تحقيق مسبار
فيروس ماربورغ هو فيروس خطير جدًا، ومن نفس عائلة فيروس إيبولا القاتل، وقد تم الكشف عن فيروس ماربورغ القاتل في غينيا الاستوائية، كما ظهرت حالات في ألمانيا وبلغراد وصربيا وأوغندا وأنغولا والكونغو وكينيا وجنوب إفريقيا.
يستعرض هذا المقال على أسباب هذا الفيروس وأعراضه وطرق تشخصيه وعلاجه.
هل فيروس ماربورغ حقيقي؟
نعم بالفعل يعد فيروس ماربورغ حقيقي، وهو فيروس خطير يسبب مرض الحمى النزفية الذي تتراوح نسبة الوفاة به من 24٪ إلى 88٪، اعتمادًا على سلالة الفيروس ومدى كفاءة الخبراء في تدبير المرض. وعادةً ما يتم تشخيص العدوى بفيروس ماربورغ من قبل أخصائي طبي بناءً على مراجعة شاملة للقصة المرضية والتاريخ الطبي للمريض وإجراء الفحص البدني.
أسباب فيروس ماربورغ
يسبب فيروس ماربورغ الإصابة بمرض فيروس ماربورغ (الحمى النزفية). والناقل الرئيسي لفيروس ماربورغ هو خفاش الفاكهة الأفريقي (Rousettus bat)، حيث يمكن أن يصاب الشخص بالعدوى من خلال التماس المطول مع الخفافيش المصابة في الكهوف أو المناجم، بالإضافة إلى ملامسة سوائل جسم الحيوان المصاب أو برازه.
وبمجرد أن يصاب شخص بفيروس ماربورغ، يمكن أن ينتشر الفيروس بين المخالطين من خلال ملامسة سوائل جسم الشخص المريض، ويشمل ذلك ملامسة الدم واللعاب والعرق والسائل المنوي والقيء والسائل الأمنيوسي وحليب الثدي. ويمكن أن تحدث العدوى بفيروس ماربورغ من خلال الاتصال المباشر بسوائل جسم الشخص، وكذلك الأمر إذا كانت السوائل على سطح أو مادة، مثل المفروشات والملابس وغيرها، أو عن طريق التعرض لاصابة بإبرة أو شفرة أو أي أداة حادة ملوثة بدم المريض المصاب.
ويعتبر الأشخاص العاملين في مجال الرعاية الصحية هم أكثر عرضة للإصابة بمرض الحمى النزفية نظرًا لأنهم يتعاملون عن كثب مع سوائل الجسم، خلال معالجتهم المرضى المصابين بفيروس ماربورغ، حيث يمكن لاتباع تدابير السلامة الطبية لمكافحة العدوى تقليل احتماليات الإصابة وتجنب العدوى. أيضًا يمكن أن تنتقل العدوى لأفراد الأسرة الذين يعتنون بالأفراد المرضى منزليًا دون أخذ الحيطة الكافية.
وتبقى احتمالية العدوى قائمةً بعد الوفاة، وبالتالي يمكن أن تصيب العدوى الأشخاص الذين يعملون في مجال دفن الموتى إن لم يتخذوا الاحتياطات الكافية. كما يمكن أن يصيب فيروس ماربورغ أيضًا الثدييات غير البشرية، مثل القرود والغوريلا.
أعراض فيروس ماربورغ
يمكن أن تتراوح فترة الحضانة للفيروس، والتي تشير إلى الفترة من انتقال العدوى إلى ظهور الأعراض لأول مرة، من يومين إلى 21 يومًا، وعادةً ما تبدأ أعراض فيروس ماربورغ فجأة وهي:
- ارتفاع درجة الحرارة.
- صداع شديد.
- الشعور بالضيق الشديد، أو الشعور العام بالمرض والتوعك.
- آلام في العضلات.
- إسهال مائي حاد (عادة في اليوم الثالث، ويستمر حتى أسبوع بعد ظهور الأعراض).
- ألم في البطن وتقلصات (عادة في اليوم الثالث بعد ظهور الأعراض).
- الغثيان والإقياء (عادة في اليوم الثالث بعد ظهور الأعراض).
- ملامح تشبه الأشباح (عيون عميقة، ووجه بلا تعابير).
- التعب الشديد.
- في عام 1967، ظهر طفح جلدي غير مثير للحكة بين اليومين إلى 7 أيام بعد ظهور الأعراض الأولى من المرض.
- من المحتمل الإصابة بنزيف حاد بين 5 إلى 7 أيام من ظهور الأعراض، وقد يظهر الدم في القيء أو البراز، كما يمكن أن يحدث نزيف من الأنف (رعاف) أو اللثة أو المهبل، كما يمكن أيضًا أن يحدث النزيف من منفذ وريدي، وخلال هذه الفترة الشديدة.
- قد يعاني المريض من حمى شديدة تؤدي إلى الارتباك والعدوانية والتهيج إذا تدخل الجهاز العصبي المركزي، وفي الحالات المميتة يؤدي فقدان الدم الشديد والصدمة عادةً إلى الوفاة بعد حوالي 8 إلى 9 أيام من ظهور الأعراض الأولى.
- غالبًا ما يحدث التهاب الخصية، وهو التهاب في إحدى الخصيتين أو كليهما، ويحدث في وقت متأخر من المرض (بعد حوالي 15 يومًا من ظهور الأعراض الأولى).
كما يمكن أن تزداد الأعراض حدةً بشكل متزايد ويمكن أن تشمل اليرقان والتهاب البنكرياس وفقدان الوزن الشديد والهذيان والصدمة وفشل الكبد والنزيف الشديد واختلال وظائف الأعضاء المتعددة.
ويتراوح معدل الوفيات بمرض الحمى النزفية الذي يسببه فيروس ماربورغ من 24٪ إلى 88٪، اعتمادًا على سلالة الفيروس ومدى كفاءة الخبراء في تدبير المرض، ويعتبر متوسط معدل وفيات فيروس ماربورغ MVD حوالي 50٪.
فيروس ماربورغ الجديد
فيروس ماربورغ هو فيروس حيواني المنشأ فريد وراثيًا، ينتقل عن طريق الحيوانات وينتمي إلى العائلة الفيروسية الفيروسات الخيطية والتي هي نفس عائلة فيروس الإيبولا، حيث أن الأنواع الستة من فيروس الإيبولا هي الأنواع الأخرى الوحيدة المعروفة من عائلة الفيروسات الخيطية.
اكتشف العلماء لأول مرة فيروس ماربورغ في عام 1967 عندما أظهر عمال المختبرات في ماربورغ وفرانكفورت بألمانيا وبلغراد ويوغوسلافيا (صربيا الحديثة) علامات الحمى النزفية في وقت واحد بعدد كبير، وذلك بعد تعرضهم لاتصال مع القرود الخضراء الإفريقية المستوردة المصابة، حيث أصيب واحد وثلاثون شخصًا بالمرض، ومنذ ذلك الحين كان هناك حوالي 600 حالة إصابة بين البشر بفيروس ماربورغ، بما في ذلك تفشي المرض في أنغولا وأوغندا.
ورغم أن فيروس ماربورغ هو مرض نادر جدًا عند البشر فإنه عند اصابة شخص ما به قد ينتشر إلى أشخاص آخرين بمعدل انتشار سريع، وخاصة بين موظفي الرعاية الصحية وأفراد الأسرة الذين يعتنون بالمريض، لذلك يظن الناس أنه انتشار لفيروس جديد يسمى فيروس ماربورغ الجديد، لكن ذلك هو فقط انتشار جديد للفيروس نفسه.
تشخيص فيروس ماربورغ
قد يكون الاكتشاف والتشخيص المبكر للحمى النزفية أمرًا صعبًا، لأن العلامات والأعراض المبكرة لـ MVD غير محددة، ويصعب التمييز بينها وبين أعراض الأمراض المعدية الأخرى، مثل الملاريا وحمى التيفوئيد وداء الشيغيلات والتهاب السحايا والحمى النزفية الفيروسية الأخرى (على سبيل المثال حمى لاسا أو إيبولا)، وبالتالي إن التأخير الناتج في التشخيص يمكن أن يعيق فرص البقاء ويخلق تحديات في السيطرة على انتقال المرض وتفشيه.
يشتبه وجود فيروس ماربورغ بشكل شائع في الأشخاص الذين يقطنون أو قاموا بزيارة لمناطق جغرافية ينتشر فيها فيروس ماربورغ.
وخلال المراحل المبكرة من MVD، يمكن الكشف عن الفيروس من خلال مسحات الحلق والأنف أو عينات السائل الدماغي الشوكي وعينات البول وعينات الدم. وتعتبر العينات التي يتم جمعها من الأفراد المصابين بـ MVD خطرًا بيولوجيًا ويجب التعامل معها واختبارها في ظل ظروف الاحتواء البيولوجي القصوى، ويجب تعبئة جميع العينات البيولوجية باستخدام نظام التغليف الثلاثي عند نقلها محليًا ودوليًا.
كما يمكن تحليل هذه العينات من خلال اختبار الممتز المناعي المرتبط بالإنزيم (أي ELISA)، وتفاعل سلسلة البوليميراز المتسلسل العكسي (RT-PCR)، و ELISA IgM-capture للكشف عن الأجسام المضادة والمستضدات، والبروتينات الخاصة بفيروس ماربورغ.
ويمكن أيضًا إجراء عزل للفيروس عن طريق زراعة الخلايا في مختبرات عالية الاحتواء، ويمكن إجراء ELISA IgG-capture في مراحل لاحقة من MVD أو بعد الشفاء منه لتأكيد الإصابة به، وفي المرضى المتوفين، يمكن إجراء تحليل الكيمياء النسيجية المناعية أو عزل الفيروس أو تفاعل البوليميراز المتسلسل للدم PCR أو عينات الأنسجة لتشخيص MVD السابق، كما قد تؤثر جودة جمع العينات وكميتها ونوعها وتوقيتها والوقت اللازم لنقل العينات إلى المختبر جميعها على دقة نتائج المختبر.
علاج فيروس ماربورغ
لا يوجد حاليًا علاج نوعي محدد لفيروس ماربورغ، ويوصي ﻣﺮﻛﺰ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻷﻣﺮاض واﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ الأمريكي CDC باستخدام العلاج الداعم في المستشفى فقط، والذي يتضمن العلاج الداعم موازنة سوائل المريض، والحفاظ على حالة الأكسجين وضغط الدم الطبيعي لديه، واستبدال الدم المفقود، وعلاج أي عدوى معقدة إضافية.
وبشكل عام يتم حول العالم تقييم مجموعة من العلاجات المحتملة لهذا المرض ويذكر منها:
- منتجات الدم
- العلاجات المناعية
- العلاجات الدوائية
وقد أظهرت دراسة أجريت في عام 2018 نجاح علاج MVB في نموذج فأر باستخدام عقار (Favipiravir) المضاد للفيروسات، فالأدوية المضادة للفيروسات مثل (favipiravir) و (remdesivir) استخدمها الأطباء في الدراسات السريرية للإيبولا، لكن ذلك لا يعتبر نتيجة نهائية لذلك يتم إجراء الأبحاث بشكل مستمر لمعرفة ما إذا كانت هذه العقاقير قد تساعد في علاج فيروس ماربورغ MVD.
ويعد فيروس ماربورغ مرضًا نادرًا جدًا عند البشر، لكنه عند اصابة أحد الأفراد به فسيكون هناك احتمال كبير لأن ينتشر المرض إلى أشخاص آخرين بسرعة، وخاصة موظفي الرعاية الصحية الذين يعتنون بالمريض إضافة إلى بعض أفراد الأسرة، لذلك من المهم جداَ العمل على نشر الوعي بطرق انتشار هذا المرض وأعراضه السريرية ليتم توخي الحذر من قبل الأفراد.
نشر الوعي حول المرض يساهم اتخاذ احتياطات مبكرة وأكثر فاعلية ضد انتشار فيروس ماربورغ بين أفراد الأسرة ومقدمي الرعاية الصحية، كما يمكن تقليل خطر انتقال العدوى بشكل مباشر من الخفافيش إلى الإنسان عن طريق الابتعاد عن الكهوف والمناجم التي يتواجد فيها أعداد كبيرة من الخفافيش، وخاصة أثناء العمل لمن تستدعي طبيعة عمله ذلك، أو خلال القيام بأنشطة البحث أو حتى الزيارات السياحية إلى هذه المناجم أو الكهوف.
كما يجب على الناس المخالطين للمرضى اتباع إجراءات الوقاية السليمة وهي ارتداء القفازات ومعدات الحماية الشخصية والملابس الواقية المناسبة (بما في ذلك الأقنعة)، وخاصة عند رعاية المرضى في المشفى أو في المنزل. بالإضافة إلى ضرورة طهي أي منتجات حيوانية جيدًا قبل تناولها، وتجنب الاتصال المباشر مع المرضى المصابين بفيروس ماربورغ، كما يجب الالتزام بغسل اليدين بانتظام بعد أي تعامل مع المرضى، وتقليل مخاطر انتقال العدوى عن طريق الاتصال الجنسي.
كما توصي منظمة الصحة العالمية بأن يمارس الناجون من مرض فيروس ماربورغ الجنس الآمن بعد الالتزام بالنظافة الشخصية لمدة 12 شهرًا من ظهور الأعراض، أو حتى ظهور نتيجة اختبار السائل المنوي مرتين سلبية لفيروس ماربورغ.
اقرأ/ي أيضًا: