تحقيق مسبار
يهدف هذا المقال إلى بيان تاريخ بدء الحروب الصليبية وتاريخ نهايتها، بالإضافة إلى ذكر عددها وأبرز الوقائع التاريخية خلال هذه الفترة من التاريخ الإسلامي، يتطرق المقال كذلك إلى الأسباب التي أدّت إلى اندلاع الحروب والحملات الصليبية مع تزويد القارئ ببعض النتائج والآثار التي ترتبت عليها في العالمين الإسلامي والغربي.
هل بدأت الحروب الصليبية عام 1095؟
بدأ النداء إلى الحروب الصليبية والإعلان عنها رسميًا من قبل البابا أوربان عام 1095؛ إلّا إنّ أُولى الحروب الصليبية بدأت بالفعل عام 1097 واستمرّت قرنين من الزمن تقريبًا، وكان بعض رجال الدين قادةً في الحرب الصليبية الأولى، وعلى رأسهم بُطرس الناسك الذي خرج بقُرابة 60 ألف جندي من فرنسا، كذلك الراهب جوتشوك الذي خرج بقُرابة 20 ألف مقاتل من ألمانيا.
ما هو عدد الحملات الصليبية؟
إن عدد الحملات الصليبية يبلغ 9 حملات بدأت الأولى منها مع نهايات القرن الحادي عشر الميلادي عام 1097، فيما انتهت التاسعة من هذه الحروب عام 1272 بالفشل وخسارة الصليبيين، هذا يعني أن الحملات استمرت 175 عامًا، واحتُل خلالها بيت المقدس ووقعت كثيرٌ من الوقائع المشهودة؛ بما فيها معركة حطين، التي استعاد فيها صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس بعد الحرب الصليبية الثانية.
تاريخ الحملات الصليبية التسعة على العالم الإسلامي
توضّح القائمة التالية تاريخ الحملات الصليبية التسعة على العالم الإسلامي إلى جانب بعض تفاصيلها:
- الحملة الصليبية الأولى: في عام 1097 بدأت الحرب الصليبية الأولى وانتهت عام 1099، وكانت تضم قُرابة 700 ألف مقاتل، وقاد هذه الحملة بطرس الناسك، واستطاعت السيطرة على أنطاكية وعكّا وبيت المقدس.
- الحملة الصليبية الثانية: فشلت الحَملة الصليبية الثانية في تحقيق أهدافها وخسرت أمام جيش المسلمين بقيادة نور الدين زنكي، استمرت هذه الحملة منذ عام 1147 وحتى عام 1149.
- الحملة الصليبية الثالثة: استمرت الحملة الصليبية الثالثة قُرابة 3 سنوات بدأت عام 1189 وانتهت عام 1192، وهي حملة قادها إمبراطور ألمانيا وملك فرنسا وملك إنجلترا؛ إلّا إنّ غرق الإمبراطور والخلاف الذي نشب بعده أدّى إلى خسارة هذه الحملة.
- الحملة الصليبية الرابعة: بدأت الحملة الصليبية الرابعة عام 1203 وانتهت عام 1204، واستطاعت هذه الحملة الاستيلاء على القُسطنطينية مع نهايتها.
- الحملة الصليبية الخامسة: قام البابا هونوريوس الثالث بالدعوة إلى الحرب الصليبية الخامسة للاستيلاء على مصر، واستمرت هذه الحملة منذ عام 1216 وحتى عام 1221 وانتهت بالفشل.
- الحملة الصليبية السادسة: شهد العالم الإسلامي حروب الحملة الصليبية السادسة بين عامي 1228-1229 وانتهت بعقد مُعاهدة يتخلّى فيها الملك الكامل عن بيت المقدس والناصرة وبيت لحم؛ إلّا إنّ ابن الملك استعاد بيت المقدس عام 1244.
- الحملة الصليبية السابعة: قام ملك فرنسا لويس التاسع بالحملة الصليبية السابعة بين العامين 1248-1251، وفشلت هذه الحملة وتمّ القبض على لويس التاسع؛ إلّا إنّ المسلمين أطلقوا سراحه بعد التعهّد بمغادرة الأراضي المصرية.
- الحملة الصليبية الثامنة: بالرغم من فشل الملك لويس التاسع في الحملة الصليبية السابعة؛ إلّا إنّه قاد الحملة الصليبية الثامنة عام 1270 وبدأ الإغارة على تونس، لكنه توفي فانتهت الحملة ولم تستمر.
- الحملة الصليبية التاسعة: بين العامين 1271-1272 قاد الأمير إدوارد الأول الحملة الصليبية التاسعة والأخيرة، لكنه خسر، وانتهت هذه الحملة بطرد الصليبيين من الشرق الأقصى بالكامل على أيدي المماليك بعد ذلك.
ما أبرز الوقائع والأحداث في تاريخ الحملات الصليبية؟
شهدت فترة الحروب الصليبية الكثير من الوقائع المُختلفة، ومن أبرزها ما يأتي:
- هزيمة قلج أرسلان: شهد العالم الإسلامي أول حملة فرنجية كبيرة عام 1097، وانتهت هذه الحملة بهزيمة قائدة المسلمين قلج أرسلان، وأخذ الفرنجة نيقية بعد هذه الواقعة.
- سقوط القدس: سقطت القدس في أيدي الصليبيين عام 1099، ثم تبع ذلك الكثير من المجازر بالإضافة إلى انتشار عمليات النهب، وفي هذه الفترة قام قاضي دمشق بالنزوح إلى بغداد والتنديد بعدم التحرك بعد الغزو الصليبي.
- إيقاف تقدم الصليبيين: شهد العام 1104 هزيمةً أوقفت مدّ الصليبيين في بلاد المسلمين من الجهة الغربية، كان هذا الانتصار في حَرَان.
- إثارة الشغب من قِبل ابن الخشّاب: أقدم ابن الخشاب على تنظيم شغب ضد الخليفة؛ للمُطالبة بالتدخّل في وقف المدّ الصليبي عام 1111، وكان ابن الخشاب قاضي حلب وقتها.
- تحطيم أُولى دول الفرنجة في الشرق: استطاع عماد الدين زنكي الاستيلاء على الرَها عام 1144، وبذلك تحطمت أولى دول الفرنجة في المَشرق، وكان عددها 4 دول في ذلك الوقت.
- توحيد بلاد الشام: شهد عام 1154 السيطرة على دمشق من قبل نور الدين زنكي، الذي أخذ الملك بعد وفاة أبيه عماد الدين، وبذلك تمكّن نور الدين من توحيد بلاد الشام تحت سلطانه.
- استعادة بيت المقدس: واجه صلاح الدين الأيوبي الصليبيين في معركة حطين عام 1187، واستطاع إلحاق الهزيمة بأعدائه واستعادة بيت المقدس إلى حوزة المسلمين تحت سلطانه.
- الاستيلاء على القسطنطينية: في عام 1204 سقطت القسطنطينية في يد الصليبيين، وقام الصليبيون بنهب المدينة بعد السيطرة عليها.
- تسليم القدس إلى فريدريك الثاني: قام الملك الكامل بتسليم القدس إلى الصليبيين عام 1229؛ إلّا إنّ الصليبيين خسروا القدس آخر مرّة في الحروب الصليبية عام 1244، وبقيت تحت سلطة المسلمين دون السيطرة عليها خلال هذه الفترة من التاريخ.
- استعادة أنطاكية: قام الظاهر بيبرس -سلطان المماليك- باستعادة أنطاكية والاستيلاء عليها عام 1268، وكانت أنطاكية من الدول التي تحالفت مع المغول ضد المسلمين.
من هم أبرز القادة في الحروب الصليبية؟
قامت الحروب الصليبية للعديد من الأسباب، ومنها ما يأتي:
- عماد الدين زنكي: كان عماد الدين زنكي واحدًا من القادة المسلمين في فترة الحروب الصليبية، وهو القائد الذي حرّر إمارة الرها من أيدي الصليبيين عام 1144، وتمّ اغتياله عام 1146 أثناء حِصار قلعة جعبر.
- المُظفّر قطز: قاد المظفر قُطز المسلمين في معركة عين جالوت التي شهدت هزيمة لجيش التتار؛ إلّا إنّه قُتل بحيلة شارك الظاهر بيبرس في تدبيرها أثناء الرجوع من المعركة نفسها.
- الظاهر بيبرس: شارك بيبرس في الكثير من الحروب الصليبية حتى توفي عام 1277، وهو القائد الذي حرّر أنطاكية عام 1286 وتصدّى للحملة البرتغالية عام 1269.
هل كانت السيطرة على المراكز التجارية من أسباب الحملات الصليبية؟
كانت السيطرة على المراكز التجارية المُهمّة من أسباب الحملات الصليبية عند التجّار؛ فإنها دفعتهم إلى المشاركة في الحروب التي تبِعت الحملة الصليبية الأولى، كما أراد التجّار هذه الحروب للاستفادة من شحن الجيوش الصليبية واكتساب المزيد من الأموال أيضًا. واختلفت غايات البابا والنُبلاء والفرسان والإمبراطور عن غايات التجّار في الحملات الصليبية؛ إذ إنّ الإمبراطور أراد استعادة الأراضي التي خسرها، بينما أراد البابا فرض هيمنة العالم المسيحي، وأما الفرسان والنبلاء؛ فأرادوا الدفاع عن المسيحية، بالإضافة إلى اكتساب الأموال والمكاسب المادية الأُخرى.
ما هي آثار ونتائج الحروب والحملات الصليبية؟
فيما يأتي أبرز الآثار والنتائج للحروب الصليبية على دُول العالم الإسلامي:
- توحّد المسلمين: ظهر العالم الإسلامي مُفكّكًا قبل الحملات الصليبية؛ إلّا إنّه كان مُتحدًا بعد هزيمة الصليبيين وانتهاء هذه الحملات، وكان للزنكيين والأيوبيين والمماليك من بعدهم فضلٌ في توحيد المسلمين.
- نشوء الصراع بين البيزنطيين والصليبيين: نشأ الصراع بين الدولة البيزنطية والصليبيين في أعقاب الحملات الصليبية، وانتهى بإسقاط الإمبراطورية البيزنطية وإقامة إمبراطورية لاتينية انتهت واختفت بعد مرور 50 عامًا فحسب.
- التأثير على التجارة: شهدت فترة الحملات الصليبية العديد من الحروب، بالإضافة إلى غزو المغول، ممّا أثر على التجارة المارّة من طريق الخليج العربي والبصرة بشكل سلبي، كذلك انتقلت كثيرٌ من منتجات المشرق إلى الغرب في هذه الفترة؛ إلّا إنّها لم تطال تجارة مصر.
هل توجد كتب عن تاريخ الحروب الصليبية؟
هناك الكثير من الكُتب التي تحدثت عن تاريخ الحروب الصليبية التسعة؛ منها كتاب الحروب الصليبية من عهد قسطنطين إلى اليوم للمؤلف علي الريس، كذلك كتاب موجز تاريخ الحروب الصليبية للكاتب مصطفى وهبة، بالإضافة إلى كتاب مُختصر الحروب الصليبية للدكتور صلاح عدس، ويمكن العثور على بعض التفاصيل المُوجِزة حول الحملات الصليبية كذلك في كتاب الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي لمجموعة من المؤلفين، كذلك كتاب الدول الصليبية (بالإنجليزية: The Crusader States) للمؤلف مالكولم باربر وكتاب تاريخ الحروب الصليبية (بالإنجليزية: A History of the Crusades) للمؤلف ستيفن رونسيمان.
اقرأ/ي أيضًا:
هل أهمية نهر النيل اقتصادية فقط؟
هل برج خليفة أطول برج في العالم؟
