تحقيق مسبار
يعتبر اليود المُشع أحد العلاجات المُكافحة لبعض أنواع السرطانات، وهذا ما أثار تساؤلات عدة مثل:
هل اليود المشع علاج كيماوي؟
تجيب المقالة التالية على هذا السؤال، وتقدم معلومات حول ماهية اليود المشع، وكيفية عمله في سرطان الغدة الدرقية، ومدة العزل اللازمة بعد العلاج، بالإضافة إلى أضرار العلاج باليد المشع على المريض وعلى المحيطين به. وتُقدِّم أخيرًا مجموعة الاحتياطات الواجب اتباعها عند تلقي العلاج باليود المشع.
ما هو اليود المشع
اليود المُشِع أو اليود الراديوي هو أحد نظائر اليود، وهو اليود المشع 131 المُستخدم في علاج سرطان الغدة الدرقية، وفي تشخيص وعلاج أنواع أخرى من السرطان والأمراض المختلفة، ويتم تناوله في العادة على شكل كبسولة أو مشروب.
هل اليود المشع علاج كيماوي؟
يعتبر اليود المشع علاجًا إشعاعيًا وليس كيماويًا، فالعلاج الإشعاعي يعمل على محاربة الخلايا السرطانية التي تتواجد في الورم السرطاني نفسه، أو في مكان معين من الجسم من خلال دفعات من الطاقة، كيفما يفعل اليود المشع في معالجة سرطان الغدة الدرقية في عملية تسمى العلاج الإشعاعي الجهازي. على عكس العلاج الكيماوي الذي يتم تناوله عن طريق حقنه في مجرى الدم، فهو بالتالي يمر في كافة أنحاء الجسم، ويعمل على محاربة الخلايا السرطانية الموجودة في أي مكان فيه.
ولا شك أن كُلًا من العلاج الإشعاعي والعلاج الكيماوي يُستخدمان في محاربة الخلايا السرطانية في جسم الإنسان، من خلال دورهما في إبطاء نمو هذه الخلايا، والسيطرة عليها ومنعها من الانتشار في الجسم، ومن ثم قتلها. ولكن لكل منهما طريقة عمل تختلف عن الأخرى؛ فالأول يحارب الخلايا السرطانية من خلال طاقة أو أشعة ذات طاقة عالية كالأشعة السينية أو البروتونات، أما الثاني بواسطة عقاقير خاصة في تقليص وقتل هذه الخلايا.
كيفية عمل اليود المشع في سرطان الغدة الدرقية
يعتبر اليود المشع علاجًا فعَّالًا في سرطان الغدة الدرقية وذلك كونه مُوَجَّهًا، بمعنى أنه ينتقل للخلايا السرطانية بشكل مباشر دون تأثير كبير على الخلايا السليمة، من خلال امتصاص الجسم لليود المشع بمجرد تناوله عن طريق الفم، إذ تقوم الخلايا السرطانية بالتقاطه ومن ثم يدمرها.
ومن أجل أن يكون العلاج باليود المشع فعَّالًا في علاج سرطان الغدة الدرقية، يتوجب أن يكون هرمون الغدة الدرقية (TSH) مرتفعًا في الدم، كونه الهرمون الأساسي في تمكين امتصاص الغدة الدرقية والخلايا السرطانية الموجودة فيها لليود. وفي حال تم إزالة الغدة الدرقية، يمكن رفع مستويات هذا الهرمون قبل العلاج من خلال التوقف عن تناول حبوب هرمون الغدة الدرقية لأسابيع، أو تناول حقن الثيروتروبين لمدة يومين.
ويطلب الطبيب من المريض قبل تلقي العلاج باليود المشع تناول نظام غذائي منخفض اليود، وتغيير أدوية هرمون الغدة الدرقية وبعض الأدوية الأخرى لفترة من الزمن. بالإضافة إلى بعض الفحوصات لتكتمل الصورة عن حالة الغدة الدرقية عند الطبيب، ويتم إجراء الفحوصات يوم العلاج باليود المشع أو قبله بأيام أو أسابيع وذلك كما يراه الطبيب مناسبًا.
ويجدر القول أن العلاج باليود المشع يتناسب مع حالات معينة من سرطان الغدة الدرقية، مثل سرطان الغدة الدرقية الحليمي والجريبي اللذين ينتشران في الرقبة وأجزاء أخرى من الجسم، بينما لا يكون مُجديًا في سرطان الغدة الدرقية الكشمي أو النخاعي، كونهما غير قادرين على التعامل مع اليود. كما لا يكون العلاج باليود المشع واضحًا في حال كان سرطان الغدة الدرقية صغيرًا وغير منتشر، إذ يُفضَّل في هذه الحالة إزالته جراحيًا.
وبالإضافة لما ذكر، يتم ربط اليود المشع بمادة (MIBG meta-iodobenzylguanidine) واللذان يعملان معًا في علاج:
- الورم الأرومي العصبي، وهو أحد أورام الطفولة النادرة الذي يصيب الأطفال ممن هم دون سن ال5 سنوات.
- ورم القواتم وأورام الغدد الصم العصبية.
- مساعدة مقدمي الرعاية في عمليات مسح وتشخيص الأورام وتقييمها وعلاجها.
مدة العزل بعد اليود المشع
تختلف مدة العزل التي يحتاجها المريض بعد تلقي العلاج باليود المشع، بحسب كمية الإشعاع التي تعرَّض لها ولا تزال في جسمه، إذ يبقى الشخص نشطًا إشعاعيًا لبعض الأيام بعد تلقيه العلاج، وهي حالة من النشاط الإشعاعي الذي لا تقوم الخلايا السرطانية بامتصاصه، ويتم التخلص منه من خلال البول والعرق، وهذا ما يجعل من شرب الكثير من السوائل أثناء العلاج ضرورة.
ويُحدِّد الطبيب مدة العزل بعد اليود المشع في غرفة فردية بالمستشفى، وتكون من 4 أيام حتى أسبوع، أو حتى تصبح مستويات الإشعاع آمنة على الأشخاص من حول المريض.
أضرار اليود المشع
تتمثل أضرار اليود المشع فيما يلي:
- تورُّم في العنق.
- غثيان وتقيؤ.
- تورُّم الغدد اللعابية.
- جفاف في الفم.
- تغيُّر في حاسة التذوق.
- صعوبة تكوين الدموع، وبالتالي جفاف العين.
- انخفاض عدد الحيوانات المنوية من أضرار اليود المشع على الرجال الذين يتلقون جرعات كبيرة من اليود المشع، وفي أحيان نادرة إصابتهم بالعقم.
- تعاني بعض النساء من عدم انتظام الدورة الشهرية لديهن لفترة من الوقت بعد العلاج لمدة قد تصل لسنة، كما ويؤثر العلاج باليود المشع على المبيض عند المرأة.
أضرار اليود المشع على المحيطين
تتمثل أهم أضرار اليود المشع على المحيطين في احتمالية تعرضهم لتأثيرات الإشعاع، والتي تؤثر بالسلب على صحة الغدة الدرقية لديهم. إذ هناك احتمالية لانتقال اليود المشع من مُتلقي العلاج للآخرين من حوله، سواء كانوا أشخاص أو حتى حيوانات أليفة، عن طريق سوائل الجسم أو الاتصال الوثيق معهم.
الاحتياطات الواجب اتباعها عند تلقي العلاج باليود المشع
يحتاج متلقو اليود المشع لاتخاذ بعض التدابير اللازمة لحماية أنفسهم والأشخاص من حولهم من مخاطر الإشعاع، وأهم هذه الإجراءات كما يلي:
- تمنع كل من النساء الحوامل والمرضعات من تلقي العلاج باليود المشع، ويتوجب تأجيل الحمل لمدة 6 شهور وحتى السنة بعد تلقي العلاج باليود المشع لسرطان الغدة الدرقية.
- توقف النساء عن الرضاعة الطبيعية قبل 6 أسابيع من تناول العلاج.
- بعد تلقي العلاج يتوجب تجنُّب الاتصال الجسدي المباشر مع الآخرين، ومع فئة الأطفال والحوامل بشكل خاص.
- تجنُّب التواجد في الأماكن العامة التي يتواجد فيها الأشخاص، مع البقاء على مسافة 6 أقدام بعيدًا عنهم خاصة في الأيام الأولى من تلقي العلاج.
- النوم على السرير بشكل منفرد ومنفصل عن الآخرين وعلى بعد ستة أقدام.
- عدم مشاركة الأواني ومفرش السرير والمناشف والأشياء الشخصية مع أحد.
- غسل الصحون والأواني والملابس المُستخدمة بشكل منفصل عن تلك التي يستعملها الآخرون.
- الاستمرار في غسل اليدين، والاستحمام بشكل يومي.
- تجنب النشاطات الجنسية.
- عدم الطبخ للآخرين.
وفي حال واجه المريض صعوبات في الحصول على مكان أو غرفة خاصة به في منزله، ليستقر فيها دون أن يؤثر على الآخرين من حوله، بالذات في حال تواجد أطفال وخصوصًا في الأيام الاولى من تلقي العلاج، يمكنه الاستعانة بمقدم الرعاية الصحية لتوفير غرفة داخل المستشفى إلى حين انتهاء المدة.
اقرأ/ي أيضًا:
هل العلاج الكيماوي يشفي السرطان؟
هل ينتقل السرطان أثناء العلاج الكيماوي؟
