` `

ما هي منطقة بروكا؟

صحة
30 يونيو 2024
ما هي منطقة بروكا؟
إن وظيفة منطقة بروكا الأساسية تتعلّق باللغة (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

تعتبر معالجة وإنتاج اللغة عمليةً معقدة، ويلعب الدماغ دورًا حيويًا في هذه العملية، ولعل من أكثر المناطق المسؤولة عن اللغة أهميةً في الدماغ هي منطقة بروكا.

صورة متعلقة توضيحية

ماهي منطقة بروكا؟

منطقة بروكا أو باحة بروكا، هي منطقة توجد في الدماغ وتحتوي على الخلايا العصبية المسؤولة عن وظيفة النطق والكلام لدى الإنسان، وهي تقع في القسم الجبهي من الفص المخي الأيسر. تمّ وصف منطقة بروكا للمرة الأولى في العام 1861م، وذلك من قبل الجراح الفرنسي "بول بروكا"، والذي يرجع له الفضل في اكتشاف دورها الحيوي في توليد الكلام المنطوق.

ماهي وظيفة بروكا؟

إن وظيفة بروكا بشكل أساسي تتعلق باللغة، وهي تقسم إلى عملين: الأول هو توليد اللغة، والثاني هو إدراك وفهم اللغة. إن الدور المحدّد لمنطقة بروكا في إنتاج اللغة يبقى غير واضح، ولكن يُعتقَد أنها تؤثر بشكل مباشر على الحركات التي تسمح بالنطق ويمكن تلخيص وظيفة بروكا كما يلي:

  • الاعتقاد السائد كان أن وظيفة بروكا تنحصر في إنتاج اللغة فقط، وذلك لأن الإصابات في منطقة بروكا نادرًا ما تُربط باعتلالٍ في فهم الكلام، ولكن في الواقع إن عدة مناطق في باحة بروكا تختص بجوانب متنوعة من فهم وإدراك اللغة.
  • يساعد القسم الأمامي من منطقة بروكا في الدلالات اللفظية، أو بمعنى آخر في معنى الكلمات، فيما أن القسم الخلفي يرتبط بالناحية الصوتية من الكلام، أو كيف تنطق الكلمة صوتيًا.
  • كما أن منطقة بروكا تعتبر ضرورية في تكرار الكلام، والقيام بالإيماء والإشارات الحركية، وبحركات اليد، وفي القواعد اللغوية وانسياب الكلام، وكذلك في تفسير وفهم أفعال الآخرين.
  • إن منطقة بروكا ترتبط بمناطق أخرى من الدماغ، بما فيها منطقة فرنيكي، وذلك بواسطة محور عصبي يسمى بالحزمة المقوسة، وبالتالي تتزامن وظيفة بروكا مع وظائف هذه المناطق، فتحقق بذلك التكامل في العمليات العقلية المتنوعة.

أسباب حبسة بروكا

إن حبسة بروكا هي اضطرابٌ في طلاقة الكلام، يتمثل في تضاؤلٍ ملحوظ في المقدرة على الكلام التلقائي، وتراجعٍ في القدرة على استعمال البناء القواعدي الصحيح للغة، ومن أهم أسبابها ما يلي:

  • السكتة الدماغية في منطقة بروكا تعتبر السبب الأكثر شيوعًا بين أسباب حبسة بروكا، ويعود السبب في حدوث سكتة في هذه المنطقة، إلى وجود خثرة في الشريان المخي الأوسط أو في الشريان السباتي الداخلي.
  • الإصابات الدماغية الرضيّة 
  • الأورام 
  • العدوى الدماغية
  • الأمراض التنكسية المسببة للخرف مثل مرض ألزهايمر حيث تعتبر حبسة بروكا من أعراضها. علمًا أنه في الأمراض المسببة للخرف، تدهور المقدرة اللغوية باطراد، ويتطور العجز اللغوي بشكل متدرج ومستمر، وذلك بعكس البداية المفاجئة لفقدان الوظيفة اللغوية الذي نراه في السكتات الدماغية.

أعراض حبسة بروكا

ربما يرجع سبب فقدان المقدرة اللغوية لدى مرضى حبسة بروكا، لدور منطقة بروكا في ترتيب الأصوات وتحويلها إلى كلمات، وفي تحويل الكلمات إلى جمل كاملة، أي في خلق الارتباطات بين عناصر اللغة، وبالتالي يسبب الضعف في هذه الوظيفة الأعراضَ المعروفة لدى مرضى حبسة بروكا ومن أهمها:

  • إن الأفراد المصابين بحبسة بروكا يعانون من مشاكل في التكلم بطلاقة، لكن فهمهم للغة قد يبقى سليمًا نسبيًا، لذلك يطلق على هذا النوع من الحبسة اسم الحبسة التعبيرية. يعاني مرضى حبسة بروكا من صعوبة في إنتاج جمل صحيحة قواعديًا، ويكون كلامهم مقتصرًا على تراكيب لغوية قصيرة، عادةً ماتكون أقل من أربع كلمات.
  • إن نطق الأصوات الصحيحة أو إيجاد الكلمات المطلوبة، يعتبرًا عمليةً مجهدةً لمريض حبسة بروكا، ويلاحظ أن بعض المصابين في منطقة بروكا يعانون من صعوبة في استخدام الأفعال أكثر منه في استخدام الأسماء.
  • إن مريض حبسة بروكا قد يفهم الكلام بشكل جيد نسبيًا، وتحديدًا عندما يكون التركيب القواعدي للجمل المستخدمة في الكلام بسيطًا وواضحًا، ولكنه قد يبذل جهدًا أكبر لفهم الكلام ذو البناء القواعدي الأكثر تعقيدًا. كمثال على ذلك، إن جملةً مثل:"ماري أعطت جون البالون"، تعتبر سهلة الفهم، ولكن جملة: "البالونات أُعطيَت من ماري لجون"، هي أعقد من حيث التركيب القواعدي، ويكون أكثرَ صعوبة بالنسبة للمريض أن يفهم من أعطى البالون إلى من.
  • كما أن مصابي حبسة بروكا قد يكونون قادرين على القراءة، ولكن قدرتهم على الكتابة تكون محدودة، أي أن حبسة بروكا تسبب لدى المريض انقطاعًا بين أفكاره وبين قدراته اللغوية، لذلك غالبًا مايشعر المرضى بأنهم يعرفون مايريدون قوله، ولكنهم غير قادرين على توليد الكلمات التي يحتاجون إلى استخدامها، أي أنهم غير قادرين على ترجمة الصور الذهنية في عقولهم إلى مفردات، وهو ما يؤثر على الطلاقة في الكلام لديهم. كما ويلحظ كذلك تراجعَ القدرة على تكرار الجمل والعبارات لدى المصاب.
  • تتراجع الطلاقة اللغوية والقدرة على الكلام العادي العفوي تراجعًا ملحوظًا لدى مرضى حبسة بروكا، ويعاني المريض من فقدان القدرة على تشكيل بناء قواعدي صحيح للجمل، ويلاقي بالتحديد صعوبة في استخدام كلمات الربط البسيطة مثل أدوات وأحرف العطف والجر، فجملة مثل: "سآخذُ الطفلَ إلى الحديقةِ كي يلعب"، تصبح بالشكل التالي: "آخذ طفل حديقة".
  • غالبًا يكون المصابون في منطقة بروكا منزعجين بشدة من صعوبة قدرتهم على التواصل مع محيطهم، وهو ما قد يرجع إلى معاناتهم من حبسة بروكا بحد ذاتها، أو بسبب تضرر بنية الفص الجبهي المجاورة، والتي تتحكم في كبت المشاعر السلبية لدى الشخص.

علاج منطقة بروكا

غالبًا ما يكون لحبسة بروكا تأثير مدمر على قدرة المصابين على القيام بالأنشطة الاعتيادية، فهي تؤثر في قدرة المريض على التواصل، وغالبًا ماتقود إلى فقدان الإنتاجية لدى الشخص المصاب، وقد تؤدي إلى العزلة الاجتماعية.

حاليًا لايوجد علاج معياري لشفاء حبسة بروكا، ويكون علاج منطقة بروكا مصممًا خصيصًا وفق حالة كل مريض، ويعتبر علاج اللغة والكلام هو عماد الرعاية الطبية المقدمة لمرضى حبسة بروكا.

ويجب الانتباه إلى أنه من المهم للغاية، إضافة إلى العلاج المطبَّق، أن يُقدَّم للمرضى الوسائل المناسبة كي يعبروا بواسطتها عما يحتاجونه أو يريدونه، مثلًا يمكن إعطاؤهم لوحًا يحتوي على عناصر مرسومة، تمكنهم من التعبير عما يريدون قوله بالإشارة إلى هذه العناصر في اللوح.

ومن الضروري أيضًا إشراك المختص بالعلاج الكلامي، والطب النفسي والطب العصبي، في خطة علاج منطقة بروكا، وذلك للحصول على النتائج المرجوة من العملية.

إن علاج منطقة بروكا سريريًا، يخضع حاليًا لمرحلة التحقق، ويتضمن العلاج الدوائي العوامل الكاتيكولامينية (بروموكريبتين، ليفودوبا، أمانتادين، ديكسامفيتامين) وبيراسيتام ومركباته المشتقة، ومثبطات الأسيتيل كولين إستراز، وعوامل التغذية العصبية. إن هذه العلاجات لازالت تحتاج إلى المزيد من الدراسات للتحقق من فعاليتها. وكذلك ينطبق الأمر على استخدام التنشيط المغناطيسي عبر الجمجمة، والتنشيط المباشر عبر الجمجمة في علاج منطقة بروكا، واللذان لايزالان يخضعان للدراسات السريرية.

ومن المهم الإشارة إلى أن دور الأسرة في عملية علاج منطقة بروكا، يعتبر غايةً في الأهمية، وذلك لتقديم الدعم الاجتماعي للمصابين، ولإبقائهم منخرطين في الأنشطة الاجتماعية والترفيهية، والتي تؤثر بشكل عالٍ على جودة الحياة لمصابي منطقة بروكا.

تنشيط منطقة بروكا

إن أحد خيارات العلاج المبتكرة، والتي يمكن استخدامها في تنشيط منطقة بروكا هي "الترنيم اللحني"، يعتمد العلاج بالترنيم اللحني على حقيقة أن حبسة بروكا لا تؤثر على القدرات الموسيقية للمريض، لذلك يقوم معالج الكلام باستخدام هذه التقنية في تنشيط منطقة بروكا، وذلك من خلال تشجيع مرضاه الذين يعانون من صعوبات الحديث على التعبير عن كلماتهم بالنغمات الموسيقية، وقد أظهرت هذه الطريقة نتائج واعدة في الاختبارات السريرية.

عندما تكون السكتة الدماغية هي السبب وراء حبسة بروكا، يصل استرداد الوظيفة الكلامية لدى المصاب إلى حده الأعلى خلال الشهرين إلى الستة أشهر الأولى من العلاج، بعد هذه الفترة يكون التطور محدودًا، ومع ذلك يجب أن يستمر تشجيع المرضى على تطوير قدراتهم في الكلام، وعلى الاستمرار بالعمل على تنشيط منطقة بروكا، حيث أنه في بعض الحالات حدث تحسن متأخر لدى بعض المصابين. علمًا أنه تتوفر بعض البرامج الرقمية التجارية المصممة لتحسين الوظائف اللغوية، وتنشيط منطقة بروكا، ولكن معظمها لم يتم اختبار فعاليته سريريًا بصرامة. 

منطقة بروكا وفرنيكي

مثل منطقة بروكا تقع منطقة فرنيكي في الدماغ، وتعد مسؤولةً عن فهم الكلام، وقد تم وصف هذه المنطقة للمرة الأولى من قبل الطبيب الألماني "كارل فرنيكي"، وذلك في العام 1874م. تقع منطقة فرنيكي في الثلث الخلفي من التلفاف الزائل العلوي، في نصف المخ الأيسر، أي تقع قريبًا من الباحة المسؤولة عن السمع. إن هذه المنطقة تعد مهمةً للغاية في فهم أصوات الكلام، وهي تعتبر مسؤولةً عن استقبال اللغة، وبمعنى آخر هي مركز إدراك وفهم اللغة في المخ.

إن الضرر في منطقة فرنيكي يسبب حبسة فرنيكي، والتي تتمثل في صعوبة بفهم اللغة، ويلاحظ أن حديث المصابين يكون نموذجيًا من حيث الطلاقة في الكلام، ولكنه يكون خاليًا من المعاني، وكثيرَ الحشو، ويتضمن الكثير من الكلمات غير المحددة، مثل "شيء"، وأحيانًا يتضمن كلمات مبتكرة وغير موجودة، أي أنه خليطٌ غير منطقي من الكلمات.

ماهي المناطق المسؤولة عن اللغة في الدماغ؟

إن المناطق المسؤولة عن اللغة في الدماغ تتمثل بمنطقتين: منطقة بروكا ومنطقة فرنيكي، توصف منطقة بروكا بأنها مركز نطق اللغة، والإصابة بها تسبب فقدان الشخص للغة بعد اكتسابها، وتؤدي إلى تدهور وظيفة أو أكثر من وظائف الدماغ اللغوية الأساسية، وهو مايعرف باسم حبسة بروكا.

تكون منطقة بروكا في الغالب هي المسؤولة عن توليد اللغة، حيث تعد مسؤولةً عن ترتيب الكلمات والجمل، وبناء الكلام قواعديًا، كما أنها تساعد أيضًا المناطق المسؤولة عن التحكم بالعضلات اللازمة لتنفيذ عملية التكلم، كالعضلات في الوجه واللسان والفك والحنجرة.

أما منطقة فرنيكي فهي المسؤولة في الدماغ عن استيعاب وفهم اللغة المسموعة أو المكتوبة، أي اللغة الواردة إلى الدماغ، والإصابة في هذه المنطقة تسبب حبسة فرنيكي، والتي تؤثر في وظيفة فهم اللغة، حيث يستخدم المصاب بها اصطلاحات غير مفهومة، ويكرر العبارات والكلمات، فيكون كلامه غامضًا وبلا معنى، مع أنه يكون قادرًا على الحديث بطلاقة، وتكوين جملٍ طويلةٍ ومعقدة، ولكن قدرته على استيعاب اللغة تكون ضعيفةً ومحدودة. 

تعمل منطقة بروكا مع منطقة فرنيكي، وتعتبران معًا المناطق المسؤولة عن اللغة في الدماغ، حيث تتخصص منطقة بروكا في الكلام الصادر، في حين يعتبر الكلام الوارد من اختصاص منطقة فرنيكي.

ويكون نموذج عمل اللغة في الدماغ "ثنائي التيار"، حيث يتم تقسيم المعلومات المخية الخاصة باللغة في المخ إلى تيارين، ما يسمى بالتيار العلوي، تتجه فيه المعلومات عبر الشبكات العصبية في جانبي المخ، وتكون متعلقة بالحديث، حيث يعمل على استقبال المعلومات عبر النظام السمعي، ويحاول تكرارها، وتحدده حركات الأعضاء المتعلقة بالنطق.

أما التيار السفلي فيجري في الشبكات العصبية للجانب المخي المسيطر فحسب، وهو غالبًا الجانب الأيسر من الدماغ، ويعمل على التعرف على الكلمات، واكسابها المعنى، وربطها بسياق الحديث.

اقرأ\ي أيضًا:

هل الشحنات الكهربائية في الدماغ مرضٌ خطير؟

هل مرض الزهايمر يسبب الوفاة من الناحية الطبية؟

هل يمكن معرفة أسباب فقدان حاستي الشم والتذوق؟

هل يمكن علاج تأخر الكلام عند الأطفال؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على