هل هنالك فرق بين التنجيم وعلم الفلك؟

يهدف هذا المقال إلى بيان الفرق بين التنجيم وعلم الفلك، بالإضافة إلى توضيح مدى صِدق التنبؤات التي يمكن الوصول إليها من خلال التنجيم بالاعتماد على بعض الأبحاث والدراسات التي أُجريت لهذه الغاية، ويتطرّق المقال كذلك إلى بعض أغرب الاكتشافات في علم الفلك مع تزويد القارئ ببعض المعلومات حول أبرز الأجهزة والأدوات التي يستخدمها علماء الفلك أيضًا.

هل هنالك فرق بين التنجيم وعلم الفلك؟

إن هناك فرقًا كبيرًا بين التنجيم وعلم الفلك؛ فإن التنجيم مُصطلح يشير إلى التنبؤ بالأحداث والوقائع الأرضيّة أو البشريّة من خلال الأبراج ومواقع النجوم وغيرها من الأجرام السماوية؛ مثل الشمس والقمر، بينما يعتني علم الفلك بدراسة جميع الأجرام السماوية والعناصر الأُخرى خارج غلاف الكرة الأرضية؛ بما فيها النجوم والثقوب السوداء، بالاعتماد على أدوات معروفة وأُسس مدروسة لا بمجرد التكهُنات كما في التنجيم. ويجدر التنبيه إلى استخدام مُصطلح التنجيم أحيانًا للدلالة على المُمارسات التي يمكن الاعتماد عليها لمعرفة الاتجاهات من خلال النجوم في السماء أيضًا، وهي ممارسات علميّة صحيحة خلافًا للتنجيم من أجل التنبؤ، وبهذا يظهر الفرق بين التنجيم وعلم الفلك.

هل يُسهِم التنجيم في الوصول إلى تنبؤات حقيقية؟

لا يعدُّ التنجيم الذي يهدف إلى التنبؤ بالمستقبل واحدًا من العلوم، كما أنه لا يوصل إلى تنبؤات حقيقية إلّا بمحض الصدفة وذلك وفق دراسة أجراها بيتر هارتمان على 4,000 شخص؛ لمعرفة الارتباط بين تاريخ الميلاد للفرد من جهة وبين الذكاء من جهة أُخرى؛ فلم يتمكّن الباحث من إيجاد أيّة علاقة بينهما، وسبق إجراء اختبار لعدد يبلغ 28 مُنجّمًا من أجل معرفة مدى دقّة تنبؤاتهم، فيما خلّص هذا الاختبار إلى أن نسبة دقّة هذه التنبؤات ليست أفضل من الصُدفة العشوائية وفق ما تمّ نشره على موقع جامعة غرب تكساس ايه اند ام الأمريكية.

ما هي كيفية التنجيم لمعرفة الاتجاهات دون بوصلة؟

اعتمد البشر على النجوم بشكل أساسي لمعرفة الاتجاهات ليلًا مُنذ القدم قبل ابتكار البوصلة، وفيما يأتي خطوات معرفة الاتجاهات بالاعتماد على نجوم الدب الأكبر بدلًا من البوصلة:

• العثور على نجوم الدب الأكبر: يعد العثور على سلسلة نجوم الدب الأكبر الخطوة الأولى لتحديد الاتجاهات، وهي سلسلة تتكوّن من 7 نجوم وتعد ألمع النجوم في السماء، يُمكن رؤيتها من الجزء الشمالي للكرة الأرضية.
• تحديد مكان نجم الشمال: يمكن تحديد نجم الشمال بالاعتماد على سلسلة الدُب الأكبر؛ فإن النجمين اللذين يقعان أسفل سلسلة الدب الأكبر يُشيران إلى نجم الشمال دائمًا عند افتراض وجود خط وهمي مُستقيم يبدأ بالنجم السفلي، ثم يمرُّ بالنجم الذي يليه.
• معرفة جهة الشمال: يُشير نجم الشمال إلى جهة الشمال دائمًا عند مواجهته من قبل المرء وبذلك تكون جهة الجنوب إلى الخلف، في حين يكون الشرق إلى الجانب الأيمن والغرب إلى الجانب الأيسر.

أين اكتُشف أقدم لوح مكتوب عن التنجيم والأبراج؟

تمّ اكتشاف أقدم الألواح المكتوبة عن التنجيم والأبراج داخل كهف في كرواتيا بالقرب من البحر الأدرياتيكي، وهو لوح يرجع تاريخه إلى أكثر من ألفي عام، تمّ نقش الكتابة عليه وفق الطراز اليوناني الروماني، وكان بالإمكان الاعتماد على الألواح المذكورة لإظهار موقع القمر والشمس والكواكب في الوقت الذي يُولد فيه المرء، ثم تحديد البرج الذي وُلد فيه، هذا يعني أن التنجيم وُجد قديمًا وعرفه البشر بالرغم من عدم إيصاله إلى تنبؤات حقيقية، وعلى الرغم من الفرق بين التنجيم وعلم الفلك؛ إلّا إنّ كُلًّا منهما ظهر في العصور القديمة قبل الميلاد.

هل ظهر علم التنجيم عند العرب قديمًا؟

عَرفَ العرب التنجيم منذ القدم، وظنّ كثيرٌ من عرب الجاهلية بأن للنجوم تأثير على ما أطلقوا عليه اسم العالم السُفلي، وكان التنجيم في ذلك الوقت نوعًا من أنواع الكَهانة، كما أن هناك عِدّة أنواع من الكهانة التي عرفها العرب في العصر الجاهلي أيضًا؛ منها: العرافة التي تعتمد على الظنّ والزعم بمعرفة الأمور الخفيّة ومُقدّمات الأمور وأسبابها، وهناك العديد من الآثار التي تدلُّ على معرفة العرب بالتنجيم؛ ومن ذلك ما رُوِيَ عن قس بن ساعدة عندما سُئل عن النظر في النجوم؛ فأجاب بأنه نظر فيها يبتغي معرفة الطريق ولم ينظر فيها طالبًا الكهانة والتنبؤ بما سيأتي.

ما هي الأدوات المُهمّة في علم الفلك؟

يعتمد علماء الفلك على العديد من الأدوات المُهمّة لاكتشاف الفضاء والأفلاك خارج الغلاف الجوي:

• التلسكوب البصري: تمّ ابتكار التلسكوب البصري من قبل العالم جاليليو عام 1609 وأصبح واحدًا من الأدوات الأساسية في مُراقبة الأفلاك السماوية، تستطيع التلسكوبات البصرية اليوم مُساعدة البشر في رؤية مسافات شاسعة من الفضاء.
• التلسكوب الراديوي: تعتمد هذه التلسكوبات على موجات الراديو؛ للتعرّف على الأجرام في الفضاء الخارجي خلافًا للتلسكوب البصري الذي يعتمد على انعكاس الضوء، كما يتم الاعتماد على التلسكوب الراديوي للتعرّف على عِدّة أجرام لا تصل إليها التلسكوبات البصرية.
• منظار الطيّف: يتم الاعتماد على هذا النوع من الأدوات في دراسة الأطوال الموجيّة المُختلفة للأجرام السماوية، يجدر الذكر بأن اكتشاف الموجات الطيّفية أدّى إلى ظهور ما يُعرف اليوم باسم الفيزياء الفلكيّة.
• خرائط النجوم: يمكن لخرائط النجوم مُساعدة الفلكيين في معرفة مكان النجم في السماء دون الحاجة إلى التلسكوبات والأدوات الأُخرى، وهي من الأدوات التي تمّ استخدامها منذ آلاف السنين، كما تمّ اكتشاف خريطة نجميّة في العاج يزيد عُمرها على 32.5 ألف عام.

هل توجد أقسام لعلم الفلك؟

هناك عِدّة أقسام لعلم الفلك، وهي الأقسام الآتي ذكرها:

• دراسة الكواكب وتكوين النجوم: يعتني هذا القسم بدراسة تكوين الكواكب داخل نظام المجموعة الشمسية وخارجها، بالإضافة إلى دراسة الوسط النجمي في الفضاء الخارجي.
• دراسة النجوم وتطوّرها: يُعدّ هذا القسم واحدًا من أقدم أقسام علم الفلك، وهو قسم يدرس تطوّر النجوم بالاعتماد على أدلة الرصد المُختلفة لفهم الظواهر الغامضة؛ مثل الثقوب السوداء والعواصف الشمسية وغيرها.
• دراسة المجرّات والأنظمة النجميّة: إن المجرّات لِبنةٌ أساسيةٌ من لِبنات الكون، كما أن النجوم لِبنةٌ أساسيةٌ لبناء المجرّات؛ لذلك فإن هذا القسم يعتني بدراسة المجرّات والأنظمة التي تتكوّن منها وطريقة تفاعلها مع المجرّات الأُخرى لفهم طبيعة الكون.
• دراسة علم الكون والفيزياء الأساسية: يُعرف هذا القسم بأنه أهم أقسام علم الفلك، كما أنه يشمل الأقسام الثلاثة السابقة ويهدف إلى الإجابة عن الأسئلة التي تدور حول أصل الكون ومحتوياته وتطورّه ومستقبله.

ما هي المهارات التي يتم اكتسابها عند دراسة الفلك؟

فيما يأتي قائمة ببعض المهارات التي ينبغي على المرء اكتسابها عند دراسة علم الفلك:

• التعرّف على طريقة البحث: يجب على دارسي علم الفلك معرفة الأسئلة الأساسية التي يبحث عنها هذا العلم، بالإضافة إلى معرفة الطريقة المنهجية التي ينبغي اتباعها للوصول إلى الإجابات الصحيحة.
• الدراية بالمفاهيم الأساسية: لا بُدّ من الدراية بالمفاهيم الأساسية لكلٍّ من علم الفلك والفيزياء عند دراسة الفلك، مع القدرة على توظيفها واستخدامها أثناء البحث عن الإجابات؛ ومن هذه المفاهيم مفهوم الجاذبية ومفهوم طبيعة الضوء.
• حلّ المُشكلات الكميّة: من الضروري اكتساب المهارات التي تساعد المرء في حلّ المُشكلات الكميّة عند دراسة علم الفلك، وهي مهارات يتم تطبيقها لوضع الفرضيّات، بالإضافة إلى تحليل البيانات وتحليل الأخطاء واختبار الفرضيّات وغير ذلك.
• معرفة أدوات الفلك: يستخدم المختصون في علوم الفلك العديد من الأدوات للإجابة على الأسئلة المهمة ضمن مجال بحثهم، وعلى المرء معرفة الأساسيات التي تؤهله لاستخدام هذه الأدوات أو التعامل معها بشكل صحيح.
• مهارات التفكير النقدي: على الفرد التمتع بمهارات التفكير النقدي عند دراسة علم الفلك؛ حتى يستطيع معرفة الأخطاء وتطوير النظريات، ويشمل ذلك التفكير النقدي حول التقارير الشفوية والتقارير المكتوبة المنطقية والسليمة علميًا.

هل يستطيع عالم الفلك معرفة درجة حرارة الأجسام في الفضاء؟

يُمكن لعلماء الفلك معرفة درجة حرارة الجسم في الفضاء الخارجي خلافًا للمُنجمين، وهو ما يظهر الفرق بين التنجيم وعلم الفلك، وفيما يأتي بعضًا من الأساليب التي يمكن الاعتماد عليها لمعرفة درجة حرارة الأجسام في الفضاء:

• الأجسام السوداء السماوية: تستطيع الأجسام السوداء امتصاص الطاقة من جميع الأطياف الضوئية وتقوم بإصدار الإشعاعات بلون مُعيّن حسب درجة حرارتها، ولا تعد النجوم أجسامًا سوداء إلّا إنّها قريبة من ذلك، وهذا يعني أنه يمكن معرفة درجة حرارتها من لون الضوء.
• معرفة درجة حرارة الكواكب: يمكن التعرّف على درجات حرارة النجوم بشكل تقريبي بالاعتماد على لون الضوء الذي ينبعث منه، ويستطيع مختصو الفلك معرفة درجة حرارة الأجسام والكواكب القريبة من النجم بعد ذلك بشكل تقريبي؛ لأنها ترتبط بدرجة حرارة النجم إلى حدٍّ كبير.

ما هي أغرب اكتشافات علماء الفلك حتى الآن؟

استطاع العلماء المختصون الوصول إلى العديد من الاكتشافات الغريبة في علم الفلك حتى الآن، وفي القائمة الآتية بعضًا من الاكتشافات الأغرب في الفلك:

• إشعاعات الراديو الغامضة: يتلقّى علماء الفلك العديد من إشارات الراديو الغامضة التي تتمتع بقوّة كبيرة، ومن المُمكن أنها إشارات تنبعث من مصادر بعيدة مليارات السنوات الضوئية حسبما يتوقّع الفلكيون.
• الباستا النووية: يمكن أن تتعرّض البروتونات والنيوترونات التي يتكوّن منها النجم إلى الانكماش؛ بسبب قوة الجاذبية التي تُولّد ضغطًا هائلًا، وهو ما يؤدي إلى تشابك مكوّنات النجم وظهورها على شكل يشبه الباستا.
• الأقمار التي لديها أقمار: لا تزال ظاهرة الأقمار التي تدور حولها أقمار أُخرى ضمن الفرضيّات، التي استطاع المختصون اكتشافها بالاعتماد على الحسابات دون العثور على واحدٍ منها حتى الآن.

اقرأ/ي أيضًا:

هل الأبراج علم؟

هل الإسقاط النجمي ممكن حقًا؟

هل دوران الأرض حول الشمس حقيقة؟

هل الأرض هي ثالث أقرب كوكب للشمس؟