تحقيق مسبار
الرنين المغناطيسي من التقنيات ِالمستخدمة في التصويرِ والكشف الطبي، وهي تقنية متقدمة وقادرةٌ على التقاط صورة دقيقة لأحشاء الجسم، إلا أنَّها قد لا تخلو من المخاطر، ممَّا يدفع للتساؤل عنها وعن أضرارها، فما هي تقنية الرنين المغناطيسي؟ وما هي استخداماتها وفوائدها؟ وهل الرنين المغناطيسي مضر للحامل؟
الرنين المغناطيسي
يستخدم الرنين المغناطيسي بشكلٍ كبير للتصوير والفحص الطبي، وهو عبارة عن مجال مغناطيسي قوي وموجات راديو عالية، يستخدمان لإنتاجِ صور عالية الدقة لأحشاء الجسم، وذلك باستخدام جهازٍ مصنوع على شكل أنبوب يُنتج مجالًا مغناطيسيًا، يستلقي المريض داخل هذا الأنبوب، ومن ثم يتعرض إلى موجاتِ راديو عالية التردد مصحوبة بمجال مغناطيسي قوي، وباستخدامِ برمجيات مخصصة، يقوم الجهاز بالتقاط صور مفصلة وعالية الدقة لأي عضوٍ داخل الجسم، وهذا ما يُعرف بالتصوير بالرنين المغناطيسي. وهناك أكثر من نوع لهذه التقنية:
- التصويرُ بالرنين المغناطيسي الوظيفي: تُستخدم هذه التقنية في الكشف عن التغيّرات الاستقلابية التي تحدث في الجسم عندما يكون الدماغ في وضعٍ نشط، حيث يتم مراقبة الجزء النشط في الدماغ أثناء قيام الجسم بوظيفة معينة، مثل القراءة أو الكلام أو التذكر.
- التنظير الطيفي (MRS): هي إحدى تقنيات التصوير المغناطيسي باستخدامِ موجات الراديو المستمرة، وتستخدم هذه التقنية للكشفِ عن أورام الدماغ والخراجات التي تتشكل فيه، حيث يمكنها الكشف عن الخلايا السرطانية في الخراجات وتشخيص بعض الأمراض مثل الزهايمر.
- تصوير الأوعية بالرنين المغناطيسي (MRA): تعتبر هذه التقنية أكثر تكلفةٍ من التقنيات الأخرى، إلاَّ أنَّها أكثر أمانًا وأسهل من حيث الإجراءات، ويمكن من خلالها تصوير الأوعية الدموية بالطريقةِ التقليدية أو من دون حقن عامل التباين في الجسم، وتنتج صورًا مفصلة عن الأوعية الدموية.
كما أنّ تقنيات التصوير المغناطيسي أكثر من ذلك، فهناك تقنية التصوير الوريدي بالرنين المغناطيسي (MRV) وتقنية تصوير السطوح بالصَّدى (EPI)، ولكلٍ من هذه التقنيات استخداماتها وإجراءاتها الخاصة، كما تختلف عيوب كل تقنيةٍ عن الأخرى، إلاَّ أن جميع هذه التقنيات تعتمد على الرنين المغناطيسي في تصوير أحشاء الجسم.
استخدامات الرنين المغناطيسي
استخدامات الرنين المغناطيسي في المجال الطبي شائعةٌ للغاية، حيث يُعتمد على هذه التقنية بشكلٍ كبير في إجراءِ العديد من أنواع الفحوصات والكشف عن أحشاء الجسم ووظائفه بشكلٍ دقيق. ومع تعدد أنواعها، تعددت استخدامات الرنين المغناطيسي أيضًا:
- يستخدم الرنين المغناطيسي في الكشفِ عن الأماكن النشطة في الدماغ والتغيرات الاستقلابية التي تحدث فيه عندما يقوم الجسم بأداءِ وظيفة معينة مثلا الكلام أو التذكر.
- الكشف المبكر عن بعض الأمراض والمشاكل الصحية من استخدامات الرنين المغناطيسي الشائعة، حيث تقوم بفحص حركة الماء في الخلايا التي توقفت عن العمل من أجل الكشف عن السكتات الدماغية، والكشف عن الأورامِ مرحلة مبكرة قبل أن تنتشر في الدماغ.
- غالبًا ما تكون استخدامات الرنين المغناطيسي على الدماغِ مصحوبة باستخدام موجات الراديو، ويساعد هذا الإجراء في تحليل نشاط الدماغ وتشخيص العديد من الأمراضِ العقلية مثل الصرع والزهايمر وغيرها من الاضطرابات.
- يستخدم الرنين المغناطيسي أيضًا في تصوير الأوردة والأوعية الدموية، حيث يتم حقن عامل التباين من أجلِ تصوير الأوعية الدموية بشكلٍ مفصل، بالإضافةِ إلى كشف الجلطات الدموية ومعرفة الحالة الصحية للدورة الدموية في الجسم.
- تُستخدم تقنية التصوير المغناطيسي في الفحصِ والكشف عن المشاكل الحيوية في العديدِ من أعضاء الجسم مثل القلب والأمعاء، كما توفر للأطباء معلومات مفصَّلة عن عمل بعض الأنسجة في الجسم.
علاوةً على استخدامات الرنين المغناطيسي في الأغراض الطبية، تُستخدم هذه التقنية في أغراضٍ علمية غير طبية أيضًا، حيث تستخدم مثلًا لتحديد مخرجات التفاعلات الكيميائية والتحليل الطيفي للعناصر، كما تستخدم أيضًا في تحليلِ الجزيئات المنخفضة للنفط والفحم للكشف عنها، بالإضافةِ إلى استخدامات الرنين المغناطيسي لفحص التدفقات في أنابيب الغاز والنفط والكشف عن التسريب، والعديد من الاستخدامات الصناعية الأخرى.
هل الرنين المغناطيسي مضر للحامل؟
رغم ما يشاع حول أضراره، لم يثبت علميًا أن الرنين المغناطيسي مضر للحامل، فقد أُجريت العديد من الدراسات حول الأعراض الجانبية للتصوير بالرنين المغناطيسي على الحامل، وتبين أنَّه لا يوجد أعراض جانبية تضر بصحتها أو بصحةِ جنينها. ويعتقد البعض أنَّ الرنين المغناطيسي مضر للحامل بسبب ما تسببه بعض أنواعِ التصوير الأخرى مثل التصوير بالأشعة السينية (X-ray)، إلاَّ أن الرنين المغناطيسي مختلفٌ تماما.
- على عكسِ التصوير بالأشعة السينية، لا يستخدم الرنين المغناطيسي للحاملِ أي عوامل تباين مؤينة تستجيب للإشعاعات، ممَّا يجعله أكثر أمانًا من الأشعةِ السينية.
- رغم عدم وجود أدلة تظهر أنَّ الرنين المغناطيسي مضر للحامل، تنصح الحامل بعدم إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وهذا إجراءٌ وقائي للحماية من أي مخاطر محتملة.
إذًا لا يعتبر الرنين المغناطيسي مضر للحامل، لكن هناك العديد من النساء الحوامل يرفضن إجراء الفحص لخوفهنَّ من أي أضرارٍ على الجنين، إلاَّ أنَّ الجهات الطبية الموثوقة تؤكد عدم وجود أضرار، وينصح بعدم رفض إجراء الفحص إذا كان هناك ضرورةٌ طبية لذلك.
هل أشعة الرنين المغناطيسي مضرة؟
يمكن أن تكون أشعة الرنين المغناطيسي مضرة في بعضِ الأحيان، فعلى الرغم من أنَّ هذه التقنية لا تستخدم عوامل مؤينة (وهي من المواد المساعدة التي تحقن داخل الجسم)، إلاَّ أن استخدام المجال المغناطيسي القوي وموجات الراديو عالية التردد قد لا يخلو من المخاطر على الجسم.
- من الممكن أن تؤثر أشعة الرنين المغناطيسي على كافةِ المعادن والعناصر الموجودة في محيطها، حيث تؤثر على المعادن الصغيرة وحتى أنابيب الأكسجين، الأمر الذي قد يعرض المريض والكادر الطبي للخطر.
- تعتبر أشعة الرنين المغناطيسي مُضرة على حاسة السمع، فالمجال المغناطيسي الكبير الذي يتولد قد يسبب رنينًا وضوضاءً عالية للغاية، ممَّا يؤثر سلبًا على حاسة السمع، كما قد تؤثر على أنسجة العضلات والأعصاب، وهذا يؤدي إلى احساسِ المريض بالارتعاش.
- تكون أشعة الرنين المغناطيسي مضرة في بعض الأحيان خصوصًا في جلسات التصوير التي تستغرق وقتًا أطول، حيث يؤدي التعرض لهذه الأشعة طويلًا إلى تسخينِ درجة حرارة الجسم، كما قد يسبب استخدام عامل التباين من مادة "الجادولينيوم" ردود فعل تحسسية عند بعض الأشخاص.
بناءً على أضرارها في هذه الحالات، هل يمكن القول أنَّ أشعة الرنين المغناطيسي مضرة؟ أو هل يمكن اعتبارها تقنية غير آمنة؟
على الرغم من أضرارها الجانبية التي قد تلحقُ المرضى في بعض الحالات، إلا أنَّها تعتبر تقنية آمنة إلى حدٍ كبير، وقد انخفضت نسبة أضرارها بشكلٍ كبير في السنواتِ السابقة مع التقدم التقني الكبير وتعزيز إجراءات الوقاية. وبشكلٍ عام، فإنَّ إجراء جلسة التصوير لا يحدث إلا بتوصيةٍ طبية، وعندها سيقرر الطبيب ما إذا كانت أشعة الرنين المغناطيسي مضرةٌ على المريض أم لا.
أضرار الرنين المغناطيسي
إضافةً إلى أضرارِ الرنين المغناطيسي والمضاعفات الصحية التي قد تنجم عن استخدام هذه التقنية، فإنَّها لا تخلو من العيوب التي قد لا تجعلها الخيار الأمثل لإجراء بعضِ الفحوصات الطبية، فتقنية الرنين المغناطيسي تتطلب وقتًا طويلًا من أجل تجهيزها لإجراء الفحص، الأمر الذي قد لا يجعلها فعَّالة في حالة الطوارئ مثلًا، كما لا يمكن إجراؤها عند وجود معادن أو شظايا داخل الجسم، بالإضافةِ إلى استحالة إجراءها عند وجود أجهزة طبية مثل جهاز تنظيم ضربات القلب وغيرها من الأجهزة التي قد تتأثر سلبًا بالرنين المغناطيسي. لكن نظرًا لأهميتها، هناك مجموعة من الإجراءات من شأنها أن تساعد في تجنب أضرار الرنين المغناطيسي، منها:
- تجنبًا لحدوث أضرار الرنين المغناطيسي بسبب المعادن، يُمنع المريض من ارتداءِ أي جسم معدني أثناء جلسة التصوير، بما في ذلك الساعات والأجهزة الالكترونية أو المجوهرات وغيرها.
- المجال المغناطيسي الذي ينتجه جهاز التصوير قوي للغاية، إذ تتأثر به حتى القطع المعدنية الدقيقة مثل تلك التي تستخدم في مواد التجميل أو صناعة الملابس وغيرها، لذا فإنَّ الإجراءات لمنع وجود معادن أثناء التصوير مشددة للغاية.
- من أجلِ التأكد من عدم وجود معادن أثناء جلسة التصوير، سيقوم المريض بارتداء ثوب طبي خاص أثناء عملية التصوير، الأمرُ الذي يحدُّ من أضرارِ الرنين المغناطيسي .
من أجلِ تجنب أضرار الرنين المغناطيسي التي قد تحدث أثناء التصوير، سيقومُ المريض بمقابلة أحد المختصين في المركز، وفي هذه المقابلة يقوم بتعبئة نموذجٍ وإجابة بعض الأسئلة حول وضعه الصحي، وسيكون المختص موجودًا لمساعدته على فهم الأسئلة.
اقرأ/ي أيضًا: