تحقيق مسبار
كثيرًا ما يُذكَر مصطلح الحمل الكاذب وتدور الأسئلة حوله، خاصة أنّ الحمل حالة فيزيائية لا يمكن التلاعب في حقيقة وجودها، وتتطلب مدة زمنية أقصاها تسعة شهور للحصول على جنين في نهاية المدة.
تتناول هذه المقالة الحمل الكاذب وتوضح ما هو وما علاجه؟ وتوضِّح الفرق بين الحمل الكاذب والحمل الحقيقي، وتجيب على أسئلة عدة أهمها هل يمكن معرفة أعراض الحمل الكاذب؟ وكم يستمر الحمل الكاذب؟ وأخيرًا كيف ينتهي الحمل الكاذب؟
ما هو الحمل الكاذب؟
الحمل الكاذب هو حمل وهمي تصاب به النساء، ويكون مُصاحِبًا لجميع أعراض الحمل الحقيقي كزيادة الوزن ونمو البطن ما عدا وجود الجنين نفسه، فلا يوجد جنين في الحمل الكاذب، كما لا يتطلب إجراء عمليات إجهاض للسبب ذاته. ويختلف الحمل الكاذب اختلافًا كليًا عن ادِّعاء الحمل الذي يُطبقه البعض في سبيل منفعة مالية على سبيل المثال، أو أوهام الحمل الموجودة عند مرضى الفصام.
أعراض الحمل الكاذب
تبدو أعراض الحمل الكاذب مماثلة ونموذجية مع أعراض الحمل الحقيقي، وهذا ما يجعله أحد أسباب الصدمة النفسية عند النساء المصابات به، خاصة لو كان الحمل مُنتَظَرًا ومرغوبًا به، ويُعلَنَ في النهاية عن وهميته. وفيما يلي أهم أعراض الحمل الكاذب:
- غياب الدورة الشهرية.
- زيادة الوزن.
- نمو البطن وانتفاخه.
- غثيان الصباح.
- آلام في الظهر.
- التبول المتكرر.
- تورمات وتقرحات في الثدي.
- حدوث تغيرات في الجلد والشعر.
- سرة البطن المقلوبة.
- زيادة الشهية.
- الشعور بحركة الجنين.
- احتمالية الشعور بالمخاض.
تشخيص الحمل الكاذب
يتم تشخيص الحمل الكاذب من خلال اتباع نفس اختبارات تشخيص الحمل الطبيعي، عبر إجراء الفحوصات التالية:
- الفحص الجسدي، ويكون عن طريق فحص الحوض للتأكد من وجود الحمل.
- فحص البول، وتظهر فيه نتيجة الحمل سلبية في الحمل الكاذب، إلا في حالات نادرة تكون فيها الحالة مصابة بأحد أنواع السرطانات التي تؤثر على هرمونان الحمل في الجسم.
- فحص الأشعة فوق الصوتية، وهو أحد الاختبارات الهامة في تشخيص الحمل الكاذب وتأكيد عدم وجود الحمل، من خلال قدرته على إظهار عدم وجود جنين فعليًا، وفي بعض الحالات يظهر ترقق في الرحم وهو أحد أعراض الحمل، ولكن للطبيب القدرة في النهاية على تشخيص الحالة بدقة.
الفرق بين الحمل الكاذب والحمل الطبيعي
أهم فروق بين الحمل الكاذب والحمل الطبيعي والذي يحسم الأمر عند الطبيب هو عدم وجود الجنين أصلًا في الحمل الكاذب، فقد تتواجد جميع أعراض الحمل في النوعين، لدرجة أن يتم الشعور بحركة الجنين في الحمل الكاذب، إلا أنّ التصوير بالأشعة فوق الصوتية قادر على التحقق من صحة الحمل وكشف الفرق بين الحمل الكاذب والحمل الطبيعي بسهولة، كما يستطيع اختبار الحمل في الدم إثبات عدم وجود الحمل في الحمل الكاذب.
أسباب الحمل الكاذب
تندر حالات وجود الحمل الكاذب، وهذا ما يجعل من معرفة أسباب الحمل الكاذب الحقيقية أمرًا صعبًا، فهناك ثلاث نظريات معروفة في تفسير أهم الأسباب يمكن توضيحها كالتالي:
- بحسب متخصصي الصحة العقلية، فإن أسباب الحمل الكاذب تتعلق برغبة المرأة الشديدة بالحمل أو خوفها منه، الأمر الذي يؤثر على الغدد الصماء، وبالتالي ظهور أعراض الحمل المعروفة.
- توق المرأة للحمل في حالات معينة كتعرضها المستمر للإجهاض، أو معاناتها من العقم، أو رغبتها بالزواج، يجعل جسدها يُفسّر هذه الرغبة على شكل حمل كاذب.
- تعرُّض الدماغ لتغيرات كيميائية خاصة في الجهاز العصبي بعد تعرّضه لحالة من الاكتئاب، إذ تؤدي التغيرات الحاصلة على كيمياء الدماغ في حدوث أعراض الحمل الزائف.
كما أضاف الباحثون أسباب أخرى للإصابة بالحمل الكاذب، كالفقر ونقص التعليم والاعتداء الجنسي. وفي النهاية، يمكن القول أن أسباب الحمل الكاذب تتمحور في العلاقة التي تحدث ما بين العقل والجسم، إذ يقوم الجسم بتوجيه ردود أفعال لما يتطلّبه العقل عند المريض، بفعل تأجج المشاعر (كالقلق والحزن)، لتؤثر على الهرمونات وتزيد منها، وينتج أخيرًا نموذجًا جسديًا يعمل كوسيلة دفاع ضد الواقع، وكمحاكاة للحمل الحقيقي فيما يُعرف بالحمل الكاذب.
كم يستمر الحمل الكاذب؟
يستمر الحمل الكاذب لمدة أسابيع أو تسعة أشهر، وفي بعض الحالات قد يستمر لسنوات. وهذا ما يجعل من إحاطة الشخص المصاب به بعد تشخيص الحالة ودعمه أمرًا ضروريًا، للحفاظ على سلامة صحته العقلية والنفسية، خاصة من قبل الأصدقاء والمقربين.
كيف ينتهي الحمل الكاذب؟
ينتهي الحمل الكاذب بمجرد إظهار دليل على عدم وجود حمل، وذلك من خلال تقنيات التصوير بالموجات فوق الصوتية. ولكن أحيانًا لا يقتنع المريض بعدم وجود حمل، الأمر الذي يتطلب اللجوء للطب النفسي، الذي سيكون له دور في دعم المريض وعلاجه نفسيًا، والقدرة على إقناع المريض بحالة الحمل الكاذب وانتهائها.
علاج الحمل الكاذب
يتطلب علاج الحمل الكاذب التعامل بشكل أساسي مع نفسية الشخص المصاب، فهو يكون داخل دائرة حساسة يتوجب فيها الحرص على الجانب النفسي وليس الطبي فقط، خاصة وأنّ أعراض الحمل الكاذب تكون طويلة عند البعض، إذ تمتد من أسابيع وحتى تسعة أشهر وقد تستمر لسنوات. فبعد إجراء الفحوصات النفسية والعصبية المطلوبة، يبدأ الطبيب بتقديم الدعم النفسي والعاطفي للمريض كأحد أهم طرق علاج الحمل الكاذب.
وإلى جانب ما ذُكر، تحتاج بعض الحالات علاج المشكلات الطبية، كتلك المتعلقة بغياب الدورة الشهرية في حال تغيُّبها لفترات طويلة، من خلال أدوية معينة تُحسِّن من انتظامها.
حقائق عن الحمل الكاذب
يحدث الحمل الكاذب منذ قديم الزمن، ولكن على الرغم من ذلك ما يزال نادر الحدوث، وفيما يلي أهم الحقائق حول الحمل الكاذب:
- بشكل عام، يحدث الحمل الكاذب بنسبة 1 إلى 6 من كل 22000 ولادة حول العالم.
- يتواجد الحمل الكاذب في قارة أفريقيا بشكل أكبر نسبيًا، فمن بين كل 160 امرأة تعاني من العقم، هناك امرأة تعاني من الحمل الكاذب.
- يحدث الحمل الكاذب عند النساء اللواتي في سن الإنجاب ما بين سن 20 وحتى 44.
- يحدث الحمل الكاذب عند النساء في مختلف الأعمار، فهو يصيب الصغار وكبار السن.
- يندر حدوث الحمل الكاذب عند الرجال والمسمّى بالحمل الودي.
- 80% من الأشخاص الذين يعانون من الحمل الكاذب متزوجون.
- يمكن أن يعاني المصاب بالحمل الكاذب من الإصابة به أكثر من مرة خلال حياته.
هل هناك فرق بين الحمل الكاذب واختبار الحمل الكاذب؟
يشير الأطباء إلى ضرورة تمييز الفرق بين الحمل الكاذب واختبار الحمل الكاذب، فأحيانًا تقوم النساء بفحص الحمل لديهن من خلال اختبار الحمل المنزلي، والذي ينتج عنه إيجابية الحمل على الرغم من عدم وجود الحمل في الحقيقة، ولكن هذه الحالة تختلف بشكل كامل عن الحمل الكاذب، كون الأولى ناتجة عن التداخل الهرموني الذي يحدث أثناء الدورة الشهرية، والذي يتفاعل مع اختبار فحص الحمل ويشير لوجود حمل، ولكن لا ينتج عنه أي أعراض حمل، وفي حال تم التأكد من عدم وجود الحمل يمكن السيطرة على التأثير النفسي والتعامل معه بسهولة.
أما الحمل الكاذب فإن أعراضه قد تبدو حقيقية كالحمل الطبيعي تمامًا، كما وإن تأثير الكشف عن حقيقة عدم وجود حمل فعلي يؤثر بشكل عميق على الحالة النفسية للمريض، مما يتطلب معاملة خاصة قد تحتاج اللجوء إلى طبيب نفسي عند عدد من الحالات.
اقرأ/ي أيضًا:
هل هناك فرق بين وجع الدورة ووجع الحمل؟