تحقيق مسبار
تُسيطِرُ مشاعر القلق عند الآباء والأمهات حين تأخر الكلام عند الأطفال، ويكون البحث عن العلاج أول خطوة يلجؤون إليها في مثل هذه الحالات، فهل يمكن علاج تأخر الكلام عند الأطفال؟
تتحقق المقالة التالية من هذا السؤال، وتُقدِّم معلومات عن الكلام وتأخره عند الأطفال، بالإضافة إلى بداية الكلام عند الأطفال في عمر السنتين والـ3 سنوات، وتُجيب أخيرًا على سؤال في أي عمر يبدأ الطفل بالكلام؟
الكلام عند الأطفال
تختلف قدرات الكلام عند الأطفال، وهذا ما يُفسّر وجود طفل يتكلم كلمات بسيطة مثل ماما وبابا بحلول عمر السنة، وطفل آخر بنفس العمر غير قادر على النطق بها. ومن المؤكد أن لمتخصصي الرعاية الصحية القدرة على معرفة أسباب تأخر الكلام عند الأطفال، والتفريق بين الحالات الطبيعية من تأخر الكلام عن الحالات غير الطبيعية.
تأخر الكلام عند الأطفال
في الحالات الطبيعية يتلفظ الطفل ذو سن العامين ما يقارب الـ50 كلمة، ولديه القدرة على التحدث في جمل مُكَوَّنَة من كلمتين أو ثلاث كلمات، أما عن الطفل ذي الـ3 سنوات فهو أكثر قدرة على الكلام، ليصل عدد الكلمات التي بمقدوره التلفُّظ بها إلى 1000 كلمة، في جمل يصل عدد كلماتها حتى أربع كلمات. ولكن في حال لم تكن هذه المواصفات اللفظية متواجدة عند الطفل، من المُحتمل أنّه يعاني من تأخر الكلام.
ويعتقد البعض أن تأخر الكلام عند الأطفال هو نفسه تأخر اللغة، ولكن هناك فرق بينهما، إذ يعاني الطفل المتأخر في اللغة من فهم الكلام ويواجه صعوبات في التواصل، وبالتالي يكون غير قادر على تكوين عبارات أو جمل منطقية، على الرغم من وجود المقدرة على نطقها. بينما الأطفال الذين يعانون من التأخر في الكلام، ليس شرطًا أن يعانوا من صعوبات في التواصل أو في فهم ما يدور حولهم، ولكن تكمن الصعوبة في القدرة على نطق الكلمات والألفاظ. ويمكن القول باختصار أن تأخر الكلام ناجم عن مشكلة في نطق الكلام، بينما تأخر اللغة يُعبِّر عن مشكلة في فهم الكلام.
بداية الكلام عند الأطفال
تبدأ رحلة بداية الكلام عند الأطفال منذ لحظة مناغاتهم وهم رُضَّع، وتتطور نغمات المناغاة حتى تصل فيما بعد لكلمة واحدة أولى يفهمها محيط الطفل، ولا تحدث مشكلة تأخر الكلام إلا عندما لا تتحقق المراحل النموذجية المعروفة، بحسب الجدول الزمني الخاص بتقدم الطفل في الكلام.
في أي عمر يبدأ الطفل بالكلام؟
تبدو النغمات التي يُدلي بها الطفل في أيام وشهور حياته الأولى متشابهة مع جميع الأطفال حول العالم، بغض النظر عن ماهية لغة كل منهم، والنغمات ذاتها التي يُعبِّر من خلالها عن مشاعر الجوع أو الألم أو الرغبة بتغيير الحفاض. ولكن يبقى هناك عمر معين للطفل يبدأ فيه بالكلام، وتختلف فيه الكلمة الأولى من طفل لآخر، بحسب مدخولات اللغة، فما هو؟
تعتبر السنوات الثلاث الأولى للطفل الحاسمة والأهم في تعلُّمه ونطقه للكلمات، وهي السنوات التي يحصل فيها دماغه على قدْرٍ جيدٍ من التطور الذي يُمهِّد له طريق الكلام، وفي حال شعر الآباء بوجود مشكلة في الكلام خلال السنوات الثلاث الأولى من حياة أطفالهم، لابد من التوجه لطبيب الأطفال للتحدث عن مخاوفهم.
ويختلف العمر الذي يبدأ الطفل فيه بالكلام من طفل لآخر، فبعض الأطفال يبدؤون بالثرثرة بكلمات مثل بابا في الشهر السادس، ويعتبرها بعض الآباء بداية لكلام أطفالهم، أو الكلمة الأولى لهم. وفي عمر ال9 شهور يتمكن بعض الأطفال من نطق كلمة لا، أو (باي) التي تعبر عن الوداع. أما في عمر السنة وحتى 18 شهر يتكلم الأطفال كلمات بسيطة مثل ماما وبابا بإدراكٍ للمعنى اللفظي للكلمة، وقد يكون هذا هو العمر النسبي الذي يبدأ الطفل فيه بالكلام.
الكلام عند الأطفال سنتين
يحتاج الكلام عند أطفال السنتين للتحفيز والتطوير باستمرار، إذ يساهم الوسط المحيط في دعم الأطفال ممن هم في هذا العمر لتطوير مهاراتهم الكلامية، وأهم هذه الطرق كما يلي:
- مساعدة أطفال السنتين في بناء الجمل، من خلال وضع الكلمات التي ينطقون بها في جملة، فعلى سبيل المثال عندما ينطق الطفل بكلمة جورب، يمكن القول نعم نحن نرتدي الجورب في قدمنا.
- منح الطفل الوقت للرد على الأسئلة المطروحة عليه، والتحلي بالصبر، ومحاولة مناداته باسمه لجذب انتباهه.
- محاولة ربط الكلمات بالصور، فعند إظهار صورة ما لقطّة، يُفضَّل تقليد صوت مواء القطة، ليصبح الصوت مرتبطًا بكلمة قطة، الأمر الذي يجعل من التعبير والكلام عند أطفال السنتين أكثر سلاسة.
- محاولة تبنِّي الهدوء وتوفير أجواء مريحة، يتمكن الطفل من خلالها الاستماع والتركيز بشكل جيد، لما يُقال له ومن حوله.
الكلام عند الأطفال 3 سنوات
هناك بعض المعايير النموذجية للكلام عند الأطفال 3 سنوات، والتي يمكن من خلالها فهم مدى صحة وسلامة الكلام لديهم، وأهمها:
- يمكنهم استخدام ما يقارب 1000 كلمة.
- يَعْرِفون أسماءهم، ويُعَرِّفُون عن أنفسهم وعن الآخرين بأسمائهم.
- بإمكانهم استخدام الأفعال، والأسماء، والصفات في جمل مُكوَّنَة من ثلاث وحتى أربع كلمات.
- لديهم القدرة على استخدام صيغة الجمع.
- قادرون على طرح الأسئلة.
- غناء أغنية وقول قصة.
هل يمكن علاج تأخر الكلام عند الأطفال؟
صحيح، من الممكن علاج تأخُّر الكلام عند الأطفال، خاصة وأن تأخر الكلام أكثر أنواع تأخر النمو شيوعًا، إذ هناك طفل من كل 5 أطفال يتعلم الكلام بوقت متأخر عن أقرانه من نفس العمر، ويكون التأخير في كثير من الحالات مؤقتًا. وعلى الرغم من ذلك، يتسبب تأخر الكلام بمشاعر الإحباط عند الطفل، بسبب عدم قدرته على التعبير عن احتياجاته، وهذا ما يُظهر بعض المشكلات السلوكية لديه، ويجعل من علاج المشكلة أمرًا هامًا.
علاج تأخر الكلام عند الأطفال
من أجل علاج تأخر الكلام عند الأطفال، من المهم الكشف عن سبب هذا التأخر بعد تشخيص حالة الطفل عند الطبيب، إذ تتعدد أسباب تأخر الكلام، وجزء كبير منها بحاجة لتدخل طبي سريع، مثل وجود ضعف في السمع عند الطفل، تأخر في النمو في مناطق أخرى من الجسم، إصابة الطفل باضطراب طيف التوحد.
أما عن كيفية علاج تأخر الكلام فهو كالتالي:
- في حال كان الطفل يعاني من مشكلة اللسان المربوط (Ankyloglossia)، والتي يكون فيها اللسان ملتصق بأرضية الفم، يلجأ الطبيب لحل مشكلة الربط من خلال تصحيحه عند الطبيب.
- يمكن معالجة تأخر الكلام الناتج عن اضطرابات النطق واللغة من خلال المعالجة بالتخاطب واللغة، خاصة لو كان تأخر الكلام هو التأخر الوحيد في النمو.
- الأطفال الذين يعانون من صعوبات في السمع، من البديهي أن يواجهوا صعوبات في تكوين الكلمات، وقد تبدو مشكلة ضعف السمع غير واضحة عند الوالدين، ولكن عند تشخيص الحالة من قبل الطبيب، يكون العلاج متعلقًا بتصحيح مشكلة السمع إلى جانب علاجات التخاطب واللغة.
- يفتقر بعض الأطفال للتحفيز اللفظي وللتفاعل البيئي من حولهم، الأمر الذي يجعلهم متأخرين في الكلام، ويمكن القول أن علاج هذه الحالة يتطلب توفير بيئة فيها قدر من التخاطب والتفاعل مع الطفل من خلال تعزيز نشاطات الغناء أو القراءة أو اللعب.
- في حال ثبت أن تأخر الكلام عند الأطفال ناتج عن وجود اضطراب طيف التوحد، من المهم التوجه للمراكز المتخصصة في التعامل مع مرضى التوحد، من أجل تلقي الرعاية اللازمة.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكنني معرفة أن طفلي سليم من التوحد بسهولة؟
هل يمكن علاج تلعثُم الكلام عند الأطفال؟