تحقيق مسبار
يُسلّط هذا المقال الضوء على مذنّب هالي من خلال بيان المُدّة التي يستغرقها حتى يُكمل دورته حول الشمس ويظهر من كوكب الأرض، بالإضافة إلى بيان العديد من الحقائق حول هذا المذنّب المشهور والعالِم الذي اكتشف تفاصيل مروره الدوريّ بكوكب الأرض، يتطرّق المقال كذلك إلى بعض المذنّبات المشهورة الأُخرى التي ظهرت في المجموعة الشمسية.
هل يظهر مذنّب هالي دوريًا كل 75 سنة؟
عادةً ما يظهر مذنّب هالي بشكلٍ دوريٍّ كل 76 سنة، وهو واحدٌ من أشهر المذنّبات في المجموعة الشمسية، وعَرفت كثيرٌ من الحضارات القديمة هذا المذنّب أيضًا وقامت برسمه؛ إلّا إنّها لم تتنبأ بكونه أحد المذنّبات التي تظهر دوريًّا بعد مرور فترة مُحدّدة من الزمن حتى عام 1705؛ عندما تمّ تأليف كتاب مُلخص علم فلك المذنّبات (بالإنجليزية: Synopsis Astronomia Cometicae).
ما هي أبرز الحقائق حول مذنّب هالي؟
فيما يأتي بعضًا من أبرز الحقائق حول مذنّب هالي المشهور:
- إجراء أول دراسات على المذنّب: تمّ إطلاق مركبة للالتقاء بمذنّب هالي في الفضاء عام 1986 أوّل مرّة؛ لإجراء بعض الدراسات حول المذنّب، وجمعت هذه الدراسة فريقًا دوليًا من الاتحاد السوفييتي واليابان وعِدّة دولٍ أُخرى.
- حجم مذنّب هالي: تبلغ أبعاد مذنّب هالي 15 كم × 8 كم تقريبًا بحسب تقديرات وكالة ناسا الأمريكية، هذا يعني أنه من المذنّبات ذات الحجم الكبير.
- قُدرة مذنّب هالي على عكس الضوء: إن مذنّب هالي واحدٌ من المذنّبات ذات القدرة المُنخفضة على عكس الضوء، وهو أحد الأجسام الفضائية الحالكة؛ إذ إنه يستطيع عكس ما نسبته 3% من الضوء فحسب.
- مدار مذنّب هالي: يدور مذنّب هالي حول الشمس في محور يميل 18% نحو الأرض؛ إلّا إنّ اتجاه حركة هذا المذنّب حول الشمس تُعاكس اتجاه حركة كوكب الأرض.
- أقرب مسافة وصلها المذنّب نحو الأرض: عام 837 مرّ مذنّب هالي من كوكب الأرض وكانت المسافة بينهما 4.94 مليون كم2، وهي أقرب مسافة بينه وبين والأرض حتى يومنا هذا.
- فُقدان كتلة المذنّب: يفقد مذنّب هالي ما يتراوح بين 1-3 متر من كُتلته في كل دورة كاملة حول الشمس، هذا يعني أنه بحاجة إلى 1,000 دورة حتى يفقد جميع كُتلته حسب تقديرات المُختصّين، ولم يظهر المذنّب مرحلة الشيخوخة حتى الآن.
- انتشار الإشاعات حول هالي: انتشرت الكثير من الإشاعات حول هالي على مرّ الأزمنة؛ ومنها ما انتشر عام 1910 بأن المذنّب سيؤدي إلى القضاء على الحياة الأرضية؛ إلّا إنّ مذنّب هالي مرّ بسلام في العام المذكور.
من هو مُكتشف دورة مذنّب هالي؟
كان العالم الإنجليزي إدموند هالي أول مُكتشف لدورة مذنّب هالي؛ فإنه تنبّأ بمرور المذنّب مع نهاية عام 1758 أو بدايات عام 1759 بعد مشاهدته عام 1531 وعام 1607 وعام 1682؛ إلّا إنّ إدمون تُوفيَ قبل مرور هذا المذنّب بالفعل عام 1758 وِفقَ تنبّؤاته، وأُطلق على المذنّب اسم هالي تكريمًا للعالم الذي أسهمَ في اكتشاف دورته التي تكتمل كل 76 عامًا تقريبًا. للعالم إدموند هالي عِدّة مُساهمات علميّة أُخرى؛ منها ما يأتي:
- خريطة الرياح: في عام 1686 تمكّن هالي من ابتكار أول خريطة للرياح، وهي أُولى مُخطّطات الأرصاد الجوية التي تمّ نشرها، واشتملت هذه الخريطة على طريقة توزيع الرياح فوق المُحيطات.
- العلاقة بين الارتفاع والضغط: استطاع إدموند هالي اكتشاف العلاقة بين الارتفاع والضغط عام 1686 مع تفسير هذه العلاقة وإدراجها في مُعادلة رياضية.
- نَشرْ بعض كُتب إسحق نيوتن: كان هالي على علاقة مع العالم إسحق نيوتن، وهو الذي أسهم في نشر كتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية، وكان نشر هذا الكتاب أحد العوامل التي أسهمت في زيادة شهرة إدموند هالي.
متى يظهر مذنّب هالي في المرّة القادمة؟
شهدت الكرة الأرضية الظهور الأخير لمذنّب هالي عام 1986، ومن المتوقع أن يعود هذا المذنّب بالظهور مرّةً أُخرى عام 2061 بعد استكمال دورته التي تستمر 76 سنة، ويُمكن رؤية مذنّب هالي بالعين المُجرّدة، كما يستطيع المرء استخدام التلسكوبات والأدوات المُتخصّصة في علم الفلك؛ لتوفير رؤية أكبر دقّة عندما يظهر المذنّب من جديد.
ما هي الأجزاء التي يتكوّن منها المذنّب؟
يتكوّن المذنّب من عِدّة أجزاء رئيسية؛ هي:
- النُواة: تتكوّن نواة المذنّبات من الثلوج، بالإضافة إلى الغُبار المُغطّى ببعض المواد العضويّة في العادة، كما أن النُواة يمكن أن تحتوي على أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون والميثان والأمونيا أيضًا.
- الذُؤابة: يُحيط بالمذنّب غلافٌ كرويٌّ يُعرف باسم الذُؤابة، وتُشكّل هذه الذؤابة رأس المذنّب عند اقترانها مع النُواة، وتتكوّن من الغازات والأغبرة التي تُطلقها نُواة المذنّب.
- سحابة الهيدروجين: تمتص المذنّبات الأشعة فوق البنفسجية التي تتعرض إليها وتتفاعل معها؛ ممّا يؤدي إلى إطلاق غاز الهيدروجين على شكل سحابة لا يُمكن رؤيتها من الأرض؛ وإنّما تمّ اكتشافها بالاعتماد على المَركبات الفضائية.
- ذيل الغبار: يظهر ذيل الغبار عندما يقترب المذنّب من الشمس ثم يختفي بشكل تدريجي مع البُعد عن الشمس، وهو ذيل ينتج عن الإشعاعات الشمسية التي تؤدي إلى دفع جُزيئات الغبار في كُتلة المذنّب بالاتجاه المُعاكس.
- ذيل الأيونات: تتفاعل بعض الغازات التي يحتوي عليها المذنّب مع الجُسيمات الشمسية المشحونة، ويتسبب هذا التفاعل بتحويل الغازات إلى أيونات، وتُشكّل الأيونات المذكورة ما يُعرف باسم الذيل الأيوني في بعض المذنّبات.
هل يوجد مذنّبات معروفة غير مذنّب هالي؟
هُناك الكثير من المذنّبات المعروفة إلى جانب مذنّب هالي الذي يكمل دورته كل 76 سنة؛ ومنها ما يأتي:
- مذنّب هارتلي 2: تمّ اكتشاف هذا المذنّب عام 1986 بالاعتماد على تلسكوبات الرَصد، وهو مذنّب يُكمل دورته حول الأرض بعد مرور 6.47 سنة تقريبًا، ويعد هارتلي 2 واحدًا من المذنّبات التي تدور ضمن حزام الكُويكبات بين مداري المريخ والمشتري.
- مذنّب سويفت تاتل: تمكّن لويس سويفت من اكتشاف هذا المذنّب عام 1862 مع اكتشافه من قبل هوراس تاتل في العام نفسه بشكل مُستقل؛ لذلك عُرف باسم سويفت تاتل، ويستغرق هذا المذنّب 133 سنة ليُكمل دورته حول الأرض.
- مذنّب بوريلي: استطاع ألفونس بوريلي اكتشاف المذنّب الذي عُرِفَ باسمه خلال شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 1902 في مدينة مارسيليا الفرنسية، ويُكمل هذا المذنّب دورته حول الشمس كل 6.9 سنة.
- مذنّب بوريسوف: يُعد مذنّب بوريسوف أول المذنّبات النجمية المؤكّدة، وهو مذنّب اكتشفه جينادي بوريسوف عام 2019، وتمّ التأكّد من كونه أحد المذنّبات العابرة للنظام الشمسي بعد المُراقبة مُدّة أسبوع كامل.
- مذنّب ويلد 2: اكتُشف هذا المذنّب من قبل الفلكي بول وايلد خلال شهر يناير/كانون الثاني من عام 1978 بعد اتخاذ مساره الجديد؛ إذ إنه كان يدور بين أورانوس والمُشتري، ثم انتقل إلى الدوران بين المشتري والمريخ بفعل قوة الجاذبية الأكبر للكوكبين.
- مذنّب تيمبل 1: في عام 1867 اكتشف عالم الفلك فيلهلم تمبل هذا المذنّب، الذي يدور ضمن حزام الكُويكبات بين المُشتري والمريخ، ويستغرق تيمبل 1 قُرابة 5.58 سنة ليكمل دورةً واحدةً حول الشمس.
- مذنّب هيل بوب: تمّ اكتشاف هذا المذنّب بشكل مُستقل من قبل آلان هيل وتوماس بوب عام 1995، وظلّ هيل بوب مرئيًا مدّة 18 شهرًا، ويستغرق المذنّب المذكور 2,543 سنة ليُكمل دورته حول الشمس.
- مذنّب شوميكار ليفي 9: استُخدم تلسكوب شميدت لاكتشاف هذا المذنّب عام 1993، وأخذ اسم هذا المذنّب من أسماء مكتشفيه يوجين شوميكر وكارولين شوميكر وديفيد ليفي، وهو تاسع المذنّبات التي يتم اكتشافها من قبلهم.
ما الفرق بين المذنّبات والنيازك؟
هناك فرقٌ كبيرٌ بين المذنّبات والنيازك؛ فإن المذنّبات -بما فيها مذنّب هالي- تتشكّل من الجليد والغبار، اللّذَين ظهرا عند تكوين المجموعة الشمسية، وعادةً ما تكون للمذنّبات مدارات ثابتة حول الشمس، أمًا النيازك؛ فعادة ما تتشكّل من فُتات المذنّبات والكويكبات أو الكواكب، وتتمتع بحجم صغير مُقارنةً بحجم المذنّبات، وليس لها مدار ثابت، كما يُمكن للنيازك الدخول إلى الغلاف الجوي والاصطدام بكوكب الأرض؛ إلّا إنّها عادةً ما تذوب نتيجة الاحتكاك بالغلاف الجوي.
ما هي أضخم النيازك التي اصطدمت بالأرض؟
تعرضت الأرض إلى عدد كبير من النيازك الضخمة منذ ملايين السنين، وفيما يأتي قائمة بأضخم النيازك المعروفة التي ارتطمت بالكوكب:
- نيزك فريديفورت: تقع فوهة نيزك فريديفورت في الولاية الحُرّة داخل جنوب إفريقيا، ويصل قُطر هذه الفُوهة إلى 190 كم، ويعتقد المختصون بأنها ضربت الأرض قبل 2.0 مليار عام تقريبًا.
- نيزك حوض سودبيري: تعرضت الأرض إلى هذا النيزك قبل قُرابة 1.8 مليار سنة، وتقع الفُوهة التي تشكّلت عن نيزك سودبيري في محافظة أونتاريو داخل الأراضي الكندية، ويصل قُطر فوهة النيزك إلى 130 كم.
- نيزك أكرمان كريتر: يبلغ قُطر فُوهة أكرمان كريتر النيزكية 90 كم، وتُعد ثالث أكبر فوهة نيزكية معروفة على كوكب الأرض، وتقع هذه الفوهة في ولاية جنوب أستراليا، ويُقدّر عمرها بقُرابة 580 مليون سنة.
متى التُقطت صور مذنّب هالي الأولى؟
تمّ التقاط الصورة الأولى لمذنّب هالي عام 1910 بعد انتشار كثير من الشائعات؛ بأن المذنّب سيقضي على جميع أنواع الحياة المنتشرة في كوكب الأرض، وتمكّن المهتمون بعلم الفلك من التقاط مزيدٍ من الصور للمذنّب عام 1986 لإجراء الدراسات، ولم يظهر المذنّب مرّةً أُخرى حتى الآن ليتم التقاط صور جديدة له، ويتوقع ظهوره من جديد بعد مرور 39 عامًا تقريبًا.
اقرأ/ي أيضًا:
هل هنالك عدّة أنواع للحمم البركانية؟