تحقيق مسبار
يعتني هذا المقال ببيان الكثير من المعلومات التاريخية حول دولة المماليك، التي حكمت أراضي الشام ومصر منذ القرن الثالث عشر وحتى القرن السادس عشر الميلادي، ويتطرق المقال إلى أسماء جميع سلاطين هذه الدولة، بالإضافة إلى أبرز أسباب ضعفها، وينتهي بذكر بعض الكتاب المُفيدة في تاريخ هذه الدولة.
هل انتهى عهد دولة المماليك سنة 1517؟
استمر عهد دولة المماليك مُدة 267 سنة بدأت عام 1250 بعد انتهاء الدولة الأيوبية، وانتهت عام 1517 بعد الهزيمة من الدولة العثمانية. حفظت هذه الدولة الخلافة العباسية؛ إلّا إنّ الخليفة لم يعدو كونه رمزًا مع تولّي السلطة الفعلية من قِبل السلاطين المماليك، وكانت سلالة المماليك من العبيد في الأصل، ثم وصلوا إلى السلطة بعد سنين طويلة من خوض المعارك في جيوش الأيوبيين.
كيف بدأ تاريخ المماليك؟
خاض المماليك العَديد من الحروب المَشهودة؛ بما فيها مَعركة عين جالوت الخالدة التي توقّف عندها زحف التتار إلى أراضي المُسلمين، وفيما يأتي سرد تاريخي يُبيّن كيفية بداية تاريخ المماليك:
- اتخاذ المماليك جنودًا: قامت الدولة الطولونية بشراء المماليك من الرقيق ذوي البشرة البيضاء لاستخدامهم في الجيوش، وسار على هذا من بعدهم في الدولة الإخشيدية والعُبيدية والأيوبية.
- زيادة نفوذ المماليك: أكثرت الدولة الأيوبية من شراء المماليك؛ لاتخاذهم سندًا يعتمدون عليه في خوض الحروب وإدارة الدولة، حتى كان مُعظم جيش صلاح الدين الأيوبي من المماليك، أدّى ذلك إلى زيادة نفوذهم بشكل كبير في الدولة.
- تأسيس المماليك البحرية: قام السلطان نجم الدين أيوب بتأسيس المماليك البحرية، واختار جزيرة الروضة في نهر النيل ليكون مركزًا لهم، وهي من الجُزر الواقعة بين القاهرة والجيزة.
- وفاة نجم الدين أيوب: تُوفي نجم الدين أيوب بعدما أصابه مرضٌ شديدٌ أثناء المرابطة لصدّ الهجمة الصليبية، التي شنّها الفرنسي لويس التاسع، فيما قامت زوجته -شجرة الدُرّ- بإخفاء خبر موته عن الجميع وأدارت الدولة فترةً وجيزةً بعده.
- اختيار توران شاه للسلطة: جمعت شجرة الدُرّ قادة الجيوش وأمراء الدولة الأيوبية وأخبرتهم بوفاة نجم الدين أيوب، وتمّت الموافقة على تولّي توران شاه -ابن السلطان نجم الدين- السلطة، وبذلك تولّى توران شاه السُلطة بعد استدعائه من الشام إلى مصر.
- جفاء توران شاه لقادة الجيوش: بعدما هَزم توران شاه جيش الصليبيين بدأ بالتخطيط للتخلّص من قادة الجيوش، الذين كانوا من المماليك، وعاملهم بإساءة، كما أنه أساء في مُعاملة شجرة الدُرّ زوجة أبيه.
- قتل توران شاه: قامت شجرة الدُرّ بالتخطيط مع قادة الجيش من المماليك؛ لقتل توران شاه وتولّي السُلطة قبل أن يقوم هو بالتخلص منهم، وتمّ قتل توران شاه بالفعل وهو في قصره.
- تتويج أول سلاطين المماليك: بعد مقتل توران شاه تمّ اختيار الملك المُعز عز الدين أيبك لتولّي السُلطة، كانت هذه بداية الحقبة الجديدة من الحُكم الإسلامي في بعض المناطق تحت ظلّ دولة المماليك.
هل تمكّن المماليك من هزيمة التتار؟
لم يتخلّف المماليك عن خوض الحروب والرباط ضد الحملات المُعادية لدولتهم، كانت أبرز الوقائع والمعارك لهذه الدولة معركة عين جالوت التي هُزم فيها التتار من قِبل المماليك بقيادة المُظفّر قطز، وكان ركن الدين بيبرس واحدًا من القادة في هذه المعركة، وتتابعت هزائم التتار بعدها في عِدّة وقائع بعدما استطار شرّهم وبلغ مشارق الأرض ومغاربها.
ما الفرق بين سلاطين المماليك البحرية والبرجية؟
تعاقب على حُكم الدولة المملوكية سلاطين المماليك البحرية في البداية، ثم انتقل الحُكم إلى المماليك البرجية، ويكمن الفرق بينهما فيما يأتي:
- المماليك البحرية: قام الملك الصالح نجم الدين الأيوبي باتخاذ جزيرة الروضة في بحر النيل مركزًا للمماليك في دولته، ولُقبت المماليك البحرية بهذا الاسم نسبةً إلى بحر النيل المعروف باسم نهر النيل.
- المماليك البرجية: سكن فئةٌ من المماليك في أبراج قلعة القاهرة، وعُرفت هذه الفئة باسم المماليك البرجية نسبةً إلى البرج، وهم الفئة التي تسلّمت الحُكم بعد انتهاء المماليك البرجية في القرن الرابع عشر الميلادي.
من هم سلاطين دولة المماليك؟
يضم الجدول الآتي أسماء جميع سلاطين دولة المماليك؛ بما في ذلك المماليك البرجية والمماليك البحرية، مع التنبيه إلى أن فترة حُكم المماليك البحرية تبدأ سنة 1382 عند تولّي الظاهر سيف الدين برقوق الحُكم في المرّة الأولى:
اسم السلطان | سنة تولّي السلطة | سنة انتهاء السلطة |
المُعز عز الدين أيبك | 1250 | 1257 |
المنصور نور الدين علي بن أيبك | 1257 | 1259 |
المُظفّر سيف الدين قطز | 1259 | 1260 |
رُكن الدين الظاهر بيبرس | 1260 | 1277 |
ناصر الدين محمد بركة خان بن بيبرس | 1277 | 1279 |
بدر الدين سلامش بن بيبرس | 1279 | |
سيف الدين قلاوون | 1279 | 1290 |
الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون | 1279 | 1293 |
ناصر الدين بن محمد بن قلاوون - المرة الأولى | 1293 | 1294 |
العادل كتبغا | 1294 | 1296 |
المنصور حسام الدين لاجين | 1296 | 1299 |
ناصر الدين بن محمد بن قلاوون - المرة الثانية | 1299 | 1309 |
المُظفّر بيبرس الجاشنكير | 1309 | 1310 |
ناصر الدين بن محمد بن قلاوون - المرة الثالثة | 1310 | 1340 |
المنصور سيف الدين أبو بكر بن الناصر محمد | 1340 | 1341 |
الأشرف علاء الدين كجك بن الناصر محمد | 1341 | |
شهاب الدين أحمد بن الناصر محمد | 1341 | 1342 |
الصالح عماد الدين إسماعيل بن الناصر محمد | 1342 | 1345 |
سيف الدين شعبان بن الناصر محمد | 1345 | 1346 |
المُظفّر زين الدين حاجي بن الناصر محمد | 1346 | 1348 |
أبو المحاسن حسن بن الناصر محمد - المرة الأولى | 1348 | 1351 |
صلاح الدين بن محمد بن الناصر محمد | 1351 | 1354 |
أبو المحاسن حسن بن الناصر محمد - المرة الثانية | 1354 | 1361 |
المنصور صلاح الدين محمد بن حاجي | 1361 | 1363 |
الأشرف أبو المعالي شعبان بن حسين | 1363 | 1377 |
علاء الدين علي بن شعبان بن حسين | 1377 | 1381 |
صلاح الدين حاجي بن شعبان بن حسين | 1381 | 1382 |
سيف الدين برقوق - المرة الأولى | 1382 | 1388 |
الصالح حاجي بن شعبان | 1388 | 1390 |
سيف الدين برقوق - المرة الثانية | 1390 | 1399 |
أبو السعادات فرج بن برقوق | 1399 | 1412 |
الخليفة المستعين | 1412 | |
أبو النصر شيخ المحمودي | 1412 | 1421 |
المُظفّر أحمد بن شيخ | 1421 | |
الظاهر سيف الدين ططر | 1421 | |
محمد بن ططر | 1421 | 1422 |
الأشرف برسباي | 1422 | 1438 |
أبو المحاسن يوسف بن برسباي | 1438 | |
الظاهر جقمق | 1438 | 1453 |
المنصور عثمان بن جقمق | 1453 | |
الأشرف إينال | 1453 | 1461 |
المؤيد أحمد بن إينال | 1461 | |
الظاهر أبو سعيد خشقدم | 1461 | 1467 |
الظاهر بلباي المؤيدي | 1467 | |
الظاهر تمربغا | 1467 | 1468 |
الأشرف قايتباي | 1468 | 1496 |
محمد بن قايتباي - المرة الأولى | 1496 | 1497 |
الأشرف قانصوه | 1497 | |
محمد بن قايتباي - المرة الثانية | 1497 | 1498 |
الظاهر قانصوه الأشرفي | 1498 | 1500 |
الأشرف أبو النصر جانبلاط | 1500 | 1501 |
سيف الدين طومان باي الأول | 1501 | 1510 |
أبو النصر قانصوه الغوري | 1510 | 1516 |
الأشرف طومان باي الثاني | 1516 | 1517 |
هل توجد أسباب معروفة لضعف دولة المماليك؟
تظافرت العديد من الأسباب إلى جانب بعضها البعض وأدّت إلى سقوط دولة المماليك، وأبرزها الأسباب الآتية:
- تدهور العلاقة بين المجتمع والسُلطة: شهدت الدولة المملوكية في نهاياتها فسادًا اجتماعيًا وانتشارًا للظُلم من قِبل الخليفة والسلاطين -الذين يقومون بإدارة الدولة- وهو ما أدّى إلى انفصال العلاقة بين المُجتمع والسُلطة الحاكمة والشعور بأن الوُلاة مُغتصبون لسُلطة الدولة.
- كثرة الصراعات لتولّي الحُكم: انتشرت الصراعات بين المماليك لتولّي الحُكم وخاضوا الثورات وتمرّدوا لذلك، وتسبب ذلك في عدم استقرار الدولة وضعفها.
- التدهور الاقتصادي: عانت دولة المماليك من التدهور الاقتصادي؛ بسبب كثرة الضرائب التي فرضها السلاطين، بالإضافة إلى انتشار اللصوص وعموم الفوضى في الأسواق وترك الكثير من أصحاب الحِرف لحِرفهم.
- الإدارة السيئة: كان للأمراء في الدولة المملوكية صلاحيات واسعة؛ إلّا إنّهم قاموا باستغلال هذه الصلاحيات لرغباتهم الشخصية وأساؤوا في إدارة الدولة، وكان ذلك واضحًا في طريقة إدارة بيت المال وأخذ أمواله لتلبية رغبات الأمراء والسلاطين.
لماذا سعت الدولة العثمانية إلى ضمّ المماليك؟
كانت نهاية المماليك على يد جيش السلطان سليم الأول العثماني في معركة مرج دابق ثم معركتي غزة والريدانية، وسعت الدولة العثمانية إلى ضمّ أراضي المماليك حتى تُصبح جزءًا من أراضيها نتيجةً للعوامل الآتية:
- عدائية المماليك للدولة العثمانية: احتضن المماليك بعض الأمراء العثمانيين المُعارضين لسياسات الدولة العثمانية؛ ذلك حتى تُثير المتاعب في وجه السلطان العثماني، كما أنها كانت تميل إلى الدعم المَعنوي للصفويين على حساب الدولة العثمانية.
- الخلاف على حدود الدولة: وقع خلاف بين الدولة العثمانية والدولة المملوكية على أراضي طرسوس، وأراد العثمانيون حسم الأمر في شأن هذه المنطقة والسيطرة عليها وضمّها إلى نفوذهم.
- تفشّي الظُلم في الدولة المملوكية: قام كثير من العُلماء والأشراف وأهل الرأي من رعايا المماليك بتوجيه كتاب يرحبون فيه بسيطرة العثمانيين على الأراضي المملوكية؛ بسبب الظلم والمخالفات الشرعية التي استطار شرُّها في دولة المماليك.
- الحفاظ على مصالح الأمة: كانت أراضي الأمة الإسلامية مُعرضةً للخطر من البرتغاليين في مناطق البحر الأحمر والأماكن المُقدّسة، بالإضافة إلى فُرسان القديس يوحنّا في مناطق البحر المتوسط، لذلك رأى علماء الدولة العثمانية ضمّ أراضي المماليك لحماية هذه الأراضي.
هل توجد كتب عن تاريخ المماليك؟
توجد العَديد من الكُتب التي اعتنت بتاريخ دولة المماليك في مصر أو الشام؛ منها أطلس تاريخ العصر المملوكي الذي بيّن أشهر الوقائع في تاريخ الدولة المملوكية بالإضافة إلى المعلومات الجغرافية عن هذه الدولة، كذلك كتاب العصر المملوكي ضمن سلسلة موسوعة التاريخ الإسلامي للدكتور مُفيد الزيدي، وكتاب دولة المماليك البداية والنهاية للدكتورة إيناس البهجي، وكتاب معركة عين جالوت لمُحمد الأنطاكي الذي اعتنى ببيان تفاصيل هذه المعركة الخالدة التي دُحر فيها التتار.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يوجد تاريخ لشجرة عيد الميلاد؟
هل بدأ استخلاص المعادن في العصر الحجري؟