تحقيق مسبار
يهدف هذا المقال إلى بيان تاريخ الدولة العثمانية منذ نشأتها وحتى حلِّها وانتهائها في العقد الثالث من القرن العشرين، مع بيان العديد من الأسباب المادية التي أدّت إلى ضعفها وسقوطها، يتطرّق المقال كذلك إلى سلاطين الدولة العثمانية وفترة حُكم كلّ واحدٍ منهم، بالإضافة إلى توضيح مدى توسّع رُقعة الدولة العثمانية والمساحة الجغرافية التي غطّتها هذه الدولة.
هل يعود تاريخ الدولة العثمانية إلى عام 1299؟
تمّ تأسيس الدولة العثمانية عام 1299 بالفعل واستمر حُكم العثمانيين قائمًا حتى عام 1922، ثم أصبحت الخلافة العثمانية بعدها شكلية فحسب إلى أن سقطت بالكُليّة عام 1924 وحلّ مكانها الدولة التركية المعروفة اليوم. وتعاقب على حُكم الدولة العثمانية عددٌ كبيرٌ من السلاطين، وشهدت هذه الدولة كثيرًا من المعارك والحروب حتى ضمّت كثيرًا من دول الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب شرق أوروبا.
كيف كانت نشأة الدولة العثمانية وتطوّرها؟
مرّت الدولة العثمانية بالعديد من المراحل التاريخية مُنذ السعي إلى تأسيسها وحتى تأسست ثم ازدهرت بعد ذلك، وفيما يأتي تسلسُل يُبيّن نشأة الدولة العثمانية وازدهارها وسقوطها:
- استقرار الأتراك بالقرب من بلاد فارس: استقرّت قبائل الأتراك في منطقة الأناضول بعدما استطاع السلاجقة اجتياح بلاد فارس وما حولها؛ حتى وصلوا إلى هذه المنطقة وتمكّنوا من هزيمة البيزنطيين خلال القرن الحادي عشر الميلادي.
- تفكُّك السلاجقة: على الرغم من الازدهار الذي حقّقه السلاجقة بعد هزيمة البيزنطيين والاستقرار في منطقة الأناضول؛ إلّا إنّ هذه الدولة تفكّكت بفعل الهجمات المغولية المُتلاحقة خلال القرن الثالث عشر؛ إلّا إنّه لم يتم القضاء عليها بالكُليّة.
- هجرة قبيلة قايي إلى الأناضول: هاجرت قبيلة كايي التُركمانية من كُردستان العراق إلى بلاد الأناضول خلال القرن الثالث عشر بقيادة سليمان هروبًا من المغول، واستقرت في مدينة أخلاط التركية.
- استمرار هجرة قايي بقيادة أرطغرل: أصبح أرطغرل قائدًا لقبيلة قايي بعد وفاة أبيه سليمان، وواصل التحرّك إلى الشمال الغربي من الأناضول؛ إلّا إنّه شهد حربًا بين السلاجقة والبيزنطيين فقاتل إلى جانب السلاجقة، وكافأه السلاجقة على ذلك بإقطاعه أرضًا غرب الأناضول.
- وصول السُلطة إلى عثمان: بعد وفاة أرطغرل عام 1299 أصبح عثمان قائدًا لقبيلة قايي، واستمر عثمان بالتوسّع في أراضي البيزنطيين الروم بذات سياسة أبيه أرطغرل، وبدأ تاريخ الدولة العثمانية بتولّي عثمان قيادة القَبَيْلة المذكورة.
- توسّع الدولة العثمانية: أخذت الدولة العثمانية بالتوسّع بشكلٍ كبيرٍ حتى أنها استولت على مدينة بورسا عام 1326 بعد حصار لسنوات، ووصلت إلى القسطنطينية عام 1453 وأصبحت قوةً عُظمى تستولي على مساحة شاسعة من الأراضي.
- بدء ضعف الدولة العثمانية: يرى المؤرخون بأن الدولة العثمانية بدأت بالضعف عندما تولّى سليم الثاني عام 1566 بالرغم من استمرار الفتوحات.
- هزيمة الجيش العثماني في فيينا: شنّ الجيش العثماني حربًا وصل فيها إلى أسوار فيينا عام 1699؛ إلّا إنّه شهد هزيمةً كبيرةً في هذه الحرب، وأدّى ذلك إلى ذهاب هيبة الجيش العثماني.
- استمرار تدهور الدولة العثمانية: استمر تدهور الدولة العثمانية وازداد ضعفها مع تعاقب السنوات، وفي عام 1909 قام حزب تركيا الفتاة العلماني بعزل السلطان عبد الحميد الثاني عن حكم الدولة، وبذلك انتهى الحُكم المُستقل الفعلي للدولة.
- خسارة الحرب العالمية الثانية: دخلت الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا والنمسا؛ إلا إنها خسرت هذه الحرب، وتسببت هذه الخسارة بجانب عوامل الضعف الأُخرى إلى انتهاء الدولة العثمانية.
- تأسيس الدولة التركية: قام مصطفى كمال أتاتورك بحل منصب الخليفة نهائيًا عام 1922 وأعلنت تأسيس الدولة التركية الحديثة القائمة إلى يومنا هذا، وبذلك انتهى تاريخ الدولة العثمانية الذي استمر أكثر من 600 عام.
من هو مؤسس الدولة العثمانية؟
أخذت الدولة العثمانية اسمها من عثمان بن أرطغرل بن سليمان، وهو المؤسس لهذه الدولة منذ استلم حُكم قبيلة قايي عام 1229 ثم خَلِفه أبناؤه من بعده.
ما هي أبرز حروب الدولة العثمانية؟
خاضت الدولة العثمانية الكثير من الحروب خلال تاريخها الذي امتدّ عِدّة قرون، وتضم القائمة الآتية بعضًا من أبرز هذه الحروب:
- معركة مرج دابق: وقعت معركة مرج دابق عام 1516 قُرب حلب بين الجيشين المملوكي والعثماني، وانتهت هذه المعركة بانتصار العثمانيين على دولة المماليك، وقاموا بقتل السلطان قانصوه الغوري.
- فتح القسطنطينية: قام السلطان العثماني محمد الثاني بغزو القُسطنطينية وحِصارها في منتصف القرن الخامس عشر، وبلغ عدد الجيش العثماني في هذه المعركة 150 ألف جندي، وانتهت بانتصار العثمانيين، ولُقِّبَ السُلطان محمد الثاني بعدها بالفاتح.
- الحرب العالمية الأولى: شاركت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا ودول المحور، ولم تستطع الدولة العثمانية الانتصار في هذه الحرب، وكانت الخسارة واحدةً من أسباب سقوطها، وكانت الحرب العالمية الأولى من أواخر حروب العثمانيين.
إلى أين وصلت حدود الدولة العثمانية؟
بدأت الدولة العثمانية بالاستحواذ على مناطق في الجزء الغربي من الأناضول بجانب البيزنطيين، ثم توسعت بعد ذلك حتى شملت أجزاءً واسعةً من الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا وأفريقيا؛ ومنها المجر ودول البلقان واليونان وبلغاريا وهنغاريا ومقدونيا ورومانيا والعراق وسوريا وفلسطين ومصر والأردن وأجزاء من أوكرانيا وشبه الجزيرة العربية، كما أنها شملت أجزاءً واسعة من شمال أفريقيا حتى وصلت إلى الجزائر.
كيف كان شكل علم الدولة العثمانية الأخير؟
لا يختلف شكل عَلَمْ الدولة العثمانية الأخير قبل سقوطها عن عَلَمْ دولة تركيا الحديثة؛ فبالرغم من التغيّرات الشديدة التي شهدتها الدولة على مستوى الحُكم والقوانين إلّا إنّ العَلَم لم يتغيّر، وهو علم ذو لونٍ أحمر يحتوي على هلال ونجمة باللون الأبيض. وشهد العَلم العديد من التغيّرات خلال تاريخ الدولة؛ إذ أنه كان أبيض اللون في البداية ثم أصبح أخضر وانتهى به الأمر إلى اللون الأحمر مع إضافة النجمة والهلال.
من هم سلاطين الدولة العثمانية منذ نشأتها؟
يُبيّن الجدول الآتي أسماء جميع سلاطين الدولة العثمانية بدايةً من المؤسّس عثمان الأول وحتى نهاية تاريخ الدولة العثمانية، مع التنبيه إلى أن الفترة التي امتدّت بين 1402-1412 تُعرف باسم فترة خلوّ العرش؛ لأن عِدّة من أبناء السلطان المُتوفى تنافسوا على الحُكم حتى انتهى إلى مراد الأول بعد ذلك.
اسم السلطان | بداية الحُكم | نهاية الحُكم |
عثمان الأول | 1299 | 1324 |
أورهان | 1324 | 1360 |
مراد الأول | 1360 | 1389 |
بايزيد الأول | 1389 | 1402 |
محمد الأول | 1413 | 1421 |
مراد الثاني - الحكم الأول | 1421 | 1444 |
محمد الثاني - الحكم الأول | 1444 | 1446 |
مراد الثاني - الحكم الثاني | 1446 | 1451 |
محمد الثاني - الحكم الثاني | 1451 | 1481 |
بايزيد الثاني | 1481 | 1512 |
سليم الأول | 1512 | 1520 |
سليمان الأول | 1520 | 1566 |
سليم الثاني | 1566 | 1574 |
مراد الثالث | 1574 | 1595 |
محمد الثالث | 1595 | 1603 |
احمد الاول | 1603 | 1617 |
مصطفى الأول - الحكم الأول | 1617 | 1618 |
عثمان الثاني | 1618 | 1622 |
مصطفى الأول - الحكم الثاني | 1622 | 1623 |
مراد الرابع | 1623 | 1640 |
إبراهيم الأول | 1640 | 1648 |
محمد الرابع | 1648 | 1687 |
سليمان الثاني | 1687 | 1691 |
احمد الثاني | 1691 | 1695 |
مصطفى الثاني | 1695 | 1703 |
احمد الثالث | 1703 | 1730 |
محمود الأول | 1730 | 1754 |
عثمان الثالث | 1754 | 1757 |
مصطفى الثالث | 1757 | 1774 |
عبد الحميد الأول | 1774 | 1789 |
سليم الثالث | 1789 | 1807 |
مصطفى الرابع | 1807 | 1808 |
محمود الثاني | 1808 | 1839 |
عبد المجيد الأول | 1839 | 1861 |
عبد العزيز | 1861 | 1876 |
مراد الخامس | 1876 | 1876 |
عبد الحميد الثاني | 1876 | 1909 |
محمد الخامس | 1909 | 1918 |
محمد السادس | 1918 | 1922 |
ما هي أسباب سقوط الدولة العثمانية؟
هُناك عِدّة أسباب مادية أسهمت في ضعف الدولة العثمانية على مرّ التاريخ حتى انتهت بسقوطها، وفيما يأتي بعضًا من هذه الأسباب:
- التَرَف: أصبح الترف مُسيطرًا على العديد من السلاطين في الدولة على حساب بيت المال، وأدّى ذلك فيما بعد إلى فُقدان مُقوّمات القوّة والغَلَبة والبقاء وتسبب بسقوط الدولة.
- الفُرقة والاختلاف: تفشّى الاختلاف بين السلاطين ورجال الدين والتفريق بينهم في العهد الأخير للدولة العثمانية، وحاول بعض الحُكام التابعين للدولة الانفصال عنها؛ مثل محمد علي في مصر وظاهر العُمر في فلسطين؛ ممّا أدّى إلى ضعف الدولة.
- الاعتماد على الزراعة: كان اقتصاد الدولة العثمانية مُعتمدًا على الزراعة بشكل أساسي، ولم تقم الدولة بمواكبة النهضة الصناعية؛ لذلك لم تستطع الدولة توفير القوّة الصناعية لتسليح الجيش عند حلول الحرب العالمية الأولى؛ ممّا أدّى إلى خسارتها وسقوطها.
- دعم المُعارضين للدولة: قامت بعض الدول الأوروبية بدعم المُعارضين للدولة العثمانية؛ ومن ذلك ما قامت به روسيا والنمسا من دعم القوميين المُعارضين في البلقان، إلى جانب حرص بريطانيا وفرنسا على اقتطاع بعض الأراضي العثمانية في الشرق الأوسط.
- دخول الحرب العالمية الأولى: أدّى دخول الحرب العالمية الأولى إلى خسارة عددٍ كبيرٍ من جنود الدولة العثمانية، بالإضافة إلى ملايين الجنود المُصابين؛ ممّا تسبب بإضعاف الدولة على نحوٍ كبيرٍ، وانتهى تاريخ الدولة العثمانية بعد عِدّة سنوات من الحرب.
اقرأ/ي أيضًا:
هل انطلقت الثورة الصناعية الأولى من إنجلترا؟