تحقيق مسبار
إن حساسية اللاكتوز مشكلةٌ صحيةٌ تؤدي إلى ظهور العديد من الأعراض المُزعجة التي تُصيب الجهاز الهضمي عند دخول اللاكتوز إلى الجسم. يُبيّن هذا المقال العديد من الطرق للتعامل مع هذه الحساسية وعلاجها، بالإضافة إلى توضيح أسبابها والعوامل التي تزيد من فرصة الإصابة بها، وينتهي ببيان بعض فوائد اللاكتوز للأطفال.
هل يوجد فرق بين حساسية اللاكتوز والقولون العصبي؟
لا شك بأن هناك فرقًا بين حساسية اللاكتوز والقولون العصبي بالرغم من تشابه الأعراض بينهما، ويكمن الفرق في سبب ظهور هذه الأعراض؛ فإن أعراض حساسية اللاكتوز تظهر بعد تناول الأطعمة التي تحتوي على سكر اللاكتوز مثل الحليب ومنتجاته، بينما يُمكن أن تظهر أعراض القولون العصبي عند تناول مجموعة واسعة من الأطعمة دون استثناءات مُعينة، ولا يقتصر ظهورها على تناول اللاكتوز فحسب، كما أن حساسية اللاكتوز تنتج عن نقص في إنتاج الإنزيم الذي يساعد في هضم سكر اللاكتوز بخلاف القولون العصبي.
هل يمكن الشفاء من حساسية اللاكتوز؟
يُمكن الشفاء من حساسية اللاكتوز في بعض الحالات؛ منها حالات الحساسية الناتجة عن التهاب المعدة والأمعاء، إلا إنه في معظم الحالات لا يُمكن الشفاء من الحساسية المذكورة؛ وإنما توجد العديد من الأساليب المُتبعة لعلاج والحد من شِدّة الأعراض التي تُصاحب هذه الحساسية والسيطرة عليها حتى يضمن المرء استقرار حالته الصحية.
يجدر الذكر بأن هُناك حالة أُخرى تُعرف باسم سوء هضم اللاكتوز، التي يقل فيها نشاط الإنزيم الهاضم للاكتوز، مما يؤدي إلى أعراض خفيفة أحيانًا ولا تظهر أيّة أعراض في أحيانٍ أُخرى، وهذا يعني إمكانية الشفاء من حساسية اللاكتوز أحيانًا وليس دائمًا.
ما هي خيارات علاج حساسية اللاكتوز؟
هُناك العديد من الخيارات لعلاج حساسية اللاكتوز وضمان الحد من ظهور الأعراض أو التقليل من شدتها، وفيما يأتي أبرز طرق العلاج:
- التغيير على النظام الغذائي: عادةً ما يلجأ المصابون إلى الابتعاد عن تناول منتجات الألبان والحليب بكثرة للتعامل مع هذه الحساسية، ويمكن تناول الحليب الخالي من اللاكتوز، أو الحرص على تناول منتجات الألبان والحليب مع وجبة خالية من اللاكتوز.
- مُكملات الإنزيم: يُفضِّل البعض استخدام مكملات الإنزيم لمساعدة الجسم في هضم اللاكتوز، ولا بُد من التنبه إلى اختلاف فعالية هذه المكملات عن بعضها البعض، ومن الأفضل استشارة الطبيب قبل تناولها.
- التعرض إلى اللاكتوز: في هذه الطريقة يقوم المصاب بتناول كميات قليلة من اللاكتوز مع زيادتها تدريجيًا حتى يستطيع الجسم التكيف معها، وتُظهر النتائج الأولية للدراسات نتائجًا إيجابيةً لاتباع هذه الطريقة.
- مكملات البروبيوتيك: إن البروبيوتيك من الكائنات الحية الدقيقة التي تقوم بتقديم فوائد صحية لجسم الإنسان، ويُمكن للمكملات الغذائية التي تحتوي على البروبيوتيك أن تساعد في السيطرة على أعراض عدم تحمّل اللاكتوز.
- مكملات البريبايوتكس: تُعد البريبايوتكس من أنواع الألياف، وتعمل كغذاء للبروبيوتيك بالإضافة إلى تغذية البكتيريا المفيدة في الأمعاء، ويُمكن لتناول مكملات هذه الألياف المساعد في الحد من أعراض حساسية اللاكتوز.
هل يوجد إرشادات حول النظام الغذائي للمصابين بحساسية اللاكتوز؟
توجد الكثير من الإرشادات التي تتعلق بالنظام الغذائي لمصابي حساسية اللاكتوز، ومنها ما يأتي:
- عدم التخلّي عن منتجات الألبان: إن الألبان من المصادر المُهمة للعديد من العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، وخصوصًا عنصر الكالسيوم، ولذلك فإنه ينبغي على المرء تناولها بكميات مناسبة وعدم تركها كُليًّا.
- بعض منتجات الحليب لا تحتوي على اللاكتوز: يستطيع المُصاب تناول الأجبان الصلبة والناضجة؛ لأنها لا تحتوي على اللاكتوز، ومنها جبن الشيدر والجبن السويسري والموزاريلا، وكذلك الجبن البري وجبنة فيتا.
- تناول المنتجات التي تحتوي على كمية لاكتوز منخفضة: تحتوي كلٌّ من الزبدة والقشدة والجبن القريش وجبن الريكوتا على كميات منخفضة من اللاكتوز، ويستطيع المصابون بالحساسية تحمُّلها عند التناول بكميات قليلة.
- شرب الحليب بكميات معتدلة: ينبغي على الشخص اختيار الحليب وتجنّب قليل الدسم أو الخالي من الدسم، ويُمكن لمُعظم المصابين تحمُّل 240 ملليتر من الحليب يوميًا؛ إلا إنه ينبغي التحقّق من مستويات التحمّل لتحديد الكمية المناسبة.
- تناول مصادر اللاكتوز مع الأطعمة الأخُرى: يجب الابتعاد عن تناول كميات كبيرة من مصادر اللاكتوز وحدها دفعةً واحدة؛ وإنما ينبغي تناولها إلى جانب الأطعمة الأُخرى، ويمكن توزيع مصادر اللاكتوز على مدار اليوم لتقليل آثاره السلبية.
- تناول أقراص أو قطرات إنزيم اللاكتاز: يمكن صرف قطرات وأقراص إنزيم اللاكتاز دون الحاجة إلى وصفة طبية، ومن الجيد تناول هذه الحبوب قبل وجبة الطعام أو إضافتها إلى الحليب لتقليل الأعراض، ولكنها لا تعمل مع جميع المصابين.
- تجربة مجموعة من منتجات الألبان: لا تحتوي جميع منتجات الألبان على نفس الكمية من اللاكتوز؛ وإنما تختلف الكمية بين منتج وآخر، وهذا مُهم ليتمكّن الشخص من معرفة المنتجات التي يستطيع تناولها دون ظهور أيّة أعراض مزعجة.
هل توجد أسباب معروفة لحساسية اللاكتوز؟
توجد الكثير من الأسباب المعروفة للإصابة بحساسية اللاكتوز عند الإنسان؛ فإن هذه الحساسية تنتج عن نقص إنزيم اللاكتاز في الجسم، وتكون الأسباب الكامنة وراء نقص هذا الإنزيم وراثية في كثيرٍ من الأحيان، كما أن هُناك عدة مشاكل صحية تصيب الجهاز الهضمي وتؤدي إلى النقص كذلك؛ منها:
- مرض كرون
- التهاب القولون التقرحي
- مرض الاضطرابات الهضمية
- التهابات المعدة أو الأمعاء.
وتؤدي إصابات الأمعاء الدقيقة إلى ظهور أعراض عدم تحمُّل اللاكتوز أحيانًا، وذلك سواءً كانت الإصابات نتيجةً للعلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي أو العمليات الجراحية أو غيرها، ولكن الحساسية تظهر في هذه الحالة بشكلٍ مؤقتٍ ولا تكون مزمنة، وتتحسّن الأعراض مع تحسُّن حالة الشخص، ويُمكن الشفاء منها بشكلٍ كاملٍ أيضًا.
ما هي العوامل التي تزيد من خطورة الإصابة بحساسية اللاكتوز؟
تزداد فرصة الإصابة بحساسية اللاكتوز نتيجةً للعديد من العوامل، وأبرزها ما يأتي:
- التقدم في العُمر: من غير الشائع ظهور أعراض حساسية عدم تحمل اللاكتوز عند الأطفال الرضع والصغار في العُمر؛ وإنما تبدأ بالظهور عند التقدم في العمر والوصول إلى سن البلوغ عادةً.
- العِرق: تشيع الإصابة بعدم تحمل اللاكتوز عند الأشخاص الذين ينحدرون من أعراق مُحددة على نحوٍ أكبر، وهم الأشخاص المنحدرون من أصول أفريقية أو آسيوية أو إسبانية أو الهنود الحمر.
- الولادة المبكرة: يمكن أن يتعرض الأطفال إلى حساسية عدم تحمل اللاكتوز في حالة الولادة المبكرة؛ ذلك لأن الأمعاء تنتج الخلايا التي تقوم بإنتاج إنزيم اللاكتاز خلال أواخر الثلث الثالث من الحمل.
- أمراض الأمعاء الدقيقة: هُناك عدد من الأمراض والمشاكل التي تصيب الأمعاء الدقيقة وتؤدي إلى ظهور أعراض حساسية اللاكتوز، وعلى رأسها فرط نمو البكتيريا بالإضافة إلى مرض كرون، وكذلك الداء البطني المعروف باسم حساسية القمح.
- بعض علاجات السرطان: يتم اللجوء إلى العلاج الإشعاعي في منطقة المعدة أحيانًا للقضاء على الأورام السرطانية أو السيطرة على انتشارها أحيانًا، وفي هذه الحالة تزداد فرصة الإصابة بالحساسية المذكورة.
ما هي أعراض حساسية اللاكتوز؟
عادةً ما تبدأ أعراض حساسية اللاكتوز بالظهور بعد مرور 30-120 دقيقة بعد تناول الأطعمة أو المشروبات التي تحتوي على اللاكتوز، وتشمل هذه الأعراض الإسهال والانتفاخ والغازات، بالإضافة إلى تقلصات المعدة، وكذلك يتعرض المصابون إلى الغثيان أو القيء في بعض الأحيان نتيجةً لتناول مصادر اللاكتوز.
هل تتشابه أعراض حساسية اللاكتوز والقولون العصبي؟
إن أعراض حساسية اللاكتوز والقولون العصبي تتشابه في كثيرٍ من الأحيان بالفعل، بل إن أعراض كل منهما متطابقة مع أعراض الآخر تقريبًا، ومنها: الانتفاخ، الغثيان، الإسهال والغازات. وربما تختلف الأعراض التي تظهر بين مُصابٍ وآخرٍ؛ بسبب تفاوت شِدّة التعرّض إلى المُحفّزات أو لغير ذلك من الأسباب الأُخرى.
كيف يمكن تشخيص أعراض عدم تحمل اللاكتوز؟
يتم تشخيص أعراض حساسية اللاكتوز عندما تظهر الأعراض بالاعتماد على العديد من الاختبارات، وفيما يأتي بعضًا منها:
- اختبار التنفس الهيدروجيني: يهدف هذا الاختبار إلى قياس كميات الهيدروجين في أنفاس الشخص بعد تناول اللاكتوز؛ فإن ارتفاع كميات الهيدروجين في هذه الحالة يشير إلى العديد من مشاكل الجهاز الهضمي؛ منها عدم تحمل اللاكتوز.
- اختبار تحمل اللاكتوز: في اختبار تحمل اللاكتوز يتم قياس نسبة السكر في الدم بعد تناول مصادر اللاكتوز؛ فإن نسبة السكر لن تتأثر إذا كان الشخص مصابًا؛ لأن الجسم لا يستطيع تكسير سكر اللاكتوز في هذه الحالة.
- الاختبار الجيني: بما أن أسباب عدم تحمل اللاكتوز تكون وراثية أو جينية في بعض الأحيان؛ فإن الاختبار الجيني يساعد في التحقّق من وجود الأسباب الجينية التي تؤدي إلى الإصابة بهذا الاضطراب في الجهاز الهضمي.
- اختبار نشاط اللاكتيز عند الحافة الفرشاتية للصائم: تُعد الحافة الفرشاتية من أجزاء الأمعاء الدقيقة عند الإنسان، ويُُعد هذا الاختبار اختبارًا صعبًا ومُكلفًا ليتمكن الطبيب من تقييم نشاط اللاكتيز عندما تظهر الأعراض.
- اختبار حموضة البراز: في العادة يتم إجراء هذا الاختبار للأطفال والرضع، وهو اختبار يقيس مستويات حموضة البراز؛ فإن درجة الحموضة في البراز تكون أقل عند الأشخاص الذين يُصابون بحساسية اللاكتوز مقارنةً بالآخرين.
هل نمو الكائنات الحية الدقيقة في معدة الأطفال من فوائد اللاكتوز؟
يستطيع الأطفال الحصول على اللاكتوز من حليب الأم للمساعدة في نمو الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش بالمعدة فعلًا، كما أن لهذا النوع من السكريات العديد من الفوائد الأُخرى للأطفال أيضًا؛ فإنه يُشكّل ما نسبته 7.2% من حليب الثدي عند الأم المرضع، وهي كميةٌ جيدةٌ تستطيع توفير نصف الاحتياجات التي يطلبها جسم الأطفال من الطاقة إذا كان اعتمادهم على الرضاعة الطبيعية فحسب، وهي من أبرز فوائد اللاكتوز بالنسبة إلى الأطفال مع فائدته في المساعدة على امتصاص الكالسيوم بشكل أفضل أيضًا.
اقرأ/ي أيضًا: