تحقيق مسبار
يتم الاعتماد على الاستشعار عن بعد في العديد من التطبيقات المُختلفة خلال الوقت الراهن؛ لتحسين جودة الحياة والحد من الآثار الناتجة عن الكوارث الطبيعية وبعض الأنشطة البشرية؛ مثل التلوث البيئي. يتطرق هذا المقال إلى بعض من أبرز المستشعرات التي تعتمد عليها هذه التقنية، بالإضافة إلى بيان عدة من المجالات والتطبيقات العملية لتقنيات الاستشعار المذكورة أيضًا.
هل الاستشعار عن بُعد علم بحدّ ذاته؟
يُعد الاستشعار عن بُعد علمًا بحد ذاته، ويُعرف بأنه علم الحصول على معلومات حول الأماكن أو الأشياء من مسافات بعيدة عن طريق الطائرات أو الأقمار الصناعية، وتظهر أهمية الاستشعار عن بعد في تطبيقاته الكثيرة اليومية التي تدخل في عدة مجالات؛ بما فيها مجالات الملاحة الجوية ومجال الزراعة؛ بالإضافة إلى تتبع بعض الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير.
هل تتضمن أدوات الاستشعار عن بعد كثيرًا من المستشعرات؟
يتضمن نظام الاستشعار عن بعد كثيرًا من المستشعرات المختلفة، ويمكن تقسيم هذه المستشعرات إلى فئتين أساسيتين؛ إحداهما المستشعرات السلبية التي تستجيب إلى المؤثرات الخارجية، والأُخرى هي المستشعرات النشطة التي تعتمد على مُحفزات داخلية لجمع البيانات حول الأرض، وفي القائمة الآتية بعضًا من أبرز المستشعرات في هذا النظام:
- مقياس الانتثار: يقيس هذا المستشعر الإشعاعات المنعكسة، وهو مستشعر نشط عالي الإشعاع، ويمكن الاعتماد عليه في تشكيل الخرائط لسرعة الرياح السطحية، بالإضافة إلى معرفة اتجاهها فوق سطح البحر.
- الليدار: يُطلق على مستشعر كشف الضوء وتحديد المدى اسم الليدار اختصارًا، وهو مستشعر نشط يقوم بالاعتماد على الليزر لإرسال النبضات الضوئية، ثم قياس الضوء المنتشر أو المنعكس من خلال جهاز الاستقبال لمعرفة المسافة.
- مقياس الارتفاع بالليزر: يعتمد هذا المستشعر على الليدار بشكل أساسي لقياس ارتفاع منصة فوق سطح مُعين، ويمكن استخدام مقياس الارتفاع بالليزر للتعرّف على التضاريس.
- الرادار: يتم استخدام مستشعر اكتشاف المدى الراديوي أو الرادار حتى يتمكّن النظام من تشكيل صورة للسطح؛ ذلك بالاعتماد على موجات الميكرويف التي يُطلقها هذا المستشعر والزمن الذي تستغرقه للانعكاس.
- مقياس التسارع: لا ينتمي مقياس التسارع إلى المستشعرات النشطة وإنما هو من المستشعرات السلبية، ويقيس التسارع الزاوي، بالإضافة إلى قياس ما يُعرف باسم التسارع الانتقالي.
- مقياس الإشعاع: يستطيع هذا المقياس اكتشاف الطاقة المُشعّة وقياسها ضمن نطاق تردّدي مُحدّد، ويتم تصنيف هذا النوع من المستشعرات حسب النطاق الطيّفي الذي يستطيع المستشعر تغطيته.
- المطياف: يقوم المطياف باكتشاف التردد للإشعاع الكهرومغناطيسي المُنعكس بالإضافة إلى تحليله وقياسه، وحتى يتمكّن المستشعر من التمييز بين الأطياف يتم استخدام الموشورات أو الحواجز الشبكية، التي يمكنها تشتيت الإشعاع.
ما الذي تمثله الألوان المختلفة في صور نظام الاستشعار عن بعد؟
عند التصوير الجويّ الملوّن بالأشعة الحمراء تظهر الصورة بعِدّة ألوان لا تراها العين المجردة، وتُعرف هذه الألوان بالألوان الزائفة، وهي من تقنيات الاستشعار عن بعد التي يتم استخدامها على نطاق واسع لتفسير الموارد الطبيعية، وفيما يأتي تفسير لما تمثله هذه الألوان:
- الغطاء النباتي: دائمًا ما يرتبط الغطاء النباتي الحي في هذه الصور باللون الأحمر، وكلما انخفضت جودة نمو النبات كان لونه فاتحًا بشكل أكبر، ويُمكن أن تظهر بعض النباتات باللون الأخضر أو تغطيها السُمرة مع انخفاض نموها.
- التربة العارية: في مُعظم المناطق الزراعية تظهر التربة العارية؛ كالظلال ذات اللون الأزرق أو اللون الأبيض أو اللون الأخضر، وتشير الدرجات الداكنة من هذه الألوان الثلاثة إلى وجود تربة رطبة.
- الملامح البشرية: تظهر العناصر التي صنعها الإنسان في صور الاستشعار عن بعد بألوان مُختلفة تتعلق بالمواد التي صُنِعت منها؛ فتظهر طريق الأسفلت باللون الأزرق الداكن أو الأسود، وتظهر الطُرق الترابية بألوان أفتح حسب تكوينها وهكذا.
- المياه: تتمتع المياه في هذه الصور باللون الأزرق، وتتراوح بين الدرجات الداكنة القريبة من السواد عندما يكون الماء نظيفًا، ويصبح اللون باهتًا كلما ازدادت كمية الرواسب، وكذلك تظهر المياه الضحلة بألوان مميزة على الصورة.
كيف يتم تحليل صور الاستشعار عن بعد؟
بعد الانتهاء من استخدام أدوات الاستشعار عن بعد لتشكيل الصور ينبغي على المختصين في هذا المجال إجراء عملية التحليل للحصول على المعلومات المطلوبة، وفيما يأتي بعضًا من إرشادات وكالة ناسا لتحليل صور الاستشعار عن بعد:
- التعرّف على المقياس: توجد عدة مقاييس مختلفة لصور الاستشعار عن بُعد، ويوفر كل واحد من المقاييس مميزات ذات أهمية، ويتم الاعتماد على مقياس مناسب بناءً على الدقة المكانية للصورة، ولا بُد من التعرف على المقياس عند الرغبة في التحليل.
- النظر إلى الأنماط: يسهُل التعرّف على العديد من مكونات صور الاستشعار عن بعد بالاعتماد على الأنماط المرئية، أو الأشكال، أو النسيج المرئي في الصورة، ومنها الخطوط المستقيمة التي تُمثّل عناصر من صنع الإنسان عادةً؛ كالطُرق والقنوات.
- تحديد الألوان: عند الاعتماد على الألوان لتمييز بعض السمات ينبغي على المرء معرفة مجموعة النطاق التي استُخدمت لتشكيل الصورة؛ منها مجموعة الصور ذات الألوان الطبيعية، ومجموعة الصور الملوّنة بالأشعة تحت الحمراء.
- مراعاة ما يعرفه المرء: لا بُد من اعتبار المعلومات التي لدى المرء عن المكان أثناء التحليل؛ فإن معرفة المنطقة جيدًا يساعد على تحليل الصورة جيدًا؛ فإذا عُرِفَ المرء وجود حريق سابق في المنطقة مثلًا سَهُل عليه تفسير ألوان الغطاء النباتي المُختلفة.
هل يدخل الاستشعار عن بعد في عدة مجالات؟
يدخل الاستشعار عن بُعد في العديد من المجالات المختلفة بالفعل، وفيما يأتي بعضًا منها:
- مجال التطبيقات الساحلية: يتم استخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد لتتبع نقل الرواسب، بالإضافة إلى رسم الخرائط للمعالم الساحلية ومراقبة التغيرات التي تطرأ على الخط الساحلي، وهي من أبرز فوائد الاستشعار عن بعد.
- مجال تطبيقات المُحيطات: يمكن الاعتماد على البيانات التي توفرها أدوات الاستشعار عن بعد لاستيعاب المحيطات بشكل أفضل والتعرّف على الطريقة المُثلى لإدارة مواردها؛ منها بيانات درجة حرارة المياه ومدى ارتفاع الأمواج.
- مجال تقييم المخاطر: تستطيع أنظمة الاستشعار عن بُعد تتبع الزلازل والأعاصير والفيضانات والتعرية، ويتم استخدام هذه البيانات في تقييم آثار الكوارث الطبيعية، بالإضافة إلى تشكيل الاستراتيجيات المناسبة لتطبيقها قبل وبعد وقوع الخطر.
- مجال إدارة الموارد الطبيعية: من خلال الاستشعار عن بُعد يُمكن للمختصين مراقبة استخدام الأراضي ورسم الخرائط لموائل الحياة البحرية، بالإضافة إلى خرائط الأراضي الرطبة، وهو ما يُمكّن من تحديد أفضل السُبل لاستخدام الموارد الطبيعية.
ما هي أبرز فوائد الاستشعار عن بعد في الحياة اليومية؟
تدخل تطبيقات علم الاستشعار عن بُعد في العديد من الأنشطة اليومية المُختلفة، ومنها ما يأتي:
- أمان الرحلات الجوية: يساعد الاستشعار عن بعد في مراقبة الرماد والغبار المتناثر من الانفجارات البركانية ويُمثّل خطورة على الطائرات، كما أن الاستشعار عن بُعد يوفر العديد من المعلومات التي تُسهم في اتخاذ قرارات صحيحة حول أمان الرحلات، بل وإمكانية النجاة من الحوادث الجوية أيضًا.
- الحد من آثار تلوث الهواء: يمكن للمُصابين ببعض المشاكل التنفسية الاعتماد على تقنيات الاستشعار عن بعد؛ للتحقّق من نسبة التلوث في الهواء وتجنّب الأضرار الناتجة عن التلوث في الهواء، كذلك تساعد هذه التقنيات صانعي القرار في الحد من التلوث.
- التنبؤ بالأعاصير: تؤدي الأعاصير إلى خسائر كبيرة عادةً، وتصل هذه الخسائر إلى مليارات الدولارات أحيانًا، ويمكن لتقنيات الاستشعار عن بُعد مساعدة المختصين على التنبؤ بالأعاصير لاتخاذ السبل الوقائية المناسبة قبل حلولها.
- التنبؤات الجوية: استطاعت تقنيات الاستشعار عن بُعد تحسين جودة التنبؤ بالطقس، وتقوم بعض الأقمار الصناعية بتوفير بيانات مرتفعة الجودة بشكل متكرر أيضًا بدلًا من الاعتماد على الأساليب القديمة منخفضة الدقة.
- أمان الأحداث الرياضية: في بعض الأحيان يمكن الاعتماد على تقنيات الاستشعار عن بُعد لمعرفة مدى احتمالية ظهور الصواعق أو الظروف الجوية الأُخرى، التي تؤثر على سلامة اللاعبين أو الجمهور في اليوم المُحدد للفعالية الرياضية.
- التحذير من الفيضانات: عادةً ما يصعب التنبؤ بالفيضانات المُفاجئة بشكل خاص والفيضانات الأُخرى بشكل عام؛ إلّا إنّ المختصين يقومون بتطوير بعض التقنيات؛ للمساعدة على التنبؤ بهذه الفيضانات وتقليل الخسائر التي تنتج عنها.
هل علم الاستشعار عن بعد يتعلق بأنظمة المعلومات الجغرافية؟
هُناك العديد من التطبيقات التي تعتمد على أنظمة المعلومات الجغرافية؛ مثل المركبات ذاتية القيادة، وألعاب الهاتف المُتنقّل التي يتم لعبها في مساحات حقيقية. ويتعلق علم الاستشعار عن بُعد بأنظمة المعلومات الجغرافية بالفعل؛ فإن الاستشعار عن بُعد من المصادر التي تقدم المعلومات المطلوبة لتشكيل أنظمة المعلومات الجغرافية.
ولا يقتصر توفير المعلومات التي تحتاجها أنظمة المعلومات الجغرافية على الاستشعار عن بُعد فحسب، وإنما هُناك عدة مصادر أخرى للمعلومات أيضًا؛ منها الأعمال المساحية والخرائط الرقمية، ولا بُد من استخدام هذه المصادر لبناء قاعدة البيانات، إلى جانب تحديث معلوماتها عند الحاجة إلى ذلك أيضًا.
هل توجد مواقع للتعرّف على تقنية الاستشعار عن بعد؟
هُناك عدة مواقع يُمكن للمرء زيارتها عبر شبكة الإنترنت للتعرف على تقنية الاستشعار عن بُعد بشكل أفضل؛ أبرزها موقع وكالة ناسا الأمريكية الذي يوفر عدة مقالات حول هذه التقنية؛ منها مقال مقدمة وتاريخ الاستشعار عن بعد ومقال إنجازات ناسا للاستشعار عن بعد، وذلك إلى جانب توفير العديد من الصور الملونة وغير ذلك، وكذلك يستطيع الشخص الاستفادة من الموارد الموجودة في موقع أكواريوس (Aquarius) وموقع لاندسات (Landsat) للحصول عل مزيدٍ من المعلومات.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يوجد فرق بين الشُهب والنيازك؟