تحقيق مسبار
تحدث صعوبات التعلم بسبب عوامل وراثية أو بيولوجية عصبية، تعمل على تغيير أداء الدماغ بطريقة تؤثر في واحدة أو أكثر من العمليات المعرفية المتعلقة بالتعلم، مما يُمكن أن تتداخل مع تعلم المهارات الأساسية بما في ذلك القراءة والكتابة والرياضيات، أو مهارات المستوى الأعلى بما في ذلك التنظيم وتخطيط الوقت والتفكير والذاكرة طويلة أو قصيرة المدى والانتباه. ومن الجدير بالذكر؛ يُمكن لصعوبات التعلم أن تؤثر في حياة الشخص وعلاقاته مع العائلة والأصدقاء وفي مكان العمل.
يستعرض هذا المقال تعريف وأنواع صعوبات التعلم، ونبذة قصيرة عن صعوبات التعلم النمائية، وأخيرًا علاج صعوبات التعلم.
تعريف صعوبات التعلم
تُعد صعوبات التعلم أو اضطرابات التعلم مصطلحات شاملة لمجموعة متنوعة من مشاكل التعلم، ويعتقد الكثيرون أن إعاقة التعلم مشكلة مرتبطة بالذكاء أو التحفيز، إلّا أن الأطفال الذين يُعانون من صعوبات التعلم ليسوا كُسالى أو أغبياء، بل على العكس معظمهم أذكياء مثل أي شخص آخر، ولكن أدمغتهم تعمل بطريقة مختلفة، وهذا الاختلاف يؤثر في كيفية تلقّيهم للمعلومات ومعالجتها، مما يُمكن أن يؤدي إلى حدوث مشكلة في تعلم المعلومات والمهارات الجديدة واستخدامها.
أنواع صعوبات التعلم
يُصنّف علماء النفس صعوبات التعلم إلى 7 أنواع أساسية، وفيما يلي توضيحًا لها:
- عسر القراءة
يُعرف عسر القراءة (Dyslexia) بأنه اضطراب في معالجة اللغة يؤثر في القراءة والكتابة والفهم، ويُمكن للمُصابين بهذا الاضطراب أن يواجهوا صعوبة في فك تشفير الكلمات أو الوعي الصوتي، وتحديد الأصوات الفردية داخل الكلمات، وغالبًا ما ينتج عنها مشاكل في القراءة وفهمها والقواعد ومهارات لغوية أخرى.
- عسر الكتابة
يُعاني المُصاب بعسر الكتابة (Dysgraphia) من مشكلة أو اضطراب يؤثر في قدراته الكتابية، ويُمكن أن تظهر على أنها صعوبات في التهجئة، وسوء الكتابة اليدوية، وصعوبة في وضع الأفكار على الورق. ونظرًا لأن الكتابة تتطلب مجموعة مُعقدة من المهارات الحركية ومعالجة المعلومات، فإنها تُعد من صعوبات التعلم ذات التأثير القوي على حياة المُصاب بها، والذي عادةً ما يستفيد من الوسائل التعليمية المريحة في بيئة التعلم، بالإضافة لدوره الشخصي في تعلم المهارات المطلوبة ليكون كاتبًا بارعًا.
- عسر الحساب
يُشير عسر الحساب (Dyscalculia) إلى نوع صعوبات التعلم التي تؤثر في قدرة الطفل على الفهم والتعلم وأداء العمليات الحسابية والأرقام، ويُعاني من هذا الاضطراب حوالي 5-7% من الأطفال في سن المدرسة الابتدائية. ومن الجدير بالذكر؛ لا ترتبط جميع المشاكل المتعلقة بالحساب بعسر الحساب؛ إذ يُمكن أن تؤثر الاضطرابات الأخرى بما في ذلك عسر القراءة واضطراب المعالجة البصرية أو السمعية، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، في قدرة الطفل على إكمال المسائل الحسابية.
- اضطراب المعالجة السمعية
يُعاني المُصابون باضطراب المعالجة السمعية (Auditory Processing Disorder - APD) من صعوبة في معالجة الأصوات؛ إذ قد يواجهون مشكلة في ترتيب الأصوات، أو يكونون غير قادرين على تصفية الأصوات المختلفة، بما في ذلك صوت المعلم مقابل الضوضاء المحيطة به. ويعود السبب في حدوث اضطراب المعالجة السمعية إلى خلل في قدرة الدماغ على تفسير المعلومات الواردة من الأذن ومعالجتها.
- اضطراب معالجة اللغة
ينحدر اضطراب معالجة اللغة (Language Processing Disorder) من اضطراب المعالجة السمعية، ويحدث عندما يواجه المُصاب تحديات محددة في معالجة اللغة المنطوقة؛ مما يؤثر في اللغة المستقبلة والتعبيرية. ووفقًا لجمعية صعوبات التعلم الأمريكية، يُرافق اضطراب معالجة اللغة صعوبة في ربط المعنى بمجموعات الصوت التي تُشكل الكلمات والجمل والقصص.
- اضطراب التعلم غير اللفظي
اضطراب التعلم غير اللفظي (Nonverbal Learning Disabilities - NVLD) هو إعاقة تعلم تُسبب صعوبة في المهارات الحركية والبصرية المكانية والاجتماعية. وغالبًا ما يتحدث الأطفال الذين يُعانون من هذا الاضطراب جيدًا، كما يُمكنهم الكتابة جيدًا، إلّا أنهم غالبًا ما يفتقدون إلى تعبيرات الوجه أو نبرة الصوت؛ مما يجعل من الصعب عليهم تكوين صداقات والحفاظ عليها. وتشمل العلامات الأخرى لاضطراب التعلم غير اللفظي ما يلي:
- الحاجة لنطق الأشياء لفهمها.
- بذل جهد أعلى في محاولة فهم القراءة أو حل المشاكل الرياضية.
- الخَرَق، والذي غالبًا ما ينتج عنه التصادم بالأشياء أو الأشخاص .
- التفكير الحرفي والدقيق في الأشياء، وصعوبة في فهم المفاهيم المجردة.
- العجز البصري الإدراكي
يؤثر العجز الحركي البصري/الإدراكي البصري (Visual Perceptual /Visual Motor Deficit) في قدرة الطفل على فهم المعلومات التي يراها بصريًا، مما يؤثر في قدرة الطفل على القراءة والرسم والنسخ، كما يؤدي غالبًا لفترات انتباه قصيرة، وفي كثير من الأحيان تظهر مثل صعوبات التعلم هذه عند الأطفال الذين يُعانون من خلل النطق واضطرابات التعلم غير اللفظي، وإعاقات بصرية محددة.
صعوبات التعلم النمائية
بالإضافة لصعوبات التعلم المذكورة أعلاه، يُمكن للطفل أن يُعاني من صعوبات أخرى تتعلق بنموه وتطوّره، وتُعرف بالإعاقات النمائية أو التنموية (Developmental Learning Difficulties)؛ وهي مجموعة من الحالات التي تنتج عن ضعف في المجالات الجسدية أو التعليمية أو اللغوية أو السلوكية. وتبدأ حالات صعوبات التعلم النمائية بالظهور خلال فترة النمو، وقد تؤثر في الأداء اليومي، وعادةً ما تستمر طوال حياة الطفل. ويقع على الآباء مسؤولية كبيرة في مراقبة أطفالهم خلال مرحلة النمو، والتحدث مع الأطباء المتخصصين حول مهارات الطفل وقدراته، وتتضمن مراقبة النمو التحقق مما إذا كان نمو الطفل ضمن مراحل النمو النموذجية، وأنه اكتسب المهارات التي يصل إليها معظم الأطفال في سن معينة بما في ذلك اللعب والتعلم والكلام والتصرف والحركة.
علاج صعوبات التعلم
يُذكر من العلاجات المتاحة التي قد يُوصي بها الطبيب لعلاج صعوبات التعلم ما يلي:
- الدعم والمساعدة الإضافية: يُساعد الحصول على الدعم والمساعدة من اختصاصي القراءة أو مدرسي الرياضيات، أو غيرهم من المتخصصين المدربين على تحسين مهارات الطفل الأكاديمية والتنظيمية والدراسية، في علاج صعوبات التعلم تدريجيًا.
- العلاج النفسي والوظيفي: ويهدف إلى تحسين المهارات الحركية للطفل الذي يُعاني من مشاكل في الكتابة.
- علاج النطق واللغة: يُمكن أن يُساعد هذا النوع من علاج صعوبات التعلم على مساعدة الطفل على التعامل مع المهارات اللغوية.
- الأدوية: قد يوصي الطبيب بتناول بعض الأدوية للتعامل مع الاكتئاب أو القلق الشديد؛ إذ يُمكن أن يؤدي تناول الأدوية المستخدمة لعلاج اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط إلى تحسين قدرة الطفل على التركيز في المدرسة.
- الطب التكميلي والبديل: لا يزال هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث لتحديد فعالية العلاجات البديلة، بما في ذلك التغييرات الغذائية وتناول الفيتامينات وتمارين العين والارتجاع العصبي، بالإضافة إلى استخدام الأجهزة التكنولوجية في علاج صعوبات التعلم والتعامل معه.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن علاج تأخر الكلام عند الأطفال؟
هل يمكن علاج اضطراب نقص الانتباه عند الأطفال؟
