تحقيق مسبار
هل تختلف طرق انتقال الحرارة فيما بينها؟ وماذا يُعنَى بانتقال الحرارة؟ وكيف تنتقل الحرارة وما طرق انتقالها؟ تجيب المقالة التالية على جميع الأسئلة السابقة، كما توضّح قانون الطاقة الحرارية وطُرق انتقالها.
انتقال الحرارة
من أجل توضيح ماهية انتقال الحرارة، من المهم معرفة مفهوم الحرارة قبلًا، فالحرارة هي طاقة تنتقل من جسم إلى جسم آخر في حال وُجد اختلاف في درجات الحرارة فيما بينهما. وهناك فرق ما بين الحرارة ودرجة الحرارة، فالحرارة هي أحد أشكال الطاقة، أما درجة الحرارة فهي مقياس تلك الطاقة الموجودة في الأجسام.
ويحدث انتقال الحرارة من الأجسام الأكثر سخونة إلى الأكثر برودة، وينتج عن هذا الانتقال انخفاض في درجة حرارة الجسم الساخن وارتفاع درجة حرارة الجسم البارد. ولكن في حالات تحوُّل المادة من طَور أو من حالة فيزيائية إلى أخرى، لا يطرأ اختلاف على درجات الحرارة ولكن يظهر الاختلاف ويبدو واضحًا في التحوُّل الفيزيائي الحاصل، وهذا ما يحدث عند تحول المادة الصلبة إلى وسط سائل في حالة الذوبان، وتحوُّل المادة الصلبة إلى بخار في حالة التسامي، وتحوُّل المادة السائلة إلى بخار في حالة الغليان.
علمًا أنّ كُل مادة تتكون من ذرات وجزيئات قادرة على نقل الحرارة، ويعتمد انتقال الحرارة على حركة الذرات والجزيئات الموجودة فيها، وفي حال ازدادت حركة هذه الجزيئات وذبذباتها ازدادت الطاقة الناتجة عنها.
كيف تنتقل الحرارة؟
كما وُضِّح سابقًا، المادة تتكون من جُزيئات تهتز في موضعٍ مُتحرك، هذه الجزيئات تتذبذب فيما بينها، وتُضفي على المادة طاقةً حركيةً خاصةً بها. وكلما كانت الجزيئات أكبر زادت ذبذبتها، وبالتالي كانت حرارتها أكبر. وإن أحد أهم أسباب انتقال الحرارة من جسم إلى آخر أو من مادة لأخرى هو اختلاف درجة حرارة كل منهما.
وتنتقل الحرارة من جسم لآخر حتى يحصلان على ما يسمى بالتوازن الحراري، أي وصولها لنفس الطاقة الحرارية. ولا شك أن لعملية انتقال الحرارة من مادة لأخرى أو جسم لآخر الكثير من الفوائد التي شرحها علم الفيزياء وأهمها قدرة الشمس على نقل حرارتها لكوكب الأرض وغيره من الأماكن الموجودة في الكون بالإشعاع، والتي جعلت من الأرض كوكبًا صالحًا للعيش بمقدار مناسب للحياة البشرية الموجودة عليه.
طرق انتقال الحرارة
تنتقل الحرارة من مادة إلى مادة أخرى من خلال طرق متعددة، وإن طرق انتقال الحرارة تتمثل في الآتي:
- التوصيل (Conduction)، أو ما يعرف بالتوصيل الحراري، وهي إحدى طرق انتقال الحرارة المعروفة، وتنتقل فيها الحرارة من جسم إلى جسم آخر في حال كانا على اتصال مباشر فيما بينهما. ويوجد في هذه الطريقة طاقتان حركيتان، واحدة أعلى من الأخرى، وتعمل الأجسام ذات الطاقة الحركية العالية على نقل الحرارة نحو الطاقة الحركية السفلى، ويحدث في هذه الحالة اصطدام فيما بين الجزيئات السريعات والبطيئة، فتزداد الطاقة الحركية للأجسام ذات الجزيئات البطيئة وينتج عن ذلك انتقال فِعليٌّ للحرارة.
أمثلة على طرق انتقال الحرارة بالتوصيل:
1- تنتقل الحرارة في عملية كي الملابس بالتوصيل، من خلال انتقال الحرارة من المكواة إلى الملابس مباشرة.
2- ذوبان مكعب الثلج عند حمله باليد بسبب انتقال الحرارة من اليدين إلى مكعب الثلج. - الحمل (Convection)، وهو ضمن طرق انتقال الحرارة التي يحدث فيها انتقال جزيئات السوائل من المناطق ذات درجات الحرارة العالية إلى المناطق ذات درجات الحرارة المنخفضة، إذ تنتقل الحرارة من مكان لآخر بواسطة حركة السوائل. ومن المهم القول أن المواد الصلبة تحتاج لعامل التوصيل من أجل نقل الحرارة لوجود جسيمات منظمة وثابتة، وهذا ما يجعلها مواد موصلة بشكل جيد للحرارة. بينما المواد السائلة والغازية فلا تتدفق فيها الحرارة من خلال التوصيل، كون السوائل ذات جزيئات غير ثابتة وتتحرك حول الجزء الأكبر من المادة، لذلك فهي تستعين بطريقة الحمل الحراري من أجل نقل الحرارة.
أمثلة على طرق انتقال الحرارة بالحمل:
1- عملية غليان الماء، تتحرك الجزيئات الأكثر كثافة في الأسفل نحو الأعلى، حيث تكون الجزيئات الأقل كثافة في الأعلى، وهذا ما يجعل الجزيئات في حركة دائرية، إنها الحركة التي تُمكِّن من تسخين الماء.
2- يحافظ الحمل الحراري عند الحيوانات من ذوات الدم الحار على دورتهم الدموية، من خلال تنظيم درجة حرارة أجسامهم.
3- تحرُّك الماء الدافئ الموجود حول خط الاستواء نحو القطبين، وفي المقابل تحرُّك الماء البارد الموجود حول القطبين نحو خط الاستواء. - الإشعاع (Radiation)، يتواجد الإشعاع كأحد طرق انتقال الحرارة بشكل مستمر في الحياة اليومية، وينتج عن الموجات الكهرومغناطيسية من خلال حملها للطاقة الإشعاعية من الجسم الباعث عبر الفراغ أو وسط شفاف قد يكون هذا الوسط صلبًا أو سائلًا، وتكون مسؤولة عنها حركة الإلكترونات والبروتونات المشحونة والتي ينبعث منها الإشعاع الكهرومغناطيسي. وكلما ازدادت درجة حرارة الجسم كلما ازداد إشعاعه وانبعاثه.
أمثلة على طرق انتقال الحرارة بالإشعاع:
1- الإشعاع الناجم عن الميكروويف.
2- أشعة الشمس فوق البنفسجية.
3- جسيمات ألفا الناتجة عن تحلل اليورانيوم إلى ثوريوم.
طرق انتقال الطاقة الحرارية
إن طرق انتقال الطاقة الحرارية هي طرق انتقال الحرارة ذاتها، والمتمثلة بالطرق الثلاث المعروفة وهي التوصيل، الحمل، والإشعاع.
قانون الطاقة الحرارية
يعتمد قانون الطاقة الحرارية على طاقة الجزيئات الاهتزازية التي تمتلكها مادة ما، والتي تركز على دراستها وقياسها الديناميكا الحرارية الفيزيائية، وكلما كانت حركة الجزيئات أكبر كلما كانت الطاقة الحرارية (Thermal Energy) الناتجة عن المادة أكبر، وهذا ما يجعل البعض مُعرَّضًا للاحتراق بمجرد لمسه مقلاة ساخنة، كونها تحتوي على طاقة حرارية أعلى من طاقة الجسم الحرارية. وفي النهاية يمكن تسمية هذه الطاقة بالطاقة الحركية، كون الجزيئات الموجودة فيها قادرة على الحركة والانتقال من مادة لأخرى أو من وسط لوسط آخر، ويمكن قياس هذه الحرارة بالدرجة المئوية أو فهرنهايت.
وفي قانون الطاقة الحرارية، تتناسب الطاقة الحرارية بشكل طردي مع كتلة الجسم والحرارة النوعية، وفرق درجة الحرارة. ويكون قانونها كالتالي:
الطاقة الحرارية= كتلة الجسم × الحرارة النوعية × التغير في درجة الحرارة. ويُعبّر عنه بالإنجليزية كالتالي:
Q = M × C × ΔT
هل تختلف طرق انتقال الحرارة فيما بينها؟
صحيح، تختلف طرق انتقال الحرارة فيما بينها، وهذا ما يُمكن استنتاجه بوضوح من طرق انتقال الحرارة المختلفة التي شُرحت فيما سبق، إذ يعتمد انتقال الحرارة بالتوصيل على وجود الأجسام الصلبة والتي بطبيعتها تتمركز حول انتقال الحرارة من الأجسام الصلبة الأكثر حرارة إلى أقلها حرارة.
كما تختلف طرق انتقال الحرارة في الحمل الحراري، والذي تعتمده السوائل والغازات في نقل الحرارة، تمامًا كما يفعل الماء حين يتعرض للحرارة على موقد، والذي تتنقل فيه المياه الموجودة في الأسفل والأكثر سخونة نحو الأعلى الأقل سخونة ناقلًا في هذه العملية طاقةً حرارية من الأسفل نحو الأعلى.
وأخيرًا، إن أكثر ما يميز طريقة انتقال الحرارة بالإشعاع هو وجود جسم مُشع، قادر على نقل الحرارة للأجسام الأقل سخونة من خلال الموجات الكهرومغناطيسية تمامًا، كما تفعل الشمس التي تبث طاقتها الحرارية في الفضاء.