النوع من الخيل بالرغم من نفاستها وجودتها وتفوّقها على ما سواها من الخيول عادةً؛ فإنّ البعض يرى أنّ نشأة هذه الخيول في شمال سوريا وجنوب تركيا بناءً على الآثار المتوفرة، بينما يرى آخرون بأنّها نشأت في الجزء الجنوبي الغربي من جزيرة العَرب؛ لأنّها المنطقة التي تستطيع توفير المراعي المُناسبة للخيول نتيجةً لوجود مجاري الماء، ولا شكّ أن مكانة الخيل عند العرب كانت كبيرة جدًّا بسبب جودتها وقوّتها دون النظر إلى مكان نشأتها.
ما هي مواصفات الخيل العربيّ الأصيل؟
يتميّز الخيل العربي عن غيره من الخيول الأُخرى في العالم بعِدّة من الخصائص والصفات؛ وأبرزها الخصائص الآتية:
- شكل الرأس: يتمتّع الخيل العربي الأصيل برأس ذي حجم صغير نسبيًّا، وهو رأس ذو شكل مستقيم أو مُقعّر قليلًا في الجزء الذي أسفل العينين، كما أنّه يضمّ عيونًا كبيرة مُستديرة مُتباعدة عن بعضها.
- شكل الظهر: يتميّز الخيل العربي الأصيل بظهر قصير نسبيًّا عند مقارنته بأنواع الخيول الأُخرى في العالم، ومن الممدوح في الخيل أن يكون ظهرها معتدلًا وأن لا يكون أسرج.
- شكل العُنق: للخيل العربي الأصيل رقبة طويلة مع وجود تقوّس فيها، كما أنّها ترتبط في نهايتها مع الأكتاف المرتفعة إلى حدّ ما مُقارنةً بالخيول الأُخرى، ويُعدّ العُنق الطويل من الصفات التي تُشير إلى قُدرة الخيل على العدو.
- شكل الذيل: يرتفع ذيل الخيول العربية الأصيلة إلى الأعلى عادةً، ويكون الذيل مُستقيمًا عند النظر إليه من الخلف خلافًا للخيول الأُخرى، التي يكون الذيل لديها مُنخفضًا دون ارتفاعه إلى الأعلى.
- شكل الخانوق: يميل شكل الخانوق إلى أن يكون مُستقيمًا في الخيل العربية، ويجدر الذّكر بأنّ الخانوق هو الجزء الذي يمتد من ورك الخيل وحتّى منطقة الأرداف.
هل يوجد أسماء خيول عربية معروفة؟
هُنالك العديد من الخيول العربية المشهورة في التاريخ؛ ومنها ما يأتي:
- أطلال: عُرفت فرس بُكير بن عبد الله بن الشداخ باسم أطلال، وهي خيل شهدت معركة القادسيّة، وتمكّنت هذه الخيل من الوثب وتجاوز نهر القادسيّة، الذي كان عرضه أربعين ذراعًا فيما نُقل، وذُكرت هذه الخيل وخيّالها في بعض الأشعار.
- البزق: كانت هذه الفرس لدى كرز بن ربيعة بن عمرو، وهي السبب في الحرب التي قامت في الجاهلية بين قبلية قريش وقبيلة بني عامر بن صعصعة.
- بلعاء: نشأت هذه الفرس لدى أسود بن رفاعة، ورُوي بأنّ أحد العرب اشترى مُهرةً منها بعشرة آلاف فلامه أبناؤه في ذلك؛ فقال لهم: "إنّما اشتريت لكم حسبًا"؛ وذلك لما تتميّز به هذه الخيل من الشُهرة والسُمعة الحسَنة.
- جروة: كانت جروة خيلًا لدى شدّاد بن معاوية العبسيّ، وهو والد الفارس العربي المشهور عنترة بن شدّاد، وقال عنترة مادحًا لهذه الخيل في شعره و"من يك سائلًا عنّي فإنّي وجروة لا ترود ولا تُعار"، يريد بذلك أنّها لا ترعى بنفسها وإنّما يُقام عليها لجودتها.
- الخطّار: امتلك لبيد بن ربيعة هذا الفرس وآل بها المطاف إلى عبد العزيز بن مروان بعد موت لبيد؛ إلّا إنّ ابنة لبيد قطعت أُذن هذه الخيل وهلبت ذيلها في قصّة مشهورة كيّ لا يركبه أحد بعد أبيها.
- خِصاف: عُرفت خِصاف بجرأتها، وهي خيل امتلكها رجل من قبيلة غسّان، وكان يُقال عن الفرس الجريء بأنّه أجرأ من خِصاف بالرغم من جُبن مالكها كما نُقل.
- الزايد: الزايد اسم فرس لهشام بن عبد المَلك، وهي فرس كانت تُستأذن قبل الدخول عليها بتحريك مخلاة فيها شعير؛ فإن أذن الخيل بصوت الحمحمة التي يصدرها دخل عليه الرّجل؛ وإلّا فإنّه كان يكدمه ويشدّ عليه.
- المُعلّى: عُرفت المعلّى بسرعتها، وهي خيل كانت للأسعر بن حمران الجعفيّ، وكان الأسعر يركب هذه الفرس ثمّ يهرب بها فلا يُدركه أحد من يلحق به.
كيف وصف العرب ألوان الخيل؟
ذكرت العديد من أوصاف لون الخيل في لغة العرب، ومن أبرز هذه الأوصاف ما يأتي:
- الدّهمة: يُعرف الخيل بأنّه أدهم إذا كان لونه أسود، ويُطلق عليه اسم الغيهب إذا اشتدّ سواده، واسم الدجوجيّ إذا خفّ سواده عن سواد الغيهب، وإذا اختلط السواد مع لون آخر أو لم يشتدّ سواد الخيل عُرف باسم الأكهب.
- الخضرة: من أوصاف الخُضرة للخيل الأخضر الأحم، وهو الأقرب إلى الدّهمة مع بعض الأجزاء المُخضرّة؛ مثل البطن والأذنين، كما تُوصف الخُضرة بقولهم أخضر أورق أو أخضر أدغم.
- الكمتة: يكون الخيل أكمتًا إذا كان لونه أسود مع حُمرة تخالطه؛ ومن ذلك قولهم أكمت أحمر إذا استوت حُمرته في أطراف شعره وأصول شعره، وكذلك الأكمت المُذهّب الذي فيه حُمرة تعلوها صُفرة.
ما هي أوصاف مشي الخيل عند العرب؟
ممّا يُظهر مكانة الخيل عند العرب وصفهم لمشيها بشكل دقيق، وتضمّ القائمة الآتية بعضًا من أوصاف مشي الخيل في لغة العرب:
- العَنق: يُطلق وصف العَنق على أوّل مشي الخيل عند العرب.
- الدألان: يُعرف الدّألان -بالدّال- بانّه مشي يُقارب فيه الخيل خطواته كأنّ هُناك حملًا يُثقله.
- الذّألان: إنّ الذّألان -بالذّال- وهو مشي خفيف سريع، وكذلك عُرف الذّئب بهذه الصّفة لخفّة مروره.
- التّقريب: إذا رفع الخيل يداه معًا ووضعهما معًا أثناء المشي عُرف ذلك باسم التّقريب.
- الثّعلبيّة: تُعرف الثّعلبيّة في مشي الخيل بأنّها العدو على صفة تُشبه صفة عدو الثّعلب.
- الرّدى: يصف الرّدى مشي الخيل عندما يكون بصفة بين المشي الشّديد والعدو.
- الدحو: يُقال بأنّ الخيل مرّ يدحو دحوًا إذا رمى بيديه أثناء المشي دون رفع سنابكه عن الأرض كثيرًا.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يوجد تاريخ لشجرة عيد الميلاد؟
هل بدأ استخلاص المعادن في العصر الحجري؟