تحقيق مسبار
اهتمّ العرب منذ القدم بسباقات الهجن كنوعٍ من الرياضات الترفيهية لتماثل سباقات الخيل، وبالتالي أصبحت هذه الرياضة جزءًا من تراث وثقافة العديد من الدول العربية، حيث شهدت هذه الرياضة مؤخرًا العديد من التطورات الهامة. لذلك يُعرّف هذا المقال ما هو سباق الهجن؛ وهل سباق الهجن من الرياضات المعترف بها دوليًا، وأين يقام سباق الهجن عادةً وما هي أنواع الهجن المشاركة في السباق وشروط مشاركتها؟
ما هو سباق الهجن؟
في البداية لا بدّ لنا من معرفة ما هو سباق الهجن، حيث أنَّ سباق الهجن هو رياضة تسابق وركض الإبل بسرعةٍ على مسارٍ محددٍ سلفًا، ضمن مجموعةٍ قد تضم 15 إلى 20 مطيّة في كل جولة. وتقتصر الرياضة عمومًا على ركض الجمل ذو السنام الواحدة (dromedary) فقط، حيث أنّ اسمه مشتق من الفعل اليوناني (dramein) الذي يعني "يركض"، وليس الجمل ذو السنامين الذي يعرف بالمنغولي (Bactrian).
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة UNESCO، يُعدّ سباق الهجن ممارسةً اجتماعيةً شائعةً وتقليدًا تراثيًّا احتفاليًّا مرتبطًا بالإبل (الجِمَال)، والتي تُعرَف أيضًا بالهجن في بعض المجتمعات العربية، وهو مسجلٌ في عام 2020 على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي للإنسان.
ويتم تحضير إبل (هجن) السباق على عدة مراحلٍ، حيث يجري أولًا اختيار الإبل بناءً على النوع والأصل والعمر، ويتم إعطاؤها نظامًا غذائيًا خاصًا. ثمّ يتمّ تدريبها على مضمار السباق في مجموعاتٍ، وبعد ذلك يتم تدريبها على المشاركة في السباقات.
وتوجد تقاليدٌ وعاداتٌ ومبادئٌ مجتمعيةٌ وعرفيةٌ معترفٌ بها تحكم الأعراق والممارسات المجتمعية ولجنة تحضيرية تتحقق من أصل الإبل قبل مشاركتها. ويتم نقل المعرفة والمهارات ذات الصلة بفضل الجهود المشتركة لممثلي المجتمع والمؤسسات الحكومية والمراكز المتخصصة واتحاد السباقات والأندية في الدول المنظمة لسباقات الهجن.
لذلك ومن أجل فهم ما هو سباق الهجن، يمكن القول أنّ سباق الهجن يعدّ بمثابة جزءٍ أساسيٍّ من أسلوب حياة البدوي ومصدر إلهامٍ في الشعر والغناء. وترتبط أهمية هذه الرياضة واستمراريتها في المجتمع البدوي بالدور البارز الذي تلعبه الإبل في البيئة الصحراوية.
أنواع الهجن
من الناحية العلمية، فإنَّ جميع أنواع الهجن التي تشارك في سباقات الهجن تتبع لنوع الجمل ذو السنام الواحد، والمعروف بالجمل العربي الأصيل (Camelus dromedarius). وهو الأكثر انتشارًا عالميًا، ويستخدم وحده في سباقات الهجن.
وبالنسبة لأنواع الهجن المشاركة في سباق الهجن، فإنّ أهم أنواع الهجن تلك في الدول العربية هي:
- الهجن الحرة (الذلول الحرة): وهذه الإبل تكون معروفةً بأنها أصيلةٌ من سلالة الإبل الحرة عند بعض القبائل العربية في الجزيرة العربية وهذا النوع من الهجن التي يكون آتيًا من منطقة وسط أو شمال الجزيرة العربية.
- الهجن العُمانية: وتعدّ أيضًا من الإبل الأصيلة، وهي ترجع في أصلها إلى ساحل الباطنة في سلطنة عمان. ومن ألوانها الشقراء، والرمادية التي يطلق عليها الإبل الملحاء، والحمراء، وتتميز الإبل العمانية بأنّها غير مكتنزةٍ باللحم وقليلة اللبن ورشيقةٌ لذلك يتم استخدامها بشكلٍ رئيسيٍّ في الركوب والسباقات.
- الهجن السودانية: وهي تعود بأصلها إلى السودان وتتميز هذه الهجن بالصبر وقدرتها على التحمل ومقاومة الظروف الصحراوية القاسية.
- الهجن الصيعرية: وتتواجد هذه الهجن الكريمة عند قبائل جزيرة العرب.
- الهجن الباطنية: وهي من الهجن العمانية، ويعدّ ساحل الباطنة في عمان موطنها الأصلي، ولذلك فهي اكتسبت تسميتها منه.
- الهجن الهينية: وهي هجن سودانية الأصل، وتتميز بلونها الأبيض ورشاقة حركتها وطول قامتها ورقبتها الممشوقة الطويلة وأذنها القائمة.
- هجن الأساكي: وتشتهر هذه الهجن بقدرة العالية على السباق لذلك فهي تلقى شعبيةً كبيرةً في سباقات الهجن الأمر الذي دفع الكثيرين لاقتناء وتربية هذا النوع من الهجن.
- هجن وضبيان: وتتميز هذه الهجن أيضًا بقدرتها الكبيرة على الركض لسافاتٍ طويلةٍ كلما زاد عمرها، ومن ميزاتها لونها الأصفر الفاتح الذي يميل إلى الأبيض.
معلومات عن سباق الهجن
من المفيد أيضًا التعرّف على بعض أهم المعلومات عن سباق الهجن في الدول العربية، إذ نتيجةً للشعبية المتزايدة لرياضة سباق الهجن، عملت الدول المنظمة لهذه السباقات خلال القرن العشرين على تنظيمها وجعلها رياضةً رسميةً، بالاستلهام والاستناد إلى القواعد الناظمة لرياضة سباق الخيول الأصيلة، التي كانت وما تزال شائعةً ومنتشرةً في الدول العربية لعدة قرونٍ حتى قبل سباقات الهجن.
وتشير أيضًا المعلومات عن سباق الهجن أنّ سباقات الهجن تنقسم إلى عدة أنواعٍ وهي تشمل:
- العرضة (المزيان): وهي تكون لمسافة 500 متر.
- سباق المسافات: وهي 6 أو 8 أو 10 كم.
- الماراثون: الذي تتحدد مسافته حسب الفئة العمرية للإبل باستخدام الراكب الآلي أو البشري لمسافاتٍ قد تصل إلى 40 كيلومترًا في بعض السباقات.
ومن أهم المعلومات عن سباق الهجن هي مواصفات الهجن المشاركة في السباق، حيث أنّ هذه الهجن تخضع لفحصٍ واختباراتٍ من قبل لجانٍ متخصصةٍ، من أجل تقييمها ومنحها إمكانية المشاركة في السباقات. وأهم هذه المواصفات:
- يجب أن تكون المطية أصيلة السلالة من النسل العربي الأصيل ذات السنام الواحد.
- يجب أن تكون المطية خفيفة الوزن نسبيًا وذات ورقبةٍ طويلةٍ وأكتافٍ وأقدامٍ قويةٍ جدًا.
- يجب أن يتراوح وزنها بين 500-600 كغ فقط.
- يجب أن تتمتع بالرشاقة والخفة.
وتجرى سباقات الهجن المحلية والدولية وحتى المسابقات في مضاميرٍ أو ميادينٍ للسباق تختلف من دولةٍ إلى أخرى، وغالبًا ما يكون شكلها حلقيًا أو بيضاويًّا أو على شكل خطٍّ مستقيمٍ، وفي هذه المضامير تكون هناك منصاتٌ مبنيةُ بطريقةٍ تتيح للمشاهدين والجماهير رؤية كامل مجريات السباق في المضمار.
هل سباق الهجن من الرياضات المعترف بها دوليًا؟
نعم، تعدّ رياضة سباق الهجن من الرياضيات المعترف بها دوليًا، خصوصًا بعد تشكيل الاتحاد الدولي لسباق الهجن برئاسة المملكة العربية السعودية، والذي اتّخذ من العاصمة الرياض مقرًّا له.
ويضم الاتحاد الدولي لسباق الهجن عضوية 42 دولةً حول العالم، إضافةً إلى وجود الشركاء الدوليين والعالميين لجميع الاتحادات المنظمة والمسؤولة عن رياضة سباق الهجن، مثل الاتحاد الأفريقي لسباقات الهجن، والاتحاد العربي لرياضة سباقات الهجن، والمنظمة الدولية للإبل، والمنظمة الدولية للألعاب التقليدية، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO، والمنظمة العربية للتنمية والزراعة بجامعة الدول العربية.
كما تعدّ رياضة سباق الهجن من الرياضات التقليدية والشعبية، وأُدرِجَت ضمن التراث الإنساني اللامادي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة UNESCO.
أين يقام سباق الهجن؟
لمعرفة أين يقام سباق الهجن، ينبغي تحديد البلد الذي يقيم سباق الهجن على أرضه. وبشكلٍ عام، تُقام سباقات الهجن في مساراتٍ تُعرَف بالمضمار تكون مصممةً خصيصًا لمثل هذه السباقات، وتحت إشراف لجانٍ مجتمعيةٍ متخصصةٍ.
ويتمّ تحديد مسافة السباق ونوعه وبالتالي أين يقام سباق الهجن، بناءً على عمر الهجن المشاركة وحسب التصنيفات العمرية المعتمدة من الاتحاد الدولي لسباقات الهجن والدول الأعضاء.
ولكي نتمكن من معرفة أين يقام سباق الهجن في دولة قطر مثلًا، يمكن الرجوع إلى الروزنامة التي تضعها اللجنة المنظمة لرياضة الهجن في دولة قطر، حيث أنّ معظم سباقات الهجن في قطر تقام في ميدان أو مضمار الشحانية، أو ميدان لبصير بمنطقة الشحانية.
أمّا في الإمارات العربية المتحدة، يُقام سباق الهجن في إمارة دبي في ميدان المرموم الذكي لسباقات الهجن الذي يقع على طريق دبي – العين على بعد 40 كيلومترًا من قلب إمارة دبي، أو في ميدان الشيخ سلطان بن زايد للتراث بمنطقة سويحان في دبي. وفي إمارة أبو ظبي، تجري سباقات الهجن ضمن مضمار الوثبة، ويوجد أيضًا مضمار التلة في إمارة الشارقة، والعديد من المضامير الأخرى.
في المملكة العربية السعودية، تقام العديد من سباقات الهجن في العاصمة الرياض وجدة ونجران والأحساء والطائف والنعيرية، وغيرها من المدن الأخرى. حيث يقام سباق الهجن بمنطقة النعيرية في ميدان الملك فهد الذي يعدّ أبرز الميادين في المملكة.
كما يُقام سباق الهجن في سلطنة عمان ضمن 7 محافظاتٍ كما يلي:
- ميدان ولاية صحار بمحافظة شمال الباطنة،
- ميدان المصنعة بمحافظة جنوب الباطنة،
- مضمار الأبيض ومضمار القابل بمحافظة شمال الشرقية،
- ميدان الكامل والوافي بمحافظة جنوب الشرقية،
- ميدان ثمريت وميدان شليم بمحافظة ظفار،
- ميدان السنينة بمحافظة البريمي،
- ميدان سيح السرية بولاية أدم بمحافظة الداخلية.
أمّا في الكويت، يقام سباق الهجن في مضامير مخصصة بمسافة 6 و 8 و10 كم، وأهم مضمار هو مضمار الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح في منطقة العبدلية في مدينة الكويت.
وبالنسبة لتونس، تقام دورة تونس الدولية لسباقات الهجن (المهاري) في مضمار ساحة حنيش في مدينة دوز.
ما الفرق بين الإبل والهجن؟
من الناحية العلمية لا يوجد فرقٌ بين الإبل والهجن، لكنّ الإبل المخصصة والمستخدمة في السباقات الرياضية تسمى بالهجن، ويكون مفردها مطية أمّا جمعها فيدعى الجيش. لذلك يمكن القول أنّ تسمية الهجن هي تسمية وظيفية وتخصصية للإبل المستخدمة في السباقات حصرًا، مع العلم أنّ هذه الهجن يجب أن تكون من الأصل العربي أي من الإبل ذات السنام الواحد فقط.
تصنيف أعمار الهجن
يمكن تصنيف أعمار الهجن المشاركة في سباق الهجن كما يلي:
- سن الحجائج: دون 3 سنوات.
- سن اللقايا: 3 - 4 سنوات.
- سن اليداع: 4 - 5 سنوات.
- سن الثنايا: 5 - 6 سنوات.
- سن الحول/ الحيل: 6 سنوات وأكثر.
وبحسب لجنة الكشف التخصصية في نوادي سباقات الهجن، يجب أن يتم تصنيف أعمار الهجن وفقًا للأصناف التالية حتى تتمكن من المشاركة في السباق:
- الحيل.
- الثنايا أبكار.
- الفحول.
- ثنيان قعدان.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يوجد مظاهر لتكيُّف الجَمل في الصحراء؟
هل سرعة الحصان أكبر من سرعة الفهد؟