تحقيق مسبار
تم إطلاق مشروع مارشال بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حتى تستطيع دول أوروبا استعادة قوتها الاقتصادية بعد الدمار الذي أصابها على إثر الحرب. يعتني هذا المقال ببيان الأسباب التي دعت إلى تقديم هذا المشروع بالإضافة إلى توضيح أهدافه، ويسلط كذلك الضوء على الجنرال جورج مارشال الذي اقترح هذا المشروع.
هل نجح مشروع مارشال؟
كان مشروع مارشال ناجحًا في الوصول إلى الأهداف التي طمِحَ لتحقيقها حسب موقع إنفيستوبيديا؛ فإن هذا المشروع تسبب بارتفاع الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول الأوروبية إلى أكثر من 33% خلال أول 33 سنوات، وهو نموٌ كبيرٌ جدًا بدلًا من الانهيار التي كانت العديد من تلك الدول معرضة للوقوع فيه وقتها.
ما هو مشروع مارشال؟
يُعرف مشروع مارشال بأنه خطة تم تقديمها لمنح القوى الصناعية الكبرى في أوروبا مبالغ ماليّة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية؛ للتعويض عن الآثار الاقتصادية السلبية التي تعرضت إليها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وعلى إثر هذا المشروع قام مجلس الشيوخ الأمريكي بإقرار قرابة 13.3 مليار دولار أمريكي؛ لمساعدة أوروبا في النهضة الاقتصادية من جديد.
من هو الجنرال الأمريكي الذي اقترح مشروع مارشال؟
كان اقتراح المشروع الاقتصادي لإعادة تعمير أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية من قبل الجنرال الأمريكي جورج كاتليت مارشال، الذي شغل منصب وزير الخارجية وقت اقتراحه هذا حسب موسوعة بريتانيكا، وفيما يأتي بعضًا من المعلومات حول الجنرال مارشال:
- الولادة والوفاة: ولد الجنرال مارشال في ولاية بنسلفانيا الأمريكية يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 1880، وتوفي في مقاطعة واشنطن العاصمة يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 1959 ولديه من العمر 78 عامًا تقريبًا.
- المكانة في الحرب العالمية الثانية: كان جورج مارشال جنرالاً في الجيش الأمريكي، وتم تعيينه رئيسًا لهيئة الأركان المشتركة في الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية، التي استمرت بين العامين 1939-1945.
- الحصول على جائزة نوبل للسلام: تم ترشيح الجنرال مارشال للحصول على جائزة نوبل للسلام، وحصل على هذه الجائزة بالفعل عام 1953، وهذا يعني أنه حصل عليها قبل وفاته بقرابة 5 سنوات فحسب.
ما هي أسباب مشروع مارشال؟
هُناك العديد من الأسباب والعامل التي تظافرت مع بعضها البعض لتطلق الولايات المتحدة الأمريكية خطتها المعروفة باسم مشروع مارشال، وفيما يأتي عدة من أبرز ما هي أسباب مشروع مارشال:
- آثار الصعوبات التي تواجهها المملكة المتحدة: واجهت المملكة المتحدة كثيرًا من الصعوبات المالية والاقتصادية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وكانت لهذه الصعوبات آثار سلبية على الناحيتين السياسية والاستراتيجية.
- أهمية إعادة إحياء الصناعة الألمانية: على الرغم من قوة الصناعة الألمانية إلا أنها انهارت بعد الحرب العالمية الثانية، وأدركت الولايات المتحدة أهمية الحاجة إلى إعادة إحياء هذه القوة الصناعية بسرعة.
- عدم وجود استقرار وتوازن مالي في بعض دول أوروبا: كانت دول غرب أوروبا تعاني من عدم الاستقرار والتوازن الماليين بعد انتهاء الحرب، وكان الدعم الأمريكي مهمًا لإعادة الاستقرار والتوازن إلى هذه الدول.
- أثر انهيار الاقتصاد الأوروبي على الولايات المتحدة: أدركت الولايات المتحدة بأن انهيار اقتصاد أوروبا يؤثر على الأوضاع الاقتصادية الأمريكية الداخلية، وعلى سير حركة التجارة الدولية بشكل سلبي، ما يعني ضرورة الدعم.
- التعاون وتحقيق الوحدة: إن إعادة الإعمار والإصلاح على المستوى الاقتصادي يؤدي إلى توفير الاستقرار السياسي، ويستلزم ذلك التعاون بين دول أوروبا، وينتهي بوحدتها، وهو ما يؤثر إيجابًا على الولايات المتحدة في ميزان القوة.
ما هي شروط مشروع مارشال؟
هُناك العديد من الشروط التي تم وضعها للبدء بتنفيذ مشروع مارشال في أوروبا، وفيما يأتي قائمة بشروط مشروع مارشال:
- تقديم التزامات مُحددة: اشترطت الولايات المتحدة الأمريكية على الدول الراغبة بالحصول على الدعم تقديم التزامات محددة، حتى تضمن وفاءها ببرامج الإنتاج المختلفة حسب الخطة.
- اتخاذ الخطوات للاستقرار المالي: كان على جميع الدول الأوروبية التي أرادت الحصول على دعم مشروع مارشال البدء بخطوات فورية؛ لتوفير الاستقرار على المستوى النقدي والمالي الداخلي للدولة.
- الإعراب عن تقليل الحواجز التجارية: عن طريق مشروع مارشال كان ينبغي على كافة الدول المستفيدة من هذا المشروع الإعراب عن تصميمها؛ لتقليل الحواجز التجارية بأكبر قدر ممكن.
- السعي لتحقيق الأهداف المشتركة: بموجب مشروع مارشال كان على الدول المستفيدة الاعتراف الرسمي بالأهداف المشتركة، بالإضافة إلى تحمل المسؤولية المشتركة فيما يتعلق بتحقيق هذه الأهداف أيضًا.
- إنشاء وكالة دولية لتنفيذ البرنامج: حرصت الولايات المتحدة الأمريكية والدول المستفيدة من مشروع مارشال على تنسيق تنفيذ البرنامج، من خلال منظمة دولية مخصصة لهذه الغاية حسب شروط المشروع.
- النظر في المصادر البديلة للائتمانات بالدولار: بموجب اتفاقية مارشال كان يجب على الدول المستفيدة النظر في المصادر البديلة للائتمانات المختلفة بالدولار الأمريكية، وذلك مثل البنك الدولي.
ماذا كانت أهداف مشروع مارشال؟
سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحقيق العديد من الأهداف المختلفة عن طريق مشروع مارشال، وفي القائمة الآتية عدة من أهم أهداف مشروع مارشال:
- الأهداف المُعلنة: هُناك العديد من الأهداف المعلنة التي سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحقيقها من خلال مشروع مارشال، وتشمل ما يأتي:
- إعادة بناء أوروبا: تضررت الدول الأوروبية بشكل كبير بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ولذلك سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة بنائها وضمان المحافظة على استمرار النظام الاقتصادي فيها.
- المحافظة على الاقتصاد العالمي: على الرغم من استفادة الدول الأوروبية من مشروع مارشال بشكل أساسي؛ إلا إن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تهدف إلى المحافظة على الاقتصاد العالمي من خلال إنعاش اقتصاد أوروبا.
- تطوير التعاون الاقتصادي الأوروبي: لم يكن المحافظة على النظام الاقتصادي العالمي الهدف الوحيد لإعادة إنعاش اقتصاد دول أوروبا، وإنما سعت الولايات المتحدة كذلك إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين هذه الدول.
- تحسين المستوى المعيشي للأفراد: من خلال مشاريع إعادة الإعمار في أوروبا استطاع الكثير من الأفراد الحصول على فرصة العمل المناسبة لهم، وهو ما ساعد في تحسين المستوى المعيشي لهم.
- الأهداف الخفية: سعت الولايات المتحدة إلى تحقيق العديد من الأهداف الخفية التي لم تعلن عنها بشكل أساسي من خلال مشروع مارشال، ومن هذه الأهداف ما يأتي:
- تطويق المد الشيوعي: حاول الاتحاد السوفييتي بنظامه الشيوعي توسيع نفوذه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومن خلال مشروع مارشال سعت الولايات المتحدة إلى الحد من هذا التوسع.
- ربط الاقتصاد الأمريكي بالاقتصاد الأوروبي: حرصت الولايات المتحدة على ربط النظام الأوروبي الاقتصادي بالنظام الاقتصادي الأمريكي الرأسمالي، وتثبيت النظام الرأسمالي في أوروبا من خلال خطة مارشال.
- فرض الهيمنة الأمريكية على أوروبا: عن طريق المساعدات المالية التي حصلت عليها دول أوروبا؛ سعت الولايات المتحدة إلى فرض هيمنتها ووصايتها على الدول المستفيدة من الدعم المقدم عبر مشروع مارشال.
- دعم الشركات الأمريكية المفلسة: تعرضت الكثير من الشركات الأمريكية إلى الإفلاس بعد الحرب، وتمت مساعدتها بالاستثمار في أوروبا ومستعمراتها من خلال مشروع مارشال.
- إضعاف ارتباط دول أوروبا بالاتحاد السوفياتي: بالاعتماد على مشروع مارشال استطاعت الولايات المتحدة إضعاف ارتباط الدول الأوروبية التي حصلت على الدعم مع الاتحاد السوفييتي.
ما هي نقاط القوة الأساسية لخطة مارشال؟
هُناك العديد من نقاط القوة الأساسية التي تمتع بها مشروع مارشال، ومن نقاط القوة في هذا المشروع ما يأتي:
- التغلب على المعارضة: على الرغم من المعارضة الشديدة التي واجهتها خطة مارشال؛ إلا إن القيادة الأمريكية القوية تغلبت على هذه المعارضة وقررت المتابعة في الخطة لأنها كانت تراها المسار الصحيح.
- التعاون بين الحزبين الأساسيين: لم يجعل رئيس الولايات المتحدة المضي في خطة مارشال حكرًا على الأغلبية من الحزب المعارض في مجلس الشيوخ، وإنما جعله بالتعاون بين الحزبين لمنع الحصول على منافع خاصة.
- التعاون الأوروبي: استهدفت خطة مارشال العديد من التغييرات على النظام الاقتصادي السائد في أوروبا، ومن خلال التعاون الأوروبي توفرت البيئة المناسبة لإنشاء الالتزامات النشطة في حل العديد من القضايا الحساسة.
- الاعتماد على النهج الجماعي: اعتمدت خطة مارشال على النهج الجماعي في مساعي التعافي من آثار الحرب العالمية، وذلك من خلال مشاركة الدول المستفيدة لاقتراح البرامج وتأسيس منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي وغير ذلك.
- وجود أهداف محددة: كانت الأهداف المُعلنة لمشروع مارشال محددة مما ساعد على تحقيقها بالشكل المناسب، وتخصيص الموارد على النحو الذي يساعد في تحقيق هذه الأهداف.
- استهداف الدول القادرة على التعافي: كانت الدول التي استفادة من مشروع مارشال قادرة على التعافي من آثار الحرب إلا أنها تحتاج المال، ولذلك استطاعت تجاوز آثار الحرب وأسهمت في نجاح المشروع بالشكل الكبير.
هل كانت نتائج مشروع مارشال إيجابية؟
إن نتائج مشروع مارشال كانت إيجابية بالفعل، وفيما يأتي عدة من التفاصيل حول هذه النتائج:
- القضاء على نقص الدولار: استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية القضاء على نقص الدولار الأمريكي في مختلف أنحاء العالم من خلال خطة مارشال، ويُعد ذلك من أبرز النتائج التي حققتها هذه الخطة.
- النمو الاقتصادي الهائل في أوروبا: خلال سنوات معدودة تمكن مشروع مارشال من تنمية الاقتصاد الأوروبي إلى مستويات لم يتم الوصول إليها سابقًا في أوروبا؛ فإن النمو تراوح بين 2-5 أضعاف.
- التحفيز على تشكيل حلف الناتو: يطلق على حلف شمال الأطلسي اسم الناتو اختصارًا، وكانت خطة مارشال من العوامل التي حفظت على تشكيل هذا الحلف بين دول أمريكا الشمالية -بما فيها الولايات المتحدة- ودول أوروبا.
اقرأ/ي أيضًا:
هل اتفاقية سيداو تابعة للأمم المتحدة؟
هل التعاملات في السوق السوداء غير قانونية؟
هل أحكام نظام مكافحة التزوير واحدة في جميع الدول؟
هل هنالك مهارات معينة لتخصص العلوم السياسية والعلاقات الدولية؟
