تحقيق مسبار
السهول بشكل عام والسهول الفيضية على وجه الخصوص من أنواع التضاريس المختلفة التي صنّفها البشر، حيث تسمح الأرض المنبسطة لاستغلالها في المشاريع الزراعية أو السكنية أو حتى الصناعية، إلا أن السهول أكثر من النوع، وكل نوع يمتاز بتضاريسه وتربته وخواصه المختلفة، فما هي السهول وما هي أنواعها، وهل يوجد فرق بين السهول الفيضية والسهول الساحلية؟
ما هي السهول؟
جغرافيًا، تعتبر الأراضي الواسعة الممتدة ذات الأرض المسطحة هي السهول، وهي المساحات التي لا تتخللها جبالٌ أو وديان سحيقة أو تضاريس تجعل منها غير مسطحة أو مستوية. وتغطي السهولُ حوالي ثلث مساحة اليابسة على كوكبِ الأرض، وعادةً تتكون السهول من أراضٍ عشبية تسمى بالمروج، وهناك أكثر من طريقةٍ تتشكل بها السهول:
- جميع طرق تشكل السهول تفضي إلى جعلِ مساحة من الأرض شبه مستوية أو مسطحة بالمقارنةِ مع أنواع التضاريس الأخرى.
- من الممكنِ أن تتشكل السهول بفعلِ تكون الماء والجليد فوق مساحةٍ من الأرض، فتندفعُ الصخور عن هذه الأرض إلى منطقةٍ أخرى، تاركةً وراءها أرضًا سهلية منبسطة.
- قد تتشكل السهول بفعل الحمم البركانية أيضًا، فقد تندفع الحمم البركانية إلى الأراضي المحيطة مشكّلةً مساحة واسعة من السهول التي يغطيها البازلت.
- هناك العديد من السهولِ التي تشكلت حول الأنهار بفعل جريان الماء، حيث يؤدي تدفقه إلى تآكلِ الصخور من حوله، إلى أن تُصبح الأرض منبسطة وسهلية.
وتعتبر السهول الأمريكية من أكبرِ السهول في العالم، والتي تغطي تقريبًا معظم الأراضي الداخلية في أمريكا الشمالية. لكن السهول الموجودة على اليابسةِ ليست الوحيدة، حيث يوجد العديد من السهولِ السحيقة الموجودة في أعماقِ المحيطات، وهي مساحات واسعة تتكون من أراضي منبسطة ولا يتخللها أية تضاريس، كما الحالُ في السهول الموجودة على اليابسة.
أنواع السهول
تختلف أنواع السهول فيما بينها بحسبِ البيئة والتضاريس وموقعها الجغرافي أيضًا، كما تؤثر الطريقة التي تشكلت بها هذه السهول على نوعها، فمثلًا تسمى سهول الحِمم بهذا الاسم لتشكُّلها بفعل الحمم البركانية الممتدة عليها. أمّا أنواعُ السهول بحسب طريقة تشكلها ثلاثة وهي:
- السهول الهيكلية: هي عبارة عن أرضٍ منبسطة إلى حدٍ ما، تشكلت نتيجةً لارتفاع جرف قاري أو جزء من قاع البحر، وتنتشر هذه السهول على حدودِ القارات وتغطي مساحات واسعة من سطح الأرض. وتختلفُ أنواع السهول الهيكلية فيما بينها، فقد تغطيها الصخور المسطحة أو الصخور الصغيرة أو التربة.
- السهول المتآكلة: هي مساحة من الأرضِ تعرضت لأحد عوامل التعرية مثل الأنهار والجليد أو حتى الرياح، ممَّا جعلها أرضًا منبسطة أو مسطحة نسبيًا، ويمتازُ أغلبها بتربتها الطينية والوعرة. وأنواع السهول المتآكلة عديدة منها السهول التي تشكلت بفعلِ الريح أو الجليد.
- السهول الرسوبية: هي السهولُ التي تشكلت بفعل ترسبِ المواد والعناصر من التربةِ بفعل مياه الأنهار، وتختلفُ أنواع السهول الرسوبية بحسب المادة التي ترسبت، ومن أكثرها شيوعًا هي السهول التي تشكلت بسبب ترسب مادة الطمي أو الطين، ومن أنواعها أيضًا السهول الفيضية وسهول الحمم.
إضافةً إلى هذه الأنواع، هناك أنواعٌ أخرى من السهول التي تغطي مساحات واسعة من كوكب الأرض، منها السهول السحيقة الموجودة أسفل المحيطات، والسهول الجليدية التي تنتشر غالبًا عند القطبين الشمالي والجنوبي، بالإضافةِ إلى العديد من أنواع السهول التي تشكلت بفعل عوامل التعرية المختلفة.
السهول الفيضية
غالبًا ما تتشكل السهول الفيضية حول الأنهار ومجرى الماء، حيث يرتفعُ مستوى الماء ويخرج عن مساره، ممَّا يجعل الأرض على ضفتي النهر أكثر انبساطًا، وهكذا تتشكل السهول الفيضية مع مرورِ الوقت. والسهول الفيضية من المناطق الجغرافية الهامَّة، ولها الكثير من الفوائد البيئية والاقتصادية:
- تعمل كخزانٍ طبيعي للمياه العذبة، حيث تعملُ التربة المشبعة بالمياه كمرشحات طبيعية، الأمر الذي يؤدي إلى تجمعِ الماء نظيفًا وعذبًا في باطنِ الأرض، كما أنها تعيد شحن وتعبئة الخزانات الجوفية في باطنِ الأرض بشكلٍ مستمر.
- تعتبر السهول الفيضية بيئة ملائمة للزراعة المستدامة، فبسبب خصوبة التربةِ العالية وارتفاع منسوب المياه في جوفها، تستخدم هذه السهول في زراعة المحاصيل الموسمية والمحاصيل التي تمتازُ بقدرة عاليةٍ على تحمل الفيضانات.
- يعتبر هذا النوع من السهول موطنًا طبيعيًا للحياة البرية، حيث تمتاز بانتشارِ الغطاء النباتي، الأمر الذي يسمحُ بوجود تنوع حيوي كبير في هذه البيئةِ مقارنةً مع البيئاتِ الأخرى أو مع أنواعِ السهول الأخرى.
- تعد السهول الفيضية من أهمِّ البيئات التي تساعد على التقليلِ من انبعاثات الكربون والتخفيف من حدةِ الاحتباس الحراري، وذلك كونها بيئة تغطيها الأشجار الخضراء، والتي بدورها تمتص ثاني أكسيد الكربون من الهواء.
وبالرغم من انتشارِ السهول الفيضية حول مجاري الأنهار، إلاَّ أنَّها ليست موجودة بين جميع الأنهار، حيث يعتمد تشكلها على التضاريسِ ونوع التربة وقوة جريان النهر ونسبة فيضانه وغيرها من العوامل الأخرى.
سهول داخلية
تحتوي أمريكا الشمالية على سهول داخلية تمتد من وسط غرب القارة حتى أقصى شمال كندا، وهذه المنطقة عبارة عن أرضٍ منبسطة وخصبة بنسبة كبيرة، حيث غطَّتها مياه البحر قبل ملايين السنين، ممَّا أدى إلى تشكل طبقة جديدة فوق الطبقة الصخرية، وأصبحت هذه الأرض عبارة عن سهول داخلية تمتازُ بمراعيها البرية الواسعة، والتي تتخللها أيضًا العديد من الأنهار والبحيرات.
- بالرغمِ من أنها سهول داخلية منبسطة، إلا أنَّها منحدرة نوعًا ما، حيث ترتفعُ عن مستوى سطح البحر إلى حوالي 1500 متر في الشرق، وتساويه في المستوى عند الغرب.
- تحتوي قارة أمريكا الشمالية على سهول داخلية ذات مناخ متنوع، إلاَّ أنَّه قاسٍ في المجمل، فالشتاء طويلٌ في الشمال وشديد البرودة، أما في الجنوب فالصيف أطول وشديد الحرارة، كما قد تنشأ العواصف نتيجةً لالتحام رياح الشمال مع رياح الجنوب.
- تختلف البيئة بين الشمال والجنوب، حيث يُعد الشمال أرضًا قاحلة إلى حدٍ ما بسبب البرودة الشديدة، أمَّا الجنوب فيمتاز بسهول داخلية تحتوي العديد من أنواع النباتات والحشائش والأشجار النفضية ودائمة الخضرة.
وغالبًا يشير مصطلح "سهول داخلية" إلى تلك السهول الموجودة في أمريكا الشمالية، إلاَّ أنها ليست السهول الداخلية الوحيدة، حيث تعتبر السهول الموجودة في الأراضي الداخلية لأي بلدٍ سهولًا داخلية، فمثلًا تحتوي دولة منغوليًا على سهول داخلية تغطي نسبة كبيرة من مساحة البلد.
هل يوجد فرق بين السهول الفيضية والسهول الساحلية؟
نعم، يوجد فرق بين السهول الفيضية والسهول الساحلية، فعلى الرغم من أنَّ كِلاهما عبارة عن مساحةٍ واسعة من الأرض تمتاز بانبساطها وسهولة تضاريسها، إلاَّ أنَّ هناك العديد من الاختلافات بينهما، فالسهل الساحلي مثلًا يقع بمحاذاتِ البحر أو المحيط، أمَّا السهل الفيضي فغالبًا ما يكون على جانبي النهر أو مجرى الماء، وهناك العديدُ من الاختلافات الأخرى التي تُظهر وجود فرق بين السهول الفيضية والسهول الساحلية:
- يوجد فرق بين السهول الفيضية والسهول الساحلية من حيث طريقةِ التشكل، فالسهول الفيضية تشكلت بفعل انجرافاتِ التربة وفيضان مياه الأنهار، أمَّا أهم عوامل تشكل السهول الساحلية هو انحسارُ مستوى سطح البحر.
- على الرغمِ من أنَّ كلاهما عبارة عن أرضٍ سهلة ومنبسطة، إلاَّ أن تضاريس هذين النوعين قد تختلف إلى حدٍ ما، فغالبًا ما تتشكل تربة السهول الفيضية من الطمى، أمَّا السهول الساحلية قد تتشكل من الصخورِ الصغيرة أو أنواع مختلفةٍ من التربة
وعلى الرغم من الفرق بين السهول الفيضية والسهول الساحلية، هناك العديد من أوجه التشابه، فعلاوةً على أنَّ كلا النوعين يمتاز بتضاريسه السهلة أو المنبسطة، فإنَّهما قد يمتلكان العديد من المميزات المشابهة مثل التنوع الحيوي وخصوبة التربة وغيرها، وقد تكونُ السهول فيضية وساحلية في نفس الوقت مثل دلتا النيل، أو مثل السهل الساحلي الفلسطيني، والذي تشكل بفعلِ موقعه المطلُ على المتوسط، وبفعلِ المجاري المائية العديدة التي تمر من خلاله أيضًا.