تحقيق مسبار
لا شك بأن التنشئة الاجتماعية مُهمةٌ في غرس القيم والعادات الحَسنة في نفس الإنسان، وذلك بعد المرور بعِدّة مراحل تبدأ من الولادة وتستمر دون توقف. يتطرق هذا المقال إلى أشكال التنشئة الاجتماعية، بالإضافة إلى مراحلها وأبرز الأطراف الذين لهم دور فيها من المؤسسات وغيرها، وينتهي المقال بتوضيح دورة التنشئة.
هل يوجد فرق بين التنشئة الاجتماعية والتربية؟
هُناك فرق بين التنشئة الاجتماعية والتربية بالفعل؛ فإن التنشئة الاجتماعية مجموعةٌ من العمليات التي يستطيع الأفراد بالاعتماد عليها تعلّم ثقافتهم حتى تكتمل شخصيتهم، وتُعد التربية واحدةً من عمليات التنشئة الاجتماعية، وهذا يعني أن التنشئة تشمل التربية بالإضافة إلى عدة عمليات وطُرق وأساليب أُخرى، التي تتكامل مع بعضها البعض لتشكيل ثقافة الإنسان.
ما هي أشكال التنشئة الاجتماعية؟
للتنمية الاجتماعية عدة أشكال مختلفة، وهي كما يأتي:
- التنشئة الاجتماعية الأساسية: يحدث هذا الشكل من أشكال التنشئة الاجتماعية عند الأطفال الذين يتعلمون القيم والمواقف والإجراءات المُناسبة للأفراد؛ من حيث أنهم أعضاء في نمطٍ ثقافيٍّ مُعيّن، وللأُسرة والأصدقاء المباشرين تأثير أساسي في ذلك.
- التنشئة الاجتماعية الثانوية: يتعلّم المرء كيفية التصرف المناسب مع المواقف التي يمر بها في الحياة اليومية، وهو ما يُعرف بالتنشئة الاجتماعية الثانوية، ويحدث هذا النوع خارج المنزل، ويشمل كُلًا من الصغار بالإضافة إلى الكبار.
- التنشئة الاجتماعية التوقعية: يُشير هذا الشكل من أشكال التنشئة الاجتماعية إلى التنشئة التي يتدّرب من خلالها الشخص على المهن والوظائف والعلاقات الاجتماعية المُستقبلية.
- إعادة التنشئة الاجتماعية: تشمل إعادة التنشئة الاجتماعية العديد من العمليات التي تهدف إلى التخلص من ردود الفعل وأنماط السلوك السابقة، وكذلك قبول أنماطٍ جديدة أُخرى بدلًا منها، ويُصاحب هذا النوع الإنسان طيلة حياته.
ما هي مراحل التنمية الاجتماعية للموظفين الجُدد؟
هُناك 3 مراحل مختلفة للتنمية الاجتماعية عند الموظفين الجُدد، وهي المراحل الآتية:
- التنشئة التوقعية: تبدأ هذه المرحلة قبل انضمام الموظف إلى الشركة الجديدة، وخلالها يقوم الشخص بتطوير التوقعات حول كلٍّ من الشركة بالإضافة إلى الوظيفة؛ ذلك من خلال التفاعل مع الأشخاص الذين يمثلون الشركة.
- المواجهة: يبدأ الموظف بالتدريب والتعرّف على مسؤولياته الجديدة بعد قبوله في الوظيفة، ويُمكن أن يساعد المدراء الموظف على معرفة مسؤولياته وواجباته في هذه المرحلة التي يواجه فيها الموظف كثيرًا من المسؤوليات الجديدة.
- الاستقرار: في هذه المرحلة يبدأ الموظف بالشعور بالراحة تجاه متطلبات العمل، إضافةً إلى العلاقات الاجتماعية الخاصة بعملهم الجديد، ويكون الموظف مُهتمًا بتقييم الشركة لأدائه مع بحثه عن فرص العمل المتاحة داخل الشركة.
ما هي أطراف التنشئة الاجتماعية للطفل والشخص البالغ؟
هُناك الكثير من الأطراف التي تتبع أساليب التنشئة الاجتماعية لتشكيل ثقافة الأطفال على النحو المطلوب، وتضم القائمة الآتية بعضًا من أبرز هذه الأطراف:
- الأُسرة: يستمر تأثير الأسرة على الشخص في التنشئة الاجتماعية مدى الحياة، وهي التي تُرسي على الفرد إحساسًا بالذات، وكذلك تساعده في الحصول على الدافع ومعرفة القيم والمعتقدات.
- مجموعة الأقران: تشمل مجموعة الأقران الأشخاص القريبين من عمر الشخص، إضافةً إلى مُقاربته في كل من الوضع الاجتماعي والاهتمامات، وتبدأ هذه المجموعات بالتأثير في سنٍّ مُبكرة، ويكون لها تأثير كبير خلال سن المراهقة.
- المدرسة: عند حساب الوقت الذي يقضيه الطفل في المدرسة على مدار السنة تتبين أهميتها في التنشئة، وتستطيع المدرسة تعليم الفرد كثيرًا من الأشياء سوى المهارات الأكاديمية؛ منها ممارسة العمل الجماعي واستخدام الكتب واتباع الجداول الزمنية.
- الكتب المدرسية: إن للكتب المدرسية أهمية خاصة في تنشئة الأطفال على الصعيد الاجتماعي؛ ذلك لأنها تغرس في الشخص العديد من القيم التي يُعتقد بأنها مناسبة لهم.
- مكان العمل: يقضي البالغون وقتًا طويلًا من اليوم في مكان العمل، وبما أن الموظف يحتاج إلى تنشئة اجتماعية جديدة عند الانخراط في عمل جديد؛ فإن ذلك يعني تأثير العمل على التنشئة بشكل كبير، ويزداد تأثيرها على الذين يُغيّرون مكان عملهم باستمرار.
- الدين: يؤثر الدين على التنشئة الاجتماعية للفرد بشكل كبير، ويشمل ذلك التفاعل مع العديد من العناصر الأُخرى، ويستطيع الدين تعزيز مجموعة من القيم الاجتماعية التي يتم تمريرها في المجتمع.
- الحكومات: تؤثر القرارات الحكومية على التنشئة الاجتماعية؛ من ذلك تحديد عُمر مُعين ليصبح الشخص مسؤولًا قانونيًا، بالإضافة إلى تحديد السن الذي يحصل فيه على مميزات كبار السن؛ فإن على الشخص التكيُّف مع كل واحدة من هذه المراحل.
- وسائل الإعلام الجماهيرية: تقوم وسائل الإعلام الجماهيرية بنشر المعلومات إلى جمهور كبير من الأشخاص عبر الصحف وأجهزة المذياع أو التلفزيون أو شبكة الإنترنت، ويقضي الفرد وقتًا طويلًا في متابعة هذه الوسائل ممّا يؤثر على نشأته الاجتماعية.
هل دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية مهم؟
لا شك بأن للأسرة دور كبير في التنشئة الاجتماعية، ولا يقتصر دور الأسرة على التنشئة الاجتماعية للطفل وإنما يستمر تأثيرها على المرء طيلة حياته منذ مرحلة الطفولة المبكرة، وغالبًا ما يقوم الآباء بإرسال رسائل خفية غير مقصودة إلى الأبناء حتى يتمكّن الأبناء من معرفة توقعات المجتمع لهم، سواءً كانوا ذكورًا أو إناثًا، كذلك تتأثر التنمية عند الفرد بناءً على نوع الوظيفة التي يشغلها أولياء الأمور، والطبقة التي يندرجون فيها أيضًا.
هل مؤسسات التنشئة الاجتماعية متنوعة؟
هُناك العديد من أشكال المؤسسات المتنوعة التي تُسهم في تشكيل الثقافة الاجتماعية عند المرء منذ السنوات الأولى من حياته، وحتى الوصول إلى آخر مراحل الحياة، ويشمل ذلك: المدرسة ومكان العمل، بالإضافة إلى بعض المؤسسات الحكومية، وهي مؤسسات تتكامل مع بعضها البعض إلى جانب العناصر الأُخرى؛ بما فيها دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية لتتشكّل الثقافة الملائمة لدى المرء.
ما هي أبرز أساليب التنشئة الاجتماعية؟
تتوفر الكثير من أساليب التنشئة الاجتماعية؛ ومنها: أساليب المراقبة، أساليب التلمذة الصناعية عن طريق الاسترشاد بالخبراء، الأساليب المعرفية؛ مثل إعطاء التعليمات أو تحديد المعايير أو البرهنة والاستنتاج والتفكير، وكذلك الأساليب الاجتماعية والثقافية التي تشمل التقاليد وضغط المجموعات والشعائر والعادات.
ما هي نتائج التنمية الاجتماعية عند الإنسان؟
تتكامل مؤسسات التنشئة الاجتماعية مع الأطراف الأُخرى لعملية التنشئة من أجل الوصول إلى العديد من النتائج، ومنها ما يأتي:
- تنمية التنظيم الذاتي لكل من التفكير والعاطفة بالإضافة إلى السلوك.
- اكتساب المعايير مع اكتساب الثقافة والقيم.
- تطوير مهارات استراتيجيات حل النزاعات، بالإضافة إلى مهارات طريقة النظر في العلاقات.
- تنمية القيم التي تُعد أكثر الأشياء المهمة في الحياة.
- توليد الشعور بالرضا عن ذات المرء، وهو ما يُعرف باسم تقدير الذات.
هل يوجد عدة نظريات في تطور التنشئة الاجتماعية؟
بالفعل هُناك عدة نظريات حول تطور التنشئة الاجتماعية عند الإنسان، ومنها النظريات الآتية:
- نظرية تشارلز هورتون كولي: يعتقد تشارلز هورتون كولي بأن ذات الإنسان تتطور من خلال تفاعله الاجتماعي مع الآخرين، وتبدأ مراحل تطور التنشأة عنده بتخيُّل طريقة ظهور الأفعال إلى الآخرين، ويلي ذلك تفسير حكمهم عليها ثم الرضا بها.
- نظرية جورج هربرت ميد: يرى جورج هربرت ميد بأن الذات تتشكّل بالاعتماد على مجموع معتقدات الفرد ومشاعره حول نفسه، وذلك مع تقسيم الذات إلى الأنا التي ترغب في التعبير بحرية، والأنا التي تكتسب ثقافتها من العائلة والأصدقاء وغيرهم.
- نظرية إريك إريكسون: يُشدّد إريك إريكسون على أن التنشئة الاجتماعية تستمر طيلة حياة الشخص، ويستمر الشخص بالمرور في مراحل جديدة حتى في مرحلة البلوغ، وقام بتقسيم التنشئة إلى ثماني مراحل تبدأ عند الولادة وتنتهي بآخر العمر.
- نظرية جان بياجيه: بالنسبة إلى جان بياجيه توجد 4 مراحل للتنشئة الاجتماعية؛ هي المرحلة الحسية، ثم مرحلة ما قبل العمليات المنطقية، ثم المرحلة التشغيلية الملموسة، والأخيرة المرحلة التشغيلية الرسمية التي تبدأ عند الوصول إلى 12 عامًا.
- نظرية سيجموند فرويد: يرى سيجموند فرويد بأن شخصية الفرد تتكوّن من الهوية والأنا والأنا العليا، ولكل واحدة منها دورها في التنشئة؛ من ذلك دور الأنا العليا في الشعور بالذنب عند مخالفة القواعد الاجتماعية التي تعلمها.
- نظرية لورانس كولبرج: انتهى عالم النفس لورانس كولبرج إلى أن المرء يمرُّ بعدة مراحل لتطوير نشأته الاجتماعية، وتبدأ بالمرحلة التي لا يميّز فيها الطفل بين الصواب والخطأ وتنتهي بالتفكير في المبادئ المجرّدة للصواب والخطأ للحُكم على السلوكيات.
- نظرية كارول جيليجان: ارتكزت كارول جيليجان على الفرق بين الذكور والإناث أثناء دراستها لتطوير التنشئة الاجتماعية والأخلاق، ولاحظت ما يأتي:
- يفكر الذكور من منظور المبادئ المُجرّدة للصواب والخطأ.
- تميل الإناث إلى تقييم الأخلاق بالاعتماد على العلاقات الشخصية وكيفية تأثير الأفعال على الآخرين.
ما هي دورة التنشئة الاجتماعية؟
تتكوّن دورة التنشئة الاجتماعية من 3 أسهم بالإضافة إلى 3 محطات ومركز أساسي، وتهدف إلى المساعدة على فهم الآلية التي يتواصل بها الناس اجتماعيًا للعب دور معين وكيف يتأثر الشخص بقضايا الاضطهاد، وتُمثّل المحطة الأولى الوضع الذي وُلد فيه الإنسان، ويليها سهم يُبيّن كيفية بداية التنشئة على الفور منذ الولادة؛ مثل اختيار لون البطانية بناءً على جنس المولود.
في المحطة الثانية توجد جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي تُساعد على تشكيل وجهات النظر والمعتقدات، وتسهم في غرس التحيّز أو القبول في النفس، ثم يأتي بعدها سهم يُبيّن أثر غرس الأفكار والمعتقدات والسلوك على تعزيز دورة الاضطهاد الذاتي على الأشخاص الذين يُخالفون القيم والمعتقدات، وفي المحطة الأخيرة تمثيل للنتائج المُدّمرة التي نشأت عن الاضطهاد الذاتي للنفس، وبعدها سهمٌ أخيرٌ يُشير إلى نتائج الدورة عند الانتهاء من المراحل السابقة.
اقرأ/ي أيضًا:
هل تنظيم وقت الدراسة مفيد حقًا؟
هل يعد التخلص من الفوضى في المنزل سهلًا؟