تحقيق مسبار
ظهر السنوات الأخيرة ما يُعرف بالتنمية المستدامة، وذلك بعد ازدياد المشكلات التي ظهرت بسبب الازدحام السكاني الذي يحدث في العالم، وازدياد الاستهلاك على الموارد البيئية وكثرة المشكلات المجتمعية، وذلك في محاولة تأطير هذه المشكلات وتحسينها، فما هي التنمية المستدامة؟ وما مفهومها؟
تجيب المقالة التالية على أسئلة عدة تتعلق بالتنمية المستدامة، وأهمها: ما مبادئ التنمية المستدامة؟ وما أهدافها ومجالاتها وشروط تحقيقها؟ وتوضح أخيرًا فوائد التنمية المستدامة ومعوقاتها.
ما هي التنمية المستدامة؟
التنمية المستدامة هي مشروع عالمي أنشأته الأمم المتحدة لإنقاذ كوكب الأرض بحلول عام 2030 من كافة أشكال الفقر والجوع وغيرها من التحديات، بهدف تحقيق العدالة والازدهار والحياة المستدامة في ظل الزخم العالمي.
مفهوم التنمية المستدامة
يرتبط مفهوم التنمية المستدامة بكل إنسان يعيش على كوكب الأرض، أنشأته هيئة الأمم المتحدة في سبيل تعزيز التنمية البيئية والاجتماعية والاقتصادية على مستوى العالم ككل، ومن أجل نيل حياة كريمة لكل فرد بشكل مستدام، في إطار يحافظ على البيئة واستدامتها دون استنزاف للموارد، ودون إهدار حقوق الأجيال التي ستأتي فيما بعد.
مبادئ التنمية المستدامة
توجد أربعة مبادئ أساسية تسير على نهجها التنمية المستدامة:
- العالمية: من أهم مبادئ التنمية المستدامة أنها عالمية وقابلة للتطبيق في جميع أنحاء العالم، وهذا ما يتطلَّب الاستجابة الجماعية لكافة البلدان حول العالم، مع مراعاة السياسات الوطنية ومستويات التنمية المختلفة لكل دولة.
- التكامل: تتكامل أهداف التنمية المستدامة مع كل من الاستدامة الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، فهي لا تعمل مع أي منها بشكل منفصل، بل بتوازن وتكامل كونها تؤمن أن العمل في مجال ما يؤثر على مجال آخر.
- حقوق الإنسان والإنصاف: تسعى التنمية المستدامة لتحقيق توزيع أفضل للموارد داخل البلدان وخارجها، والحصول على الوصول العادل للفرص والمعلومات.
- الابتكار: تحتاج التنمية المستدامة لتوفير طرق مُبتكرة من أجل تحفيز الدول للتطور نحو الأمام.
وهناك أيضًا ما يُعرف بأهداف الحياة الجيدة، وتتضمن مجموعة من الإجراءات الشخصية التي يطبقها الأشخاص حول العالم لدعم أهداف التنمية المستدامة.
هل أهداف التنمية المستدامة معروفة؟
صحيح، إن أهداف التنمية المستدامة عالمية ومعروفة، ويندرج تحتها 17 هدفًا، وجميعها مهتمة بشكل أساسي في كيفية تحقيق مستقبل واعد وأفضل للاستمرار في الحياة بشكل مستدام لكافة الفئات الموجودة في العالم.
أهداف التنمية المستدامة وشروط تحقيقها
تواجه التنمية المستدامة مُجمَل التحديات العالمية التي تقلل من جودة الحياة بشكل عام. وفيما يلي توضيح لأهداف التنمية المستدامة العالمية وشروط تحقيق كل منها:
- القضاء على الفقر بجميع أشكاله وفي كل مكان على كوكب الأرض هو الهدف الأول، ويقتضي من خلاله التعامل مع فكرة القضاء على الفقر كأحد أشكال العدالة الاجتماعية وليس كعمل خيري، لتمكين الأفراد في المجتمعات وإظهار قدراتهم البشرية.
- القضاء التام على الجوع، من خلال تحسين الزراعة المستدامة، وتحقيق الأمن الغذائي حول العالم، فعلى الرغم من وفرة الكوكب بالغذاء والموارد، إلا أنه يفتقر للتوزيع العادل لهذه الموارد، إذ توجد مناطق كثيرة لا يصلها الغذاء وتعاني من الجوع. ومن أجل تحقيق هذا الهدف يتوجب تعزيز الزراعة المستدامة، واستخدام سبل التوزيع العادل للتخلص من الجوع.
- الحصول على حياة صحية، وتعزيز الرفاهية لجميع الأعمار.
- ضمان التعليم الجيد والشامل وإيجاد فرص التعلم لجميع الأعمار مدى الحياة.
- تحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين الفتيات والنساء حول العالم.
- ضمان توفير الماء النظيف والصرف الصحي للجميع بشكل مستدام.
- ضمان حصول الجميع على الطاقة الحديثة المستدامة بتكلفة يسيرة.
- تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، والعمل اللائق للجميع.
- تعزيز التصنيع والابتكار الشامل والمستدام، وبناء بنى تحتية جيدة.
- الحد من وجود عدم المساواة بين البلدان وداخلها.
- جعل المدن والأماكن التي يعيش فيها البشر آمنة ومستدامة.
- ضمان وجود أشكال آمنة ومستدامة للاستهلاك والإنتاج.
- القدرة على اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي للتغير المناخي والآثار الناجمة عنه.
- الحفاظ على المحيطات والبحار والمنتجات البحرية واستخدامها بشكل مستدام في سبيل تحقيق التنمية المستدامة.
- حماية النظام الإيكولوجية للأرض واستعادته وتعزيزه بشكل مستدام، من خلال إدارة الغابات ومكافحة التصحر، والحفاظ على التنوع البيولوجي.
- تطوير سلمية المجتمعات عبر تحقيق العدالة للجميع، وإيجاد مؤسسات خاضعة للمساءلة في جميع المجالات والمستويات.
- دعم وسائل تنفيذ وتنشيط جميع الأهداف المرجوة من خلال تحسين مفهوم الشراكة العالمية في الحصول على تنمية مستدامة.
أما عن شروط تحقيق التنمية المستدامة، فهي تتلخص في الآتي:
- الديمقراطية: باعتبار التنمية المستدامة عملًا للجميع حول العالم، فهي من شأنها الاهتمام بمن سيأتي مستقبلًا، ولأن جميع البشر يسعون للحصول على هواء نقي ومياه نظيفة وغذاء كافٍ وعمل لائق، وغيرها من الأهداف المرجوة من التنمية المستدامة، فلابد من احترام الحقوق الجماعية وليست الفردية فقط.
- الحكم الذاتي: إلى جانب الديمقراطية، لا شك أن التنمية المستدامة تُقدِّر استقلالية الحكومات والجماعات العرقية الموجودة حول العالم، وهذا لا يعني عملها بمعزل عن غيرها، ولكن ضرورة مشاركتها في النشاطات الدولية من أجل تبني وجهة نظر عالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
- الإنصاف: وهو شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، فهو يعترف بعالمية الطبيعة وضرورة مشاركة الموارد وتوزيعها بشكل عادل وبطرق مستدامة.
- التعاون الدولي: إذ لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة دون تبادل دولي مشترك، وهو بند فيه اعتراف ضمني بوجود شراكة عالمية بالبيئة وبالأهداف العامة.
- المسؤولية والمساءلة الفردية والجماعية: وفيه تتحمل الدول مسؤولية الحفاظ على البيئة ومحاولة استعادتها دون ضرر بها أو ببيئات الآخرين.
مجالات التنمية المستدامة
تم تصنيف مجالات التنمية المستدامة لخمسة مجالات واسعة وهي كالتالي:
- التنمية الاجتماعية.
- التنمية الاقتصادية.
- الاستدامة البيئية.
- المجتمعات السلمية والعادلة والشاملة.
- الشراكة.
فوائد التنمية المستدامة
لابد وأن فوائد التنمية المستدامة كثيرة، خاصة وأنها عالمية وتسعى لتمكينها دول ومؤسسات وأفراد من جميع أنحاء العالم. وفيما يلي أهم فوائد التنمية المستدامة:
- تُمكن التنمية المستدامة الأفراد من استخدام الموارد الموجودة بحكمة دون إفراط، وهذا يساهم في الحفاظ على التوازن البيئي.
- تمنع التنمية المستدامة من تدهور البيئة، وتعمل كسبيل حماية لها.
- تحسن التنمية المستدامة من الدعم التقني والعلمي في أُطُر جماعية، من أجل الحفاظ على كوكب الأرض.
- تعزِّز التنمية المستدامة من رفاهية الإنسان وصحته وأمنه وتعليمه وتحقق العدالة الاجتماعية له.
معوقات التنمية المستدامة
تواجه التنمية المستدامة مجموعة من المعوقات والعراقيل التي تقف أمام تجسيدها بالشكل المطلوب، وأهم معوقات التنمية المستدامة:
- وجود شركات لا تدعم التنمية المستدامة ولا أفكارها، وهي شركات تهتم بالأرباح بشكل أساسي وليس بضرورة الحفاظ على موارد الأرض الطبيعية.
- وجود شركات تعتمد بشكل أساسي على الموارد الأرضية اعتقادًا منها بوفرتها ووجودها الدائم، وهذا ما يزيد من تدمير البيئة وتراجع استدامتها.
- قيام بعض الشركات بتلويث الموارد وبالتالي فقدان القدرة على تجديدها أو الاستفادة منها، سواء في الوقت الحالي أو المستقبلي، مما يمنع الأجيال القادمة من الاستفادة منها.
- الزيادة السكانية الهائلة على كوكب الأرض والتفاوت في الدخل، اللذان يؤثران على معيشة السكان.
- التصنيع السريع، وهو أمر يؤدي لاستنزاف الموارد الموجودة على الأرض.
اقرأ/ي أيضًا:
هل التنمية البشرية وتطوير الذات علمين منفصلين أم بينهما رابط؟
هل يوجد فرق بين التنشئة الاجتماعية والتربية؟
هل مصادر الطاقة المتجددة صديقة للبيئة؟