` `

الاستخدامات المتحيزة للأخبار الكاذبة.. مستعمرات الجذام نموذجًا

محمد العتر محمد العتر
صحة
29 سبتمبر 2021
الاستخدامات المتحيزة للأخبار الكاذبة.. مستعمرات الجذام نموذجًا
وُصفت حقائق حول كورونا بأنها أخبار كاذبة وربطت بنظريات مؤامرة (Getty)

الآراء الواردة في هذا المقال تُعبّر عن رأي كاتبها ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي “مسبار”.

ربما يكون مصطلح "الأخبار الكاذبة" غير دقيق بما فيه الكفاية، لأنه من ناحية قد يُكرس عملية التركيز على المحتوى وتجاهل صانع المحتوى وناشره في حين من المفترض أنّ الخبر هو إعلامٌ بشيء حدث بالفعل، فعندما يُصبح كاذبًا فإن ذلك ينفي عنه أن يكون خبرًا من الأساس، ومن ناحية أخرى لأنه من الممكن استخدامه للإشارة إلى أخبار وتقارير لا تتوافق مع افتراضاتنا ومعتقداتنا السابقة. 

في المقابل، فإنّ مصطلحات مثل "التزييف" و"التضليل" محددة أكثر في إشارتها إلى المعلومات الخاطئة وغير الصحيحة.

من هنا تنطلق الباحثة والكاتبة الأميركية مارلينا فيول، في قولها إنه "في عالمنا المستقطب، مصطلح الأخبار الكاذبة لا يشير فقط إلى المعلومات الخاطئة، بل قد يتضمن أحيانًا تقارير دقيقة لكنها لا تتوافق مع معتقداتنا".

أشارت فيول في مقالها المنشور على موقع ذا هيل، إلى ما وصفتها بـ"الأثمان الباهظة" التي دفعها المجتمع مرارًا وتكرارًا لوصف حقائق بأنها "أخبار كاذبة" لمجرد أنّها لا تتفق مع مواقف ومعتقدات الذين وصفوها بذلك. في التاريخ حكايات عن ذلك، لكن الحاضر أيضًا يمتلئ باستخدامات متحيزة لمصطلح "الأخبار الكاذبة"، كتلك التي تصف حقائق حول كورونا بأنها أكاذيب ذات أغراض مؤامراتية.

ومن التاريخ القريب نسبيًا، تروي لنا فيول قصة حول الاستخدام المنحاز لـ"الأخبار الكاذبة"، وهي قصة مرضى الجذام الذين عوملوا على مدار التاريخ كمطاريدٍ موصومين بسبب ما كان يُعتقد حول المرض من أنه شديد العدوى. 

في الكثير من الأحيان تسبب هذا الوصم في إخفاء المرضى لمرضهم وتجنبهم العلاج الذي كان يستلزم عزلهم في مستعمرات بعيدًا عن الناس، فيما يُشبه السجن.

 وحتى بعد اكتشاف أنّ خطر العدوى بالجذام ضئيل جدًا، بقيت مستعمرات العزل هي الطريقة المتبعة للتعامل مع المرضى، ولعب خوف الناس دورًا كبيرًا في التكريس لذلك، وهو خوف مبني في الغالب على مظهر مريض الجذام، دون معرفة حقيقية عن المرض.

لسنوات طويلة اعتبرت دعوات السماح لمرضى الجذام بمغادرة مستعمرات العزل والاعتماد على العلاج المنزلي، مجرد أخبار كاذبة، واجهت معارضة شديدة قادها أصحاب مستعمرات العزل، مدعومين بقطاع واسع من الجمهور القلق من المرض الموصوم خطأً.

بدأت تلك الدعوات في الولايات المتحدة الأميركية منذ منتصف الأربعينيات، ولم تلقَ تجاوبًا سوى في منتصف الستينيات حين قالت منظمة بعثات الجذام الأميركية إنّ برنامج العلاج المنزلي لمريض الجذام "مشروع شجاع ورائد".

على مدار عقود طويلة كان يُعتقد، علميًا، أنّ الجذام مرض شديد العدوى، وأنّ مرضى الجذام لابد من عزلهم في مستعمرات بعيدة عن المجتمعات، وأيّ افتراضات عكس ذلك وُصفت بالكاذبة. 

نعلم الآن أنّ ذلك لم يكن صحيحًا، وأنّ خطر العدوى بالجذام ضئيل جدًا، وأن نحو 95% من البشر محصنون ضد المرض.

في الوقت الحاضر يحدث شيء مشابه، من خلال حملات تصف حقائق حول فايروس كورونا المستجد ولقاحاته بالأخبار الكاذبة، وتربطها بنظريات مؤامرة. بعض هذه الحملات قادتها في وقت من الأوقات شخصيات عامة ومؤثرة؛ مشاهير وممثلين وسياسيين.

اقرأ/ي أيضًا:

الأخبار الكاذبة ليست أخبارًا

الأخبار الكاذبة خطرٌ مضاعف على مرضى السرطان

المصادر:

How 'fake news' has led us astray during previous pandemics

 American Leprosy Missions

The Journal of Infectious Diseases

الأكثر قراءة