تحقيق مسبار
يشهد العالم تطورًا واسعًا في العولمة الاقتصادية خلال الوقت الراهن نتيجةً لتطور آليات الاتصال والتناقل بين الدول، ويعتني هذا المقال بتعريف العولمة على الصعيد الاقتصادي، بالإضافة إلى بيان أبرز عناصرها ومظاهرها وآثارها الإيجابية والسلبية، وينتهي ببعض الكتب التي تسلط الضوء على تفاصيل العولمة الاقتصادية.
هل حرية التجارة من عناصر العولمة الاقتصادية؟
تسعى العولمة إلى إزالة العوائق التي تقف أما حرية التجارة وتجعل من العمليات التجارية أكثر سهولة بين الدول، ولا شك بأن حرية التجارة واحدة من عناصر ومميزات العولمة الاقتصادية؛ فإن الشركات صارت تستثمر خارج حدود الدولة بسهولة، ومع العولمة نشأت الكثير من المؤسسات والشركات العالمية والإقليمية أيضًا.
ما هو تعريف العولمة الاقتصادية؟
تُعرف العولمة الاقتصادية بأنها العملية التي تبدأ فيها الشركات والمؤسسات والبلدان بالعمل على نطاق عالمي دولي، وعادةً ما يكون لهذه العولمة آثارٌ إيجابية على المستوى المعيشي في الدول النامية، وكان تطور طرق التواصل والتنقل من أبرز أسباب العولمة الاقتصادية المتسارعة في الوقت الراهن، وفي القائمة الآتية عدة حقائق حول العولمة:
- العولمة ليست جديدة: ظهرت العولمة الاقتصادية في العالم منذ بدء الحضارة؛ إذ البشر كانوا يتبادلون البضائع مع بعضهم البعض قديمًا وينتقلون من مكان إلى آخر للبيع والشراء والتجارة، لكن نمو العولمة تسارع كثيرًا في الآونة الأخيرة.
- لا يقتصر أثر العولمة على الاقتصاد: إن للعولمة الكثير من الآثار إلى جانب الآثار الاقتصادية، وأبرزها الآثار السياسية، كما أنها ساعدت على تبادل الثقافات بين البشر، بالإضافة إلى المساهمة في تبادل وتناقل الأفكار.
- القوى الداعمة للعولمة: توجد كثيرٌ من القوى التي تدعم العولمة في العالم؛ أبرزها الاقتصاد العالمي والشركات متعددة الجنسيات، لما لها من تحكّم في المبيعات والتوظيف والإنتاج والأصول.
- عمل الشركات في الدول الفقيرة: أدت العولمة الاقتصادية إلى عمل الكثير من الشركات متعددة الجنسيات في الدول الفقيرة؛ ذلك لأن الأجور تكون متدنية، وتقوم هذه الشركات بإدارة الورشات التي يُستغلّ فيها العمّال.
- جرائم ذوي الياقات البيضاء: تسببت العولمة بانخراط العديد من الشركات في جرائم أصحاب الياقات البيضاء، التي تؤدي إلى عشرات الآلاف من الوفيات سنويًا وتُكلّف مئات المليارات من الدولارات.
ما هي عناصر العولمة الاقتصادية؟
توجد العديد من العناصر للعولمة الاقتصادية في العالم، ومنها العناصر الآتية:
- التجارة الدولية: تُعد التجارة الدولية واحدة من عناصر العولمة الاقتصادية، ومن خلالها تستطيع الشركات إنفاق المزيد من الأموال لإنتاج السلع وبيعها في الخارج، إلى جانب زيادة الإنفاق لاستيراد البضائع والسلع والخدمات من الخارج.
- الاستثمار الأجنبي المباشر: يُعرف الاستثمار الأجنبي المباشر بأنه استثمار يتم إجراؤه للحصول على مصلحة دائمة في المؤسسات التي تعمل خارج اقتصاد المستثمرين، وفي عام 2001 زادت الأموال المُنفقة على هذا الاستثمار بشكل كبير في ظل العولمة.
- الهجرة: ازداد انتقال العمالة بين دول العالم مع انتشار مفهوم العولمة الاقتصادية، وهي من الأنشطة المفيدة لفتح آفاق استثمار جديدة عند عودة المهاجرين من الخارج؛ إلا إنها تؤدي كذلك إلى هجرة بعض الأدمغة وخسارتها محليًا.
- تدفقات أسواق رأس المال: يقوم المستثمرون بتنويع محافظهم الاستثمارية بشكل متزايد حتى تشمل الأصول المالية الأجنبية بفضل العولمة الاقتصادية، وتشمل تدفقات أسواق رأس المال أيضًا التحويلات المالية الناتجة عن الهجرة وغيرها.
- انتشار التكنولوجيا: مع التطور الحالي في تقنيات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والحوسبة؛ انخفضت تكاليف الاتصالات وتدفق الأفكار عبر الحدود، ولا شك بأن هذا الانتشار في التكنولوجيا من عناصر العولمة الاقتصادية.
هل مظاهر العولمة الاقتصادية كثيرة؟
إن مظاهر العولمة الاقتصادية كثيرةٌ بالفعل، كما أن آثارها أصبحت واضحة على الاقتصاد حول العالم، وفيما يأتي بعضًا من هذه المظاهر:
- تغيير شكل التنمية الاقتصادية وطبيعتها: في الماضي كانت تعتمد التنمية بشكل أساسي على التمويل الذاتي وتعبئة الفائض، لكنها تحوّلت إلى الاعتماد على الاستثمارات الخارجية والشركات متعددة الجنسيات في ظل العولمة.
- نمو التجارة الدولية: تضاعفت التجارة الدولية في كلٍّ من السلع والخدمات مع انتشار العولمة، ومن ذلك تضاعفت التجارة في السلع الصناعية 17 مرة بين عامي 1948-1997، كذلك تضاعف الإنتاج العالمي 8 مرات.
- اندماج الدول النامية في الاقتصاد العالمي: في ظل العولمة الاقتصادية صار بمقدور الدول النامية المشاركة في الاقتصاد العالمي بسهولة أكبر، كما أن العولمة أدّت إلى ظهور كثيرٍ من المصطلحات التي تشير إلى التكامل في الاقتصاد العالمي.
- الثورة في تكنولوجيا الإعلام والاتصال: كان من مظاهر العولمة الاقتصادية زيادة التطور الهائلة في تكنولوجيا الاتصالات والإعلام، ما ساعد على تجاوز الحواجز المكانية والزمانية فيما يتعلق بالاقتصاد.
هل كان تأثير العولمة على الاقتصاد إيجابيًا دائمًا؟
لم يكن تأثير العولمة الاقتصادية إيجابيًا دائمًا، وإنما كانت هناك الكثير من الآثار السلبية لهذا النوع من أنواع العولمة وفق موقع ناشيونال جيوغرافيك. وتتضمن القائمة الآتية عدة من الآثار الإيجابية البارزة للعولمة الاقتصادية:
- خلق الفُرص للشركات: أدت العولمة الاقتصادية إلى خلق فرص أفضل للشركات داخل البلدان الأقل تصنيفًا، وهو ما ساعدها على الاستفادة من أسواق أكبر حول العالم مقارنةً بالأسواق التي كانت متاحة قبل العولمة.
- تمكين الدول الأقل تصنيعًا: في ظل العولمة التي يشهدها العالم على الصعيد الاقتصادي تم تمكين الشركات في البلدان الأقل تصنيعًا؛ حتى أصبحت جزءًا من شبكات الإنتاج والتوريد الدولية، التي تُعرف بأنها من القنوات الرئيسية للتجارة.
- الوصول إلى الأيدي العاملة: سمحت العولمة للشركات والمؤسسات المختلفة بالوصول إلى مجموعة واسعة من الأيدي العاملة ذات المهارات المتميزة؛ لتطوير المؤسسات والخدمات داخلها، وكذلك سمحت للدول الأكثر ثراءً بالوصول إلى العمالة الأجنبية.
- الوصول إلى الموارد: من خلال العولمة صار بمقدور الدول الوصول إلى الموارد التي لم تستطع الوصول إليها لولا وجود العولمة، وهي موارد مُهمة في تصنيع الكثير من الرفاهيات الحديثة التي يتمتع بها البشر حول العالم.
- زيادة التعاون العالمي: حتى تتمكن الدول المختلفة حول العالم من تشكيل اقتصاد معولم؛ لا بُد من تجنب الخلافات التي بينها وزيادة تعاونها مع بعضها البعض، ولذلك ترتبط زيادة العولمة الاقتصادية بتقليل الصراعات.
ما هي آثار العولمة الاقتصادية السلبية؟
يكون تأثير العولمة على الاقتصاد سلبيًا في بعض الأحيان بدلًا من التأثير الإيجابي، وفيما يأتي عدة من الآثار السلبية الناتجة عن العولمة الاقتصادية:
- زيادة المنافسة: أدت العولمة الاقتصادية إلى زيادة المنافسة بشكل كبير، وهو ما منع العديد من الشركات والمؤسسات من الدخول في هذه الأسواق، وكذلك تؤدي إلى حرمان بعض الشركات من المنافسة المحلية في الدولة أيضًا.
- النمو غير المتناسب: ربما تتسبب العولمة الاقتصادية بالنمو غير المتناسب بين الدول مع بعضها البعض وداخل الدولة الواحدة، وهو ما يولّد بعض الآثار السلبية على الصعيدين الأخلاقي والاقتصادي.
- المخاوف البيئية: ترتبط العولمة الاقتصادية بالعديد من المخاوف البيئية في الوقت الراهن؛ ومنها ارتفاع نسبة غازات الدفيئة الناتج عن نقل البضائع، ذلك إلى جانب إزالة الغابات وفقدان التنوع البيولوجي لإنشاء البُنية التحتية.
- هيمنة بعض الشركات على التجارة العالمية: تؤدي العولمة إلى هيمنة بعض الشركات العابرة للدول بشكل متزايد، وهو ما يؤدي إلى الرغبة في تعظيم الأرباح دون مراعاة الدول النامية أو السكان المحليين.
- ارتفاع مخاطر البنوك والعملات: يزداد حجم التدفقات في رأس المال بسبب العولمة الاقتصادية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع مخاطر الأزمات التي تتعرض إليها البنوك والعملات، وخاصة في البلدان التي لديها مؤسسات مالية ضعيفة.
ما هي أهداف العولمة الاقتصادية؟
هُناك العديد من الأهداف التي يطرحها المؤيدون للعولمة الاقتصادية ويرغبون في الوصول إليها، ومنها ما يأتي:
- تحرير أسواق التجارة: يرغب المؤيدون للعولمة الاقتصادية بتقريب التوجه العالمي للدول فيما يتعلق بتحرير أسواق التجارة، بالإضافة إلى تحرير رأس المال، وذلك حتى الوصول إلى مرحلة انتعاش الاقتصاد العالمي.
- زيادة الإنتاج: يحرص المؤيدون للعولمة الاقتصادية على زيادة الإنتاج، وذلك من أجل تهيئة الفرص المناسبة بهدف النمو الاقتصادي، سواءً كان على المستوى العالمي أو المستوى المحلي.
- إيجاد الحلول للمشاكل الإنسانية المشتركة: تهدف العولمة الاقتصادية إلى استخدام العمالة ذات الكفاءة بالشكل الأمثل؛ للوصول إلى حل فيما يتعلق بالمشكلات الإنسانية التي لا تستطيع الدول حلها بمفردها.
هل توجد كتب تتحدث عن العولمة وعناصرها؟
تطرقت الكثير من الكتب إلى تعريف العولمة الاقتصادية وتحدثت عن العناصر والعديد من التفاصيل التي تتعلق بهذا النوع من أنواع العولمة، وفيما يأتي قائمة ببعض هذه الكتب حسب موقع مكتبة الكونغرس:
- المواطنة والهجرة في عصر العولمة: تم تأليف هذا الكتاب من قبل ماركوس بولمان وجونغهوي يانغ وجونغ هي لي، ويعتني بالحديث عن الهجرة التي يشهدها العالم في الوقت الراهن وإيجاد الحلول المناسبة لهذه الظاهرة.
- أساسيات التمويل متعدد الجنسيات: قام مايكل موفيت بتأليف هذا الكتاب مع كل من آرثر ستونهيل وديفيد إيتمان، ويعتني بمحاولة الوصول إلى توازن جديد بين الشركات الناشئة مع تعريف القراء باستراتيجية الإدارة المالية العالمية.
- التجارة العالمية والمدفوعات: يعتني هذا الكتاب بتغطية التجارة والتمويل على المستوى الدولي بشكل عميق ودقيق، ويهتم بالموازنة بين الأبحاث الحديثة والقضايا السياسية الحاسمة والتحليل الاقتصادي المتطور.
- التدفق العالمي للمعلومات: كان لشبكة الإنترنت فضلٌ كبيرٌ في عولمة الكثير من السلع والخدمات، ويعتني هذا الكتاب بتدفق المعلومات عبر العالم وضرورة تنظيم ذلك عبر شبكة الإنترنت، وهو كتاب من تأليف إيدان كاتز وراميش سوبرامانيان.
اقرأ/ي أيضًا:
هل الاحتياطي النقدي مهم للاقتصاد المحلي؟
هل من السهل تنمية وتطوير الموارد البشرية؟