تحقيق مسبار
يُعد مرض الطاعون واحدًا من الأمراض الخطرة التي تتطلب تدخلًا طبيًا ودخولًا إلى المستشفى لتلقي العلاج، ويبين هذا المقال الكثير من التفاصيل حول تاريخ هذا المرض، إلى جانب توضيح طريقة العلاج والأعراض وأساليب الوقاية وتجنب الإصابة، كذلك يبين المقال العديد من الإرشادات للسيطرة على الطاعون.
هل يمكن علاج مرض الطاعون؟
يُمكن علاج مرض الطاعون بالاعتماد على المضادات الحيوية المتوفرة في الوقت الراهن، وتزداد فرصة الشفاء من هذا المرض بشكل كبير كلّما سارع المصاب إلى المستشفى خلال وقت مبكر بعد ظهور الأعراض. ويجدر الذكر بأن بعض أنواع الطاعون مميتة دائمًا إذا تُركت دون علاج حسب منظمة الصحة العالمية، ولذلك يجب على الشخص الذهاب إلى مقدم الرعاية الصحية على الفور إذا ظهرت عليه الأعراض.
كيف يتم علاج مرض الطاعون؟
يتطلب الطاعون تدخلًا طبيًا عاجلًا؛ لأنه من الأمراض التي تهدد الحياة، ويقوم الأطباء باستخدام عدة أنواع من المضادات الحيوية للتعامل مع حالة المصاب؛ منها: دواء جنتاميسين، دواء دوكسيسيكلين، دواء سيبروفلوكساسين، دواء ليفوفلوكساسين، دواء موكسيفلوكساسين ودواء كلورامفينيكول. ويستمر العلاج عدة أسابيع، ويتم عزل المصاب حتى لا تنتقل العدوى إلى الآخرين، وكذلك يتم فحص جميع مخالطيه لضمان عدم إصابتهم بالمرض ونقله إلى الآخرين.
ماهو مرض الطاعون؟
يُعرف الطاعون بأنه أحد أنواع العدوى البكتيرية التي تتسبب بها اليرسينية الطاعونية، وفي العادة تنتقل هذه العدوى إلى البشر عن طريق لدغات البراغيث القارضة أو ملامسة الحيوانات المصابة، وفي بعض الحالات النادرة ينتقل إلى الآخرين عند السعال أو العطس في الهواء دون تغطية الوجه، ولا بُد من اتخاذ إجراءات الوقاية لتجنب الإصابة بهذا المرض الخطير.
ما هي أنواع مرض الطاعون؟
هُناك 3 أنواع مختلفة من مرض الطاعون، وهي الأنواع الآتية:
- الطاعون الرئوي: يمكن أن ينتشر هذا النوع من الطاعون عن طريق الهواء، ويحدث في بعض الأحيان إذا لم يتم علاج الطاعون الدبلي أو طاعون إنتان الدم وانتقلت البكتيريا إلى الرئتين، وهو قاتل دائمًا إذا لم يحصل المريض على العلاج.
- الطاعون الدبلي: يُعد الطاعون الدبلي أكثر أنواع الطاعون شيوعًا على الإطلاق، وعادةً ما يحدث عندما يتعرض الإنسان إلى اللدغ من البراغيث المصابة، أو في حالة دخول البكتيريا عن طريق الشقوق الموجودة في الجلد.
- طاعون إنتان الدم: يصاب الشخص بهذا النوع من الطاعون إذا تكاثرت البكتيريا في الدم، ويحدث هذا النوع وحده أحيانًا بينما يكون من مضاعفات الطاعون الدبلي أو الطاعون الرئوي في بعض الأحيان، ولا ينتقل هذا النوع من شخص إلى آخر.
ما هي أعراض مرض الطاعون؟
هُناك الكثير من الأعراض التي تشير إلى إصابة المرء بالطاعون، وفيما يأتي قائمة بأبرز هذه الأعراض حسب نوع الطاعون:
- أعراض الطاعون الرئوي: إن الطاعون الرئوي أشد أنواع الطاعون على الإطلاق، وتشتمل أعراضه على السعال المصحوب بمخاط دموي والاستفراغ والغثيان، كذلك ارتفاع درجة الحرارة وآلام الصدر والشعور بالضعف وصداع الرأس.
- أعراض الطاعون الدبلي: عند الإصابة بالطاعون الدبلي تظهر العقد الليمفاوية المتضخمة في بعض أجزاء الجسم، ويؤدي إلى التعب والشعور بالضيق والحمى المفاجئة والقشعريرة وآلام العضلات وصداع الرأس.
- أعراض طاعون إنتان الدم: يؤدي طاعون إنتان الدم إلى الضعف الشديد في الجسم، ويتسبب بالحمى والقشعريرة وآلام البطن والإسهال والقيء، وكذلك يُمكن أن يؤدي إلى النزيف من الفم أو الأنف أو المستقيم أو النزيف تحت الجلد.
كيف يتم تشخيص الإصابة بالطاعون؟
يتم إجراء التشخيص ليتحقق الطبيب من إصابة المرء بالطاعون ويبدأ إجراءات العلاج على الفور إذا اشتبه في الأعراض التي تصاحب حالة الشخص، ويعتمد التشخيص على أخذ العينات وفحصها، وفيما يأتي قائمة بالعينات التي يُمكن أخذها لتشخيص الطاعون:
- عينة من العقد الليمفاوية: إذا ظهرت على المريض أية أعراض تشير إلى الطاعون الدبلي وتضخم العقد الليمفاوية؛ فيُمكن أن يستخدم الطبيب إبرة لأخذ عينة سائلة من هذه العقد، ثم فحصها للتأكد من الإصابة بمرض الطاعون.
- عينة من الدم: بشكل عام تنتشر البكتيريا في الدم إذا كان المرء مصابًا بطاعون إنتان الدم، وعند الاشتباه بهذا المرض يقوم الطبيب بأخذ عينة من الدم، ثم إجراء الفحص عليها وبدء العلاج بعدها إذا ثبتت الإصابة.
- عينة من سوائل مجرى الهواء: في حالة اشتباه الإصابة بمرض الطاعون الرئوي؛ يقوم الطبيب بأخذ عينات من السوائل التي في مجرى الهواء أو عينة من المخاط، ويتم الاعتماد على التنظير الداخلي للحصول على هذه العينات.
هل يوجد مضاعفات للإصابة بمرض الطاعون؟
إذا ظهرت أعراض مرض الطاعون؛ فلا بُد من المسارعة إلى الحصول على العلاج، وذلك لأن ترك الطاعون دون علاج يؤدي إلى العديد من المضاعفات الأكثر خطورة، وتتضمن المضاعفات الخطيرة ما يأتي:
- الموت: بما أن الطاعون من الأمراض التي تُهدد الحياة؛ فهذا يعني أنه ينتهي بالموت إذا تُرك دون علاج، لكن معظم الأشخاص الذين يحصلون على العلاج في وقت مبكر ينجون من هذا المرض ويتمتعون بصحة جيدة بعدها.
- الغرغرينا: يؤدي الطاعون إلى الجلطات في الأوعية الدموية الدقيقة الموجودة داخل أصابع اليدين أو القدمين، وهو ما يتسبب بإيقاف تدفق الدم وموت الأنسجة وينتهي بالغرغرينا التي تحتاج إلى بتر الأطراف أحيانًا للسيطرة عليها.
- التهاب السحايا: يُمكن أن يتسبب مرض الطاعون بالتهاب الأغشية المخاطية التي تُحيط بالدماغ والحبل الشوكي عند الإنسان، ويُعرف هذا الالتهاب باسم التهاب السحايا، لكنه نادرًا ما يكون من مضاعفات الطاعون.
كيف يمكن الوقاية من مرض الطاعون؟
توجد الكثير من الإرشادات التي يمكنها مساعدة الإنسان في تجنب الإصابة بمرض الطاعون، وتتضمن القائمة الآتية عدة من أبرز هذه الإرشادات:
- الحد من مواطن القوارض: ينبغي على المرء التحقق من إزالة المواطن المحتملة للقوارض في المنزل ومكان العمل وأماكن الترفيه المحيطة بالمنزل، ويشمل ذلك أكوام الصخور والحطب المتكدس والخردوات المتراكمة.
- ارتداء القفازات عند التعامل مع الحيوانات: يتعامل البعض مع الحيوانات التي من المحتمل إصابتها بمرض الطاعون ونقلها له، وفي هذه الحالة لا بُد من ارتداء القفازات لمنع التلامس بين الجلد والبكتيريا التي تؤدي إلى الطاعون.
- استخدام طارد الحشرات: في حالة توقع وجود البراغيث القارضة أثناء القيام بالأنشطة الخارجية؛ مثل التخييم أو التنزه أو حتى العمل في الهواء الطلق، يُمكن استخدام طارد الحشرات التي يتم وضعها على الجلد أو الملابس لتفادي هذه الحشرات.
- إبعاد الحشرات عن الحيوانات الأليفة: يستطيع مربي الحيوانات الأليفة الاعتماد على المنتجات المخصصة لمكافحة البراغيث وإبعاد الحشرات التي تنقل الطاعون عن حيواناتهم الأليفة، وهو ما يساعد على الوقاية من الإصابة بهذا المرض.
- تجنب نوم الحيوانات على السرير: تتجول بعض الحيوانات الأليفة في الأماكن الموبوؤة أو التي يُتوقع وجود الطاعون فيها، وعند ذلك ينبغي منع الحيوانات الأليفة من النوم على السرير الذي يستخدمه الشخص لتفادي الإصابة بالطاعون.
هل يوجد طريقة للسيطرة على تفشي الطاعون؟
ينبغي على الدول اتخاذ العديد من الإجراءات التي تضمن منع انتشار وباء الطاعون داخل أراضيها من خلال المؤسسات الصحية، وفيما يأتي عدة من الإرشادات التي تساعد على الحد من هذا الوباء والسيطرة عليه:
- التعامل مع مصدر العدوى: من الضروري البحث عن المصادر الأكثر احتمالًا لنقل عدوى الطاعون والتعامل معها، ولا بُد من التنبه إلى مكافحة ناقلات الأمراض في البداية ثم قتل القوارض؛ لتجنب انتقال البراغيث إلى مضيفات جديدة.
- تدريب العاملين الصحيين: لا بُد من وقاية العاملين الصحيين وتدريبهم بشكل جيد للتعامل مع حالات الإصابة بالطاعون دون انتقال العدوى إليهم، ومن ذلك تجنب الاتصال المباشر مع المرضى، وارتداء المعدات والملابس المعدة لذلك.
- ضمان العلاج الصحيح: يجب على المؤسسة الصحية التعامل مع حالات الإصابة بمرض الطاعون على نحو صحيح، وذلك إلى جانب الحرص على توفير الإمدادات الكافية من المضادات الحيوية التي يتم الاعتماد عليها في علاج الطاعون أيضًا.
- اللجوء إلى العزل: يجب عزل المرضى المصابين بالطاعون الرئوي في أماكن مخصصة، وذلك حتى لا تنتقل العدوى إلى الآخرين عن طريق الرذاذ الذي ينتشر في الهواء، وكذلك من الجيد توفير الأقنعة لتقليل انتشار هذا النوع من الطاعون.
- مراقبة المخالطين: تنبغي متابعة المخالطين للمصاب بالطاعون الرئوي وتحديدهم ثم متابعتهم مدة أسبوع كامل مع منحهم الوقاية الكيميائية اللازمة، كذلك ينبغي تقديم الوقاية الكيميائية لأفراد أسرة المصابين بالطاعون الدبلي.
- جمع العينات بعناية: تؤخذ العينات من الأشخاص حتى يتم التحقق من إصابتهم بالطاعون، ويجب جمع هذه العينات بعناية كبيرة مع الحرص على إجراءات الوقاية والسيطرة ثم نقلها إلى المختبرات لفحصها.
هل كان تاريخ مرض الطاعون مفجعًا؟
وُجدت البكتيريا التي تؤدي إلى الطاعون منذ آلاف السنوات، وتمكّنت التنقيبات من العثور على بعض الآثار البشرية التي يعود عُمرها إلى 3,800 سنة، وأظهرت بعض الآثار الأخرى وجود الطاعون في بعض البقايا البشرية التي يبلغ عمرها 4,900 سنة أيضًا حسب موسوعة بريتانيكا، وكان تاريخ مرض الطاعون مفجعًا بالفعل سابقًا.
استطاع الطاعون القضاء على رُبع سكان أوروبا تقريبًا خلال القرون الوسطى فيما عُرف باسم الموت الأسود، كما أنه أدى إلى طاعون جستنيان الذي ظهر في الإمبراطورية البيزنطية. انتشر الطاعون في جنوب غرب الصين خلال القرن التاسع عشر متسببًا بكثير من الوفيات، لكن الإصابات أصبحت منخفضة في الوقت الراهن بشكل كبير.
كم استمر مرض الطاعون الأسود؟
كان الطاعون الأسود من الفواجع الصحية التي أصابت أوروبا وتسببت بالقضاء على ملايين الأفراد، وذلك عندما وصل الطاعون إلى أوروبا عام 1347 بعد رسو العديد من السفن على الشاطئ، واستمر هذا الوباء في الانتشار حتى انحسر خلال الأعوام الأولى من خمسينيات القرن الرابع عشر، وانتهى عام 1351 بعدما حصد أرواح الكثيرين.
اقرأ/ي أيضًا:
مرض التصلّب اللويحي، هل هو خطير؟
هل يمكن علاج أعراض الحمى المالطية؟