تحقيق مسبار
تتناسب التنمية الاقتصادية بشكل طردي مع التحسن في جودة المعيشة لدى الأفراد في أي دولة، ويعتني هذا المقال ببيان الفرق بين مصطلح التنمية الاقتصادية ومصطلح النمو الاقتصادي، مع ذكر العديد من النظريات التي تتعلق بهذين المصطلحين، كما أنه يسلط الضوء على مراحل التنمية الاقتصادية وبعض المعوقات التي تواجهها.
هل هناك فرق بين التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي؟
هُناك فرق كبير بين التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي؛ فإن التنمية الاقتصادية تشير إلى التحول الهيكلي في الاقتصاد عادةً، بينما يدل النمو الاقتصادي على زيادة الناتج المحلي الإجمالي، كما أن هُناك العديد من الفروق الأخرى بين المصطلحين، وأبرزها ما يأتي:
- عملية التّخطيط: يحدث النمو الاقتصادي دون وجود خطّة تهدف إلى إحداث تغيير جذري في المجتمع؛ خلافًا للتنمية الاقتصادية التي يتمّ التخطيط لها جيدًا، حتى يتم إجراء تغيير جذري يمكنه تحسين جودة المعيشة التي يتمتع بها الأفراد.
- العناية بنوعية السلع والخدمات: يهتم النمو الاقتصادي بالتغييرات التي تطرأ على الحجم أو الكميات التي يحصل عليها الفرد من المنتجات والخدمات، أما التنمية الاقتصادية؛ فإنها تراعي حصول الفرد على منتجات وخدمات وفق الجودة المطلوبة.
- مراعاة زيادة متوسط الدخل: تعتني التنمية الاقتصادية بزيادة متوسط الدخل الذي يحصل عليه الأفراد، وتراعي الطبقة الفقيرة بشكل كبير، ولكن النمو الاقتصادي لا يراعي زيادة متوسط الدخل الكلي للأفراد.
- الاعتناء بمصدر زيادة الدخل: لا يعتني النمو الاقتصادي بمصدر زيادة الدخل القومي، وذلك خلافًا للتنمية الاقتصادية التي تسلط الضوء على مصادر زيادة الدخل وتعتني بتنويع هذه المصادر.
ما هو تعريف التنمية الاقتصادية؟
تُعرف التنمية الاقتصادية بأنها عملية تهدف إلى تحويل الاقتصاد الوطني البسيط ذي الدخل المنخفض إلى اقتصاد صناعي حديث، يستطيع تحسين جودة الحياة التي يتمتع بها الأفراد، ومن خلال مؤشرات التنمية الاقتصادية يمكن قياس مستويات التقدم التنموي في أي بلد، ويُعد الناتج المحلي الإجمالي من أبرز مؤشرات التنمية الاقتصادية، وكذلك الناتج القومي الإجمالي والدين القومي والميزان التجاري.
ما هي عناصر التنمية الاقتصادية؟
ترتكز التنمية الاقتصادية في الدولة على 3 عناصر أساسية؛ هي: الشمولية، حدوث الزيادة المستمرة في متوسط الدخل الحقيقي للأفراد في الدولة، وكذلك من عناصر التنمية الاقتصادية إجراء التحسينات في طريقة توزيع الدخل. ويتم الوصول إلى التنمية المطلوبة تدريجيًا مع مراعاة هذه العناصر، حتى تستطيع الدولة تحقيقها وفق الخطّة المرسومة.
ما هي أهمية التنمية الاقتصادية؟
تكمن أهمية التنمية الاقتصادية في تحسين مستويات الرفاهية لدى السكّان حسب موقع ستَدي؛ فإن التنمية الاقتصادية تساعد على بناء الأنظمة التعليمية، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية التي تضمن السلامة العامّة، وبناء الحدائق والمنتزهات الترفيهية التي يزورها الأفراد، وكذلك تعتني التنمية الاقتصادية بتوفير فرص العمل وتحسين الدخل.
ما هي مراحل التنمية الاقتصادية الرئيسية؟
تتضمن عملية التنمية الاقتصادية عدة مراحل متسلسلة، تتكامل مع بعضها البعض للوصول إلى الأهداف المنشودة، وهي المراحل الآتية:
- المرحلة التي يحرّكها العامل: تعتمد التنمية الاقتصادية في هذه المرحلة بشكل أساسي على الثروة المتوفرة من الموارد الطبيعية والموارد البشرية على حدّ سواء، ومن خلال المرحلة الأولى يتم دعم الأجور المنخفضة فحسب.
- المرحلة التي يحرّكها الاستثمار: في المرحلة الثانية يرتكز الاقتصاد على التصنيع والصادرات الخارجية، كما أن الكفاءة في إنتاج السلع والخدمات القياسية تصبح مهيمنة على الميزة التنافسية للاقتصاد في الدولة.
- المرحلة التي يحرّكها الابتكار: تتميز هذه المرحلة بالتوجه إلى المنتجات والخدمات المبتكرة، بالاعتماد على الأساليب الأكثر تقدّمًا للحصول على ميزة تنافسية، وغالبًا ما يصبح تنافس الشركات عالميًا في هذه المرحلة.
ما هي المبادئ الرئيسية لنجاح التنمية الاقتصادية؟
هُناك عدة مبادئ أساسية يعتمد عليها نجاح عملية التنمية الاقتصادية في الدولة، وهي المبادئ الآتية:
- الدعم المجتمعي: لا بُد من الحصول على الدعم من أفراد المجتمع خلال جميع مراحل التنمية الاقتصادية؛ بدايةً من وضع الخطط للمشاريع والميزانيات، وحتى الوصول إلى التسويق والترويج للمنتجات، وذلك لأن أفراد المجتمع مهمّون في عملية التنمية.
- الشراكة القوية: من الضروري إنشاء الشراكات القوية التي يمكن من خلالها تحسين التنمية الاقتصادية وتحقيق الخطّة الخاصة بذلك؛ فإن الشراكة تساعد على بناء القدرات وتشجيع التعاون، بالإضافة إلى مساهمتها بحشد الموارد المطلوبة.
- الاستعداد الجيد: يجب على متّخذي القرارات الاستعداد جيدًا للتنمية الاقتصادية من خلال وضع الخطط والحصول على التغذية الراجعة حتى الموافقة على الخطط، ويمكن البدء بهذه الخطط فور بناء الشراكات والحصول على الدعم المجتمعي.
هل توجد معوقات تواجه التنمية الاقتصادية؟
لا شكّ بأن هناك العديد من المعوقات التي يمكن أن تواجه عملية التنمية الاقتصادية في العديد من الدول حول العالم، وتتضمن القائمة الآتية بعضًا من أبرز هذه المعوقات:
- شح الموارد: إن شح الموارد من أبرز المعوقات الاقتصادية لعملية التنمية، ويقصد به عدم وجود ما يكفي من الأيدي العاملة الماهرة في المجال الصناعي، إلى جانب عدم توفر الموارد التمويلية التي تساعد على استخدام التكنولوجيا الحديثة.
- الأسعار المرتفعة للمنتجات المحلية: كثيرًا ما تكون المنتجات المحلية مرتفعة الأسعار مقارنة بغيرها، وذلك نتيجة لعاملين أساسيين؛ هُما ارتفاع تكاليف الإنتاج وتخلف الطرق التي يتم الاعتماد عليها في الإنتاج.
- الاعتماد على صادرات المنتجات الأولية: تعتمد العديد من الدول على صادرات القطاع الزراعي أو المنتجات الأولية لتحقيق الدخل، وتقل فيها الاستثمارات في المجالات الصناعية المختلفة، وهي واحدة من المعوقات الداخلية للتنمية الاقتصادية.
- انخفاض مستوى الإنتاجية: يعود انخفاض مستوى الإنتاجية إلى العديد من الأسباب المختلفة، منها سوء التغذية وما ينتج عنه من الضعف البدني والذهني عند العاملين، إلى جانب تدني الخبرات مما يؤثر على جودة عملية التنمية.
- الديون الخارجية: تقوم كثير من الدول النامية بالاستدانة وأخذ القروض الخارجية، مما يحد من قدرتها على إجراء الخطط التنموية التي تطمح إليها في الاقتصاد. وهناك عدة أسباب لأخذ القروض، منها العجز في المدفوعات وتدني أسعار المواد الخامّ.
هل هناك عدة نظريات في التنمية الاقتصادية؟
توجد الكثير من النظريات المختلفة في التنمية الاقتصادية بالفعل، وفي القائمة الآتية بعضًا من أبرز هذه النظريات:
- نظرية آدم سميث: كان آدم سميث من المفكرين الاقتصاديين الكلاسيكيين لفترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، ويُعد كتاب ثروة الأمم الذي قام بتأليفه من الكتب التي تعتني بدراسة مشكلة التنمية الاقتصادية، ومنه استنبطت نظريته في التنمية.
- نظرية جون ستيوارت ميل: يرى جون ستيوارت ميل بأن التنمية الاقتصادية تحتاج إلى 3 عوامل، هي الأرض والعمل ورأس المال، وكان من سمات نظريته اقتصار النشاط الاقتصادي للدولة على الحد الأدنى؛ لأنه من أنصار الحرية الاقتصادية.
- نظرية شومبيتر: يعتبر شومبيتر النظام الرأسمالي بمثابة الإطار العام للتنمية الاقتصادية، وذلك نتيجة تأثره بالمدرسة النیوكلاسیكیة، ولكنه -على الرغم من هذا التأثر- لم يكن منحازًا إلى النظام الرأسمالي أو الاشتراكي.
- نظرية مراحل النمو: نشأت هذه النظرية من قبل والت ویتمان روستو بعد الحرب العالمية الثانية، وهي نظرية حاول فيها روستو وضع العديد من الخطوات التي تستطيع مساعدة الدول النامية في التقدم على الناحية الاقتصادية وتنميتها.
كيف يستطيع الأفراد تعزيز التنمية الاقتصادية؟
لا يقتصر تعزيز التنمية الاقتصادية على جهود الدولة وحدها، وإنما يستطيع الأفراد اتخاذ الكثير من الخطوات كذلك لتعزيز هذه العملية، وفيما يأتي بعضًا من إرشادات تعزيز التنمية الاقتصادية من قبل الأفراد:
- الشراء من الشركات المحلية الصغيرة: ينبغي الشراء من المتاجر المحلية الصغيرة بدلًا من المتاجر العالمية الكبيرة لتعزيز التنمية، وذلك لأن الشراء من الشركات العالمية يؤدي إلى تصفية الأموال وخروجها من التداول محليًا.
- التعامل مع المصارف المحلية: تقوم المصارف المحلية الصغيرة بالاستثمار في الأموال داخل حدود الدولة، خلافًا للمصارف الكبيرة، وهو ما يؤدي إلى تعزيز مستويات التنمية الاقتصادية بشكل كبير.
- تناول الأطعمة المحلية: يمكن التسوق في المزارع المحلية للحصول على الأطعمة الطازجة ودعم التنمية الاقتصادية المحلية، وكذلك ينبغي البحث عن المطاعم التي تعتمد على المنتجات المحلية في إنتاج مأكولاتها.
- الدعوة لتغيير السياسات المحلية بالشكل المناسب: يستطيع الأفراد الدعوة بالطرق الصحيحة لتغيير السياسات المحلية الحالية، ووضع السياسات المناسبة التي تستطيع دعم خطة التنمية الاقتصادية في البلاد.
- تثقيف المجتمع: توجد العديد من الطرق التي يمكن الاعتماد عليها لتثقيف المجتمع وتوعيته فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، منها تنظيم الفعاليات المحلية الخاصة بهذا الموضوع، والقيام بالأنشطة التطوعية ذات العلاقة.
ما هي أبرز العوامل المؤثرة على النمو الاقتصادي؟
تتأثر عملية النمو الاقتصادي في الدولة بسبب العديد من العوامل، وأبرزها ما يأتي حسب موقع خان أكاديمي:
- رأس المال: كلّما كان رأس المال أكبر كانت القدرة على الاستثمار وتوزيع الأموال على عدة مشاريع استثمارية أكبر، وهو ما يساعد في دعم النمو الاقتصادي، ويجدر الذكر بأن زيادة الاستثمار في رأس المال تتناسب طرديًا مع النمو.
- مستويات التكنولوجيا: تؤدي التحسينات التي تطرأ على التكنولوجيا إلى زيادة الإنتاجية، وهو ما يؤثر على عملية النمو الاقتصادي بشكل إيجابي.
- نوعية العمال وعددهم: عادةً ما تزداد الإنتاجية عند زيادة عدد العمال، شريطة بقاء نسبة رأس المال لكل واحد من العاملين كما هي، وكذلك تؤدي التحسينات في الموارد البشرية إلى تحسينات في مستويات النمو الاقتصادي.
هل توجد أكثر من نظرية في النمو الاقتصادي؟
توجد عدة نظريات في النمو الاقتصادي بالفعل، منها النظرية الكلاسيكية التي تدعو إلى حرية الاقتصاد، والنظرية النيوكلاسيكية التي ظهرت في سبعينيات القرن التاسع عشر، والنظرية الكيترية التي تُنسب إلى جون ماينادر كيتر، والنظرية الماركسية لكارل ماركس، والنظرية الحديثة، ونظرية هارولد ودومار التي ترتبط باسم الاقتصادي روي هارولد والاقتصادي إيفري دوما.
اقرأ/ي أيضًا:
هل أهمية نهر النيل اقتصادية فقط؟
هل أهداف التنمية المستدامة معروفة؟